منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مسؤوليـة متولي الرقابـــــة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-12-30, 09:45   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي الفصل الثاني

المبحث الثالث : إنتقال الولايـة لمن تولـى الحضانـة في حالـة الطلاق :
يقول الإمام أبوزهرة أنه يثبت على الطفـل منذ ولادت÷ ثلاث ولايات فأما الولايـة الأولـى فهي ولاية التربيـة ، فالدور الأول منها يكون للنساء وهو يسمى بالحضانة ، فالحضانة هي تربيـة الود في المدة التي لايستغنى عن النساء ممن لها الحق في تربيته شرعـا .
ويعتبر إنتقال الولايـة لمن تولى الحضانة بعد الطلاق ، إسشتناءا آخر وثان على القاعدة العامة التي تقول بأنه مادام الأب على قيد الحياة ، فالولايـة تثبت لـه على أولاده القصر ، ولاتنتقل إلا بعد وفاته في حالـة الطلاق بأن تسند الحضانة لأخد الوالدين إذا ماتوافرت فيها الشروط الضرور]ـة التي تكرس مصلحـة المحضون أو الولد الصغير أو لغيرهما دون الإخلال بالترتيب المنصوص عليه قاننا بهذه الحضانة ولمن تثبت ؟
من خلال إستقراء هذه الفقرة نستنتج نقاط هامـة مفادهـا أنه لكي تنتقل هذه الولايـة إستناذا لهذه الفقرة فلا بد من توافر شروط أولالهـا : وجود طلاق ، وثانيهت : وجود حكم قضائي يقضي بإنتقال الولايـة إلى من تولى الحضانـة من الأشخاص الذيـن يخولهم القانون تولـي الحضانـة ، فالحضانة تعتبر من أهم توابع فك الرابطـة الزوجيـة وسنتناول كل نقطـة في مطلب مستقل
.


المطلب الأول : وجود حالـة طلاق :
نتائج الطلاق تكون بحكم قضائـي ، وتترتب عنه إنتقال الولايـة لمن تولـى الحضانـة ، كما تثبت الزياة لمن سقط عنه حكم الحضانـة .
فالأصل أن العلاقـة الزوجيـة تتسم بالديمومـة والإستمراريـة لكن إذا ما إنقضت أسباب إستمرار هذه العلاقـة المقدسـة ، وأصبح فكهـا أحسن علاج نهائي لجأ الطرفان أو أحدهمـا إلى الطلاق ، لذلك إرتأينا أن نتناول في فرع أول أنواع الطلاق ، ونتناول في فرع ثان أنوعـه .
الفرع الأول : أنواع الطلاق :
لقد نصت المادة 48 من قانون الأسرة المعدلـة بموجب الأمر 05-02 أن عقد الزواج يحل بالطلاق الذي يتم بإرادة الزوج أو بتراضي الزوجيـن أو بطلب الزوجـة في حدود ماورد في المادتين 53 ، و54 من هذا القانون .
فالمادة 53 عددت الأسباب التي تجيز للزوجـة أن تطلب التطليـق من أجلهـا وهي كالأتـي :
1- عدم مراعاة المواد 78،79 و80 من هذا القانون .
2- العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج .
3- الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر .
4- الحكم على الزوج من جريمة فيها مساس بشرف الأسرة ويستحيل معها مواصلة العشرة الزوجيـة .
5- الغيبـة بعد مرور سنـة بدون عذر ولانفقـة .
6- مخالفة الأحكام الواردة في المادة 8 .
7- إرتكاب فاحشـة مبينــة .
8- الشقاق المستمر بين الزوجيــن .
9- مخالفـة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج .
10- كل ضرر معتبر شرعــا .
وأما المادة 54 المعدلـة بموجب الأمر 05-02 فإنها أجازت للزوجـة أن تخالع نفسهـا وذلك بمقابل مالي ودون موافقـة الزوج .
الفرع الثاني : دعوى الطلاق وإجراءاتــ÷ :
إستناذا إلى نص المادة 49 المعدلـة كذلك نجد أن الأمر 05-02 أن الطلاق لايثبت إلا بحكم بعد عدة محاولات صلح يجريها القاضي دون أن تتجاوز مدة 3 أشهر إبتداء من تاريخ رفع الدعوى .
ولأن الطلاق أبغض الحلال عند اللـ÷ ، ولـه آثار مهمـة ونتائج خطيرة فإن المشرع الجزائري عملا بأحكام الشريعـة الإسلاميـة أوجب قيام القاضي بإجراءات ومحاولة الصلح بين الطرفين قبل النطق بالطلاق المتصلـة أنواعـه ، فإذا لم يتم فإن الطلاق الواقع يكون باطـلا .
ومن خلال هذا *** *** أن الطلاق لايكون إلا بحكم من القاضي طبعـا بعدم إجراائه وهذه المحاولالـة للإصلاح بين الطرفيـن .

المطلب الثاني : وجود حكم قضائي يقضي بالطلاق وإسناذ الحضانـة لأحد الطرفيـن :
كما سبق ذكره ، فإنه بالرجوع إلى نص المادة 49 منقانون الأسرة التي تنص على أنه لايكون الطلاق إلا بحكم قضائـي ، وهنا الحكم يجب أن يتضمن حق الزيارة للطرف الأخر الذي لم يحكم لـه بالحضانـة .
ودعوى الطلاق قد تكون دعوى أصليـة ، يمكن أن تكون دعوى مقابلـة وتبعيـة يرفعهـا أحد الزوجيـن مقابل دعوى الزواج الآخر أمام نفس المحكمـة ، وذلك بموجب مذكرة خاصـة تبلغ للزوج الآخر ، ويتعين على القاضـي بعد ذلك أن يناقش عناصر الطلب الأصلي والطلب المقابـل كلا على حدة بإعتبار أن كل طلب يشكل دعوى مستقبـة موضوعـا ، إلا أنها مرتبطـة بالأخرى من حيث الإجراءات إلا أنه يجب أن يفصل القاضـي فيهما معا بحكم واحد .
الفرع الثاني
دعوى الحضانــة :
فهي إما تكون دعوى تبعيـة تثار تبعـا لدعوى الطلاق بطريقـة شفهيـة أو كتابيبـة أثناء إجراءات المرافعات ويكون الفصل فيها بموجب حكم واحـد مع دعوى الطلاق .
كما أنها قد تكون دعوى أصليـة وذلك بأن يرفعها الزوج أو الزوجـة لوحدها أمام الجهة القضائيـة المختصـة بذلك عملا بأحكام المادة 5 من قانون الإجراءات المدنيـة ، وغيرهمـا من الأشخاص **** قانونا بحق الحضانـة .
وهي تكون أصليـة عندما يصدر حكم يقضي بإسناذ هذه الحضانـة إلى أحد الأشخاص المخولين قانونا أو الوالدين فتسقط عنه هذه الحضانـة لأحد الأسباب المذكورة قانونا أو لوفاته أي الحاضن الأول ، فعلى طالب هذه الحضانـة أن يقدم عريضته محتويـة على كل الأسباب ، وتبريراته التي دفعته لطلب الحضانة ودرجـة قرابته بالمحضون .
كما أن المادة 57 مكرر من الأمر 05-02 المعدل لقانون الأسرة أجازت لقاضي الأموار المستعجلـة الفصل في أمر الحضانـة كتدبير مؤقت على وجه الإستعجال على أمر على ذيل عريضـة ، طالما كانت دعوى متعلقـة بالطلاق أمام قاضي الموضوع .
وخشيـة إطالـة الفصل فيها يلجأ إليـه وذلك من أجل الحفاظ على مصلحـة المحضون ورعايته ، وخوفا من إلحاق الضرر بـه في ظل العلاقات القائمـة بشأن الطلاق .
وتجدر الإشارة بأن الأحكام المتعلقـة يلبحضانة قابلـة للإستئناف عكس الأحكام الصادر في دعاوى الطلاق والتطليق والخلع التي لاتقبل ذلك إلا في جوانبها الماديـة عملا بأحكام المادة 57 من الأمر 05-02.
المطلب الثالث : منح القاضي الولايـة :
سبق وأن ذكرنا بأن الحضانة تكون بحكم قضائـي سواء أكان كطلب أصلي أو طلب فرعي مع دعوى الطلاق لن مامعنى الحضانـة ؟ ومن هم الأشخاص الذين يخولهم القانون تولي حضانـة الأولاد القصر لمي تنتقل إليهم هذه الولايـة .
القاضي يحكم بإنتقال الولايـة سواء من الأب أو الأم أو إلى أحـد من الواليد إلى من تولـى الحضانـة ، فما هو معناها ؟
الفرع الأول : مفهو م الحضانـة وشروطهــا :
إن من أهم آثار الطلاق هو الحضانـة فهي تعتبر حقا وواجبـا في نفس الوقت فهي حق للمحضون وواجب على الحاضـن .
البند الأول: مفهوم الحضانــة :
أولا : قانونــا : لقد عرفـت المادة 62 من ق . الأسرة بأن الحضانـة هي رعايـة الولد وتعليمـه والقيام بتربيته على دين أبيـه والسهر على حمايته وحفظـه صحـة وخلقـا .
ولقد نصت المادة 132 من الباب السادس المتعلق بالحضانـة من مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصيـة (( الحضانـة حفظ الولد ، وتربيته وتعليمـه ورعايته ، بما لايتعارض مع حق الولـي في الولايـة على النفس ))
كما أن القانون التونسي عرفها في الفصل *** من الكتاب الخامس المتعلق بالحضانـة بأنن الحضانـة هي حفظ الولد في مبيته والقيام بتربيته .
ويرى الأستاذ عبد العزيز سعد أن تعريف قانون الأسرة الجزائري للحضانـة بالرعم من إحتوائـه على أهداف الحضانة وأسبابها يعتبر أحسن تعريف لاسيما من حيث شمولـه لأفكار لم يشملها غيره ، فهو جمع كل مايتعلق بحاجيات الطفل البدنيـة والصحيـة والخلقيـة والتربويـة والماديـة .
ثانيـا :مدة إنتهاء الحضانـة :لم يرد في القرآن الكريم ولافي السنـة النبويـة تحديدا للوقت الذي تنتهي فيـه الحضانتـة ، غير أن المادة 65 من ق. الأسرة نصت على أنه تنقضي مدة الحضانـة بالنسبـة للذكر ببلوغـه ** سنـة والأنثى ببلوغها سن الزواج ، وللقاضي أن يمدد الحضانـة إلى 16 سنـة إذا كانت الحاضنة لم تتزوج ثانيـة ، على أن يراعـي في الحكم بإنتهائهـا مصلحـة المحضون .
البند الثاني : الشروط الواجب توافرهـا فيمن تولـى الحضانــة :
تضمنت المادة 62/2 على أنه يشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك
من خلال الفقرة نخلص إلى أن المشرع الجزائري لم ينص على الشروط الضروريـة التي يجب توافرهـا في الحاضن ، وإكتفى بعبارة آهلا للقيام بذلك .
فهو لم يفعل مثل نظيره التونسي والمغربي الذي ، إذ أن المدونـة الأحوال الشخصيـة خصصت لها بابا كامـلا ونص في الفصل 98 على أنه يشترط لأهليـة الحضانـة : العقل ، البلوغ ، الإستقامـة ، والقدرة على تربيـة المحضون وصيانته صحـة وخلقا والسلامـة من كل مرض معد أو مانع من قيام الحاضن بالواجب .
وكذا القانون التونسي في مجلـة الأحوال الشخصيـة في كتاب كامل فخصص الكتاب الخامس من الحضانـة ، فلدقد نص في الفصل 58 – شرطا في مستحق الحضانـة أن يكون مكلفـا أمينا قادرا على القيام بشؤون المحضون سالما من الأمواض المعديـة ويزاد إذا كان مستحق الحضانـة ذكرا أن يكون عنده من ***** النساء ، وأن يكون محرمـا بالنسبـة للأنثى ، وإذا كان مستحق الحضانـة أنثى فيشترط أن تكون خالية من زوج دخل بهـا مالم ير الحاكم خلاف ذلك إعتبارا لمصلحـة المحضون أو إذا كان الزوج محرما للمحضون أو أوليائـه أو بسكن من لـه الحضانـة مدة عام بعد علمه بالدخول ، ولم يطلب حقه فيها أو أنها كانت مرضعا للمحضون أو كانت وليـه عليه في آن واحـد .
وبما أن قانون الأسرة لم ينص على أحكام تتعلق بالقائم بهذه الحضانـة فإنه يتعين علينا الرجوع إلى أحكام الشريعـة الإسلاميـة بإعتبارها المصدر الأول لقانون الأسرة الجزائري وعملا بنص المادة 222 من قانون الأسرة التي تنص على أنه(( في كل مالم يرد النص عليـه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعـة الإسلاميـة )) .
فلقد ذهب الفقهاء إلى إعتبار أن الأصل في الحضانـة تكون للنساؤء لتميزهن بالحنان والشفقـة والصبر على رعايـة الأطفال في حياتهم الأولى(( أين المرجع ؟)) ، والأم أحق الناس بحضانة ولدهـا .
ولهذا فإن المالكيـة يقدمون الأم أو إمرأة، ويرون بأنه يجب أن تتوافر فيها شروط لإستحقاق الحضانـة :
أ – أن تكون حرة لأن المملوكة تشتغل بخدمـة سيدها ولايكون لها الوقت لتربية الطفل غير أن هذا الشرط غير قائم اليوم كون أن العبوديـة قد زالت في وقتنا هذا .
ب – أن تكون بالغـة أو بالغا ، لأن الصغير غير المميز لايمكنها إعطاء الطفل مايحتاج من عطف وحنان ورعايـة .
ج – أن تكون عاقلـة لأن المجنونـة أو المعتوهـة *** منها الصغير من سوء تصرفها.
د- أن تكون قادرة على تدبير مصالحـه والمحافظة عليه ، فإن كانت عاجزة عن ذلك لعمى أو مرض أو غيرها لايكون آهلا للحضانـة .
هـ - ألا تكون مشغولـة بما يمنعها من القيام على تربيـة المحضونكأن تكثر خروجهـا *********الشريف أو غير الشريف ****** لأن الأساس من هذا الحرص على الصغير وأخلاقـه ، والقيام بشؤونهة على أكمل وجه ،
إذا كان الحاضن رجـلا أو بقية النساء المخوليـن قانونا .
الفرع الثاني : الأشخاص المخوليـن قانونا لتولـي الحضانـة .
*
/*
*
تنص المادة 64 المعدلـة بموجب الأمر 05-02 بأن الأم أولى بحضانـة ولدها ثم الأب ، ثم الجدة ثم الجدة لأب ، ثم الخالة ، ثم العمـة ، ثم الأقربون درجـة مع مراعاى مصلحـة المحضون في كل ذلك ، وعلى القاضي عندما يحكم بإسناذ الحضانـة أن يحكم بحق الزيارة )) .
غير أن هناك من يرى بأن هذا الترتيب ليس من النظام العام لأنه يجوز للقاضي يعتمد في حكمـه بإسناذ حق حضانة الطفل إلى الشخص الطالب للحضانـة وليس بالترتيب المذكور آنفـا قط وإنما يجب عليه مراعاة مصلحـة المحضون عليـه .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن القاضي يستطيع أن يكلف أشخاص مختصيـن في القيام بهذا التحقيق ، وهم ممثلى ومنتدبـي النشاط الإجتماعـي في الوسط المفتوح فهم يقومون بالتحقيق في إطار الحضانـة وحسن الكفالـة فيمن يصلح لحضانة الطفل فيما يخص مختلف الجوانب الماديـة والإجتماعيـة وخاصـة منها (( دائما في إطار مراعاة حسن تربي؟ـة المحضون أخلاقيـا ، ومراعاة مصلحته )) لطالب الحضانـة فقد تتوافر لدى أمور كل العوامل المساعدة ********

ويكون ************
وبناءا على ذلك التحقيق يحكم القاضي بإعطاء الحضانـة لغير طالبيها على أن يحكم بحق الزيارة للوالد الآخر .
ثانيـا : فقهـا : الفقهاء يقولون بأن الحضانـة هي حق للأم ثم لمحارمـه من النساء لأنه يثبت وجوبا عليهم ، أولا لأن الطفل في الدور الأولا من حياته يحتاج إلى رعايتهم ثانيا لأن الآثار الصحيحـة قد وردت بأن النساء أحـق بالحضانـة فإنه يروى بأن إمرأة جاءت إلى النبي صلى اللـه عليه وسلم قالت :" يارسول اللـه هذا إبني كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثدي له سقاء وأباه طلقني وأراد أن ينزعه مني " فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" أنت أحق به مالم تتزوجي " .
ويروى كذلك أن عمر بن الخطاب بأنه كان قد طلق إمرأته " جميلـة " وهي من الأنصار والتي أنجب منها ولده عاصمـا ، وعندما رآه في الطريق أخذه معـه إلا أن جدته من أمـه ذهبت وراءه وتنازعتا *** فلجأ إلى أبو بكر الصديق فأعطاها إياه ، وقال لعمر بن الخطاب :" ريحها وم** ومسحها وريقها خير له من الشهد عندك ." وهذا دليل آخر لم يتولى الحضانة للأم والآخريـن من الأم قبل الأب .
كما أن الفقهاء يؤكدون بأنه لاتثبت الحضانـة لإمرأة من النساء إلا إذا كانت محرمـة ولأن المحضون ذكـر.
الفرع الثالث : أسباب سقوط الحضانـة ورجوعهـا :
البند الأول : أسباب سقوط الحضانـة :
لقد ذكر المشرع الجزائري أسباب توجب شقوط الحضانـة لما لها من أهميـة كبرى فقد نصت المادة 66 على أنه تسقط الحضانـة على المرأة إن كانت هي من تولت الحضانـة أو شقط حقهافيها بالتزوج بغير قريب محرم ، وبالتنازل مالم يضر بمصلحـة المحضون .

