منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - اريد بحث
الموضوع: اريد بحث
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-11-11, 13:38   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
nawal0001
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية nawal0001
 

 

 
إحصائية العضو










Mh47 الميزه التنافسية

الفصل الأول: البيئــة و الميـزة التنـافسيـــة:
مقدمـــــــة:
تدفع البيئة عموما المؤسسات إلى التحسين المستمر في أداءها، حيث يمكنها ذلك من احتلال موقع متميز في السوق، و أسبقية على المنافسين. و بالتالي فالمؤسسة مطالبة بفهم العلاقة الموجودة بين البيئة و الميزة التنافسية؛ قصد الاستفادة من الفرص التي تنتجها هذه العلاقة. و بناءا على ذلك تم تقسيم هذا الفصل إلى ثلاثـة مبـاحث. حيث يتنـاول المبحث الأول بالدراسـة، تحليـل قوى التنـافس التي تشكـل البيئـة التنافسيـة، و محاولة فهم العلاقة الموجودة بين هذه القوى من جهة، و كيف أنها مجتمعة تؤثر على المؤسسات وعلى مرد ودية(*) قطاع النشاط من جهة أخرى؛ و يتناول المبحث الثاني التنافسية كمفهوم من حيث تعريفه، أنواعه، عوامله و قياسه. أما المبحـث الثـالث فيتنــاول الميـزة التنافسيـة من حيث تعريفهـا، أنـواعهـا، معـايير الحكـم علـى جودتهـا و محدداتها.
I.1- تحليل قوى التنافس :
تنشط المؤسسات في بيئة تتميّز بالتغير المستمر، ومن ثمة يكون من الضروري معرفة مكوناتها الرئيسة، واتجاهاتها المستقبلية؛ حتى يمكن التأثير فيها وتحديد آثارها السلبية. فلم تعد المؤسسات تواجه منافسين ينشطون في نـفس قطاع نشاطهـا فحسب، بل تعدّاه إلى قوى أخرى بمقدورها التأثير على مرد ودية القطاع إيجابيًا أو سلبيًا. و تسمى هذه القوى بقوى التنافس، حيث يمكن تمثيلها من خلال الشكل الآتي:
الشكل (1_I): قوى التنافس الخمس.






المصدر :M.. PORTER, Choix stratégiques et concurrence, ed. ECONOMICA, 1982, p.4


I.1.1- تهديدات الداخلين الجدد(1):

