...والبيت مملكتك الصغيرة ، ولو تأملت في الأمومة وحدها لألفيتها شرفا رفيع الجوانب جديرا بكل عناية وجهد ،فأنت لست كبقية الأمهات ، تنمين أجسادا فحسب ،بل تضيفين الى ذلك تربية الأرواح والقلوب والعقول وان الجهاد في الأسرة يختلف حسب وضع الداعية في الأسرة أو تكون أما فيها ، فان كانت أختا أو بنتا فعليها أن تشرع بالجهاد بالعقلية التي يعالج بها الطبيب مريضه ، فانه في حقيقة أمره لا يحارب المريض ، وانما يحارب المرض ، ويقوم بعمله على كل اخلاص ونصح، فهكذا تدعو الداعية أفراد أسرتها الواقعين في الغفلة والضلالة الى طريق الرشد و الهدى ، وليجدوا مظهرا مجسدا و نموذجا حيا للدعوة فحيثما وقع النظر عليها تعرف بعلو سيرتها وطهارة أخلاقها واذا كانت الداعية أما فاني أوصيها بما يلي : 1 -كوني القدوة الاولى لأهل البيت عامة والطفل خاصة ، لأن الطفل سريع القليد قوي التأثر بما بما يكون من حالك ، وأوضاعك وصفاتك ، وهو من أعز الأمانات التي أكرمت بها بعد دينك ، ولن أقول لك اطبعيه على الخير، بل اطبعي نفسك أنت غلى مبادئ الخير ، وبذلك تكونين قد صنعت المثال الذي يكون عليه ولدك ... 2-تكوين عقيدة صحيحة : لأن الطفل يتلقى العقيدة في الجو الذي يعيش فيه ، وان تكوين العقيدة هذه يكون بالتحدث الى الأطفال عن هذا الكون العجيب وجماله البديع ، وتنظيمه الرائع ، ثم باثارة حماسة الطفل في كل مناسبة حول هذا الخالق وعطفه على الانسانية والمخلوقات عليها تدريجيا منذ الصغر. فقد قال عليه الصلاة والسلام :"مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع " 3-انشاء مكتبة في البيت : ان الثقافة لأجمل زينة في البيت لا يساويها في قيمتها وفائدتها جميع الأمتعة الأخرى ، وقد أدرك أجدادنا و آباؤنا الأولون هذا فأسسوا في كل بيت مكتبة لا تزال آثارها باقية في كثير من المنازل ، وقد كان هؤلاء الأجداد والآباء يتنافسون في اقتناء هذه الكتب ، ويطالعونها بالاشتراك مع أهلهم في السهرات وأوقات الفراغ.. لقد ذهب كل هذا واستعيض عنه بالأواني الزجاجية والعاجية ... أختاه..! هذا جهادك مع أسرتك الصغيرة ، ولكن لا أريد لك أن تقفي عند حدودها ، بل أريد أن تتوسعي أكثر من ذلك فتصلي بجهودك الى العائلة الكبرى الى الأسرة العظمى ، التي تنتسبين اليها فتتمكنين من التأثير على كل فرد من أفرادها حتى تكون هذه العائلة مثلا أعلى لجميع العائلات الأخرى ، فهي التي تكون حصنا من حصون الأمة ، تعتز به في الملمات ، وقلعة من قلاع الحق والفضيلة ،و مدرسة لأمهات المستقبل ومعسكرا لجنود الاسلام والايمان...