كما أن المادة 67 المعدلـة لموجل الأمر 05-02 أنها أي الحضانـة تسقط بإختلال أحد الشروط المنصوص عليها في المادة 62 وأن الفقرة الثانيـة أضافت بأنه لايمكن لعمل المرأة أن بشكل سببا من أسباب سقوط الحقب عنها في ممارسـة الحضانتـة .
وزادت في التأكيد في فقرتها الثانيـة بأنه في كل الحالات يجب مراعاة مصلحـة المحضون .
فالمادة 62 ذكرت بأن الحضانـة هي أولا رعاية الولد ثم تعليمـه ثم القيام بتربيته على دين أبيـه ، ثم السهر على حمايتـه وحفظـه صحـة وخلقا فإذا إختل شرط من هذه الشروط شقطت الحضانـة وليس هذا ** بأن الشخص الذي ليس لـه الحق عن الحضانـة إذا لم *** خلال مدة تزيد عن سنـة بدون أسباب أو أعذار قانونيـة تسقط حقه فيهـا .
وأضاف المشرع حالـة أخرى لسقوط الحضانـة عن الجدة أو الخالـة وهي عندما تسكن إحداهمـا بمحضونها مع أمـه أي أم الولد المحضون ، إذا ماكانت متزوجـة بغير قريب محرم .
وبخصوص هذه الحالـة فهنا الأمر فإن المشرع الجزائري لم يبن مراده من ذكر مثل هذا السبب ، وحصره بالذات في الجدة والخالـة وسكنههما مع أم المحضون في حالـة طبعا زواجهـا مع غير قريب محرم .
البند الثاني : الحالات التي تعود فيها حق الحضانــة .
نصت المادة 71على أنه يعود الحق في الحضانـة إذا زال سبب سقوطـه غير الإختياري أي بمعنى أن يكون مجبرا على ذلك وليس بملك إرادته كأن يكون هناك سبب يمنعـه من ممارسـة حق الحضانـة كعدم القدرة على حسن تربيـة ورعاية الولد لعجزه عن العمل أو توفير المصاريف ال****الضروريـة لذلك ، فإذا مازال منها هذا السبب التي تزال بسبب سقوط هذا الحق في الحضانـة .
ومنها كما أنه من أسباب سقوط الحضانـة زواج الأم من شخص غريب عن المحضون أو أجنبي عنه ، فإنه بمجرد زواج هذا الشخص يسعود لها هذا الحق والزواج يتمثل في حدوث طلاقها منه أو بوفاته عنها .. الخ
نستخلص من كل ماسبق أن المحكوم لـه بالحضانـة سواء أكان الأب أو الأم أو غيرهما
ومن إنتقلت إليه الولايـة بموجب حكم الحضانـة فإنه يسأل مسؤوليـة مدنيـة وذلك بتعويض كل ضرر سببه الولد المحضون لغيره وذلك طيلـة فترة وجود لديـه وقبل سقوط الحضانـة لأي سبب .
كما أنه كذلك تجدر الإشارة إليه إلى أن الأمر هو نفسـه بالنسبـة للشخص المحكوم له بحق الزيارة وأخيرا المحضون معـه *** إلى أماكن غير مكان ** ممارسة الحضانـة ، وإرتكب هذا الأخير وأحدث ضررا بالغير فإن المسؤوليـة تقع عليـه وذلك نتيجـة لإستعمالـة لحقـه في الزيارة وليس بالضرورة الشخص الذي تولى الحضانة بموجب حكم قضائـي .
وهذه النقطـة التي كانت حلت المشكل الذي كان عالقا كون أن الأب يبقى دائمـا مسؤولا عن أفعال أولاده القصر رغم طلاقـه من والدته وعدم سكنـه مع الوالد أو السكنالعائلي بمفهوم المادة 135 من ق. م- قبل إلغائهـا -.


