يحمل الداخلون الجدد إلى القطاع قدرات جديدة، حيث تكون لديهم الرغبة في اقتحام حصص السوق، وبهذا يؤثرون في مرد ودية قطاع النشاط من خلال تخفيض أسعار العرض، أو ارتفاع تكاليف المؤسسات المتواجدة سلفا في القطاع. وتتحدّد درجة خطورة الدّاخلين الجدد من خلال نوعية حواجز الدّخول التي يفرضها قطاع النشاط. وبناءًا على ذلك، نجد ستة عوامل كبرى تشكل حواجز الدخول.
أولا_ اقتصاديات الحجم :
وتعني تلك الانخفاضات في التكلفة الوحدوية للمنتج (أو عملية، أو وظيفة تدخل في العملية الإنتاجية للمُنتَج)، والتي تتحقق عندما تـكون الكمية المطلقـة المنتجـة ترتـفع في الفترة وتعد اقتصاديات الحجم عاملا حاسما بالنسبة للداخلين الجدد، لأنها تضعهم بين أمرين، إما العمل على أساس إنتاج حجــم كبير وينتظر خطر رد فعل قوي من قبل المؤسسات المنافسة، ؛ لأن وإما العمل على أساس حجم إنتاج صغير فتتحمل الداخلون الجدد جراء ذلك تكاليف باهظة
عدد الوحدات ضئيل فتزداد التكلفة الوحدوية للمنتج. ويمكن أن نجد عامل اقتصاديات الحجم في كل وظائف المؤسسة، كالتصنيع، الشراء، البحث والتّطوير، التسويق، الخدمات، استعمال قوة البيع والتوزيع. غير أنه بإمكان الداخلين الجدد تحيِّد أثر هذا العامل إذا ما امتلكوا تكنولوجيا متطورة، فينتقلون إلى اقتصاديات حجم من درجة عليا.
ثانيـا_ تمييز المنتج :
ويعني ذلك أن المؤسسات المتموقعة بشكل جيد تملك صورة جيدة، وزبائن أوفياء؛ ويرجع ذلك إلى إشهار سابق، خدمات مقدَّمة للزبائن، اختلافات في المنتج، أو لأن المؤسسة كانت السَّباقة إلى هذا القطاع. وبشكّل التّمييز حاجزًا للدخول، حيث يتحمل الداخلون الجدد مصاريف باهظة؛ حتى يستقطبوا زبائن القطاع. ويؤدي هذا الجهد – عادةً – إلى خسائر في البداية، ويتطلب وقتًا طويلاً لصنع صورة خاصة بالمؤسسات الجديدة.
ثالثا _ الاحتياج إلى رأس المال :
تضطر المؤسسات الجديدة، إلى استثمار موارد مالية معتبرة للدخول في المنافسة. وبخاصة إذا كانت رؤوس الأموال موجهة إلى الإشهار، أو البحث والتّطوير، وكلاهما ينطويان على مخاطرة كبيرة؛لأنه يصعب التنبؤ بنتائجهما. وتتطلب تجهيـزات الإنتاج، والمخزونـات، وقروض الـزبائن،وتغطيــة خسائر الانطلاق أموالا معتبرة أيضا. وحتى إذا توفرت رؤوس الأموال في السوق المالية، فإنّ عمليـــة الدخول تشكل مخاطرة لهذه الأموال، وهذا يعطي امتيازًا للمؤسسات المتواجدة في القطاع.
رابعا _ تكاليف التّبديل :
تلك التكاليف الآنية التي يجب أن يتحملها الزبون، نظير انتقاله من منتج مورّد إلى منتج مورّد آخر. ويمكن أن تشمل تكاليف التبديل: تكاليف تأهيل اليد العاملة، تكاليف التجهيزات الجديدة والملحقة، التكاليـف المتعلقـة بالزمن المستغـرق للبحث أو قبول مصـدر جديـد للتمويـن، الاحتيــــــاج إلى المساعدة التقنية المقدمة من قِبل المورد، تعديل المنتج. وحتى التكاليف الناجمة عن فقدان العلاقات والروابط مع الأشخاص. فإذا كانت تكاليف التبديل مرتفعة، فعلى الداخلين الجدد أن يبرهنوا على تقدم معتبر في ميدان التكاليف أو النتائج؛ حتى يقبل الزبون التخلي عن المؤسسات المتواجدة في القطاع.
خامسا _ الوصول إلى قنوات التوزيع :
بمجرد أن يفكر الداخلون الجدد في توزيع منتجاتهم، فهذا يشكل بحدِّ ذاته حاجزًا للدخول. وباعتبار أن المؤسسات المتواجدة تَشغل قنوات التوزيع لتصريف منتجاتها، فإن المؤسسات الجديدة مطالبة بإقناع القنوات بقبول تصريف منتجاتها، من خلال تقديم تخفيضات في الأسعار، مؤونات للإشهار ...الخ. ويحدث أن يكون للمنافسين علاقات طويلة مع قنوات التوزيع، خدمات راقية، أو حتى علاقات خاصة جدًا، تتيح لهم الاستحواذ على قنوات التوزيع. فإذا استعصى على الدَّاخلين الجدد تخطي هذا الحاجز، فإنّهم مطالبين بإنشاء قنوات توزيع خاصة بهم.
سادسا _ السياسة الحكومية :
تلعب السياسة الحكومية دورًا في تشكيل حواجز الدُّخول إلى قطاع نشاط معين، فبإمكانها أن تحفز عملية الدُّخول، بتقديم تسهيلات جبائية مثلاً، أو تَحول دون دخول المؤسسات الجديدة، كأن تفرض استعمال تكنولوجيا متقدمة لحماية المحيط من التلوث، والتي تتطلب استثمارات جديدة مكلِّفة.
I.1.2- شدّة المزاحمة:
تأخذ المزاحمة بين المنافسين النَّشطين في القطاع أشكالاً من المناورات للحيازة على موقع متميز في السوق، بالاعتماد على خطط مبنية على المنافسة من خلال الأسعار، الإشهار، إطلاق منتج جديد، تحسين الخدمات والضمانات الملائمة للزبون. ويرجع وجود المزاحمة إلى أنَّ هناك عدد من المنافسين يشعرون بأنّهم مدفوعين إلى تحسين موقعهم، حيث يرون إمكانية ذلك. وللعمليات التي تعتمدها المؤسسات ضد المنافسة أثارا مهمة على المنافسين، حيث تدفعهم إلى بذل الجهود للرَّد على هذه العمليات.
وتوصف المزاحمة في بعض القطاعات على أنها قوية، بينما توصف في قطاعات أخرى على أنها هادئة. وتنجم المزاحمة الشديدة عن تضافر عدد من العوامل الهيكلية و المتمثلة في :
أولا_ عدد المنافسين في القطاع:
عندما يكون عدد المنافسين كبيرًا، فإنَّ بعض المؤسسات تفكّر في أن تعتمد بعض العمليات دون أن تلفت الانتباه. وعلى العكس من ذلك، فعندما يكون القطاع مركزًا أو مسيطرًا عليه من قِبل مؤسسـة أو عدد قليل من المؤسسـات، فإنه لا يوجد إطلاقا لإمكانية السّهو عن القوى النسبية، حيث بمقدورالمؤسسات الكبيرة فـرض منطقهـا ولعب دور هام في التنسيق داخـل القطاع من خلال وضـع سعـر مرجعي.
ثانيا _ بطء نمو قطاع النشاط(1) :
يُحوِّل بط ء نمو قطاع النشاط، المنافسة إلى عملية تقاسم للسوق بالنسبة للمؤسسات التي هي بصدد التوسع، فالمنافسة التي تنصب على حصص السوق، تكون أكثر شدة من تلك التي فيها نمو القطاع سريع، حيث يضمن للمؤسسات إمكانية تحسين نتائجها من خلال استغلال كل مواردها المالية والبشرية؛ لتتطور موازاة مع وتيرة نمو القطاع.
ثالثا _ التكاليف الثابتة (2) :
للتّكاليف الثابتة أثرًا كبيرًا على قطاع النشاط، فعندما تُواجه شركة ما بتكاليف ثابتة مرتفعة، فإن نقطة تعادلها ترتفع إلى نسبة كبيرة من الطّاقة الكاملة. وإذا لم يتم إنجاز هذا المستوى من التّشغيل فإنّ رد الفعل الطبيعي هو تقديم تسهيلات مغرية جدًا للمستهلكين حتى يمكن زيادة الطلب. ففي حالة خطوط الطيران حيث تكون الرحلات غير مكتملة العدد ولغرض تغطية الأعباء الثّابتة، فقد يضطر مديرو الطيران إلى اتخاذ عـدة سبل مثل تخفيضات أسعار التذاكر، تقديم كافة أنواع المغريات، و إتباع تحركات تنافسية أخرى بغرض جذب المسافرين، وذلك على الرغم من تدهور الأداء الكلي للصناعة.
