منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بحث أحد طلبة العلم التوضيح لإفك الأحمدية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-12-31, 08:38   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

أما عن إفك القاديانية في هذه الرسالة؛ فإن خلاصتها: مقدمتان ونتيجة.
أما المقدمة الأولى: فهي أن عيسى عليه السلام قد مات، وأن رفعه بجسده حياً خرافةً لا حقيقة لها.
وأما المقدمة الثانية: فهي أن الأحاديث الواردة في نزوله عليه السلام ليست على ظاهرها، بل هي مؤولة.
أما النتيجة: فهي أن المراد من نزوله: خروج مثيله وشبيهه، وذلك هو ميرزا غلام أحمد القادياني.
وقد حشدوا لكلا المقدمتين جملة من الشبه التي يكفي أدنى تأمل فيها في كشف زيفها وبطلانها.
وسوف أعرض – بحول الله – بإيجاز شديد لما تضمنته تلك الرسالة من ضلال وتلبيس، وعلى الله التكلان .

الرد التفصيلي:
جاء في الرسالة ص1: ( إن سنة الله العامة الشاملة لجميع بني آدم أن يعيشوا في الأرض، فكيف خرج عيسى بن مريم من هذه السنة المستمرة كما يزعم البعض ).
والجواب: إن الذي شاء هذه السنة وأوجدها قادرٌ على أن يستثنى منها من شاء، ولا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.
وهل بقاء عيسى عليه السلام حيا في السماء بأعجب من ولادته من أم بلا أب؟ أليس في هذا مخالفة للسنة الكونية كما تزعمون؟ وكل جواب تجيبون به على هذا الإيراد هو جوابنا عليكم في قولكم .

جاء في الرسالة ص1-2 : الاستدلال بقوله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) على أن جميع الأنبياء قد توفوا؛ باعتبار أن معنى (خلا): مات، وأن أبا بكر رضي الله عنه استدل بهذه الآية على موت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأن جميع الأنبياء قبله قد ماتوا , وأجمع الصحابة على موته وعلى موت جميع الأنبياء قبله .
والجواب: لو سُلِّم بأن معنى (خلا) في الآية : مات، فقد دلت الأدلة على تخصيص عيسى عليه السلام من هذا الحكم، بمعنى أنهم قد ماتوا إلا عيسى عليه السلام، والتخصيص بدليل منفصل مقبول عند أهل العلم، خاصة وأن كلمة الرسل في هذا السياق ليست نصاً في العموم، هذا إن كانوا يفهمون معنى العموم أو التخصيص.
ثم من نقل إجماع الصحابة على موت جميع الأنبياء بمن فيهم عيسى عليه السلام؟ وهل هذا إلا محض الافتراء والكذب؟

جاء في الرسالة ص1: ( وأما القول بأن عيسى بن مريم عليه السلام رُفع إلى السماء حياً، وجلس عن يمين الله، وسينزل من السماء بجسده المادي في آخر الزمان مع الملائكة بكل قوة ويغلب الناس فهو في الحقيقة تصور باطل مأخوذ من عقيدة النصارى وليس بثابت من القرآن الكريم ) .
والجواب: إن القول برفع عيسى عليه السلام حيا ونزوله من السماء بجسده في آخر الزمان حقٌ نطق به القرآن والسنة، وسيأتي بيان ذلك فيما يأتي إن شاء الله .
وأما قولهم: وجلس عن يمين الله ... إلخ فهذا ليس من قول المسلمين، فلا يلزمون به .

جاء في الرسالة ص1 : ( ولقد أبطل الله هذه العقيدة في قوله عز وجل: ( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ) أي الموتى لا يرجعون إلى هذه الدنيا أبدا، فكيف يرجع عيسى بن مريم خلافا لما قال الله؟).
والجواب: أولا: إن هذه الآية تخاطب الكفار بالاتعاظ بمن أهلك الله قبلهم من المكذبين للرسل كيف لم يكن لهم إلى الدنيا كرة ولا رجعة، هذا معنى الآية.
ثانيا: الآية تتحدث عن الموتى، والمسلمون يقولون إن عيسى عليه السلام حي لم يمت، فالدليل ليس في محل النزاع؛ فسقط الاستدلال.
ثالثا: أن الله تعالى إذا شاء إرجاع من مات إلى الحياة مرة أخرى فإنه يكون، ولا يعجزه شيء سبحانه.
ألم يسمع هؤلاء ما أخبر الله به في كتابه من إحياء عيسى عليه السلام الموتى بإذن الله ( وأحيي الموتى بإذن الله ) ؟ بل أعظم من ذلك أنه كان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله؟ أو أنهم لا يؤمنون بذلك؟
وفي قصة البقرة في سورة البقرة: ( فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون )، وقصة إبراهيم عليه السلام: ( وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى ) الآيات، وغير ذلك كثير .
وهذا الجواب على سبيل التنزل في الجدال، وإلا فعيسى عليه السلام لم يمت كما تقرر آنفا .

جاء في الرسالة ص1 : ( لو كان من الممكن رجوع نبي من الأنبياء إلى هذه الدنيا لكان نبينا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم أولى وأجدر بأن يرسل مرة ثانية؛ لكماله وفضائله وتفوقه على سائر الأنبياء عليهم السلام ).
والجواب: أولا: هذه الشبهة مغالطة مكشوفة؛ لأن الكلام ليس في رجوع نبي بعد موته، وإنما في نزوله وهو حي إلى الأرض؛ فسقطت الشبهة من أصلها.
ثانيا: لا يلزم من أفضلية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء أن يثبت له جميع ما يقع لإخوانه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الدلائل والبراهين – التي تسمى: المعجزات - وإلا فطرد كلامهم يلزم منه عدم صحة ما جاء في القرآن من أن عيسى عليه السلام كان يُبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله؛ لأن ذلك لم يقع لنبينا عليه الصلاة والسلام، ومثل ذلك يقال عن عصا موسى عليه السلام وغيرها من آيات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكل جواب لهم على هذا الإيراد هو جوابنا عليهم في شبهتهم .
ثالثا: أن فيما قدره الله سبحانه من رفع عيسى حيا ثم نزوله في آخر الزمان حكما عظيمة، منها: الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه عليه الصلاة والسلام، وأنه هو الذي يقتلهم ويقتل الدجال معهم .