المطلب الثاني : أنوع الولايـة وأقسامهـا :
لقد نص قانون الأسرة إبتداء من نص المادة 87 على الولايـة ، فهو يقسم ويبين أنواع هذه الولايـة لكننا نفهم من خلال نص المادة 87 أنه المقصود هنا الولايـة بكل أبعادهـا في حين تنص المادة 98 على أن "تصرف الولي في أموال القصر تصرف الرجل الحريـص" أي أنه لم يكن دقيقا
غير أن الشأن يختلف إذا ماقارناه بمشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصيـة والذي نجد أنه أورد في الباب الثاني الولايـة وفي الفصل أحكام عامـة وقسم الولايـة إلى ولايـة على النفس وولاية على المال ضمن المادة 164 ، إذا إعتبر أن الولايـة على النفس هي العناية بكل مالـه علاقـة بشخص القاصر ، وولايـة على المال وهي العناية بكل مالـه علاقـة بمال القاصر ، ثم حددتها بأنها تكون هذه الولاية على النفس للأب ثم للعاصب بنفسـه على ترتيب الإرث ، وبين بأن الولايـة على المال تكون للأب وحده ، وذكر شروط الولي بأن يكون بالغا ، عاقلا ، أمينا ، قادرا على القيام بمقتضيات الولايـة .
إذن الولايـة تنقسم إلى ولايـة على النفس وولالاية على المال وهو ماسيأتي بيانه كالأتي :
الفرع الأول : الولاية على النفس :
إن الولايـة على النفس تدرج ضمن الولاية الخاصـة والتي تندرج بدورها ضمن الولايـة المتعديـة ، والولايـة على النفس ولاسيما في الزواج بإعتباره أن الولايـة كما يعرفها الفقهاء بأنها قدرة العاقد على إنشاء العقد الخاص بنفسه وتنفيذ أحكامه ، ومادامت الولايـة كذلك فإنها لاسيما في جانب الزواج القدرة على إنشاء عقد الزواج نافذا دون إجازة من أحـد ، وهي ولايـة الحضانـة وولايـة الرعايـة كذكل .
ولقد شرعت الولايـة في الإسلام من أجل المحافظـة على حقوق القصر وكذلك العاجزين عن التصرف بسبب من أسباب فقد الأهليـة أو نقصها ومن أجل رعايـة مصالحهم من الضياع .
كما أن الإسلام يعتبر المجتمع وحدة متماسكـة ، ومن عجز عن رعايـة مصلحته أقام له الشارع من يتولى أمره وتحقق له النفع ويدفع عنه الضرر .
والولايـة في الزواج تنقسم إلى قسمين وهي ولايـة إجبار وولايـة إختيار أو ولاية الشركة .
البند الأول : ولايـة إجبار :
تنص المادة 9 مكرر من قانون الأسرة المعدلـة بموجب الأمر 05-02 على أنه يجب أن يتوافر في عقد الزواج الشروط الأتيـة :
-أهليـة الزواج .
- الصداق .
- الولـي .
- شاهـدان .
- إنعدام الموانـع الشرعيـة .
من خلال هذه المادة نستنتج أن الولي شرط في عقد الزواج لاسيما في ظل وجوده أي في الحالات العاديـة .
وليس هذا فقط ، بل أضافت المادة 33/2 من نفسى القانون المعدلـة " إذا تم عقد الزواج بدون شاهدين أو صداق أو ولي في حالـة وجوده ، يفسخ العقد قبل الدحول ولاصداق فيه ، ويثبت بعد الدخول بصداق المثـل "
كما أن للولايـة مدلولها الشرعي ومصدرها في القرآن الكريم كون الفقهاء يستدلون بقولـه تعالـى " فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لايستطيع أن يمل فليملل وليـه بالعدل "
وأن الزواج لايكون إلا بإذن إستناذا إلى الحديث الإمام البيهقي وكذلك ماوري عن عائشة عن النبي صلى اللـه عليه وسلم أنه قال " أيما إمرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحهـا باطل ، عنكاحها باطل ، عنكاحها باطل ، فإذا دخل بها فلها المهر بما إستحل من فرجها ، فإن إشتجروا ، فالسلطان ولي من لاولي لـه "
وكذلك مارواه أبو هريرة عن النبي صلى اللـه عليه وسلم أنه قال " لاتزوج المرأة نفسها ، فإن الزانيـة هي التي تزوج نفسهـا "
أولا: الأشخاص الذين تثبت عليهم ولايـة الإجبـار :
وولايـة الإجبار تثبت لاسيما عند الحنفيـة على القاصرين ، فهي تثبت على فاقد الأهلية ، وهو المجنون والمعتوه والصبي غير المميز ، والمجنونـة والمعتوهة والصبية غير المميز ، كما تثبت على ناقص الأهليـة وهو الصبي المميز .
فالولاية في الزواج تثبت على القاصر أكثر من من غيرها ، كون هذا الزوج يتطلب درايـة وحبرة بأموره ، وكذا بأحوال الرجال ، ومعرفـة من تصلح معه الحياة الزوجيـة من غيره ، وخاصة كون المرأة بصفة عامة تنخذع بالمظاهر وتحكمها العاطفة أكثر من العقل ، فلهذا نجدالحكمة من جعلها بيد الرجال لأن وليها أحرص شخص على مصلحتها وسعادتها وحسن إختيار الزوج المناسب ، لها ولاسيما من حيث الأخلاق كونه أدرك بشؤون الرجال منها .
فالزواج لـه مقاصد وأهداف شرعيـة ومقدسـة لاتمكن لكل من هب ودب القدرة على الحرص عتليها والقيام لها على أكمل وجه ولايخضع للأهواء المتضاربـة بين صغر الفتاة وطيش الرجـال .
إلا أن الفقهاء إختلفوا في علـة هذه الولايـة فهي البكارة والتي تثبت الولايـة بشأنها حتى بلوغ الفتاة ، ويرجعون ذلك إلى أن البكر لاتعرف مصالح النكاح ولاتدرك التفاوت بين الرجال
وبالرجوع إلى قانون الأسرة الجزائري لاسيما المادة 7 نجدها تنص على الأمر " بأن تكتمل أهلية الرجل والمرأة في الزواج بتمام 19 سنتـة ، وللقاضي أن يرخص بالرزوجا قبل ذلك لمصلحـة أو ضرورة متى تأكدت قدرة الطرفين على الزواج "
وفي نفس السياق نصت المادة 11/2 على أنه " دون الإخلال بأحكام المادة 7 من هذا القانون ، يتولى زواج القصر أولياؤهم وهو الأب فأحد الأقارب الأوليـن والقاضي ولالـي من لاولي لـه " وإذا لم يكن الأب على قيد الحياة بلجأ إلى القاضي – رئيس المحكمة – من أجل الحصول علىى أمر تعيين ولي من أجل إتمام الزواج .
ثانيا : الأشخاص ال1ين تثبت لهم ولايـة الإجبار :
فهي تثبت للأب أولا وهي تعتبر ولايـة كاملـة ، وقد قاتل الفقهاء بثبوتها للأب فمنهم من إقتصرها على الأب فقط مثل الإمامين مالك وأحم ، كونه يقع عليه – الأب – الإجمكاع على تزويجـه لإبنته الصغيرة ، لأنه أحرص شخص على مصلحـة إبنته عن بقيـة ألياء النفس ، ويضيفون بأنه يقوم مقامـه الوكيل في الزواج قيد حياته ، وأما بعد الوفاة فوصيه بالتزويج ، غير أن الوصي أو الإيصاء في الزواج لايرى بع أغلب الفقهاء لأن الولايـة تكون للعصيات ، من بعد الأب إستناذا إلى ماروي عن علي – رضي اللـه عنه – " الإنكاح للعصبات "
وقد نص الفصل الحادي عشر من الباب الثالث الخاص بالولايـة في الزواج من المدونـة المغربيـة للأحوال الشخصيـة أن الولـي في الزواج هو الإبن ثم الأب ثم وصيـه ثم الأخ ، فالجد للأب فالأقربون بعد الترتيب ، ويقدم الشقسق على غيره ، فالكافل ، فالقاضي فولايـة عامـة المسلميـن ، يشترط فيـه أن يكون ذكرا عاقـلا بالغـا .
وترتيبهم عند المالكيـة كالأتي :
أولا : العصبـة ، ثانيـا : المولى الأعلى ، ثالثا : الكافل القائم بشؤون الصغيرة بعد فقدان أهلها ، رابعا : الحاكم ( القاضي لدينا الآن ) ، خامسا : الولـي بولايـة الإسلام العامـة .
والعصبـة بالنفس تنحصر في أربعة جهات وهي : البنوة ، الأبوة ، الأخوة ، والعمومـة
أ – البنوة وتشمل الإبن وإبن الإبن وإن نزل
ب – الأبوة وتشمل الأب والجد الصحيح وهو أب الأب وإن علا
جـ- الأخوة : وتشمل الأخ الشقيق ثم الأخب لأب ثم إبن الأخ الشقيق ثم إبن الأخ لأب وإن نزل كل منهما.
د- العمومـة : وتشمل العم الشقيق ثم العم لأب ، ثم إبن العم الشقيق ثم إبن العم لأب وإن نزل كل منهما .
فإن وجد أحد هؤلاء تثبت له الولايـة وإن وجد إثنان أو أكثر من هؤلاء قدم صاحب الجهة القريبـة ، فتقدم جهة البنوة ثم الأبوة ثم الأخوة ثم العمومـة .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري أولى الأم بعد وفاة الأب مباشرة دون أخذه بالترتيب السابق الذكر للأولياء على النفس .
ومثلما جاء بـه نص المادة 135 –قبل إلغائها – عمل به في قانون الأسرة من خلال نص المادة 87 لتولي الولايـة نبعد وفاة الأب طبعـا ،وفيما يخص نص المادة 87 وكذا المادتين 134 و135 وتحديدا في مسألـة تحمل الأم تبعـة أعمال الأولاد القصر الضارة بالغير، وإن كنا نعتقد بأن الغايـة من التعديل الذي وضع للمادة 87 يدخل في إطار تخصص كل قانون بما أنيط لـه ، فالقانون المدني يضع القاعدة العامـة لمشؤوليـة متولي الرقابـة ، بينما ينفرد قانون الأسرة – ضمن مجالـه بإعتباره قانونا ينظم حالـة الشخص وأهليته – بتحديد مراتب الولايـة وأوضاعها المختلفـة فالنصان يكملان بعضهمـا .
بالنسبـة للمرأة البالغـة الراشدة :
وهنا كذلك إختلف الفقهاء فمهما كانت درجـة الرشد ، فقد إختلف الفقهاء فيها ، فمنهم من يقولون بأنه ينفرد الولي بزواجهـا وليس لها أن تتولى زواجها ولا زواج غيرها ، ولوليها سلطان عليها لاينفرد دونها بالزواج ، ولاتنفرد بـه بل يشتركان ، ويتولى هو الصيغـة لأنهم يرون أن النساء لايتولين إنشاء عقد الزواج ، وإن كان رضاهن ضروري .
ومنهم من ذهب إلى إعتباتر البالغة الراشدة تملك ببلوغها ورشدهـا جميع التصرفات من العقود وغيرها حتى الزواج ، بكرا كانت أم ثيبـا ، فيصح لهـا أن تعقد لنفسها ولغيرها مباشرة وتوكيلا إيجابا أو قبولا ، سواء كان لها أب أو جد أو غيرها من العصبات أو لم يكن ، وسواء رضي الأب أو كره .
البند الثاني : ولايـة الإختيــار :
سبق وأن ذكرنا بأن الفقهاء يقسمون الولايـة على النفس ، ولاسيما ولايـة الزواج إلى ولايـة إجبار وولايـة إختيار أو ولايـة شركة ، أو ولايـة إستحباب كما يسميها أبو حنيفـة ، وتنص المادة 11/1 من قانون الأسرة على أنه " تعقد المرأة الراشدة زوجاهـا بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص تختاره "
فقد أصبح لايحق للولـي أن يجبر إبنته القاصرة بموجب التعديل الأخير على الزواج عملا بنص المادة 13 " لايجوز للولي أبا كان أو غيره أن يجبر القاصرة التي هي في ولايته على الزواج ، ولايجوز لـه أن يزوجهـا بدون موافقتها "
والحكمة من ذلك أن أساس الزواج الرحمـة والمودة فلا يحق لـه أن يجبرها على العيش والزواج بمن لاترغب فيـه .
ويقول الفقهاء بأنه من بقيت عليهن ولايـة الإختيار :
1- الثيب البالغة : إذا أزيلت بكرتها بنكاح صحيح أو فاسد ، ودرئ عنها الحد.
2- البكر البالغـة التي رشدهـا أوبهـا .
3- البكر البالغـة التي أقامت في بيت الزوجيـة سنـة من حين مباشرة الزوج لهـا ، وأنكرت الوطء بعد فراقهـا وافقها الزوج أم لا ، فإن تأكد عدم الوصول إليها ، فلا ترتفع عليها ولايـة الإجبار عنها .
4- الصغيرة اليتيمـة التي يخاف عليها الفساد عند تزويجهـا وبلوغ سن النكاح.
وإشتراط كل الأركان اللازمـة لقيام عقد الزواج كرضاها بالزوج وأن يكون كفئـا لها في الدين السلامـة من العيوب .
الولاية على المــال :
لقد نصت المادة 88 من قانون الأسرة على أنه " الولي يتصرف في أموال القاصر تصرف الرجل الحريص ويكون مسؤولا طبقا لمقتضيات القانون "
والولايـة على المال عرفها الفقهاء ومنهم الدكتور أحمد الغندور بأنها سلطـة التصرف في المال سواء أكانت قاصرة أم متعديـة .
كما أنها تكون فقط في المسائل المالية الخاصـة بأموال المولى عليه وتجعل لمن تثبت لـه القدرة على إنشاء العقود والتصرفات المتعلقـة بأموال نافذة كولايـة الوصي على الموصى عليه
ووذهب الفقهاء إلى أن الولايـة تثبت على المحجور عليهم وتتبع في ثبوتها نوع الحجر ، فهذا الحجر مرده قصور طبيعي كالصغر أو العته أو الجنون ، إلا أنهمن إحتلفوا فيى الشخص الذب ثتبت لـه ، فنجد الأحناف يثبتونها للأب ثم لوصيـه ثم للجد ثم لوصيـه ثم للقاضي بعد ذلك ، وأما عند المذهب الشافعي فهي ولايـة على الصغير وتثبت للأب ثم الجد الصحيح ثم لوصي الأب لأن منزلـة الجد عنده عند عدم وجود الأب بمنزلـة الأب لتوفر شفقته .
وأما المذهب المالكي والحنبلي فيريان أنه ليس للجد ولايـة على القاصر إلا إذا عينه القاضي ، فيكون وصيـا من قبلـه ، لذلك فالولايـة عندهما تثبت للأب ثم لوصيـه ثم للقاضي ووصيـه ، والجد لاينزل منزلـة الأب لافي ولايـة التزويج ولافي فولاية المال .
ولقد ذهب الفقـه إلى ثبوت الولايـة على المحجور عليهم فيما يخص التصرف في أموالهم غير أن الحجر يكون بعد بلوغ القاصر سن الرشد المدني المحدد بـ 19 سنة كاملة مثلما نصت عليه المادة 101 من قانون الأسرة بنصها على أنه " من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيه ، أو طرأت عليه إحدى الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليـه "
وعليه سنتناول الولايـة على المال بسبب القصر ، والولايـة على بسبب الحجر.
البند الأول : الولايـة على المال بسبب القصر :
القاصر هو الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني ولقد نصت المادة 79 من القانون المدني على مايلي :" تسري على القصر والمحجور عليهم وغيرهم من عديمي الأهلية المنصوص عليهم في مدونـة الأحوال الشخصيـة " ومن هذا المنظور فإن هذه الفئـة من الأشخاص يحتاجون أو يخضعون لنظام حمايـة معين نظمـه قانون الأسرة من خلال الولايـة أو الوصيـة أو القاومـة كونهم إما ناقصي أهليـة لصغر في السن أو عديمي الأهلية لعوارض مثل الجنون والعتـه والذين يحجر عليهم إذا ماتوافرت أسباب الحجر غير أن السؤال الذي يطرح نفسـه مامعنى الأهليـة ؟
فالأهلية هي صلاحية الشخص لكسب الحقوق أو تحمل الإلتزامات وهي أهليـة الوجوب أو صلاحيـة الشخص للتعبير عن إرادته ، وإبرام التصرفات القانونيـة وهي أهليـة الأداء .
لهذا فإن القصر تجب عليهم الولاية الماليـة لاسيما وأنهم لايتمتعون بأهلية الأداء في معظم الحالات من حيث القاصر غير المميز مثلما تنص عليه المادة 42/2 بإعتبارها غير المميز القاصر الذي لم يبلغ سن الثالثة عشر ، وبالتالي فلا يكون أهلا لمباشرة حقوقـه المدنيـة .
وأما نص المادة 88 فقد ألقت على عاتق الولـي واجب التصرف في أموال القصر بمسؤوليـة وحرص ، وفرضت عليـه ضرورة حصول إذن من رئيس المحكمـة في التصرفات التي يقوم بهـا
1- عقار القاصر وقسمته ، ورهنـه وإجراء المصالحـة .
2- بيع المنقولات ذات الأهميـة الخاصـة .
3- إسثتمار أموال القاصر بالإقراض أو الإقتراض أو المساهمة في شركة أو إيجار عقار
القاصر لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، أو تمتد لأكثر من سنة بعد بلوغه سن الرشد. أنه يجب أن لاتتعارض مصالح الولي مع مصالح القاصر وإلا عين القاضي متصرفا خاص تلقائيـا أو بناء على طلب من لـه مصلحـة .
كما أنه بالإضافـة إلى هذا فإن القاصر الناقص التمييز بين سن 13و 19 سنـة يمكنه أن يقوم بتصرفات لكن يتشرط فيها القانن أن تكون نافعـة لـه نفعا محضا ، وفي هذا الشأن تنص المادة 83من قانون الأسرة " من بلغ سم التمييز ةلم يبلغ سن الرشد طبقا للمادة 43 من القانون المدني تكون تصرفاته نافذة إذا كانت نافعة لـه ، وباطلـة إذا كانت ضارة لـه ، وتتوقف على إجارزة الولـي أو الوضي فيما إذا كانت مترددة بين النفع والضرر ، وفي حالـة النزاع يرفع الأمر إلى القضاء "
البند الثاني : الولايـة الماليـة للمحجور عليهم :
الحجر في الشرع هو المنع من التصرف القولي لاالفعلـي لأن الأفعال لامرد لها .
ولقد إختلف الفقهاء في تعداد أسباب الحجر فذهب أبو حنيفـة على جعل أسبابـه ثلاثـة مالها رابع وهي الجنون والعته والصبا والرق .
وهو ماذهب إليه الشافعي ، وذلك بأن يحجر على على :
1- السفيـه المفسد للمال بالصرف في الوجوه الباطلـة .
2- المبذر الذي يسرف في النفقـة .
3- ومن يغبن في التجارة .
4- وفيمن يمتنع عن قضاء الدين مع القدرة عليه إذا ظهر مطله عند القاضي ، وطلب القدماء من القاضي أن يبيع عليه ويقضى دينـه.
5- فيمن ركبته الديون .
6- ومن لـه مال فخاف الغرماء ضياع أمواله بالتجارة ، فرفعوا الأمر إلى القاضي وطلبوا منه أن يحجر عليه .
وأما الحجر عند المذهب المالكي فيكونون ستـة وهم : الصغير والسفيـه والعبد والمفللس والم والمجنون وزاد عليـه إبن جزي المجنون .
وهذا الحجر يعيب الحالة العقليـة ، ولقد نص عليه القانون وويكون بحكم قضائـي ، فلقد نصت المادة 101 من قانون الأسرة على أنه " من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيه أو طرأت عليه إحدى الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليـه "
كما أن هذا الحجر يجب أن يكون بحكم القاضي الذي يمكنـه الإستعانـة بأهل الخبرة في إثبات أسباب الحجر .
لأن تصرفات المجنون والمعتوه والسفيه غير نافذة إذا صدرت وهم تحت تأثير هذه الحالة.
كما سبق وأن قلنا بأن محل هذه العوارض التي تعتري عقل الشخص هي التتجعله بحاجـة إلى ولـي أو وصي أو مقدم ينوب عنه قانونا هي الحالـة ومدى الحاجـة .
وليس هذا فقط بل أن هناك أدلـة شرعيـة توجب الحجر لقوله تعالـى " فإن كان الذي عليـه الحق سفيها أو ضعيفا أولا يستطيع أن يمل فليملل وليه بالعدل " ومن هنا نرى أن الولايـة تثبت على هؤلاء الأشخاص بسبب نقص الفطنـة كالسفيـه أو ضعف العقل كالمعتوه .وتمنعهم هذه العوارض من التصرف في الأموال لقولـه عز وجل " ولاتؤتوا السفهاء أموالكم التي جعلكم اللـه لكم قياما ، وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا "
ومثل هؤلاء الأشخاص إذا ماأصيبوا بمثل هذه العاهات قبل بلوغ سن الرشد فلا حاجـة لهم للحجر لأنهم دائما يخضعون لنظام الولايـة أو الوصايـة أو التقويـم .
أو أن يبلغ هؤلاء الأشخاص سن الرشد مع وجود مثل هذه الآفات التي أصابتهم في عقلهم ، فهنا يكون الحجر بحكم قضائـي ، لأن القاضي سوف يعين قدما لهذا الشخص قصد القيام بشؤونـه بعد إنتهاء القيام بشؤونـه بعد إنتهاء مرحلـة القصر ، وإن لم
فمهام الولي أو الوصي أو المقدم تتمثل في رعايـة المحجور عليه والقيام بشؤونه ، وهي نفس المهام المحددة في نص المادة 88 من قانون الأسرة والمتمثلـة في التصرف في أموال المحجور عليه تصرف الرجل الحريص ويكون مسؤولا عن ذلك .
هذا من حيث أسباب الحجر أما فيما يخص هذه الحالات التي تعتري الشخص وتجعلـه خاضع لنظام الولايـة أو الحجر بعد الرشد ، فإعتبر الجنون ثلاثـة أقسام : المطلق أو المتقطع أو الجزئي ، فالمطلق هو الذي لايفعل صاحبـة شيء وهو الجنون الكلي المستمر ، ويستوي أن بكون عارض للإنسان أو مصاحبا لـه وقت ولادته ، وأما الجنون المتقطعفهو الذي لايعقل معه صاحبـة شيئا ، ولكن جنون غير مستمر ، وهو يصيب الشخص تارة ، ويرتفع تارة أخرى ، فإذا أصابـه فقد عقلـه تماما ، وإذا إرتفع عنه عاد إليـه عقلـه ، فهو كالجنون الكلي إذا أصاب صاحبـه يزيل مسؤوليـة لكنه إذا إرتفع وعاد لصاحبـه إدراكه صار مسؤولا جنائيـا عما إرتكبـه من جرائم حال إفاقته ويسأل مدنيـا وتعوض الضحيـة تبعـا لذلك .
وأما الجنون الجزئـي فهو فقدان الإدراك في ناحيـة أو نواح عدة من تفكير المجنون مع بقائـه متمتعا بالإدراك في غيرها من النواحي ، بمعنى أن الشخص قد يكون سلبيم القوى من ناحيـة ما إلا أن تمتلكه مثلا فكرة خاطئة أو إعتقاد باطل ، فيترتب عليه نتائج عديدة ، وذلك كمن يعتقد أن له حقا في العرش أو رئاسـة الجمهوريـة أو عدو خفي يطارده ، ويصحب هذا النوع هذيان شديد يتوهم صاحبه سماع أصوات خفيـه وهذا التفكير المختل يؤدي إلى إرتكاب الجرائم .
أما العته فقد عرفه الفقهاء على أنه قبيل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير ، سواء أكان ذلك خلقـة أو من مرض طارئ وهو أقل درجـة من الجنون .
وأما السفـه فهو إفساد المال بالصرففي الوجوه الباطلـة ، قهو أي السفيـه كامل العقل لكنه سيء التدبير في أموره المالية في غير وجهها المشروع .
وفي هذه الحالات يحرص الولي على مصلحـة هذه الفئـة من القصر بالرعايـة والعنايـة أو إدارة وتسيير أموال القصر إن كانت لهم أموال فالوالديـن حق الإنتفاع والإدارة القانونيـة أي التصرف فيها ، فالأول يمنح للوالدين حق الإنتفاع بأموال أولادهم القصر من دون محاسبـة إلى بلوغ سن الرشد ، كما يمكنهما حسب الحالـة أي الأب والأم بصفتهما وليين للقاصر أن يتصرفا في أمواله والسهر على حسن إسثتمارهـا .
وهذاتطبق أحكام المادة 845 من القانون المدني فيما يتعلق بحق الإنتفاع في أموال القاصر في مقابل الإنفاق عليه لأن المادة 75 من قانون الأسرة أو جبت على الأب نفقة الولد مالم يكن له مال .
عندما يرتكب القاصر فعلا مضر بالغير يحمله القضاء تعويض وجبر الضرر فإن الولي يعتبر مسؤوله المدني ونائبـه القانوني أمام القضاء ويمثلـه إجرائيـا عبر مراحل القضاء ويتحمل المسؤوليـة عنه بجبر الضرر ولكن يدفع قيمة التعويض مثلما يكون في قضاء الأحداث من ماله إذا كان لهذا القاصر مال .
نفس الشيء يسري على الأم إذا ماكانت هي الوليـة إستناذا إلى نص المادة 87 من قانون الأسرة .
المطلب الثالث : تمييز الولي عن غيره من الأنظمة والمفاهيم :
الأب هو الولي الشرغي عن أولاده القصـر ويستمد هذه الولايـة إنطلاقا من السلطة الأبويـة التي يمنحها إياه القانون ، والأب يجب أن تكون لـه الصفـة الشرعيـة أي أنه هو من ينجب الولد من صلبـه ، وكان سبب في وجوده في هذه الححياة لهذا فهو يختلف عن غيره من الأنظمـة القانونيـة المشابهة له إن صح التعبير أو المفاهيم الأخرى التي تقابلـه إن صح التعبير كالكفيل أو الوصي أو القيم .
الفرع الأول : الكفيــل :
لقد عرفت المادة 116 من قانون الأسرة " الكفالـة بأنها إلتزام على وجه التبرع بالقيام بولد قاصر من نفقـة وتربيـة ورعايـة قيام الأب بإبنه وتمم بعقـد شرعـي "
كما أن هذه الكفالـة تخول للكافل الولاية القانونيـة ، وجميع المنح العائليـة والدراسية التي يتمتع بها اللولد الأصلي "
وتبعا لذلك فإن هذه الكفالـة تعطي للكافل جميع السلطات التي يتمتع بها الأبوان الأصليان للولد المكفول ، فهو في مرتبـة والده أو أبيه وبالتالي تكون لـه الولايـة على النفس والمال على حد السواء .
فتكون لـه ولايـة النفس على القاصر المكفول والمتمثلـة في الحفظ والتربيـة وولايـة الزواج ، كما سبقت الإشارة إليه فهو يخص الولد الصغير ويتكفل بـه ويرعاه ويسهر على تلبية حاجياته والقيام عليها ، وهذه المرحلـة كما يرى الفقهاء ها تبدأ بتجاوز هذا الصغير من الحضانة التي يرتبط بحاجـة الولد إلى المساعدة في الأكل والشرب والغسل .. وتنتهي ببلوغـه حد الشغل فيهعن خدمـة الأخريـن بأن يأكل وحده ويلبس وقدرها الفقهاء بسن 7 سنوات ويقوم على الحرص على تنشئته تنشئة صحيحـة وتربيته ، والمحافظة عليه ختى الببلةغ ، وتولي زواج القاصر إذا ماتزوج خلال هذه المرحلـة .
فيشترط الكافل أن يكون أهلا للقيام بشؤون وأمور الولد القاصر المكفول فإشترط فيه القانون أن يكون مسلما عاقلا أهلا للقيام بشؤون المكفول وقادرا على رعايته .
وكذلك يثبت لـه ولاية المال على هذا القاصر ، وفي الأمور التي تعود على الطفل أو القاصر بالنفع أو القيام بالتصرفات التي تنفعه نفعا محضـا ويدير أمواله المكتسبـى من الإرث والوصيـةأو الهبـة لصالح الولد المكفول .
وهذا الكافل يستمد قوته من حكم القاضي كونها عقد يتم أمام الموثـق أو بترخيص من القاضي ،وبالتالي فهو يسأل عن جميع تصرفاته إتجاه المكفول طبقا للقانون .
ورغم أنه يجوز التنازل عن الكفالـة أو التخلـي عنها إلا أن القانون إشترط في المادة 124 أنه " إذا طلب الأبوان أو أحدهمـا عودة الولد المكفول إلى ولايتهما يحيز الولد في الإلتحاق بهما ، إذا بلغ سن التمييز ، وإن لم يكن مميزا لايسلم إلا بإذن من القاضي مع مراعاة مصلحة المكفول وهذا بالنسبـة للولد المكفول المعلوم النسب .
ونشير إلى أن المرسوم رقم 92 – 24 المؤرخ في 8 رجب 1412 الموافق بـ 13 يناير 1992 المعدل والمتمم للمرسوم 71-157 المتعلق بتغيير اللقب فإنه نص في فقرته الثانيـة من مادته الأولى على إمكانيـة أن يتقدم الشخص الذي كفل قانونا في إطار الكفالـة ولدا قاصرا مجهول النسب من الأب أن يتقدم بطلب تغيير اللقب بإسم هذا الولد ولفائدته ، وذلك قصد مطابقـة لقب الولد المكفول بلقب الوصي ، وعندما يكون أم الولد القاصر معلومـة وعلى قيد الحياة فينبغي أن ترفق موافقتها المقدمـة في شكل عقد شرعي بالطلب .
أما إذا كان مجهول النسب وحصل التنازل عن الكفالـة كافل إنتقلت إلى الورثـة حين تنص النادة 125إذ ماإلتزموا أم لا يحق للقاضي أن يسنذ أمر القاصر إلى الجهة المختصـة بالرعايـةة كمؤسسـة تقوم على رعايـة مثل هذه الفئـة .
وتجدر الملاحظة بأن الكفيل يسأل مثلـه مثل الولي إذا ماقصر في رقابـة الولد القاصر وإرتكب هذا الأخير ضررا بالغير إستناذا إلى القاعدة العامـة المنصوص عليها في المادة 134 من القانون المدني ، وفي هذا الشأن يقول الدكتور حسنين " بوضع المادة 134 يكون المشرع قد تفادى ماوجـه إلى القانون الفرنسي من نقد ، وهو أن المادة 1384 مدني فرنسي حصرت مكسؤوليـة المكلفين في الرقابـة في حالات ثلاث لايمكن التوسع في تفسيرها بطريق القياس عليها ، ففي القانون الفرنسي لايسأل الوصي أو القيم أو الزوج عمن تحت رقابتهم إلا المسؤولية عن فعلهم الشخصي الواجب إثباته لأنهم لايدخلون تحت ماورد في المادة 1384 ، ولكن في القانون الجزائري يسألون عمن تحت رقابتهم طبقا للقاعدة المنصوص عليها في المادة 134 التي أحاطت بكل من يتولى الرقابـة على آخر فثمـة خطأ مفترض أو قرينة قانونية على خطأ المكلف بالرقابـة "
فالكافل يعتبر من خلال هذا مسؤولا مدنيـا عن القاصر ، ويقوم بما يجب على الولـي في هذه السلطـة كذلك .
الفرع الثاني : الوصــي :
الوصـي ينظمـه قانون الأسرة في الفصل الثالث من الكتاب الثاني المتعلق بالنيابـة الشرعيـة وبذلك نصت المادة 92 على أنه " يجوز للأب أو الجد تعيين وصي للولد القاصر إذا لم تكن لـه أم تتولى أموره أو تثبت عدم أهليتها لذلك بالطرق القانونيـة وإذا تعدد الأوصياء ، فللقاضي إختيار الأصلح منهم مع مراعاى أحكام المادة 86 من هذا القانون "
وإشترطت المادة 93 أن يكون مسلما عاقـلابالغا قادرا ، أمينـا ، حسن التصرف ، وللقاضي عزلـه إذا لم تتوافر فيه الشروط المذكورة .
وهو في هذه النقطـة يشترك مع الولـي والكافل فيما يخص مجموعـة الشروط الواجب توافرها فيـه ، كما أن لـه نفس سلطـة الولي في التصرف وفقا لأحكام المادة 88 ، 89 ، 90 وهذه المادة الأخيرة تنص على أنه إذا ماتعارضت مصالح الوي مع مصالح القاصر ، عين القاضي متصرفا خاصا للقاصـر .
وقد عرف الدكتور كمال حمدي الوصايـة بأنها النظام القانوني المقرر لحمايـة مصالح القاصر الذي لاولـي لـه ، وقد عرفها بعض الفقهاء بأنها وظيفـة قانونيـة ****** أو إرادة القانون أمورها إلى شخص مهمته النيابـة عن القاصر وإدارة أمواله مضيفا أنها تستلزم وجود وصي تحت سلطـة الإشراف على تصرفاته .
كما أنه من خصائص الوصايـة أنها إختياريـة بمعنى أنه لابد من قبول الوصي للوصايـة لإمكان إقامته وصيـا ، وهي في هذه النقطـة تختلف عن الولايـة لأن هذه الأخيرة إلزاميـة يستمد الولـي صفته من القانون مباشرة ، ويلزم لإعفائه منها قبول تنحيته عنها ، في حين أنه يعين الوصي بصدور حكم القاضي ليس له ممارسة الولايـة على مال الصغير ، كما أنه في فرنسـا نجد أن هذه الوصايـة إجباريـة .
وقد بينت المادة 96كيفيـة إنتهاء مهام الوصـب إذ أنها تنتهـي :
1- إما بموت القاصر أو زوال أهلية البوصي أو موته .
2- ببلوغ القاصر سن الرشد مالم يصدر حكم من القضاء بالحجر عليـه .
3- بإنتهاء المهام التي أقيم القاصر من أجلهـا .
4- بقبول عذره في التخلـي عن مهمتـه .
5- بعزلـه بناء على طلب من لـه مصلحـة إذا ثبت من تصرفات الوصي مايهدد مصلحة القاصر .
ما أنه يسأل حسب المادة 98 بما لحق أموال القاصر من ضرر بسبب تقصيره .
الفرع الثالث : المقــــــدم :
هو الشخص الذي تعبنه المحكمـة في حالـة عدم وجود ولـي أو وصي على من كان فاقد الأهليـة أو ناقصهـا بناء على طلب أحد أقاربـه أو ممن لـه مصلحـة أو من النيابـة العامـة ومهامـه هي نفس مهام الوصثي ويخضع لنفس أحكامـه ساذا إلى نص المادة 100 من قانون الأسرة .




