رابعا _ غياب التّمييز:
يشّجع المنتج النمطي على وجود منافسة حادة، باعتبار أن المنافسين يملكون نفس المنتج، وعندها يستند الزبون في اختياره إلى السعر وجودة الخدمات المرافقة. ومن ثمة يركِّـز المنافسون على هذين العنصرين، فتشتد المنافسة أكثر فأكثر.
خامسا _ الرَّفع من الطّاقة الإنتاجية:
يؤدي الرَّفع من الطاقة الإنتاجية من قِبل مجموعة من المؤسسات؛ قصد الاستفادة من اقتصاديات الحجم في فترة معينة، إلى انخفاض أسعار المنتجات، و بالتالي انخفاض ربحية القطاع في تلك الفترة.
سادسا _ منافسون مختلفون في التّصور:
إن الاختلاف في استراتيجيات وأهداف المؤسسات، يضفي على أفعالها وردود أفعالها نوعا من الضبابية، فيصعب التنبؤ بالقرارات والإجراءات التي تتخذها في قطاع النشاط.
سابعا _ حواجز الخروج(1) :
هي تلك العوامل الاقتصادية والاستراتيجية، التي تبقي أو تؤخّر خروج المؤسسة من القطاع، بالرغم من ضعف أو سلبية مرد ودية الاستثمارات. ويمكن حصر المصادر الأساسية لهذه الحواجز فيما يلي:
1_ أصول متخصصة: تُعتبر حاجزًا للخروج؛ لأن قيمتها السوقية ضئيلة؛ ويرجع ذلك إلى ارتباطها بنوع معين من النشاط أو بمنطقة جغرافية معينة.
2_ القيود الحكومية والاجتماعية: تتجسد في عمليات المنع أو الحث، التي تفرضها الحكومة على المؤسسات؛ بغية المحافظة على مناصب العمل، والاطمئنان الاجتماعي. ومن ثمة تؤخر أو تلغي قرار الانسحاب.
3_ الحواجز العاطفية: يحدث أن يتما طل المسيرون في اتخاذ قرار الانسحاب؛ لأنّهم يشعرون بالمسؤولية تجاه المُستخدَمين، ويخافون على مسارهم المهني.
4_ الاعتبارات الاستراتيجية: يحدث أن يكون للمؤسسة المنسحبة، علاقات استراتيجية مع مؤسسات تنتمي إلى نفس المؤسسة الأم. وبالتالي فإن الانسحاب قد يؤثر على صورة هذه الأخيرة، قدرتها التّسويقية، وكذا على سمعتها في السوق المالية. وهنا قد تعطي المؤسسة الأم الأهمية لإستراتيجية البقاء وهذا يؤخر عملية الخروج.
I.1.3- تهديدات المنتجات البديلة:
تدخل المؤسسات في منافسة مع مؤسسات أخرى تنتج منتجات بديلة، حيث تقلِّص هذه الأخيرة من المرد ودية المحتملة للقطاع.
ويمكن التعرف على المنتجات البديلة، من خلال البحث عن المنتجات التي بإمكانها تأدية نفس وظيفة منتج القطاع. وتتطلب هذه المَهمة الكثير من البراعة؛ حتى يتمّ تفادي الابتعاد عن قطاع النشاط المستهدف.
قد تكون وضعية القطاع إزاء المنتجات البديلة مرتبطة بعمليات جماعية من قبل القطاع، فمثلا إذا لم تتمكّن العملية الإشهارية المعتمدة من قبل مؤسسة واحدة، الحفاظ على وضعية القطاع إزاء المنتجات البديلة، فإنّ الإشهار المكثف والمدعم من قِبل مجمل مؤسسات القطاع، قادرًا على تحسين الوضعية الجماعية. ونفس الأمر ينطبق على مجالات التّحسين الأخرى، كالجودة، جهود الاتصال، والمحاولات الراميـة إلى ضمان انتشار واسع للمنتج. أما المنتجات التي يجب أن تكون محل مراقبــــة هي تلك التي يتجه تطورها نحو تحسين العلاقة جودة – سعر مقارنة بمنتج القطاع، أو بتلك المنتجات التي تصنع من ِقبل قطاعات، حيث الربحية مرتفعة.
I.1.4- قوة تفاوض الزبائن:
يجتهد الزبائن لتخفيض أسعار القطاع، والتفاوض بشأن خدمات جيدة و منتجات بأحسن جودة. وتكون هذه العملية على حساب مرد ودية القطاع. وترتبط قوة الزبائن في القطاع، بعدد من الخصائص المتعلقة بوضعيتهم في السوق، وكذا بالأهمية النسبية لمشترياتهم من القطاع. وتتأثر قوة الزّبائن التفاوضية بالعناصر الآتية:
أولا_ حجم المشتريات من القطاع :
إذا شكلت مشتريات الزبون حصة مُهمة من رقم أعمال البائع، فإن لعمليات الزبون تأثيرًا كبيرًا على نتائج هذا الأخير، فتزداد بذلك قوة الزبون التفاوضية.
ثانيا _ منتجات القطاع تمثل حصة مُهمة من تكاليف الزبون (1) :
يميل الزبون إلى إنفاق الموارد الضرورية؛ للحصول على معلومات عن القطاع؛ حتى يتمكن من الحيازة على أسعار ملائمة، والقيام بمشتريات انتقائيـة. وفي حال المنتج المبــاع من قبـل القطاع لا يمثّل سوى جزءًا بسيطًا من تكاليف الزّبون، فإن هذا الأخير يكون – عمومًا – أقل حساسية للسعر.
ثالثا _ نمطية منتجات القطاع :
تسمح نمطِية منتجات القطاع، للزبائن أن ينتقلوا من بائع إلى آخر دون صعوبة؛ لأن الباعة يملكون نفس المنتج، حيث لا يمكن التّمييز فيه. ومن ثمة يفرض الزبائن تنازلات على الموردين، فتزداد بذلك قوتهم التـفـاوضية.
رابعا _ ضُعف ربحية الزبائن :
يدفع ضعف ربحية الزّبائن إلى تخفيض تكلفة المشتريات، فيبدون تشددا في المفاوضات؛ حتى يحافظوا على هامش الربح. وعموما عندما تكون مرد ودية القطاع معتبرة، فإن الزبائن لا يبدون اهتمامًا كبيرًا للسعر، شريطة ألاّ يمثل المنتج حصة مُهمة من تكلفة مشترياتهم.
وعليه فإنه بإمكان الزّبائن اعتماد نظرة طويلة المدى، والتي مفادها الحفاظ على الصحة التجارية لمورديهم؛ قصد استمرارية الروابط معهم واستثمارها مستقبلا.
خامسا _ الزبائن يشكلون تهديدًا للتكامل الخلفي :
فإذا كان الزّبائن يشكلون خطر التكامل الخلفي، فإن بمقدورهم اشتراط تنازلات أثناء التفاوض. وتعمَد المؤسسات الكبيرة إلى استعمال التكامل الخلفي كسلاح للتفاوض؛ حيث أنها تنتج بنفسها بعض العناصر الدَّاخلة في صنع منتجاتها. وتتيح هذه العملية معرفة مفصّلة لتكاليف المورد، حيث يساعد ذلك على تعزيز الموقف التفاوضي. ويمكن تحييد قوة الزبائن التفاوضية –ولو جزئيًا– إذا شكلت مؤسسات القطاع تهديدًا للتكامل الأمامي في قطاع الزبائن.
سادسا _ أثر منتج القطاع على منتجات وخدمات الزبون:
عندما ترتبط جودة منتجات وخدمات الزبون، ارتباطا وثيقا بمنتجات القطاع، يكون الزبائن – عمومًا – أقل حساسية للسعر، والعكس صحيح.
سابعا _ امتلاك الزبون لمعلومات كاملة(1) :
في حال حيازة الزّبون لمعلومات كاملة عن الطّلب، الأسعار الحقيقية في السوق وتكاليف المورّد، يتيح له ذلك الضغط أثناء المفاوضات، وتجعل الزبون في وضعية يضمن معها الاستفـــادة من أسعار أكثر ملاءمة وجودة مقبولة، ويحدث العكس من ذلك إذا شحت المعلومات. ولا يدخل ضمن الزبائن المستهلكين فحسب، بل يتعداه إلى الزبائن الصناعيين والتجاريين، ويكفي تغيِّر إطار التفكير فقط.
I.1.5 - قوة تفاوض الموردين(2) :