جاء في الرسالة ص2 إيراد شبهة لإنكار رفع عيسى عليه السلام، وهي قولهم: ( لقد رُفع عيسى بنفس الطريقة التي رُفع بها الأنبياء الآخرون، فقد قال الله عز وجل في شأن إدريس عليه السلام : ( ورفعناه مكانا عليا )، ونفس المعنى لرفع عيسى عليه السلام في الآية الكريمة: ( إني متوفيك ورافعك إلي )، فليس هنالك ذكر للفظ السماء، وكلما تدل عليه هذه العبارة أن الله سوف يفشل خطة اليهود بقتل عيسى عليه السلام على الصليب ليثبتوا أنه - والعياذ بالله – ملعون من الله، وسوف يرفع درجته ويجعله من المقربين، ورفعت روحه كما رفعت أرواح الأنبياء الآخرين ) .
والجواب: أولا : أن لأهل العلم بالتفسير أقوالا عدة في تفسير قوله تعالى عن إدريس: ( ورفعناه مكانا عليا )، فمن أهل العلم من قال: إن الله عز وجل رفعه حيا إلى السماء ومات بها، وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما من السلف، فعلى هذا تكون الآية دليلا عليهم لا لهم.
وقيل: المقصود رفعه في الجنة، والجنة – ولا شك – سيدخلها بجسده وروحه، وذكر الفعل الماضي لا يشكل على هذا؛ إذ هو من باب تأكيد الوقوع، كقوله تعالى: ( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً )، وقوله: ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ).
وعلى هذا فلا يستقيم الاستدلال .
ثانيا:
لو سُلِّم بأن المراد من الآية رفع الدرجات والمنزلة في حق إدريس عليه السلام فلا يلزم أن يكون ذلك مدلول الآيات الواردة في عيسى عليه السلام؛ لأنها صريحة في رفع الجسد والروح معا، لما يأتي:
أ- أن الله تعالى قيد هذا الرفع بأنه إليه حيث قال: ( ورافعك إلي )، وقال: ( بل رفعه الله إليه )، ومن المتقرر في الكتاب والسنة وإجماع المسلمين أن الله تعالى في العلو، فيكون رفعه عليه السلام إلى السماء، بخلاف الرفع في حق إدريس عليه السلام فإنه مطلق: ( ورفعناه مكانا عليا )، ويدرك الفرق بين الأسلوبين كل من شم للغة العربية رائحة.
ب- أنه لو سُلِّم بأن الآية تحتمل معنى رفع المنزلة والمكانة؛ فإن الأحاديث الواردة في هذا الموضوع صريحة المعنى وقاطعة الدلالة على أن الرفع كان للروح والجسد معا، وكذا النزول آخر الزمان.
ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير) البخاري 4/134 ومسلم 1/135 .
وفي صحيح مسلم 4/2253 أنه عليه الصلاة والسلام قال: ( ... إذ بعث الله المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين [ أي ثوبين مصبوغين ] واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسه إلا مات، ونَفَسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه [ أي يطلب الدجال ] حتى يدركه بباب لد فيقتله، ثم يأتي عيسى بن مريم قومٌ قد عصمهم الله منه فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ).
والأحاديث في هذا بالعشرات، فهل يُقال بعد ذلك إن هذا الرفع كان للروح فقط؟
ولو كان المقصود برفع عيسى رفع روحه كما جاء في الرسالة فما هي الميزة لعيسى عليه السلام؟ إذ سائر المؤمنين إذا قُبضت أرواحهم عُرج بها إلا السماء !
ج- أن قوله تعالى: ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبه لهم، وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه ) دليل واضح كالشمس على ما تقرر آنفا مما يؤمن به المؤمنون قاطبة؛ فقوله تعالى: ( بل رفعه الله إليه ) يدل على أن رفعه كان للبدن والروح ؛ إذ لو أريد موته لقيل: وما قتلوه وما صلبوه بل مات، وهذا واضح تمام الوضوح لمن تأمل، وكان ذا بصيرة وحسن قصد .

جاء في الرسالة ص2: ( كما أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه ليلة المعراج في الموتى مع يحي عليه السلام ).
والجواب: كون النبي صلى الله عليه وسلم رآه في السماء مع يحي على أي شيء يدل؟
وما المانع أن يكون حيا بجسده وروحه في السماء وسائر الأنبياء بأرواحهم؟ وهل تقاس هذه الأمور الغيبية على الأمور المشاهدة؟
إن على المؤمن الذي آمن بالله ربا وبالنبي صلى الله عليه وسلم نبيا وبالإسلام دينا أن يؤمن ويُسلِّم بكل ما جاء في الوحي الشريف دون الدخول بعقله فيما لا يدرك.
وإلا فيلزم القاديانيين أن يكذبوا بالمعراج من أصله؛ إذ كيف عُرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء وسلّم على الأنبياء وخاطبهم وهو حي وهم أموات؟ فكما يقولون في هذا فليقولوا في ذاك .