الفصل الثاني مسؤوليـة متولي الرقابـــــة من خلال المادة 87 من قانون الأسرة

لقد كانت المادة 87 قبل التعديل تحتوي على فقرة واحدة إذ كانت تنص على مايلي (( يكون الأب وليا على أولاده القصر ، وبعد وفاته تحل الأم محلـه قانونا )) .
غير أنه بعد التعديل المشار إليه فقد أضاف لها فقرتين لتصبح كالأتي (( يكون الأب وليا على أولاده القصر ، وبعد وفاته تحل الأم محلـه قانونا .
وفي حالـة غياب الأب أو حصول مانع لـه ، تحل الأم محله في القيام بالأمور المستعجلـة المتعلقـة بالأولاد
وفي حالـة الطلاق ، يمنح القاضي الولايـة لمن أسنذت إليـهم حضانة الأولاد ))
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ماعلاقـة مسؤوليـة متولي الرقابـة في القانون المدني وتحديدا في المادتين 134 والمادة 135 – قبل إلغائها - ، بالمادة 87 من قانون الأسرة .
الإجابة المبدئيـة ستكون أنه توجـد علاقـة بين هذه النصوص والإجابـة الكاملـة تكون من خلال دراسـة وتحليل المادة 87 من قانون الأسرة .
فالمادة 87 تناولت الولايـة التي تفرضها السلطـة الأبويـة على أولاده القصر ، ونحن كما سبق لنا وأن تناولنا المادة 135 من ق. م -قبل الإلغاء طبعا – (( يكون الأب ، ومن بعد وفاته الأم مسؤولان عن .. ))
فالمتمعن لنص المادة 87 مكرر في فقرتها الأولى سواء بعد التعديل أو قبلـه يجدها تتماشى ونص المادة 135 من ق .م ، إلا أنه بعد التعديل أضافت فقرتين وهما أسثتنائان عن القاعدة العامـة التي تنص عليها المادة 87 في فقرتها الأولى ، وهذين الإسثتنائين هما حلول الأم محل الأب رغم أنه على قيد الحياة إلا أنه يشترط توافر نقاط مهمـة ، أو شروط لكي تحل محلـه وهي في حالـة حصول مانع لهذا الأب أو في حالـة غيابـة ، وإرتبط حلولها بالأمور المستعجلـة . أما الإستثناء الثاني وهو أن هذه الولايـة تنتقل كذلك إلى شخص آخر رغم أن هذا الأب لازال على قيد الحياة وهو أنها تنتقل إلى الشخص القائم بالحضانـة أو لمن أسنذت إليه حضانـة الأولاد في حالـة الطلاق هذه الحالـة التي سكتت عنها المادة 135 –قبل الإلغاء – التي عيب عنها عدم تناولها مسؤوليـة الأب في حالـة غيابـه وكذا في حالـة الطلاق .
وإن كانت هناك تطبيقات وإختلاف في الأراء فيما يخص هذه النقطـة بالذات (( الطلاق)) وعن النصوص التي تطبق كنص المادة 134 (( لأنه من تولى الرقابـة قانونا )) .
ولهذا سنتناول هذه الأمور في مبحث مستقل أي أن نتناول هذه الإسثتناءات كل واحد منهما في مبحث ، وقبل ذلك نتناول القاعدة العامـة لنص المادة 87 في مبحث أول .


المبحث الأول
القاعدة العامـة التي تضمنتها المادة 87 ق. الأسرة .

إذن القاعدة العامـة التي تضمنتها هذه المادة هو أن الولايـة للأب على أولاده القصر مابقي على قيد الحياة في حين تنتقل إلىالأم قانونا وذلك بعد وفاة هذا الأخير .
فما معني الولايـة ؟ وماهي أنواعهـا ؟ وماهو شرط وجودهـا ؟ كل ذلك سنتناولـه على النحو التالــي :
المطلب الأول : مفهوم الولايـة وشروطهـــا
الفرع الأول : مفهوم الولايـة فقها وقانونا
البند الأول : المفهوم الفقهي
الولايـة بكسر الواو وفتحهـا ، لغة تعني النصرة والقدرة وهي مصدر ولي الشيء بليـه ، وولي عليـه : إذا ملك أمره وتولى شؤونه .
والولايـة عند الفقهاء : سلطة شرعيـة تمكن صاحبهـا من مباشرة العقود وترتيب آثارهـا عليها دون توقف على إجازة أحـد .
فإذا كانت السلطة متعلقـة بشأن من شؤون العاقد كتزويجـه نفسـه وبيعه مالـه كانت ولايته أصليـة .
وإن كانت متعلقـة بشأن من شؤون غيره ، كأن يزوج إبنته أو يتصرف في مال ولده ، كانت ولايـة متعديـة .
وفيهم من يعرفها (( الولايـة بكسر الواو لغـة هي المحبة والنصرة ومنه قولـه سبحانه وتعالـي (( ومن يتول اللـه ورسولـه والذين آمنوا ، فإن حزب اللـه هم الغالبون ))
وأما في الإصطلاح الشرعي فهي تنفيذ القول على الغير والإشراف على شؤونهم أو هي القدرة على إنشاء العقـد نافذا غير موقوف على إجازة أحـد .
ويقصد بالغير هنا في "تنفيذ القول على الغير" أنه كل قاصر أو مجنون أو بالغ في ولايـة الإختيار والتي سيأتي بيانها في مكانها.
كما أن الولايـة شرعت في الأساس لحمايـة حقوق العاجزين عن التصرف في نفوسهم أو في أموالهم بسبب فقدان أهليتهم أو نقصها .
ومنهم من يعرف الولـي أنه ضد العدو ، وشرعا كل من يملك سلطـة شرعيـة تمكنه من التسرف في شؤون غيره ، رضـي أم لم يرض ، ومنه الولايـة وهي"حق تنفيذ القول على الغير"شاء أم أبى .
وتجدر الإشارة كما سيأتي بيانه في مقامـه أن الولايـة نوعان ولايـة قاصرة ، وولايـة متعديـة ، فالأولى هي القدرة أو قدرة العاقد على إنشاء العقد الخاص بنفسـه وتنفيذ أحكامـه .
وأما الولايـة المتعديـة فهي قدرة العاقد على إنشاء العقد الخاص بغيره ، وهذه الولايـة المتعديـة تنقسم بدورها إلى قسميـن : ولايـة عامـة ، وأخرى خاصـة ، فأما العامـة كولايـة السلطان والقاضـي ، وأما الخاصـة فتنقسم إلى قسميـن : ولايـة على المال وهي القدرة على إنشاء العقود الخاصـة بالأموال وتنفيذها ، وولايـة على النفس : وهي القدرة على إنشاء عقد الزواج نافذ دون إجازة من أحـد .
كما أن نجد أن الإمام محمد أبو زهرة ذهب إلى القول بأن المولود تثبت عليـه ثلاث ولايات فالأولى هي ولايـة التربيـة الأولى وهي الحضانـة ، وأن الثانيـة وهي ولايـة المحافظةعلى نفسـه وصيانته وهذه تثبت على الطفل بعد تجاوز سن الحضانبـة إلى بلوغـه غير مفسد ، كما تثبت على المجنون والمعتوه وعلى البكر من النساء والثيب إن كانت غير مأمونـة على نفسهـا والثالثـة هي الولايـة الماليـة.
البند الثاني : المفهوم القانوني
وبالرجوع إلى نص المادة 87 من قانون الأسرة نجدها لم تتكلم فيما تكون ولايـة الأب ، أما معنى هذا ، وإنما من المؤكد أنها تنطوي على السلطـة الأبويـة فهي لم تعرف الولايـة بل فقط منحتها للأب ومن بعد وفاته الأم ، وهذا راجع لأن المشرع الجزائري لم ينظم الولايـةعلى النفس ، إلا أننا نرجع في هذا الشأن إلى أحكام الشريعـة الإسلاميـة لاسيما أحكامها طالما أنه لايوجد نص ، وإستناذا لنص المادة 222 من ق . الأسرة التي تتيح لنا الرجوع إلى الشريعة الإسلاميـة إذا لم يوجد نص –