يحدث أن يهدد الموردون مؤسسات القطاع المشتري؛ إذا كان بمقدورهم رفع أسعار المنتجات أو الخدمات. وتزداد قوة تفاوض الموردين إذا توفرت الشروط الآتية:
أولا_ درجة تركيز الموردين مقارنة بالزبائن :
يكون بمقدور الموردين، الذيـن يبيعون لزبائـن متفرقيـن – عموما – التأثير وبشكـل كبيـر علـى الأسعار، الجودة وشروط الشراء لدى الزبائن.
ثانيا _ غياب المنتجات البديلة :
حتى وإن كانت قوة تفاوض الموردين معتبرة، فيمكن أن تصطدم بمزاحمة المنتجات البديلة، مما يؤدي إلى إضعاف قوة الموردين التفاوضية.
ويتيح غياب المنتجات البديلة راحة تفاوضية، تزيد معها ضغوطات الموردين على الزبائن، ومن ثمة تزيد ربحيتهم.
ثالثا _ القطاع المشتري لا يمثل زبونا مهما :
عندما يبيع الموردون لقطاعات مختلفة، حيث لا يمثل أيّ منها ِسوى حصة بسيطة من رقم الأعمال، فيميلون أكثر إلى ممارسة سلطتهم إلى أقصى حد. أما في الحالة المعاكسة، فإن مصير المورّدين يكون مرتبطـا أكثر بالقطـاع المشتري، فيعملون على حمـايـة أنفسهـم من خـلال تقديم منتجات
بأسعار معقولة ومساعدات تقنية مثلاً.
رابعا _ يمثل المنتج وسيلة إنتاج مُهمة للقطاع المشتري :
في هذه الحال، يلعب المنتج دورًا كبيرًا في نتائج العملية الإنتاجية، أو جودة إنتاج القطاع، فتزداد قوة الموردين التفاوضية. وتكون أشد عندما يكون هذا المنتج غير قابل للتخزين، حيث يحول ذلك دون تشكيل احتياطي منه.
خامسا _ تمييز المنتج أو وجود تكلفة التبديل :
في حال امتلاك المورد لمنتج متميز، فهـذا يعني عدم وجوده عند غيره من المورّدين، فتتكون نوع من التبعية لدى الزبون، حيث لا يستطيع معها التخلي عن هذا المنتج. أما في حال وجود تكلفة التبديل، فإن الزبون يحجم على التخلي عن مورده؛ لأنه سيخسر الوقت والعلاقات التي بناها معه. وإن حدث وأن تخلى، فإن الموردين الآخرين سيتحملون تكلفة تبديل معتبرة؛ جراء استقطابهم للزبون، وتعويضه عما خسره.
سادسا _ تهديد التكامل الأمامي :
يحدث أن يتحوّل مورد عوامل الإنتاج إلى منتج لمنتجات زبائنه، فهو بذلك يهددهم من خلال التأثير على ربحية قطاع نشاطهم، فينضم بذلك إلى جماعة المنافسين الجدد مع الاحتفاظ بنشاطه الأصلي، ومن ثمة فهو يقوي من قدراته التفاوضية.
تدعى قوى التنافس بالبيئة الخاصة، وتم التّطرق إليها دون غيرها من أنواع البيئة الأخرى لسببين :
(1تهدد المؤسسات بشكل مباشر ومستمر؛
2)تحدد بدرجة كبيرة جاذبية قطاع النشاط.
تدفع قوى التنافس المؤسسات إما إلى النّمو، شريطة الاستفادة من الفرص التي تتيحها، وإما الزوال إذا ما فشلت في مجاراة وتيرة تطوّر هذه البيئة.
I.2- التنـافسيـة :

