منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مقياس جمال المرأة في ثقافتنا
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-01-11, 13:21   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نينا الجزائرية
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية نينا الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام احسن عضو 2010 وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي

بها في آخر الليل فحسب! ومما يجدر ذكره هنا أنّ أي مجتمع لديه مقاييس معينة للجمال؛ وهي مقاييس مختلفة ومتنوعة بحسب ثقافات الناس وخبراتهم. ولو اقتصرنا هنا على الجمال الجسدي للمرأة لوجدنا أنّ العرب يفضّلون الأنف الدقيق والعيون الواسعة الكحيلة والعنق الصافي والقوام الطويل الممتلئ والشعر الأسود الطويل والبشرة البيضاء الصافية، ويماثلهم في هذه الصفات الهنود والفرس. في حين يفضل اليابانيون قصر القامة وصغر الأقدام والصوت الهادئ، ويعيب الصينيون المرأة الطويلة وفي المقابل يفضل الأوروبيون المرأة الطويلة النحيفة، وفي بعض بلاد إفريقيا يفضلون السمنة في المرأة. وهذا يعني أنّ لكل مجتمع ذوقه ومقاييسه الخاصة في تحديد الجمال الجسدي في المرأة.

وقد وعّتْ بعض المجتمعات الحديثة هذه النسبيّة في المقاييس ورأت أن كل شخص - ذكرا كان أم أنثى- هو جميل باعتبارٍ من الاعتبارات؛ فالرجل يحبّ زوجته ويتغنّى بجمالها الذي عرفه من خلال تعامله معها وفهم شخصيتها وعشقها على الرغم من أن هذه الزوجة قد تبدو لشخص آخر من ثقافة أخرى قبيحة سواء للونها أو لشكل عينيها أو شعرها أو غير ذلك من الصفات التي لا تروق لهذا الشخص الذي تربّى في ثقافة لها معايير معينة في الجمال جعلت ذوقه ينفر من بعض الصفات ويميل إلى صفات أخرى. ومما يجدر التذكير به هنا أن البيئة هي التي تصنع قيم الجمال وتجعلنا نحسّ به وفق منظومتها الثقافية؛ فمثلا نحن نجد أنّ الحصان الذي له أربعة قوائم جميل و الحصان الذي له ثلاثة أرجل ليس جميلا والسبب لا يخصّ الحصان ذاته بل يتعلق بخبرتنا الجمالية التي تعوّدت على رؤية الحصان بأربعة قوائم ولو حصل العكس لربما تغيّرت قيمة الجمال لدينا.

إن الثقافة الشعبية التي نعيشها هي التي كوّنت ذوقنا ورؤيتنا للحياة ولمن فيها بما تحمله تلك الثقافة من قيم ثابتة نتعامل معها بوعي أو بدون وعي. ومن تلك القيم اعتبار المرأة هي جسد جميل، وأن هذا الجسد الجميل هو الذي يبعث السعادة لذاته. يمكن الاستشهاد بكثير من المواقف التي ...لتي تبين لنا هذه القيمة، مثل موقف البهجة المشترك بين الرجال وهو مختلف عن الموقف الفردي، إذ يلاحظ أن المرح وسعة البال وخفة الدم تعتبر سمات مهمة في الرجل أو الرجال الذين يدخلون البهجة، يقول الشاعر الشعبي: يا ماحلا الفنجال مع سَيْحة البالْ في مجلسٍ ما بهْ نفوسٍ ثقيلةْ هذا ولد عمٍ، وهذا ولد خالْ وهذا رفيقٍ ما ندوّر بديلهْ
من الواضح أنّ المرأة لا يُطلب منها أن تكون مرحة ولا خفيفة النفس حينما تحضر مع/للرجل كما هو الحال مع الرجل الذي يجلب البهجة بسماته العقلية ويجعل فنجان القهوة لذيذا عند شاربيه.
ولو تأملنا كل الأمثلة التي تعبر بوضوح عما تكنّه الثقافة نفسها من قيم أخلاقية لكل جنس لوجدنا أنّ المرأة حينما تحصر بالوجه الجميل تصير أشبه ما تكون بالدمية. ولو قيل لرجل ممّن يؤمنون بأنّ قيمة المرأة هي جمالها الجسدي بأنّ فعله هذا شبيه بمن يتزوج دمية لأنكر ذلك لأنه لا يعي نفسه ولا يعرف كيف تُحركه قيم الثقافة دون إدراك منه؛ ذلك أن الثقافة تعتبر المرأة هي مجرد محرّض للمشاعر عند الرجل الذي يتأملها.
من هنا فإنّ المرأة ليست بحاجة إلى الرجل لكي تُنصف أو تُقدّر حق قدرها بقدر ما هي محتاجة إلى التعرّف على ثقافتها التي كوّنت هذه النظرة الحسيّة عنها؛ وهي نظرة استقرت في الذهن الشعبي وأصبح التخلّص منها أمرا بالغ الصعوبة عند كثير من الرجال والنساء في مجتمعنا.