الفرع الثاني : شروط الولايــة
من خلال نص المادة 87 نجد أن الولايـة مرتبطـة بالأب فقط في حين تكون للأم بعد وفاته ، غير أنه لايجب أن نسثتني حالات أخرى كالوصي والقيم ، وهذه المفاهيم التي يجب أن تحدد نطاقها أو نقطـة إختلافها ومايميز الولي عن غيره من المفاهيم والتي سنتناولها في حينها .
البند الأول : ثبوت الولايـة للأب قانونا
أولا : شروط وواجبات الولـي
لقد نصت المادة 87 على أن"يكون الأب وليا على أولاده القصر " وهي مثل نظيرها في القانون المغربي والتونسي مما يرجح بأن المشرع الجزائري قد أخدهاالقانون التونسي.
ويقول الأستاذ بن ملحـة في هذا المقام بأن الولايـة بالمعني الواسع بأنها تتمثل وتتعلق بكل الإجراءات الخاصـة بحمايـة القاصر .
Au sens large , la tutelle concerne l'ensemble des mesures de protection du mineur .
إذن قلنا بأن ولاية الأب تدخل ضمن نوع الولاية المتعديـة ، والولايـة المتعدية هي أولا ولايـة الشخص على غيره ، ولاتكون إلا لمن تبثت لـه ولايـة على نفسه وذلك بتوافر شرطي البلوغ والعقل ، وتنقسم هذه الولايـة من حيث من تثبت لـه إلى : أصليـة ونيابيـة .
فالأصليـة : هي الولايـة التي تثبت إبتداء من غير أن تكون مستمدة من الغير كولايـة الأب والجد فإن ولايتهما تثبت إبتداء بسبب الأبوة وليست مستمدة من الغير ، وهنا نفرق الولاية النيابية والمستمدة من غير هؤلاءكولايـة القاضي (( فالقاضي هو ولي من لاولي لـه )) طبقا لنص المادة 11 في فقرتها الأخيرة (( ... يتولى زواج القصر أولياؤهم وهم الأب فأحد الأقارب الأولين والقاضي ولي من لاولي لـه )) وأما الوصي فولايته مستمدة من جعلـه وصيـا وقائمـا على شؤون القصـر .
فلقد تناول الفقهاء الولايـة على النفس تركيزا على ضرورته كركن في أمور الزواج وإشترطوا أن يكون وليا بعد أن يستمدها من الأبوة ،(( وهي السلطة الأبويـة )) أن يتوافر فيه شرط العقل والبلوغ ، لأن الولايـة تثبت لمن يقدر على تحقيق مصالح المتولي عليـه –وكل من الصغير والمجنون والمعتوه الذي ليس لـه من سلامـة التفكير مايمكنه من تولي أمور نفسـه لوحده ، وبالتالي فهو لايستطيع أن يتول أمر غيره .
ثانيا : واجباته : كما أن الولايـة التي تقوم على الأب على أولاده القصر هي مصدرها السلطة الأبويـة التي يمارسها على أولاده القصر التي بموجبها يقوم برعايـة وتربية ورقابـة أولاده .
والسلطـة الأبويـة لم يعرفها القانون إلا أنها ناتجـة عن علاقة الأبوة ، فيعرفها الدكتور الغوثي بأنها مجموعة الحقوق والواجبات التي يمنحها القانون أو ينيطها للأب أولا وللأم في حالـة غيابه على شخص وأموال إبنهم القاصر La puissance paternelle est définie comme l'ensemble des droits et des pouvoirs que la loi accord au père d'abord , et en son absence à la mère , sur la personne et sur les biens de leurs enfants mineurs)) وهو يتولاها بإعتباره رأس العائلـة أو رب العائلة والمشرف والقائم بأمورها الحياتيـة وشؤونها المختلفـة وهذه السلطة تتلخص في حمايـة الولد القاصر في كل مايمكن أن يسبب له ضررا في هذه الحياة بدايـة بممارستها على النفس ذاتها وإنتهاءا بتولي أموره الماديـة والحرص على تسيير شؤونه فيما يخصها .
ليس فقط هذا بل كذلك حق واجب الرقابـة Le devoir de garde بل على الوالدين وعلى الأب بصفته رب العائلـة توفير المسكن اللائـق أو مسكن لأولاده القصر أو المسكن العائلي الذي يوفر هذه الحمايـة والرعايـة ولكي يمارس على أحسن وجـه هذه التربية وهذه الرقابة.
فعلى الأب الحرص كل الحرص على حسن تنشأة أولاده وتربيتهم خلقا لأنه سيكون مسؤولا عن تصرفاتهم إن كانت ضاره بالغير(( المادتين 134 و 135 قبل إلغائها - )) وأنه يسأل بموةجب نصوص القانون العام إن هو ألحق أضرارا وإرتكب مخالفات للقانون وبسبب عدم الإهتمام الكافي بشؤونه لاسيما منها المعنويـة كالرعايـة والمراقبـة .
كما أنه يكون أيضا محل مساءلـة من قبل بموجب قانون العقوبات إذا هو أهمل هذا البيت العائلي الذي يمارس فيـه سلطته الأبويـة على أسرته وأولاده مثلما نصت عليه المادة 333 من قانون العقوبات بنصها الواردة في القسم الخاص المتعلق بترك الأسرة في فقرتيها الأولى والثالثـة (( يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنـة وبغرامـة من 500 إلى 5000 دج :
1- أحد الوالدين الذي يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز شهرين ويتخلى عن كافـة إلتزاماته الأدبيـة أوالماديـة المترتبـة على السلطـة الأبويـة أو الوصاية القانونيـة وذلك بغير سبب جدي ، ولاتنقطع مدة الشهرين إلا بالعودة إلى مقر الأسرة على وضع ينبئ عن الرغبـة في إستئناف الحياة العائليـة بصفـة نهائيـة .
3- لأحد الوالدين الذي يعرض صحة أولاده أو واحد أو أكثر منهم ، أو يعرض أمنهم أو خلقهم لخطر جسيم بأن يسيء معاملتهم أو يكون مثلا سيئا لهم للإعتياد على السكر وسوء السلوك ، وبأن يهمل رعايتهم أو لايقوم بالإشراف الضروري عليهم وذلك سواء كان قد قضى بإسقاط سلطته الأبويـة عليهم أو لم يقض بإسقاطهـا ))
فيجب أن يكون كذلك مثالا وقدورة حسنـة لهم وتجنب الفواحش وإتيان السلوك السيء وذلك حرصا على حسن تنشئتهم وحسن سلوكاتهم التي يسلكونها مستقبـلا ، وتجدر الإشارة بأن هذه الولايـة ليست دائمـة فهي مرتبطـة بظروف وأحوال قد تنتهي في أي لحظة أو مرتبطة
بشروط (( كما سبق الذكر )) فإذا مازالت زالت معها الولايـة ، فقد نصت المادة 91 من قانون الأسرة الجزائري (( تنتهي وظيفـة الولــي :
1- بعجزه ،
2- بموتـــه ،
3- بالحجر عليــه ،
4- بإسقاط الولايـة عنه .
ثالثا: إنتقال السلطـة الأبويـة للأم :
لقد نصت المادة 87 السالفة الذكر بأن الأم تحل محل الأب قانونا في الولايـة على أولادها
القصر لكن شرط أن يكون ذلك بعد وفاتــه.
والوفاة هي الشرط الأساسي لإنتقال الولايـة إلى الأم حسب نص المادة المذكور وهي في هذه النقطـة تشترك وتتماشى مع المادة 135 قبل إلغائها والتي تحمل الأم المسؤوليـة عن الأضرار التي يلحقها أولادها القصـر في حالـة وفاة الأب .
إذن هذه الحالـة تنتقل السلطـة الأبويـة بكل أبعادهـا وتوابعها من حسن القيام بشؤون الأولاد والسهر على تربيتهم ورعايتهم .
فهي عندما تتولـى التصرف في أموال القصر ومنابهم إذ يجب أن تحصل على إذن من القاضي(( والذي يكون رئيس المحكمـة للشخص محل الاقامة )) لاسيما في مجموعـة من التصرفات القانونيـة المهمـة والتي نص عليها القانون وتحرص على أموال أولادها القصر وتحسن تدبرها مثلها مثل الرجل .
ولقد نصت المادة 88 من قانون الأسرة على أن الولي يجب عليه أن يتصرف في أموال القصر تصرف الرجل الحريص ويكون مسؤولا قانونا ، فهو عليـه أن يستأذن القاضي في مجموعة من التصرفات وذلك لأهميتها ، وكذا حرصا على مصلحة أموال القاصر ، وهذه التصرفات هي :
1- بيع العقار وقسمته ورهنه وإجراء المصالحة ،
2- بيع المنقولات ذات الأهمية الخاصة.
3- إسثتمار القاصر بالإقتراض ، أو الإقتراض أو المساهمـة في شركة ،
4- إيجار عقار القاصر لمدة تزيد على ثلاث سنوات أو تمتد لأكثر من سنة بعد بلوغه سن الرشد .
حتى أن هذا الإذن لايمنحـه القاضي هكذا ، وإنما لإعتبارات مهمـة عليـه مردها إلى حالتي الضرورة والمصلحـة ، وكذا أن يتم بيع العقار بالمزاد العلني مثلما نصت عليـه المادة 89 من ق. الأسرة .
فإذا ماتعارضت مصالح الولـي سواء الأب أو من ينوب عنه أو الأم بعد وفاته مع مصالح القاصر فإن القاضي يعين متصرفا خاصا تلقائيـا أو بناء على طلب من لـه مصلحـة (( م 90 من ق .الأسرة )) .
هذا ومن جهـة أخرى فإن ولايـة الأم تكون على النفس كذلك ، إلا أن لها حدودا في زواج القاصر كون أن ولايـة النفس تشمل أولا على الولاية في الزواج كما تقتضيـه الشريعـة الإسلاميـة بل من باب الأعراف والتقاليد التي نشأ عليها مجتمعنا الإسلامي ، فهي يجب تكون بالغـة عاقلـة ومسلمـة .. إلا أنه في الزواج فإن غالبية الفقهاء يشترطون الذكورة في الولايـة في الزواج .
فنجد أن المالكية يشترط وأن يكون الولي في عقد الزواج ذكرا لأن الأنثى لا تلي أمر نفسها فكيف لها أن تتولى أمر غيرهـا .
وهو ماذهب إليـه مذهب الشافعيـة والحنابلـة ، غير أن الحنفيـة والجعفريـة لايشترطون في الولي أن يكون ذكرا فللمرأة أن تلي زواج الصغير والصغيرة ومن في حكمه عند عدم وجود الأولياء من الرجال .
ونجد أن القانون المقارن ولاسيما المدونـة المغربيـة للأحوال الشخصيـة التي تعتبر من أهم مصادر قانون الأسرة الجزائري بعد الشريعـة الإسلاميـة قد حدد أحكاما فيما يخص الولي في الباب الرابع المعنون تحت إسم (( النيابـة الشرعيـة )) فنص الفصل 147 على أن (( النيابة الشرعيـة عن القاصر إما ولايـة أو وصايـة أو تقديم )) وفي الفصل 148 على أن صاحب الولاية المعين في الشرع وهو الأب والقاضي يسمى وليا والذي عينه الأب أو وصيـه يسمى وصيـا ، والذي عينه القاضي يسمى مقدمـا ، أما الفصل 149 على أن (( للأب الولايـة على شخص القاصر وعلى أموالـة معا حتى تكتمل أهليته وهو ملزم بالقيام بها )) .
وأضاف في الباب الثالث الخاص بالولايـة في الزواج وفي الفصل الحادي عشر أن (( الولي عن الزواج هو الإبن ثم الأب ثم وصيـه ثم الأخ فإبن الأخ ، فالجد للأب فالأقربون بعده
الترتيب ويقدم الشقيق على غيره ، فالكافل ، فالقاضي ، فولايـة عامـة المسلميـن شرط أن يكون ذكرا عاقلا بالغا )) .
ونجد أن نظيره التونسي نص في مجلـة الأحوال الشخصيـة في الزواج في الكتاب الأول المعنون بالمراكنة في الفصل الثامن أن الولي هو العاصب بالنسب ، ويجب أن يكون عافلا ذكرا ، راشدا ، و القاصر ذكرا كان أو أنثى وليـه وجوبا أوبرا أو من ينيبـه ))
وجدير بالذكر أن كلا القانونين يختلفان عن القانون الجزائري ، فالقانون المغربي لم يمنح الولايـة للأم بعد وفاة الأب كما تبين من خلال النصوص السابقـة ، غير أن القانون التونسي يقارب القانون الجزائري في هذه المسألة أي في منح الولايـة للأم ، إذ إعتبر في الفصل 154 أن القاصر وليـه أبوه أوأمه إذا توفي أبوه أو فقد أهلتيه مع مراعاة أحكام الفصل الثامن من هذا المجلـة المتعلق بالزواج ولايعمـل بوصيـة الأب إلا بعد وفاة الأم أو فقدانها الأهلية .
وعند وفاة الأبوين أو فقدان أهليتهما ، ولم يكن للقاصر وصي وجب أن يقدم عليه الحاكم ، ويضيف الفصل 155 من هذه المجلـة (( أن للأب ثم للأم ثم للوصي الولايـة على القاصر أصالـة و لا تبطل إلا بإذن من الحكم لأسباب شرعيـة .
وتنتهي وظيفـة الولايـة بالنسبـة للأم مثلما تنتهي للأب بسقوط السلطـة الأبويـة عنها بعد إنتقالها إليها بعد وفاة الأب .
وتنتهي بالحالات كذلك المذكورة في المادة 89 من ق. الأسرة الجزائري وكذا فقدانها لأهليتها مثلما نصت عليه في الفصل 154 من مجلـة الأحوال الشخصيـة التونسيـة في عباراتها الأخيرة (( إلا بعد وفاة الأم أو فقدانها لأهليتها ))
ولقد صدرت قرارات مختلفـة من المحكمة العليـا في هذا الشأن منها القرار رقم 159493 الصادر بتاريخ 24/03/ 1998 والذي ورد فيه مايلي:
من المقرر قانونا أنه إذا تعارضت مصالح الولـي ومصالح القاصر يعين القاضي متصرفـا خاصا تلقائيـا، أو بناء على طلب من لـه مصلحـة .
ولما ثبت في قضيـة الحال أن قضاة الموضوع لما خفضوا التعويض الذي طالبت بـه الضحيـة الأم لجبر الضرر الذي أصابها من جراء قتل إبنتها دون أن يبينوا عناصر التعويض بصفة قانونيـة ولم يميزوا بين التعويض المعنوي والمادي يكونون قد خالفوا القانون ، كما أنه كان يتعين على المحكمـة إرجاء الفصل في الدعوى المدنيـة وصرف الطاعنـة أمام المحكمـة لإستصدار أمر تعببن متصرف لصالح الضحيتين القاصرتين ، بإعتبار أن مصالحهما متناقضـة مع مصالح الولـي الشرعي المتهم بقتل إبنته الأولى
ومحاولـة قتل إبنته الثانيـةوالمحكوم عليه بالسجن المؤبد وبإسقاط السلطة الأبويـة عنه وتحويلها للأم يكون قد عرضوا قرارهم للنقض.
وتأكيدا على هذا الأمر هنا صدر القرار رقم 187692 بتاريخ 23/12/1997 والذي جاء فيـه (( من المقرر قانونا أنه في حالـة وفاة الأب تحل الأم محلـه وفي حالـة تعارض مصالح الولي ومصالح القاصر يعين القاضي متصرفا خاصا تلقائيـا أو بناء على طلب من لـه مصلحـة ، ومن تم فإن القضاء بما يخالف ذلك يعد مخالفا للقانون ، ولما كان من الثابت أن قضاة المجلـس لما قضوا بمنح الولايـة لغير الأم بعد وفاة الأب دون إثبات التعارض بين مصالح القصر ومصالح الولـي فإنهم قد خالفوا القانون )) .
وجاء في قرار آخر صادر بتاريخ 17/05/1998 تحت رقم 167835 والذي وردت حيثياته على النحو التالي(( من المقرر قانونا يكون الأب وليا على أولاده القصر ، وبعد وفاته تحت الأم محلـه قانونا ، ولما كان من الثابت في قضيـة الحال أن القضاة لما قبلوا إستئناف أم المطعون ضدهمـا ، وهي لم تكن طرفا في الخصومـة كما أن المطعون ضده لازال قاصرا وأن أباه هو ولـي عنه حسب القانون ، ولم يتوف بعد لكي تنوب عنه الأم .
ومن تم فإن القضاء بقضائهم كما فعلوا قد خرقوا الأشكال الجوهريـة في الإجراءات والقانون مما يستوجـب نقض القرار.
البند الثاني : شرط قصر الأولاد لقيام الولايـة عليهم
إذا كانت السلطـة الأبويـة تفرض على الأب شمل أولاده القصر بالرعايـة والحمايـة وتوفير كل مايستطيع من أجل تنشئة أولاده على أحسن وأفضل الطرق والسلوكات ، فإن شرط قيام هذه الواجبات وأساس هذه الولايـة هو قصر الأولاد ، إذ تنص المادة 87 على أن (( يكون الأب وليا على أولاده القصر ..))
فالقاصر هو الذي لم يبلغ سن الرشد بعد أي تسعة عشر سنـة حسي القانون المدني الجزائري .
غير أن هذا القصر وهذا الشرط لايقتصر فقط على صغير السن بل يندرج ضمنه أيضـا حالات أخرى منها مايتعلق بالعاهات العقليـة وفقا لما تم شرحـه في الفصل الأول من هذا البحث.
وتأكيدا على هذا القول نجد أن المادة 81 تضيف (( من كان فاقدا الأهليـة أو ناقصهـا لصغر السن أو جنون أو عته أو سفـه ، ينوب عنه قانونا ولـي أو وصي أو مقدم طبقا لأحكام هذا القانون )) .
وأضاف قانون الأسرة كذلك حالـة الحجر أو المحجور عليـه والتي تكون بعد بلوغ القاصر سن الرشد فهنا يحجر عليـه بحكم القانون ووجبت عليـه الولاية أو الوصاية حسب الحالـة والظروف .
فلقد نصت المادة 101 من قانون الأسرة على أن(( من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيـه أو طرأت عليه إحدى الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليـه )) فإذا لم يكن لهذا المحجور عليه ولي أو وصي وجب علىالقاضي أن يعين في نفس الحكم الذي نطق بـه القاضي بالحجر يعد أن يستعين بأهل الخبرة في إثبات أسباب الحجر وبعد أن يقدم أحد أقاربـه أو ممن له مصلحـة أو من النيابـة العامـة طلبا بالحجر أي تعيين مقدم لرعايـة المحجور عليـه والقيام بشؤونه مع مراعاة أحكام المادة 100 من هذا القانون)) وهذه المادة الأخيرة تنص على أن المقدم يقوم مقام الوصي ويخضع لنفس الأحكام .
غير أنه في الحالـة العكسيـة أي عندما يبلغ الشخص سن الرشد ولم يحجر عليـه يعتبر كامل الأهليـة وفقا لأحكام المادة 40 من القانون المدنـي .
كما أنه من الملاحظ بالنسبـة لحالات العاهات العقليـة الجنون أو العته أو السفـه لم يرد بشأنها تعريفات ضمن قانون الأسرة .
وقد أكدت المادة 44 من القانون المدني على أن فاقدي الأهليـة أو ناقصوها يخضعون بحسب الأحوال لأحكام الولايـة أو الوصايـة أو القوامـة ضمن الشروط ووفقا للقواعد المقررة في هذا القانون .
وأضافت المادة 43 المعدلـة بموجب القانون 10-05 بنصها على (( كل من بلغ سن التمييز ، ولم يبلغ سن الرشد وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلـة يكون ناقص الأهليـة وفقا لما يقرره القانون )) .غير أنه إذا كان الشأن بالنسبـة لصغر السن واضح لحاجـة هذا القاصر للرعايـة والعنايـة والتوجيـه بل الحرص الشديد على ذلك ، فإن بقيـة الحالات لم يكن القانون واضح بشأنها أو بالأحرىلم ترد تعريفات أو توضيحات أكثر عنها لابمنظور قانون الأسرة ولابمنظور القانون المدني سوى نص المادة 42 المعدلـة والتي ربطت هذا الأمر بأهليـة الأداء أو مباشرة الحقوق المدنيـة لكونها تضمنت أنه لايكون أهلا لمباشرة حقوقـه المدنيـة من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون )) في حين أن الأمر يختلف بالنسبـة للقانون التونسي الذي أعطى توضيحات وتعريفات عن هذه الحالات ضمن التشريـع ، فقد نص على أن المجنون هو الشخص الذي فقد عقلـه سواء أكان مجنونا مطبقا يستغرق جميع أوقاته أو منقطعـا تعتريـه فترات يتوب عليه عقله فيهـا .
وأما ضعيف العقل فهو الشخص الغير كامل الوعي السيء التدبير الذي لايهتدي إلى التصرفات الرائجـة ويغبن في المبايعات ، وأن السفيـه هو الذي لايحسن التصرف في مالـه ويعمل فيـه بالتبذير والإسراف والحجر عليـه يتوقف على حكم من الحاكم ، وأكدت في الفصل 153 بأن الصغير يعتبر محجورا لصغره من لم يبلغ سن الرشد وهي عشرين سنـة كاملـة ، وهنا يختلف مع القانون الجزائري التي حددت سن الرشد المدني بتسعـة عشر سنـة كاملـة في نص المادة 40 من القانون المدني .
بعد أن عددت أسباب الحجر في الكتاب العاشر المعنون بالحجر والرشد أن أسباب الحجر: الصغير ، المجنون ، ضعف العقل ، والسفـه .
ولقد نص المشروع العربي الموحد للأحوال الشخصيـة في الفصل الرابع الخاص بعوارض الأهليـة في المادة 161أن عوارض الأهليـة : وهي الجنون ، العتـه الغقلـة ، والسفـه
أ-المجنون : فاقد العقل بصورة مطبقـة أو متقطعـة .
ب - قليل الفهم ، مختلط الكلام ، فاسد التدبيـر .
ج-ذو الغفلـة : من يغبن في معاملاته الماليـة لسهولـة خدعـه .
ح-السفيـه : مبذر مالـه فيما لافائـذه فيـه .
كما أضاف في الفقرة ب من المادة 162 أنه (( تطبق على تصرفات المعتوه والسفيـه وذي الغفلـة الصادرة بعد الحجر عليهم ، الأحكام المتعلقـة بتصرفات الصغير المميز )).
المطلب الثاني : أنوع الولايـة وأقسامهـا
لقد نص قانون الأسرة إبتداء من نص المادة 87 على الولايـة ،لكننا نفهم من خلال نص المادة 87 أن المقصود هنا الولايـة بكل أبعادهـا في حين تنص المادة 98 على أن "تصرف الولي في أموال القصر تصرف الرجل الحريـص" أي أنه لم ينظم إلا الولاية على المال .
غير أن في هذا الشأن يختلف إذا ماقارناه بمشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصيـة والذي نجد أنه أورد في الباب الثاني الولايـة وفي الفصل الأول أحكام عامـة وقسم الولايـة إلى ولايـة على النفس وولاية على المال ضمن المادة 164 ، إذ إعتبر أن الولايـة على النفس هي العناية بكل مالـه علاقـة بشخص القاصر ، وولايـة على المال وهي العناية بكل مالـه علاقـة بمال القاصر ، ثم حددتها بأنها تكون هذه الولاية على النفس للأب ثم للعاصب بنفسـه على ترتيب الإرث ، وبين بأن الولايـة على المال تكون للأب وحده ، وذكر شروط الولي بأن يكون بالغا ، عاقلا ، أمينا ، قادرا على القيام بمقتضيات الولايـة .
إذن الولايـة تنقسم إلى ولايـة على النفس وولاية على المال وهو ماسيأتي بيانه كالأتي :
الفرع الأول : الولاية على النفس