تسعى المؤسسة إلى التقدم على منافسيها، وعليه فهي مطالبة بالمعرفة الدقيقة للتنافسية، والإلمام بكل ما من شأنه أن يساهم في تشكيلها.
I.2.1 - تعريفها :
يصعب – في نظري – تقديم تعريف دقيق للتنافسية، باعتبار هذه الأخيرة يكتنفها نوع من الغموض؛ ومرد ذلك إلى اختلاف وجهات نظر وتجربة الممارسين في الميدان. ونحاول أن نستعرض تعاريف مختلفة لنخلص إلى تعريف أكثر دقة ووضوح.
أولا_ التعريف المستند إلى عوامل التنافسية(1) :
يركِز معظم مد راء المؤسسات(*)على ثلاثة عوامل وهي: السعر، الجودة والتكلفة وكان تواترها على التوالي: 67,5%؛ 58,75%؛ 33,75%. وبناءًا على ذلك فإن التنافسية يمكن تعريفها على أنها تقديم منتج ذو جودة عالية وسعر مقبول من قِبل الزبائن.
ثانيا _ التعريف المرتكز على السوق(2) :
مفاد هذا التّعريف، أن التنافسية تقاس من خلال أداء المؤسسة في السوق مقارنة بنظيراتها، وذلك استنادًا إلى تقويم حصة السوق النسبية(**) .
ثالثا _ التنافسية كسلوك :
يُنظر للتنافسية من زوايا مختلفة، فمنهم من يرى أنها قيد تحول دون النمو في السوق، ومنهم من يرى أنها محفـز قوي يدفع نحو بدل المزيد من الجهد؛ قصد تحسين متواصل للأداء على كل المستويات. وعليه فإن التنافسية تخضع هنا لتقويم ذاتي من قبل الممارسين(3) .
يمكـن على ضوء ما سبـق تقديم صورة التنافسيـة كمفهوم متعدد الأبعاد، تجتهد المؤسســـة فـي تحقيقه؛ قصد احتلال موقع تنافسي مستمر في السوق. فهي – أي التنافسية – حالة ذهنية تدفـــع إلـى التفكير في الكيفيات التي تجعل المؤسسة تحافظ وتطوِّر موقعها في السوق أطول فترة ممكنة.
I.2.2_ أنواعها :
تُصنف التنافسية إلى صنفين وهما:
أولا_ التنافسية بحسب الموضوع(1) :
وتتضمّن تنافسية المنتج وتنافسية المؤسسة.
1_ تنافسية المنتج:
تعتبر تنافسية المنتج شرطًا لازمًا لتنافسية المؤسسة، لكنه ليس كافي وكثيرًا ما يُعتمد على سعر التكلفة كمعيار وحيد لتقويم تنافسية منتج معين، ويعدّ ذلك أمرًا مضلِّلاً، باعتبار أن هناك معايير أخرى قد تكون أكثر دلالة، كالجودة وخدمات ما بعد البيع. وعليه يجب اختيار معايير معبِّرة تمكّن من التعرف الدقيق على وضعية المنتج في السوق في وقت معين.
2_ تنافسية المؤسسة:
يتم تقويمها على مستوى أشمل من تلك المتعلقة بالمنتج؛ حيث لا يتم حسابها من الناحية المالية في نفس المستوى من النتائج. في حين يتم التقويم المالي للمنتج بالاستناد إلى الهامش الذي ينتجه هذا الأخير. أما تنافسية المؤسسة، فيتم تقويمها آخذين بعين الاعتبار هوامش كـل المنتجات مـن جهة، والأعباء الإجمالية، التي نجد من بينها: تكاليف البنية؛ النفقات العامة، نفقات البحث والتطوير، والمصاريف المالية...إلخ من جهة أخرى. فإذا فاقت هذه المصاريف والنفقات الهوامش، واستمر ذلك مدة أطول، فإن ذلك يؤدي إلى خسائر كبيرة، يصعب على المؤسسة تحملها. ومن ثمة فالمؤسسة مطالبة بتقديم قيمة لزبائنها، ولا يتم ذلك إلا إذا كانت حققت قيمًا إضافية في كل مستوياتها.
ثانيا _ التنافسية وفق الزمن :
تتمثل في التنافسية الملحوظة والقدرة التنافسية.

