ووفق هذا التعريف أيضاً يصبح كل مرجع شيعي صاحب مذهب، فمثلاً للخميني الذي يرى وجوب ولاية الفقيه المطلقة مذهباً يختلف عن مذهب محسن الحكيم، والخوئي اللذين يعارضان الخميني في هذه المسألة، أو غيرها من المسائل المتعلقة بالعبادات و مسائل فقهية أخرى.
فبعد أن أصبح واضحاً نفي صفة المذهب عن دين الإمامية (الشيعة)
حري بالباحث والقارئ أن يتعرف على الأصول التي وصفها أصحاب الدعوة السياسية للتقريب بين المذاهب بالمشتركة، وإذا ما كانت فعلاً هي كذلك أم أنها مجرد خدعة يريد أصحاب الدعوة - وأغلبهم من الشيعة - تحقيق غايتهم
(إقناع المسلمين بأن التشيع مذهب، ثم بعد ذلك يتم اختراق المجتمعات العربية والإسلامية إيرانياً من خلال الترويج لدين الشيعة)،
تحت غطاء هذه التسمية التي يطلقون عليها "الأصول العقائدية المشتركة" بين الدين الاسلامي لدى اهل السنة والجماعة ودين هؤلاء القوم .
فالاصول الاعتقادية للمسلمين هي: الإيمان باللّه وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
والتوحيد العلمي الاعتقادي عند المسلمين هو الأصل في أسماء الله وصفاته: إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تمثيل ولا تكييف، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف ولا تعطيل كما قال - تعالى-: (﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾).
أما الشيعة فعقائدهم خمسة وهي: التوحيد والعدل، والنبوة والإمامة، والمعاد.
وقد ربط الشيعة بين مقام الإمامة ومقام النبوة لاعتقادهم بالعصمة المطلقة للإمام، ويعتقدون أن الإمامة هي مقتضى النبوة، والدليل على النبوة هو الدليل على الإمامة.
وفيما يخص التوحيد عندهم فإنهم يقولون: "إن صفات الله عين ذاته، فليس هناك علم زائد على الذات، بل العلم هو عين الذات، وليس هناك إرادة زائدة على الذات، بل أكثر من ذلك" ويقولون: "الله ليس ذاتاً وصفات بل ذات صرف، إنه صرف الوجود" فهم ينكرون صفات الله إذن بالكلية.
أما مصادر التشريع المتفق عليها عند جمهور الأمة فهي: القرآن الموجود بين دفتي المصحف من دون زيادة أو نقصان، والسنة النبوية الشريفة، والإجماع، والإجماع يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الرجوع إليه، حيث إذا لم يتم العثور على حكم ما في القرآن، ولا في السنة؛ ينظر إذا كان أجمع علماء المسلمين عليه، فإن وجد ذلك أخذ وعُمل به.
أما مصادر التشريع عند الشيعة فهي أربعة:
القرآن، السنة، العقل، والإجماع.
فأما العقل فعندهم أنه (حجة على الخلق لكون الكتاب والسنة يحملان أوجهاً، ولم يتمكنا من رفع الخلاف بين الأمة، وأما الإجماع فهو اتفاق آراء الفقهاء في مسألة شرعية، والكاشف عن الدليل الشرعي، وهو دليل على الحكم الشرعي وليس كاشفاً عنه).
أما السنة عندهم فإن (الطريق الحصري إلى معرفتها أو إثباتها قولاً وتقريراً عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هم الأئمة المعصومون، في حين يكون الرواة الثقات طريقاً لإثبات سنة الأئمة).
ومن خلال هذه المقارنة ربما يعتقد البعض أن المسافة ليست بعيدة بين الطرفين إذا ما أخذنا بالقرآن والسنة النبوية الشريفة باعتبارهما يشكلان نقطة ارتكاز مشترك في التشريع لدى الطرفين، ولكن سوف يتبين حجم الخلاف حين نرى
أن مراجع الشيعة الامامية يطعنون في سلامة مصدر التشريع الأول وهو القرآن الكريم،
علماً أن طوال القرون الأربعة عشر الماضية لم تراود فكرة التحريف زيادة أو نقيصة ذهن أحد من المسلمين ماعدا مراجعهم الشيعية فهم وحدهم من قال بتحريف القرآن.
الأدلة على قول الشيعة بتحريف القرآن:
ذهب العديد من مراجع الشيعة المتقدمون منهم والمتأخرون بالقول في تحريف القرآن، وأول من قال بذلك من مراجعهم الكبار هو: محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني (ت 329 هـ) أحد أصحاب الكتب الأربعة