إن الولايـة على النفس تندرج ضمن الولاية الخاصـة والتي تندرج بدورها ضمن الولايـة المتعديـة ، والولايـة على النفس ولاسيما في الزواج بإعتبارها كما يعرفها الفقهاء بأنها قدرة العاقد على إنشاء العقد الخاص بنفسه وتنفيذ أحكامه ، ومادامت كذلك كذلك فإنها -لاسيما في جانب الزواج- القدرة على إنشاء عقد الزواج نافذا دون إجازة من أحـد ، وهي ولايـة كذلك الحضانـة وولايـة الرعايـة .
ولقد شرعت الولايـة في الإسلام من أجل المحافظـة على حقوق القصر وكذلك العاجزين عن التصرف لسبب من أسباب فقد الأهليـة أو نقصها ومن أجل رعايـة مصالحهم من الضياع .
كما أن الإسلام يعتبر المجتمع وحدة متماسكـة ، ومن عجز عن رعايـة مصلحته أقام له الشارع من يتولى أمره ويحقق له النفع ويدفع عنه الضرر .
والولايـة في الزواج تنقسم إلى قسمين وهي ولايـة إجبار وولايـة إختيار أو ولاية الشركة ، كما يعتبرها بعض الفقهاء .
البند الأول : ولايـة إجبار
تنص المادة 9 مكرر من قانون الأسرة المعدلـة بموجب الأمر 05-02 على أنه يجب أن يتوافر في عقد الزواج الشروط الأتيـة :
-أهليـة الزواج .
- الصداق .
- الولـي .
- شاهـدان .
- إنعدام الموانـع الشرعيـة .
من خلال هذه المادة نستنتج أن الولي شرط في عقد الزواج لاسيما في ظل وجوده- أي في الحالات العاديـة -.
وليس هذا فقط ، بل أضافت المادة 33/2 من نفسى القانون المعدلـة مايلي " إذا تم عقد الزواج بدون شاهدين أو صداق أو ولي في حالـة وجوده ، يفسخ العقد قبل الدحول ولاصداق فيه ، ويثبت بعد الدخول بصداق المثـل "
كما أن للولايـة مدلولها الشرعي ومصدرها من القرآن الكريم كون الفقهاء يستدلون بقولـه تعالـى " فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لايستطيع أن يمل فليملل وليـه بالعدل "
وأن الزواج لايكون إلا بإذن إستناذا إلى حديث الإمام البيهقي وكذلك ماوري عن عائشة عن النبي صلى اللـه عليه وسلم أنه قال " أيما إمرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحهـا باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإذا دخل بها فلها المهر بما إستحل من فرجها ، فإن إشتجروا ، فالسلطان ولي من لاولي لـه "
وكذلك مارواه أبو هريرة عن النبي صلى اللـه عليه وسلم أنه قال " لاتزوج المرأة نفسها ، فإن الزانيـة هي التي تزوج نفسهـا "
أولا: الأشخاص الذين تثبت عليهم ولايـة الإجبـار
وولايـة الإجبار تثبت لاسيما عند الحنفيـة على القاصرين ، فهي تثبت على فاقد الأهلية ، وهو المجنون والمعتوه والصبي غير المميز ، والمجنونـة والمعتوهة والصبية غير المميزة ، كما تثبت على ناقص الأهليـة وهو الصبي المميز .
فالولاية في الزواج تثبت على القاصر أكثر من غيرها ، كون هذا الزوج يتطلب درايـة وحبرة بأموره ، وكذا بأحوال الرجال ، ومعرفـة من تصلح معه الحياة الزوجيـة من غيره ، وخاصة وأن المرأة بصفة تنخذع بالمظاهر وتحكمها العاطفة أكثر من العقل ، فلهذا نجد الحكمة من جعلها بيد الرجال لأن وليها أحرص شخص على مصلحتها وسعادتها وحسن إختيار الزوج المناسب ، لها ولاسيما من حيث الأخلاق كونه أدرى بشؤون الرجال منها .
فالزواج لـه مقاصد وأهداف شرعيـة ومقدسـة لايمكن لكل من هب ودب القدرة على الحرص عليها والقيام بها على أكمل وجه ولايخضع للأهواء المتضاربـة بين صغر الفتاة وطيش الرجـال .
إلا أن الفقهاء إختلفوا في علـة هذه الولايـة فهي البكارة والتي تثبت الولايـة بشأنها حتى بلوغ الفتاة ، ويرجعون ذلك إلى أن البكر لاتعرف مصالح النكاح ولاتدرك التفاوت بين الرجال
وبالرجوع إلى قانون الأسرة الجزائري لاسيما المادة 7 نجدها تنص أنه " تكتمل أهلية الرجل والمرأة في الزواج بتمام 19 سنـة ، وللقاضي أن يرخص بالزواج قبل ذلك لمصلحـة أو ضرورة متى تأكدت قدرة الطرفين على الزواج "
وفي نفس السياق نصت المادة 11/2 على أنه " دون الإخلال بأحكام المادة 7 من هذا القانون ، يتولى زواج القصر أولياؤهم وهو الأب فأحد الأقارب الأوليـن والقاضي ولـي من لاولي لـه " وإذا لم يكن الأب على قيد الحياة بلجأ إلى القاضي – رئيس المحكمة – من أجل الحصول على أمر بتعيين ولي من أجل إتمام الزواج .
ثانيا : الأشخاص الذين تثبت لهم ولايـة الإجبار :
فهي تثبت للأب أولا وهي تعتبر ولايـة كاملـة ، وقد قال الفقهاء بثبوتها للأب فمنهم من إقتصرها على الأب فقط مثل الإمامين مالك وأحمد ، كونه يقع عليه – الأب – الإجماع على تزويجـه لإبنته الصغيرة ، لأنه أحرص شخص على مصلحـة إبنته عن بقيـة أولياء النفس ، ويضيفون بأنه يقوم مقامـه الوكيل في الزواج قيد حياته ، وأما بعد الوفاة فوصيه بالتزويج ، غير أن الوصي أو الإيصاء في الزواج لايرى أغلب الفقهاء لأن الولايـة تكون للعصيات ، من بعد الأب إستناذا إلى ماروي عن علي – رضي اللـه عنه – " الإنكاح للعصبات "
وقد نص الفصل الحادي عشر من الباب الثالث الخاص بالولايـة في الزواج من المدونـة المغربيـة للأحوال الشخصيـة أن الولـي في الزواج هو الإبن ثم الأب ثم وصيـه ثم الأخ ، فالجد للأب فالأقربون بعد الترتيب ، ويقدم الشقسق على غيره ، فالكافل ، فالقاضي فولايـة عامـة المسلميـن ، يشترط فيـه أن يكون ذكرا عاقـلا بالغـا .
وترتيبهم عند المالكيـة كالأتي :
أولا : العصبـة ، ثانيـا : المولى الأعلى ، ثالثا : الكافل القائم بشؤون الصغيرة بعد فقدان أهلها ، رابعا : الحاكم ( القاضي لدينا الآن ) ، خامسا : الولـي بولايـة الإسلام العامـة .
والعصبـة بالنفس تنحصر في أربعة جهات وهي : البنوة ، الأبوة ، الأخوة ، والعمومـة
أ – البنوة وتشمل الإبن وإبن الإبن وإن نزل
ب – الأبوة وتشمل الأب والجد الصحيح وهو أب الأب وإن علا
جـ- الأخوة : وتشمل الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم إبن الأخ الشقيق ثم إبن الأخ لأب وإن نزل كل منهما.
د- العمومـة : وتشمل العم الشقيق ثم العم لأب ، ثم إبن العم الشقيق ثم إبن العم لأب وإن نزل كل منهما .
فإن وجد أحد هؤلاء تثبت له الولايـة وإن وجد إثنان أو أكثر من هؤلاء قدم صاحب الجهة القريبـة ، فتقدم جهة البنوة ثم الأبوة ثم الأخوة ثم العمومـة .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري أولى الأم بعد وفاة الأب مباشرة دون أخذه بالترتيب السابق الذكر للأولياء على النفس .
ومثلما جاء بـه نص المادة 135 –قبل إلغائها – عمل به في قانون الأسرة من خلال نص المادة 87 لتولي الولايـة بعد وفاة الأب طبعـا ،وفيما يخص نص المادة 87 وكذا المادتين 134 و135 وتحديدا في مسألـة تحمل الأم تبعـة أعمال الأولاد القصر الضارة بالغير، وإن كنا نعتقد بأن الغايـة من التعديل الذي وضع للمادة 87 يدخل في إطار تخصص كل قانون بما أنيط لـه ، فالقانون المدني يضع القاعدة العامـة لمسؤوليـة متولي الرقابـة ، بينما ينفرد قانون الأسرة – ضمن مجالـه بإعتباره قانونا ينظم حالـة الشخص وأهليته – بتحديد مراتب الولايـة وأوضاعها المختلفـة فالنصان يكملان بعضهمـا .
البند الثاني : ولايــة الإجبــار
سبق وأن ذكرنا بأن الفقهاء يقسمون الولايـة على النفس ، ولاسيما ولايـة الزواج إلى ولايـة إجبار وولايـة إختيار أو ولايـة شركة ، أو ولايـة إستحباب كما يسميها أبو حنيفـة ، وتنص المادة 11/1 من قانون الأسرة على أنه " تعقد المرأة الراشدة زواجهـا بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص تختاره "
بل أكثر من ذلك فقد أصبح لايحق للولـي أن يجبر إبنته القاصرة بموجب التعديل الأخير على الزواج عملا بنص المادة 13 " لايجوز للولي أبا كان أو غيره أن يجبر القاصرة التي هي في ولايته على الزواج ، ولايجوز لـه أن يزوجهـا بدون موافقتها "
والحكمة من ذلك أن أساس الزواج الرحمـة والمودة فلا يحق لـه أن يجبرها على العيش والزواج بمن لاترغب فيـه .
ويقول الفقهاء بأنه من تثبت عليهن ولايـة الإختيار :
1- الثيب البالغة : إذا أزيلت بكرتها بنكاح صحيح أو فاسد ، ودرئ عنها الحد.
2- البكر البالغـة التي رشدهـا أبوهـا .
3- البكر البالغـة التي أقامت في بيت الزوجيـة سنـة من حين مباشرة الزوج لهـا ، وأنكرت الوطء بعد فراقهـا منه وافقها الزوج أم لا ، فإن تأكد عدم الوصول إليها ، فلا ترتفع عليها ولايـة الإجبار منه .
4- الصغيرة اليتيمـة التي يخاف عليها الفساد عند تزويجهـا وبلوغ سن النكاح.
وإشتراط كل الأركان اللازمـة لقيام عقد الزواج كرضاها بالزوج وأن يكون كفئـا لها في الدين السلامـة من العيوب .
بالنسبـة للمرأة البالغـة الراشدة :
وهنا كذلك إختلف الفقهاء فمهما كانت درجـة الرشد ، فقد إختلف الفقهاء فيها ، فمنهم من يقولون بأنه ينفرد الولي بزواجهـا وليس لها أن تتولى زواجها ولا زواج غيرها ، فوليها سلطان عليها لاينفرد دونها بالزواج ، ولاتنفرد بـه بل يشتركان ، ويتولى هو الصيغـة لأنهم يرون أن النساء لايتولين إنشاء عقد الزواج ، وإن كان رضاهن ضروري .
ومنهم من ذهب إلى إعتبار البالغة الراشدة تملك ببلوغها ورشدهـا جميع التصرفات من العقود وغيرها حتى الزواج ، بكرا كانت أم ثيبـا ، فيصح لهـا أن تعقد لنفسها ولغيرها مباشرة وتوكيلا إيجابا أو قبولا ، سواء كان لها أب أو جد أو غيرها من العصبات أو لم يكن ، وسواء رضي الأب أو كره .
الفرع الثاني :الولاية على المــال
لقد نصت المادة 88/1 من قانون الأسرة على أنه " الولي يتصرف في أموال القاصر تصرف الرجل الحريص ويكون مسؤولا طبقا لمقتضيات القانون العام "
والولايـة على المال عرفها الفقهاء ومنهم الدكتور أحمد الغندور بأنها سلطـة التصرف في المال سواء أكانت قاصرة أم متعديـة .
كما أنها تكون فقط في المسائل المالية الخاصـة بأموال المولى عليه وتجعل لمن تثبت لـه القدرة على إنشاء العقود والتصرفات المتعلقـة بأموال نافذة كولايـة الوصي على الموصى عليه
ووذهب الفقهاء إلى أن الولايـة تثبت على المحجور عليهم وتتبع في ثبوتها نوع الحجر ، فهذا الحجر مرده قصور طبيعي كالصغر أو العته أو الجنون ، إلا أنهم إحتلفوا في الشخص الذي ثتبت لـه ، فنجد الأحناف يثبتونها للأب ثم لوصيـه ثم للجد ثم لوصيـه ثم للقاضي بعد ذلك ، وأما عند المذهب الشافعي فهي ولايـة على الصغير وتثبت للأب ثم الجد الصحيح ثم لوصي الأب ثم لوصي الجد لأن منزلـة الجد عنده عند عدم وجود الأب بمنزلـة الأب لتوفر شفقته .
وأما المذهب المالكي والحنبلي فيريان أنه ليس للجد ولايـة على القاصر إلا إذا عينه القاضي ، فيكون وصيـا من قبلـه ، لذلك فالولايـة عندهما تثبت للأب ثم لوصيـه ثم للقاضي ووصيـه ، والجد لاينزل منزلـة الأب لافي ولايـة التزويج ولافي ولاية المال .
ولقد ذهب الفقـه إلى ثبوت الولايـة على المحجور عليهم فيما يخص التصرف في أموالهم غير أن الحجر يكون بعد بلوغ القاصر سن الرشد المدني المحدد بـ 19 سنة كاملة مثلما نصت عليه المادة 101 من قانون الأسرة بنصها على أنه " من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيه ، أو طرأت عليه إحدى الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليـه "
وعليه سنتناول الولايـة على المال بسبب القصر ، والولايـة على بسبب الحجر.
البند الأول : الولايـة على المال بسبب القصر
القاصر هو الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني ولقد نصت المادة 79 من القانون المدني على مايلي :" تسري على القصر والمحجور عليهم وغيرهم من عديمي الأهلية المنصوص عليهم في مدونـة الأحوال الشخصيـة " ومن هذا المنظور فإن هذه الفئـة من الأشخاص يحتاجون أو يخضعون لنظام حمايـة معين نظمـه قانون الأسرة من خلال الولايـة أو الوصايـة أو القوامـة كونهم إما ناقصي أهليـة لصغر في السن أو عديمي الأهلية لعوارض مثل الجنون والعتـه والذين يحجر عليهم إذا ماتوافرت أسباب الحجر غير أن السؤال الذي يطرح نفسـه هو مامعنى الأهليـة ؟
فالأهلية هي صلاحية الشخص لكسب الحقوق أو تحمل الإلتزامات وهي أهليـة الوجوب أو صلاحيـة الشخص للتعبير عن إرادته ، وإبرام التصرفات القانونيـة وهي أهليـة الأداء .
لهذا فإن القصر تجب عليهم الولاية الماليـة لاسيما وأنهم لايتمتعون بأهلية الأداء في معظم الحالات من حيث القاصر غير المميز مثلما تنص عليه المادة 42/2 بإعتبارها غير المميز القاصر الذي لم يبلغ سن الثالثة عشر ، وبالتالي فلا يكون أهلا لمباشرة حقوقـه المدنيـة .
وأما نص المادة 88 فقد ألقت على عاتق الولـي واجب التصرف في أموال القصر بمسؤوليـة وحرص ، وفرضت عليـه ضرورة حصول إذن من رئيس المحكمـة في التصرفات التي يقوم بهـا كإستئذانه في :
1- بيع عقار القاصر وقسمته ، ورهنـه وإجراء المصالحـة .
2- بيع المنقولات ذات الأهميـة الخاصـة .
3- إسثتمار أموال القاصر بالإقراض أو الإقتراض أو المساهمة في شركة أو إيجار عقار
القاصر لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، أو تمتد لأكثر من سنة بعد بلوغه سن الرشد. كما أنه يجب أن لاتتعارض مصالح الولي مع مصالح القاصر وإلا عين القاضي متصرفا خاصا تلقائيـا أو بناء على طلب من لـه مصلحـة .
كما أنه بالإضافـة إلى هذا فإن القاصر الناقص التمييز بين سن 13و 19 سنـة يمكنه أن يقوم بتصرفات لكن يتشرط فيها القانون أن تكون نافعـة لـه نفعا محضا ، وفي هذا الشأن تنص المادة 83من قانون الأسرة " من بلغ سن التمييز ملم يبلغ سن الرشد طبقا للمادة 43 من القانون المدني تكون تصرفاته نافذة إذا كانت نافعة لـه ، وباطلـة إذا كانت ضارة لـه ، وتتوقف على إجازة الولـي أو الوصي فيما إذا كانت مترددة بين النفع والضرر ، وفي حالـة النزاع يرفع الأمر إلى القضاء "
البند الثاني : الولايـة الماليـة للمحجور عليهم
الحجر في الشرع هو المنع من التصرف القولي لاالفعلـي لأن الأفعال لامرد لها .
ولقد إختلف الفقهاء في تعداد أسباب الحجر فذهب أبو حنيفـة على جعل أسبابـه ثلاثـة مالها رابع وهي الجنون والعته والصبا والرق .
وهو ماذهب إليه الشافعي ، وذلك بأن يحجر على على :
1- السفيـه المفسد للمال بالصرف في الوجوه الباطلـة .
2- المبذر الذي يسرف في النفقـة .
3- ومن يغبن في التجارة .
4- وفيمن يمتنع عن قضاء الدين مع القدرة عليه إذا ظهر مطله عند القاضي ، وطلب الغرماء من القاضي أن يبيع عليه ويقضى دينـه.
5- فيمن ركبته الديون .
6- ومن لـه مال فخاف الغرماء ضياع أمواله بالتجارة ، فرفعوا الأمر إلى القاضي وطلبوا منه أن يحجر عليه .
وأما الحجر عند المذهب المالكي فيكونون ستـة وهم : الصغير والسفيـه والعبد والمفلس والمريض والمجنون وزاد عليـه إبن جزي المجنون .
وهذا الحجر يعيب الحالة العقليـة ، ولقد نص عليه القانون وويكون بحكم قضائـي ، فلقد نصت المادة 101 من قانون الأسرة على أنه " من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيه أو طرأت عليه إحدى الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليـه "
كما أن هذا الحجر يجب أن يكون بحكم القاضي الذي يمكنـه الإستعانـة بأهل الخبرة في إثبات أسباب الحجر .
لأن تصرفات المجنون والمعتوه والسفيه غير نافذة إذا صدرت منهم وهم تحت تأثير هذه الحالة.
كما سبق وأن قلنا بأن محل هذه العوارض التي تعتري عقل الشخص هي التي تجعله بحاجـة إلى ولـي أو وصي أو مقدم ينوب عنه قانونا حسب الحالـة ومدى الحاجـة .
وليس هذا فقط بل أن هناك أدلـة شرعيـة توجب الحجر لقوله تعالـى " فإن كان الذي عليـه الحق سفيها أو ضعيفا أولا يستطيع أن يمل فليملل وليه بالعدل " ومن هنا نرى أن الولايـة تثبت على هؤلاء الأشخاص بسبب نقص الفطنـة كالسفيـه أو ضعف العقل كالمعتوه .وتمنعهم هذه العوارض من التصرف في الأموال لقولـه عز وجل " ولاتؤتوا السفهاء أموالكم التي جعلكم اللـه لكم قياما ، وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا "
ومثل هؤلاء الأشخاص إذا ماأصيبوا بمثل هذه العاهات قبل بلوغ سن الرشد فلا حاجـة لهم للحجر لأنهم دائما يخضعون لنظام الولايـة أو الوصايـة أو التقويـم .
أو أن يبلغ هؤلاء الأشخاص سن الرشد مع وجود مثل هذه الآفات التي أصابتهم في عقلهم ، فهنا يكون الحجر بحكم قضائـي ، لأن القاضي سوف يعين وليا للشخص أو وصيا لتوليه لهذا الشخص قصد القيام بشؤونـه بعد إنتهاء القيام بشؤونـه بعد إنتهاء مرحلـة القصر ، وإن لم يوجدوا عمل عى تعيين مقدم له.
فمهام الولي أو الوصي أو المقدم تتمثل في رعايـة المحجور عليه والقيام بشؤونه ، وهي نفس المهام المحددة في نص المادة 88 من قانون الأسرة والمتمثلـة في التصرف في أموال المحجور عليه تصرف الرجل الحريص ويكون مسؤولا عن ذلك .
هذا من حيث أسباب الحجر أما فيما يخص هذه الحالات التي تعتري الشخص وتجعلـه خاضع لنظام الولايـة أو الحجر بعد الرشد ، فإعتبر الجنون ثلاثـة أقسام : المطلق أو المتقطع أو الجزئي ، فالمطلق هو الذي لايعقل صاحبـه شيء وهو الجنون الكلي المستمر ، ويستوي أن يكون عارضا للإنسان أو مصاحبا لـه وقت ولادته ، وأما الجنون المتقطع فهو الذي لايعقل معه صاحبـة شيئا ، ولكن جنونه غير مستمر ، وهو يصيب الشخص تارة ، ويرتفع تارة أخرى ، فإذا أصابـه فقد عقلـه تماما ، وإذا إرتفع عنه عاد إليـه عقلـه ، فهو كالجنون الكلي إذا أصاب صاحبـه يزيل مسؤوليـة لكنه إذا إرتفع وعاد لصاحبـه إدراكه صار مسؤولا جنائيـا عما إرتكبـه من جرائم حال إفاقته ويسأل مدنيـا وتعوض الضحيـة تبعـا لذلك .
وأما الجنون الجزئـي فهو فقدان الإدراك في ناحيـة أو نواح عدة من تفكير المجنون مع بقائـه متمتعا بالإدراك في غيرها من النواحي ، بمعنى أن الشخص قد يكون سليم القوى من ناحيـة ما إلا أن تمتلكه مثلا فكرة خاطئة أو إعتقاد باطل ، فيترتب عليه نتائج عديدة ، وذلك كمن يعتقد أن له حقا في العرش أو رئاسـة الجمهوريـة أو عدو خفي يطارده ، ويصحب هذا النوع هذيان شديد يتوهم صاحبه سماع أصوات خفيـه وهذا التفكير المختل يؤدي إلى إرتكاب الجرائم .
أما العته فقد عرفه الفقهاء على أنه قبيل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير ، سواء أكان ذلك خلقـة أو من مرض طارئ وهو أقل درجـة من الجنون .
وأما السفـه فهو إفساد المال بالصرف في الوجوه الباطلـة ، قهو أي السفيـه كامل العقل لكنه سيء التدبير في أموره المالية في غير وجهها المشروع .
وفي هذه الحالات يحرص الولي على مصلحـة هذه الفئـة من القصر بالرعايـة والعنايـة أو إدارة وتسيير أموال القصر إن كانت لهم أموال فللوالديـن حق الإنتفاع والإدارة القانونيـة أي بمعنى التصرف فيها ، فالأول يمنح للوالدين حق الإنتفاع بأموال أولادهم القصر من دون محاسبـة إلى حين بلوغ سن الرشد ، كما يمكنهما حسب الحالـة أي الأب والأم بصفتهما وليين للقاصر أن يتصرفا في أمواله والسهر على حسن إسثتمارهـا .
وهنا تطبق أحكام المادة 845 من القانون المدني فيما يتعلق بحق الإنتفاع في أموال القاصر في مقابل الإنفاق عليه لأن المادة 75 من قانون الأسرة أو جبت على الأب نفقة الولد مالم يكن له مال .
وعندما يرتكب القاصر فعلا مضرا بالغير ويحمله القضاء تعويض وجبر الضرر فإن الولي يعتبر مسؤوله المدني ونائبـه القانوني أمام القضاء ويمثلـه إجرائيـا عبر مراحل القضاء ويتحمل المسؤوليـة عنه بجبر الضرر ولكن يدفع قيمة التعويض مثلما يكون في قضاء الأحداث من ماله إذا كان لهذا القاصر مال .
نفس الشيء يسري على الأم إذا ماكانت هي الوليـة إستناذا إلى نص المادة 87 من قانون الأسرة .