1_ التنافسية الملحوظة(2) :
تعتمد هذه التنافسية على النتائج الإيجابية المحقّقة خلال دورة محاسبية، غير أنه يجب ألاّ نتفاءل بشأن هذه النّتائج؛ لكونها قد تنجم عن فرصة عابرة في السّوق، أو عن ظروف جعلت المؤسسة في وضعية احتكارية. فالنتائج الإيجابية في المدى القصير، قد لا تكون كذلك في المدى الطويل.
2_ القدرة التنافسية :
بين استطلاع (*) للرأي، أن القدرة التّنافسية تستند إلى مجموعة من المعايير(**) ، حيث أن هذه الأخيرة تربطها علاقات متداخلة فيما بينها، فكل معيار يعتبر ضروري؛ لأنه يوضح جانبًا من القدرة التنافسية، ويُبقي المؤسسة صامدة في بيئة مضطربة، ولكنه لا يكفي بمفرده.
وعلى خلاف التنافسية الملحوظة، فإن القدرة التنافسية تختص بالفرص المستقبلية، وبنظرة طويلة المدى من خلال عدة دورات استغلال(1) .

إنـه من المهم التفرقة بين أنواع التنافسية حتى لا تضيع الجهـود والموارد في تحقيق أهـداف لا تضمن استمرارية المؤسسة ولا تطورها.
I.2.3_ عواملهــا :

إن استطلاع الرأي الذي شمل مد راء المؤسسات، الذين طـُرح عليهم السؤال الآتي :
ماذا فعلتم لتصبح مؤسستكم تنافسية ؟
و قد أسفرت الإجابات عن النتائج الآتية :
«1) عوامل مرتبطة بالتسيير:
المرونة، النّمو، القدرة على التأقلم، البحث عن منتجات جديدة، اختيار الأنشطة التي تمكن من التميز، تخفيض التكاليف، الدراسات والتنبؤ 74 مرة
2) عوامل مرتبطة بالبيع :
الإشهار، الترقية، السياسة التجارية. 22 مرة
3) عوامل مرتبطة بعملية الاتصال بالزبائن :
الصّورة، الجودة الملحوظة، خدمات ما بعد البيع. 60 مرة
4) عوامل مرتبطة بالإنتاج :
الإنتاجية، سياسة الشراء، التخزين، التكنولوجيا، الآجال، الجودة. 50 مرة
5) عوامل مرتبطة بالكفاءات:
تكوين المستخدمين، معرفة كيفية العمل، التحفيز، تحمّل المسؤولية. 45 مرة ».(1)

و أدى تحليل النتائج على أساس التواتر، إلى ترتيب العوامل في مجموعات وهي كالآتي:

« المجموعة الأولى: ذكرت عواملها 74 مرة هذا يعني أنها حَرجة ويتوقف عليها بقاء ونمو المؤسسة أو انسحابها.
المجموعة الثانية: ذكرت عواملها 60 مرة، فهي مهمة ولكن ليست بالحرجة.
المجموعة الثالثة: ندرج ضمنها المجموعة المرتبطة بالإنتاج، والمجموعة المتعلقة بالكفاءات وتعد أقل أهمية .
المجموعة الرابعة: تتضمن العوامل المرتبطة بالبيع، فهي ذات أهمية ضعيفة»(2) .
تعد الإجابات المقدمة نسبية؛ لأنها قدمت من قبل أشخاص يشغلون مناصب مختـلفة، ويملكون وجهات نظر وتجارب مختلفة أيضًا. وكذا الاستناد إلى التواتر لتحديد درجة أهمية العوامل، فهو أساس نسبــي كذلك، فالكفـاءات فـي وقتنـا الحاضـر مثلا هي الورقـة الرابحـة للمؤسســــــة، فكيف تصنف فــي المجموعة الثالثة، فلو اعتُـمدت أسس أخرى إلى جانب التواتر لاختلف التّرتيب. غير أن هذا التحليل للنتائج، لا يمنع من استخلاص بعض الأمور المفيدة والتي تساهم في فهم التنافسية.
I.2.4 _ قياسهــا :

يمكن معرفة – نسبيا – موقع المؤسسة من التّنافسية؛ بالاستناد إلى الثنائية فعالية – إنتاجية، وكذا من خلال مقارنة أداء المؤسسة في السوق بأداء منافسيها.
أولا_ الثنائية فعالية – إنتاجية(3) :
1_ الفعالية:
نقول عن المؤسسة أنها فعالة؛ إذا تمكنت من تحقيق الهدف أو الأهداف المسطرة لها. و يمكن حساب الفعالية من خلال النسبة بين النتائج المحصل عليها والنتائج المنتظرة.
2_ الإنتاجية:
هي النسبة بين النتائج المحصل عليها والوسائل المسخرة لتحقيقها.