المطلب الثالث : تمييز الولي عن غيره من الأنظمة والمفاهيم
الأب هو الولي الشرعي عن أولاده القصـر ويستمد هذه الولايـة إنطلاقا من السلطة الأبويـة التي يمنحها إياه القانون ، والأب يجب أن تكون لـه الصفـة الشرعيـة أي أنه هو من ينجب الولد من صلبـه ، وكان سببا في وجوده في هذه الحياة لهذا فهو يختلف عن غيره من الأنظمـة القانونيـة المشابهة له إن صح التعبير أو المفاهيم الأخرى التي تقابلـه كالكفيل أو الوصي أو القيم .
الفرع الأول : الكفيــل :
لقد عرفت المادة 116 من قانون الأسرة " الكفالـة بأنها إلتزام على وجه التبرع بالقيام بولد قاصر من نفقـة وتربيـة ورعايـة قيام الأب بإبنه وتمم بعقـد شرعـي "
كما أن هذه الكفالـة تخول للكافل الولاية القانونيـة ، وجميع المنح العائليـة والدراسية التي يتمتع بها الولد الأصلي "
وتبعا لذلك فإن هذه الكفالـة تعطي للكافل جميع السلطات التي يتمتع بها الأبوان الأصليان للولد المكفول ، فهو في مرتبـة والده أو أبيه وبالتالي تكون لـه الولايـة على النفس والمال على حد السواء .
فتكون لـه ولايـة النفس على القاصر المكفول والمتمثلـة في الحفظ والتربيـة وولايـة الزواج -كما سبقت الإشارة إليه- فهو يخص الولد الصغير ويتكفل بـه ويرعاه ويسهر على تلبية حاجياته والقيام عليها ، وهذه المرحلـة كما يرى الفقهاء أنها تبدأ بتجاوز هذا الصغير سن الحضانة التي ترتبط بحاجـة الولد إلى المساعدة في الأكل والشرب والغسل .. وتنتهي ببلوغـه حد يستقل فيه عن خدمـة الأخريـن بأن يأكل وحده ويلبس، وقدرها الفقهاء بسن 7 سنوات فهويقوم بالحرص على تنشئته تنشئة صحيحـة وتربيته ، والمحافظة عليه حتى البلوغ ، وتولي زواج هذا القاصر إذا ماتزوج خلال هذه المرحلـة .
فيشترط في الكافل أن يكون أهلا للقيام بشؤون وأمور الولد القاصر المكفول فإشترط فيه القانون أن يكون مسلما عاقلا أهلا للقيام بشؤون المكفول وقادرا على رعايته .
وكذلك تثبت لـه ولاية المال على هذا القاصر ، وفي الأمور التي تعود على الطفل أو القاصر بالنفع أو القيام بالتصرفات التي تنفعه نفعا محضـا ويدير أمواله المكتسبة من الإرث والوصيـةأو الهبـة لصالح الولد المكفول .
وهذا الكافل يستمد قوته من حكم القاضي كونها عقد يتم أمام الموثـق أو بترخيص من القاضي ،وبالتالي فهو يسأل عن جميع تصرفاته إتجاه المكفول طبقا للقانون .
ورغم أنه يجوز التنازل عن الكفالـة أو التخلـي عنها إلا أن القانون إشترط في المادة 124 أنه " إذا طلب الأبوان أو أحدهمـا عودة الولد المكفول إلى ولايتهما يخبر الولد في الإلتحاق بهما ، إذا بلغ سن التمييز ، وإن لم يكن مميزا لايسلم إلا بإذن من القاضي مع مراعاة مصلحة المكفول وهذا بالنسبـة للولد المكفول المعلوم النسب .
ونشير إلى أن المرسوم رقم 92 – 24 المؤرخ في 8 رجب 1412 الموافق بـ 13 يناير 1992 المعدل والمتمم للمرسوم 71-157 المتعلق بتغيير اللقب فإنه نص في فقرته الثانيـة من مادته الأولى على إمكانيـة أن يتقدم الشخص الذي كفل قانونا في إطار الكفالـة ولدا قاصرا مجهول النسب من الأب أن يتقدم بطلب تغيير اللقب بإسم هذا الولد ولفائدته ، وذلك قصد مطابقـة لقب الولد المكفول بلقب الوصي ، وعندما تكون أم الولد القاصر معلومـة وعلى قيد الحياة فينبغي أن ترفق موافقتها المقدمـة في شكل عقد شرعي بالطلب .
أما إذا كان مجهول النسب وحصل التنازل عن الكفالـة أو توفي الكافل إنتقلت إلى الورثـة حسب نص النادة 125إذ ماإلتزموا بهاوإلا فعلى القاضي أن يسنذ أمر القاصر إلى الجهة المختصـة بالرعايـة كمؤسسـة تقوم على رعايـة مثل هذه الفئـة .
وتجدر الملاحظة بأن الكفيل يسأل مثلـه مثل الولي إذا ماقصر في رقابـة الولد القاصر وإرتكب هذا الأخير ضررا بالغير إستناذا إلى القاعدة العامـة المنصوص عليها في المادة 134 من القانون المدني ، وفي هذا الشأن يقول الدكتور حسنين " بوضع المادة 134 يكون المشرع قد تفادى ماوجـه إلى القانون الفرنسي من نقد ، وهو أن المادة 1384 مدني فرنسي حصرت مسؤوليـة المكلفين بالرقابـة في حالات ثلاث لايمكن التوسع في تفسيرها بطريق القياس عليها ، ففي القانون الفرنسي لايسأل الوصي أو القيم أو الزوج عمن تحت رقابتهم إلا المسؤولية عن فعلهم الشخصي الواجب إثباته لأنهم لايدخلون تحت ماورد في المادة 1384 ، ولكن في القانون الجزائري يسألون عمن تحت رقابتهم طبقا للقاعدة المنصوص عليها في المادة 134 التي أحاطت بكل من يتولى الرقابـة على آخر فثمـة خطأ مفترض أو قرينة قانونية على خطأ المكلف بالرقابـة "
فالكافل يعتبر من خلال هذا مسؤولا مدنيـا عن القاصر بمنظور القانون المدني ، ويقوم بما يجب على الولـي في هذه السلطـة كذلك .
الفرع الثاني : الوصــي :
الوصـي ينظمـه قانون الأسرة في الفصل الثالث من الكتاب الثاني المتعلق بالنيابـة الشرعيـة وبذلك نصت المادة 92 على أنه " يجوز للأب أو الجد تعيين وصي للولد القاصر إذا لم تكن لـه أم تتولى أموره أو تثبت عدم أهليتها لذلك بالطرق القانونيـة وإذا تعدد الأوصياء ، فللقاضي إختيار الأصلح منهم مع مراعاة أحكام المادة 86 من هذا القانون "
وإشترطت المادة 93 أن يكون مسلما عاقـلابالغا قادرا ، أمينـا ، حسن التصرف ، وللقاضي عزلـه إذا لم تتوافر فيه الشروط المذكورة .
وهو في هذه المسألة يشترك مع الولـي والكافل فيما يخص مجموعـة الشروط الواجب توافرها فيـه ، كما أن لـه نفس سلطـة الولي في التصرف وفقا لأحكام المادة 88 ، 89 ، 90 وهذه المادة الأخيرة تنص على أنه إذا ماتعارضت مصالح الولي مع مصالح القاصر ، عين القاضي متصرفا خاصا للقاصـر .
وقد عرف الدكتور كمال حمدي الوصايـة بأنها النظام القانوني المقرر لحمايـة مصالح القاصر الذي لاولـي لـه ، وقد عرفها بعض الفقهاء بأنها وظيفـة قانونية يكل الفرد أو إرادة القانون أمورها إلى شخص مهمته النيابـة عن القاصر وإدارة أمواله مضيفا أنها تستلزم وجود وصي تحت سلطـة الإشراف على تصرفاته .
كما أنه من خصائص الوصايـة أنها إختياريـة بمعنى أنه لابد من قبول الوصي للوصايـة لإمكان إقامته وصيـا ، وهي في هذه النقطـة تختلف عن الولايـة لأن هذه الأخيرة إلزاميـة يستمد الولـي صفته من القانون مباشرة ، ويلزم لإعفائه منها قبول تنحيته عنها ، في حين أنه يعين الوصي بصدور حكم القاضي ليس له ممارسة الولايـة على مال الصغير ، كما أنه في فرنسـا نجد أن هذه الوصايـة إجباريـة .
وقد بينت المادة 96كيفيـة إنتهاء مهام الوصـي إذ أنها تنتهـي :
1- إما بموت القاصر أو زوال أهلية الوصي أو موته .
2- ببلوغ القاصر سن الرشد مالم يصدر حكم من القضاء بالحجر عليـه .
3- بإنتهاء المهام التي أقيم الوصي من أجلهـا .
4- بقبول عذره في التخلـي عن مهمتـه .
5- بعزلـه بناء على طلب من لـه مصلحـة إذا ثبت من تصرفات الوصي مايهدد مصلحة القاصر .
كما أنه يسأل حسب المادة 98 بما لحق أموال القاصر من ضرر بسبب تقصيره .
الفرع الثالث : المقــــــدم :
هو الشخص الذي تعبنه المحكمـة في حالـة عدم وجود ولـي أو وصي على من كان فاقد الأهليـة أو ناقصهـا بناء على طلب أحد أقاربـه أو ممن لـه مصلحـة أو من النيابـة العامـة
ومهامـه هي نفس مهام الوصي ويخضع لنفس أحكامـه إلى نص المادة 100 من قانون الأسرة .

المبحث الثانـــي
حلول الأم محــــــــــــل الأب في حالـة
غيابــة أو حصول مانع في الأمور المستعجلـــــة

لقد نصت المادة 87 في فقرتها الثانيـة على أنه " في حالـة غياب الأب أو حصول مانع لـه ، تحل الأم محلـه في القيام بالأمور المستعجلـة المتعلقـة بالأولاد "
وهذه الحالـة تعتبر إسثتناءا للقاعدة العامـة التي تنص على حلول الأم محل الأب فقط بعد وفاته ، أي ضرورة توافر شرط الوفاة لإنتقال الولايـة إلى الأم .
إلا أنه فيه حالات كثيرة تطرأ على الأب رغم حياته تمنعه من ممارسة سلطته الأبويـة ، أوولايته على أولاده القصر كما تقتضي الظروف العاديـة كالغياب أو حصول مانع له، فتحل الأم محلـه في الأمور المستعجلـة المتعلقـة دائما بالأولاد ، وهو مايفرض علينا التعرض لمفهوم حالـة الغياب ، ومفهوم حصول المانع للأب ، وكذا تحديد مفهوم الأمور المستعجلــة .
فما معنى حالـة الغياب ؟ وماهذا المانع الذي قصده المشرع ؟ وماهي الأمور المستعجلة؟
ولذلك سنتناول كل ذلك في مطالب ثلاثـة ، نخصص المطلب الأول لحالة غياب الأب ، والمطلب الثاني : لحصول مانع للأب ، والمطلب الثالث للأمور المستعجلـة للأولاد .
المطلب الأول : حلول الأم محل الأب في حالـة غيابــه:
نصت المادة 109 " أن المفقود هو الشخص الغائب الذي لايعرف مكانه ولايعرف حياته أو موته ، ولايعتبر مفقودا إلا بحكم "
وأضافت المادة 110 أن الغائب هو الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته وإدارة شؤونه بنفسه أو بواسطـة نائبه مدة سنـة وتسبب غيابـه في ضرر للغير ، يعتبر كالمفقود ، فمن هو الغائب أو المفقود وكيف تحل الأم ؟
الفرع الأول : مفهوم الغائــب :
من الصعب تحديد مفهوم الغياب أو الغائب ولاسيما وأن المادة 109 ربطت الغائب بالمفقود فليس بالضرورة أن يكون هذا الغائب مفقودا ، فقد يكون غيابه بسبب عمل ، وقد يكون غيابـه للعلاج ، وقد يكون غيابـه في حالـة النزاع أمام القضاءسنة في فك الرابطة الزوجية وعن إستعادة مسكن الزوجيـة .
ولقد ربطه أغلب الفقه بالمفقود فعرفوا المفقود بالغائب ، والمفقود في اللغة هو إسم مفعول من فقدت الشيء إذا أضللته ، يقال فقد الشيء يفقده فقدا أي غاب عنه وعدمـه .
والمفقود في إصطلاح الفقهاء هو الغائب الذي لايدري مكانه ، ولاتعلم حياته من موته.
وقبل إنه لايعتبر الجهل بمكانـه ، وقد إعتبر الحنفيـة أن أسير الحرب الذي لاتعرف حياته أو وفاته مفقودا ، مع أن مكانه قد يكون معلومـا لعدم معرفـة الشخص أو وفاته الأساس في إعتباره مفقودا.
ويقول الإمام أبو زهرة أن المفقود يفترض فيـه أن يكون حيا حتى يصدر الحكم بموته ، وذلك لأنه غاب وهو حي ، فيستمر حكم الحياة حتى يقوم دليل على خلافهـا .
ومؤكد بأن الغياب الذي تقصده المادة 87 في فقرتها الثانيـة هو الغياب الذي يغلب فيه العلم بتواجد مكان هذا الأب.
الفرع الثاني : حالـةغياب الأب
قد يكون الغياب لسفر أو عمل أو لهجر أو لطارئ ما كالحرب .. في كل هذه الحالات يعلم فيما مكانه على الأرجح .
فالغائب الذي يعرف مكانه أطلق الفقهاء على غيبته مصطلح "الغيبة غير المنقطعة " وهو الشخص الذي غادر موطنـه أو مقر إقامته المعتاد وهنا تكون حياته معلومـة ومحققـة ويعلم فيها مكا ن تواجده وإقامته .
لكن لصعوبـة وإستحالـة مباشرة أعماله وإدارة مصالحه وكذا ممارسـة أعمالـه أو ولايته وسلطته الأبويـة منح القانون للأم الإذن بالحلول محلـه في كثير من الأمور التي تكتسي طابعا إستعجاليـا يتعلق بمصير الأولاد ويتعذر معـه إنتظار عودته حتى يباشرها ويقوم بها ، كأن تقوم بتمثيل الولد القاصر أمام القضاء والتحقيق معـه في قضايا الأحداث ، وحصول نزاع قضائي أمام المحاكم المدنيـة .
إضافـةإلى القيام بمتابعـة دراسته وحضورها في الأمور الدراسيـة عندما يتعلق الأمر بإنعقاد مجلس أولياء التلاميذ أو إستدعاء من معلمي القاصر أو وجود أمر يستدعي متابعـة وليـه الشرعي فتحل محلـه لتعذر حضوره.
المطلب الثاني : حصول مانع للأب :
لم تحدد المادة 87 مامعنى الغياب ، ولامعنى حصول مانع ، لكن من خلال هذا النص نستنتج بأن المانع الذي قصدته المادة يغلب عليـه طابع الوقتيةفي أغلب الأحيان .
كما أن المادة 91 من قانون الأسرة أشارت إلى حالات إنتهاء وظيفة الولي التي حددتها بـ :أولا بعجزه ، ثانيا بموته ، ثالثا بالحجر عليه ، رابعا بإسقاط الولاية عنه .
ففي أغلب هذه الحالات يكون مانعا لهذا الأب من رعايـة والقيام بأمور الأولاد القصر على أكمل وجه بإسثتناء حالـة الموت التي تنتقل الولايـة فيـه للأم بموجب القانون .
الفرع الأول : المانع الطبيعــي :
ويندرج ضمن هذا المفهوم الحجر كعاهـة جسديـة كأن يكون مقعدا ، وقد يكون عجزا عقليان ، أو إعاقة عقليـة كالجنون المتقطع والعته والسفـه وقد سبق وأن تكلمنا عن مثل هذه الحالات التي تعتري عقل الإنسان مثلما تعتري عقل الولد ينطبق كذلك على الوالد الفرق الوحيد أن الأم تحل محل الأب للقيام بشؤون الأولاد ذات الطابع الإستعجالي .
الفرع الثاني : المانع القانونـــي :
كالحجر عليـه أو إسقاط السلطـة الأبويـة عليـه ، ففيما يخص الحجر فقد سبق لنا وأن بينا أسبابـه والمتمثلـة في الجنون والعته والسفـه وليس الصغر لأنه يفترض في الأب أن يكون بالغا ، وكل مايوجب الحجر عليـه وهذا الحجر يكون بحكم القاضي بطلب من لـه مصلحـة في ذلك .
أما إسقاط السلطـة الأبويـة وهي عبارة عن سلب السلطـة والولايـة من الأب كونه لم يعد يصلح لأن يمارسهـا أو أن يكون مثلا وقدوة للقصر الذين يسهر على تربيتهم ورعايتهم على أحسن وجه خلقا وخلقا .
وهي تسلب وتسقط عنه بموجب القانون وبحكم قضائـي ، وتبعا لذلك فإنه يستحيـل معه أن يمارس سلطته الأبويـة ويسهر على رعاية أولاده أو تربيتهم أو القيام بالأمور الإستعجاليـة الضروريـة التي تمس مصلحتهم بالدرجة الأولي .
فنجد أن المادة 330 من قانون العقوبات والتي تنص في فقرتها الثالثةعلى أن " أحد الوالدين الذي يعرض صحة أولاده أو واحدا أو أكثر منهم أو يعرض أمنهم أو خلقهم لخطر جسيم بأن يسيء معاملتهم أو يكون مثلا سيئا لهم للإعتياد على السكر أو سوء السلوك أو بأن يهمل رعايتهم أو لايقوم بالإشراف الضروري عليهم ، وذلك سواء كان قد قضي بإسقاط سلطته الأبويـة عليهم أو لم يقضى بإسقاطهـا "
إضافـة إلى هذا فقد نصت المادة 5 من الأمر 75-26 المؤرخ في 29 أففريل 1975 المتعلق بقمع السكر العمومي وحمايـة القصر من الكحول في فقرتها الثانيـة على مايلـي :" كل شخص يصدر في حقـه حكم للعثور عليه في حالـة سكر يمنع لمدة سنـة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر من حق سوق سيارة ذات محرك ، كما يمنع على الأقل من ممارسـة الكل أو البعض من الحقوق المنصوص عليها في المادتين 3 و 4أعـلاه ، وعلى إمكانيـة تجريده من السلطـة الأبوبة".
كما بينت المادة 16 من نفس الأمر بأن كل من يقدم الخمر لشربها حتى في حالـة السكر السافر إلى قاصر لايتعدى عمره 21 سنـة يعاقب بالعقوبات القصوى المنصوص عليها في المادة 15 أعـلاه ، ويمكن تجريده من السلطـة الأبويـة " وكذا المادة 24من قانون العقوبات
وغيرها من النصوص التي تسقط السلطـة الأبويـة وهو في هذه الحالـة مقيد بحكم القانون في التصرف وإدارة شؤون أولاده القصر ، وبالتالي تحل محلـه الأم لاسيما وأنه مقيد الإرادة .
لكن السؤال الذي يطرح نفسـه حقيقـة ، ماهيـة الأمور المستعجلـة ؟ وهذا ماسنحاول الإجابـة عليه في المطلب الثالث .
المطلب الثالث : الأمور المستعجلــة
لم يبين المشرع الجزائري المعني بالأمور المستعجلـة ، كل مانص عليه هو حلول الأم محل الأب في الأمور المستعجلـة إذا ماحصل له مانع أو كان غائبـا .
أول شيء يتبادر إلى الذهن أن هذه الأمور المستعجلـة تكون في الأحوال التي تقتضي الإسراع بإنجازهـا والقيام بها خشيـة ضياع مصلحـة الأولاد القصر ، ولو طال إنتظار عودة الأب من غيبته أو شفائه من مرضـه أو من العارض أو العجز الذي أصابـه أو بإرجاع السلطـة الأبويـة لـه بعد إنتهاء مدة الحبس أو العقوبـة .
الفرع الأول : الحالات التي تستدعـي الإستعجـال :
فنجدها في الأمور المدرسيـة وحضور مجالس الأولياء ومراعاة مصلحـة القاصر في شؤون دراسته ومتابعتها ، وتوقيع الوثائق التي ترسلها المدرسـة كتوقيع أو إستخراج الوثائق الإداريـة كبطاقة التعريف أو رخصة السياقـة أو جواز السفر فكلهـا يقتضي تصريحا شرفيـا من الأب وحصول هذه العقبات السالفـة الذكر فيجعل من حلول الأم محلـه أمرا ضروريـا .
كما تعتبرمن هذه القبيل الترخيصات أو الأذون المختلفـة من المحكمـة كالإذن بالخروج من التراب الوطنـي سواء للسفر أو العلاج كأن يكون القاصر مريضا تستدعي حالته العلاج خارج الوطن وبالتالي لايمكن للقاصر الخروج عن التراب الوطنـي إلا بإذن من رئيس المحكمـة المختص وتقديم طلب من وليـه التي تكون الأم في هذا الحالـة .


الفرع الثاني : دور القاضي في تقديم الأذون والترخيصات بإعتباها حالات أو أمور إستعجاليـة تخص الأولاد القصر .
هناك حالات تستوجب تدخل القضاء قصد البت في أمور هامـة لأن منه حالات تستدعي الإستعجال في إنجازها ، وتدخل فيها حالات تستدعـي تدخل رئيس المحكمـة بإعتبارها من الأمور الولائيـة التي تستدعي حصول إذن منه، والهدف من وراء ذلك هو مراقبـة التصرف الذي يقدم عليـه الولـي إن كان فعلا لمصلحـة الولد القاصر أم دون ذلك .
أولا- دوره في الإذن بممارسـة التجارة :
تنص المادة 05من القانون التجاري على أن تمنح إمكانيـة ممارسـة التجارة للقاصر البالغ من العمر 18 سنة والتي تتوقف على إذن من والده أو أمـه .
فتقوم الأم – بإعتبارها وليـة على إبنها القاصر – بتقديم طلب إلى رئيس المحكمـة المختص محليـا في مكان وجود المحل التجاري المرغوب فيـه أين يريد القاصر ممارسـة التجارة فيه ، بالإضافـة إلى وصل عن دفع الرسوم القضائيـة المقررة قانونا ، و بعد دراسـة الملف من طرف رئيس المحكمـة يقوم بإصدار إذن بالترشيد لممارسة التجارة .
ثانيا : دوره في الإذن ببيع أموال القاصر :
وإستناذا إلى نص المادة 88 من قانون الأسرة التي نصت على أن للولي أن يتصرف في أموال القاصر لكن بشرط تصرف الرجل الحريص وهنا في هذا الجانب يكون مسؤولا طبقا لمقتضيات القانون العام .
وعليـه أن يستأذن القاضي في التصرفات التاليـة :
1- بيع العقار وقسمته ورهنه وإجراء المصالحة .
2- بيع المنقولات ذات الأهميـة الخاصـة .
3- إستثمار القاصر بالإقراض أو الإقتراض أو المساهمـة في شركـة .
4- إيجار عقار القاصر لمدة تزيد على ثلاث سنوات أو تمتد لأكثر من سنـة بعد بلوغـه سن الرشد .
وأضافت المادة 89 على أن للقاضي أن يراعي في الإذن حالـة الضرورة والمصلحـة وأن يتم بيع العقار بالمزاد العلنــي .
ثالثا : دور القاضي – رئيس المحكمـة – في إصدارعقد الكفالـة :
وفقا لنص المادة 116 من قانون الأسرة ، وكذا المادة 117 التي أكدت على وجوب إتمام الكفالـة أمام المحكمـة ، أو أمام موثـق ، وأن تتم برضا من لـه أبوان .

رابعا : دوره في منح الإذن بالزواج :
أو مايعرف كذلك بترشيد القاصر للزواج أو مايسمى بالإعفاءمن سن الزواج ، وهنا تقوم الأم بتقديم طلب إلى رئيس المحكمـة مرفوقا بمجموعـة من الوثائـق تتمثل في:1- طلب خطي للترشيد بالزواج ، 2- شهادة ميلاد القاصر ، 3- دفع الرسوم القضائيـة ، 4- شهادة طبيـة تثبت القدرة والكفاءة البدنيـة على تحمل تبعات الزواج بالنسبـة للبنت أو لكلا الطرفين ( إذا ماكانا قاصرين كليهما ) 5- شهادة ميلاد الطرفين أي طالبي الزواج وطبعا إذا مارأى القاضي ضرورة أو مصلحـة في هذا الزواج أو أذن بـه .
ويثور التساؤل في نهايـة هذا المبحث: هل الأم في المرحلـة التي يكون فيها الأب مريضا أو عاجزا أو غائبـا وتحل محلـه في الأمور الإستعجاليـة فعل تسأل عن تصرفات أولادها القصر إذا ماأضروا بالغير ؟
وأبعد من هذا فهل تسأل في حالـة ماإذا طال هذا الغياب وهذا المانع عن تصرفاتهم وأفعالهم الضارة بالغير في غير الأمور المستعجلـة ؟
إستناذا إلى نص المادة 87/2 تصير الأم وليـا في الحالات السالفة الذكر كالغياب وحصول مانع وإقتصار ولايتها على الأمور المستعجلـة فقط ، وأجمع الكثير من الزملاء والأساتذة في نقاشهم حول هذه المادة إقتصار ولاية الأم في الأمور المستعجلـة ، ولاتعتبر وليـة بالمعنى المعروف للولايـة بل تحل محل الأب وفقط .
إلا أنني أرى أنه رغم صحـة ما يقولونه ، ولاسيما وأن المادة رغم عدم شرحـه لحالـة الغياب أو المانع أو الأمور المستعجلـة فإنه واضح.
ولكن إذا سلمنا بأن الغاب قد يكون لسفر أو علاج أو عمل تطول مدته أو في مرحلـة أداء الخدمـة الوطنيـة .
لكن إذا سلمنا بأن المانع الذي قد يصيب الأب قد يكون عارضا من عوارض الأهليـة مفاجئ وبالتالي يصبح غير مميز فإنه لايسأل إستناذا إلى نص المادة 125 المعدلـة والتي تنص على أنه " يسأل المتسبب في الضرر الذي يحدثه بفعلـه أو إمتناعه أو بإهمال منه أو عدم حيطته إلا إذا كان مميزا "
فهو قد لايسأل على فرض أنه أهمل من تربيـة ورقابـة إبنه القاصر وإستدعى أمام قاضي الأحداث فإن ممثلـه سوف تكون أمـه بإعتبارها مسؤولـة شرعيـة ومدنيـة عنه ، والإشكال يطرح في حالـة إدانه القاصر بالجرم المتابع بـه كأن يرتكب جروحا خطأ أوالضرب والجرح إضرارا بالغير ويحكم عليه بالتعويض فمن يتولى دفع هذه المبالغ ؟ طبعا الحكم على القاصر لكن تحت ضمان مسؤوله المدني الذي يفترض أنه أبوه ولكنه إستناذا إلى نص المادة 125 ، وكذا لحالته العقليـة فإنه في رأيي تحل محلـه أمه في هذه المسألـة لأنه لايقبل من باب المنطق أن تحل محلـه في الأمور المستعجلـة وحالته العقليـة إن طالت فهي تحل محلـه في كل مايتعلق بالأولاد وبالقيام بشؤونهم في جميع مناحيهـا هذا إذا ماسلمنا بأن المانع الذي يصيب الأب مادي كالجنون أو قانوني كالحجر عليـه وإسقاط السلطة الأبويـة.
وأكثر من هذا فإني أعتبر " أن في حالـة الغياب بأن طال الغياب فيعتبرفي حكم المفقودعملا بنص المادة 110 من قانون الأسرة والتي إعتبرت الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شؤونه بنفسـه أو بواسطـة مدة سنة وتسبب غيابه في ضرر بالغير يعتبر كالمفقود "
إستناذا إلى نص المادة 114 من ق. الأسرة ، فهنا تنتقل إليها الولايـة كليـة وتحل محلـه وتعتبر مسؤولة عن تصرفات أولادها القصر لإنتقال الرقابـة إليها ، وبالتالـي تتحمل تبعـة ومسؤوليـة الإضرار بالغير الناجم عن أفعال أولادها القصر ، وتسأل طبقا لنص المادة 134 من ق. م .
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ علي علي سليمان " ولنا أن نتساءل عما إذا كانت الأم لاتسأل طبقا للمادة 135 مدني جزائري – هذا الكلام كتبه قبل إلغاء المادة وقبل تعديل المادة 87 من قانون الأسرة – إلا بعد وفاة الأب فعلا والرقابـة تنتقل إليها إذا كان الأب مازال حيا ولكنـه لايستطيع أن يمارس الرقابـة على الولد ، إما لأنه مجنون أو معتوه وإما لأنه مريض بمرض جسمي كالعمى أو الشلل بحيث تستحيل عليه أن يمارس الرقابـة على ولده ؟ وينتهي إلى قولـه " أعتقد أنه في هذه الحالـة يعتبر كأنه غير موجود ويجب أن تنتقل الرقابـة إلى الأم "