3_ الفعالية – الإنتاجية: طريقان نحو التنافسية:
يمكن اعتبار التنافسية كمحصلة التوليف بين الفعالية والإنتاجية، ويمكن توضيح ذلك من خلال الشكل (2_I) .
ففي مواجهة وضعية اقتصادية صعبة، تتجه المؤسسات نحو البحث عن توازن جديد، بالاعتماد على وفورات في الإنتاجية. وحتى يتسنى ذلك، يتم اللجوء إلى التخلي عن اليد العاملة؛ لأن هذه العملية تكون تقنيا أسهل، ولذلك سميت هذه العملية بطريق الانكماش .(Downsizing) إلاّ أن هذا الاختيار قد ينطوي على مخاطر كبيرة على المدى الطويل، باعتبار أن عملية التخلي هذه مست المهارات التي تدربت في المؤسسة، والتي يصعب تعويضها مستقبلاً. بخلاف الطريق الأول، فإن الطريق الثاني يعد الأفضل باعتبار أنه يعمد إلى بناء قوة تنافسية متنامية في بيئة معقدة، حيث يتم ذلك من خلال الرفع من النتائج، حيث يتم ذلك بوساطة كسب طلبات جديدة واستغلال فعال للوسائل المتاحة.
يَفترض الطريق الثاني، وهو طريق التوسع (Upsizing) وجود تفكير تسويقي شامل، متجه نحو إرضاء المتعاملين (الزبائن، الموردين، البنوك، مقدمي الخدمات ...إلخ) وجعلهم أكثر وفاءًا.

الشكل (2_I) : طريقان لتنافسية المؤسسة.









إن معرفة الطريق المؤدي إلى اقتحام سوق تنافسية، يتم من خلال حساب مرونة(*) الإنتاجية بالنسبة للفعالية. ونجد هنا ثلاث حالات :
1) إذا كانت المرونة أكبر من الواحد، فهذا يوافق الطريق المسمى بالتوسع (Upsizing)؛
2) إذا كانت المرونة تساوي الواحد، فهذا يوافق الطريق الأمثل؛
3) إذا كانت المرونة أقل من الواحد، فهذا يوافق الطريق المسمى بالانكماش (Downsizing).
تجدر الإشارة إلى أنـه إذا تم التمادي في البحث عن الإنتاجية على حساب الفعالية، فإن هذا قد يؤدي – احتمال كبير – إلى انحراف هذا الطّريق. ومن ثمة السقوط (Crashsizing) .
يستدعي البحث عن الطريق المؤدي إلى التنافسية،التعرّف على المؤشرات المعبرة، والتي تفسر الإنتاجية والفعالية؛ حتى يتسنى متابعتها خلال الزمن.
ثانيا _ قياس التّنافسية مقارنة بالمنافسين:
يُعتمد هنا على مقارنة أداء المؤسسة بأداء المنافسين في السوق. ويمكن تقويم هذا الأداء من خلال حسـاب حصة السوق النسبية، والتي هـي النسبـة بين حصة سوق المؤسسـة وحصة سوق المنافس الأحسن أداءًا، حيث نجد ثلاث حالات:
1) حصة السوق النسبية أكبر من الواحد، هذا يعني أن أداء المؤسسة يضاهي أداء المنافس؛
2) حصة السّوق النسبية تساوي الواحد، هذا يعني أن للمؤسسة أداء يماثل أداء المنافس؛
3) حصة السّوق النسبية أقل من الواحد، هذا يعني أن للمؤسسة أداء أقل من أداء المنافس.
تنجم عن هذه المقارنة نتيجتين إيجابيتين :
«1) تسمح بالتموقع بين أحسن النتائج؛
2) تدفع المؤسسة للعمل على تحسين أداءها، ومن ثمة تنمية تنافسيتها»(1) .
ينظر إلى عملية القياس من زاويتين مختلفتين، لكنهما متكاملتين، حيث تعتمد الأولى على القياس الداخلي بوساطة الثنائية فعالية – إنتاجية، وتعتمد الثانية على القياس الخارجي من خلال مقارنة أداء المؤسسة بأداء المنافس في السوق. إن الازدواجية في النظرة تمكن من معرفة الموقع التنافسي بصفة منتظمة، وبشكل يسمح بالتصرف في الوقت المناسب.
لا يمكن حصر التنافسية في قائمة من العوامل فحسب، بل هي إدراك ومعرفة وإصغاء دائم بكل ما يحيط بالمؤسسة من تغيّرات. وبناءًا على ذلك يتم وضع معايير معبرة وقواعد مضبوطة تساعد على معرفة درجة التّنافسية مقارنة بجماعة المنافسين؛ قصد تحسين الأداء التّنافسي،وضمان استمرارية النشاط.
I.3 - الميزة التنافسيـة :
تجتهد المؤسسة في بيئة تنافسية؛ قصد التـفوق على منافسيها ضمن قطاع النشاط، ولن يكون لها ذلك إلا إذا حازت على عنصر أو عناصر تميِّزها عنهم.
I.3.1 - تعريفها :
أولا_ التعريف الأول :
تنشأ الميزة التنافسية « بمجرد توصل المؤسسة إلى اكتشاف طرائق جديدة أكثر فعّالية من تلك المستعملة من قبل المنافسين. حيث يكون بمقدورها تجسيد هذا الاكتشاف ميدانيا. وبمعنى آخر بمجرد إحداث عملية إبداع بمفهومه الواسع(...)»(1) .
ثانيا _ التعريف الثاني :
تعرّف الميزة التنافسية على «أنها ميزة أو عنصر تفوق للمؤسسة يتم تحقيقه في حالة إتباعها لإستراتيجية معينة للتنافس»(2) .
يبدو لي التعريف الأول أكثر دلالة وإقناعًا؛ لأنه يركز على جوهر الميزة التنافسية ألا وهو الإبداع. أما التعريف الثاني فهو يعتمد على مصدر من مصادر الميزة التنافسية والمتمثلة في استراتيجية التنافس.
وتتمتع الميزة التنافسية بالخصائص الآتية(3) :
1) تبنى على اختلاف وليس على تشابه؛
2) يتم تأسيسها على المدى الطويل، باعتبارها تختص بالفرص المستقبلية؛
3) عادة ما تكون مركزة جغرافيا.
وحتى تكون الميزة التنافسية فعالة يتمّ الاستناد إلى الشّروط الآتية :
«1) حاسمة، أي تعطي الأسبقية والتفوق على المنافس؛
2) الاستمرارية، بمعنى يمكن أن تستمر خلال الزمن؛
3) إمكانية الدفاع عنها، أي يصعب على المنافس محاكاتها أو إلغاءها»(1) .
تضمن هذه الشروط مجتمعة فعالية الميزة التّنافسية؛ لأنّ كل شرط مرهون بالأخر. حيث شرط الحسم مقرون بشرط الاستمرارية وهذا الأخير مقرون بشرط إمكانية الدفاع. فكيف لها أن تستمر وهي هشة يمكن إلغاءها، وكيف لها أن تكون حاسمة وهي لم تستمر طويلاً.
I.3.2 - أنواعهــا :

نميز بين نوعين من الميزة التنافسية، ميزة التكلفة الأقل وميزة التميّـز.

أولا_ ميزة التكلفة الأقل :
نقول عن مؤسسة ما أنّها تحوز على « ميزة التّكلفة الأقل، إذا كانت تكاليفها المتراكمة بالأنشطة المنتجة للقيمة (*) أقل من نظيراتها لدى المنافس»(2) .

1_ الحيازة على ميزة التكلفة الأقل(3) :
للحيازة على ميزة التكلفة الأقل يتم الاستناد إلى مراقبة عوامل تطور التكاليف، حيث أن التحكم الجـيد في هذه العوامل مقارنة بالمنافس، يكسب المؤسسة ميزة التـكلفة الأقل. وتكون المراقبة كما يلي:

1_ مراقبة الحجم: يمكن كل من التَّوسيع في تشكيلة المنتجات، الحيازة على وسائل إنتاج جديدة، التوسع في السوق أو نشاط تسويقي مكثف من تخفيض التكاليف. غير أن الحجم الذي يحكم التكاليف يختلف من نشاط إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى. فمثلاّ الرفع من حجم منتج معين على المستوى المحلي أو الجهوي، قد يؤدي إلى تخفيض تكاليف قوة البيع أو تكاليف التوزيع المادي للمنتج. وتجدر الإشارة إلى أن البحث عن اقتصاديات الحجم، يجب ألا يُحدث تدهورًا في الأنشطة الأخرى ومنه توخي التوازن في عملية البحث هذه.

2_ مراقبة التعلم : التعلم هو نتيجة للجهود المتواصلة والمبذولة، من قِبل الإطارات والمستخدمين على حد سواء. لذلك يجب ألا يتم التركيز على تكاليف اليد العاملة فحسب، بل يجب أن يتعداه إلى تكاليف النفايات والأنشطة الأخرى المنتجة للقيمة، فالمسيرون مطالبين بتحسين التّعلّم وتحديد أهدافه، وليتم ذلك يستند إلى مقارنة درجة التّعلم بين التجهيزات والمناطق، ثم مقابلتها بالمعايير المعمول بها في القطاع.

3_ مراقبة الروابط: تُحسِّن المؤسسة موقعها في ميدان التكاليف، إذا تمكنت من التعرف على الروابـــط الموجودة بين الأنشطة المنتجة للقيمة من جهة، واستغلالها من جهة أخرى. فمثلاً التكلفة الناجمة عن الاختيار الدقيق لمكونات المنتج، يؤدي إلى تخفيض تكلفة تفتيش المنتجات التامة الصنع. وقد تـلجأ المؤسسة إلى التنسيق مع الموردين وقنوات التوزيع؛ لاستغلال الروابط الموجودة، شريطة أن تقبل اقتسام الأرباح الناجمة عن الروابط معهم.

4_ مراقبة الإلحاق: يتم هنا إما تجميع بعض الأنشطة المُهمة والمنتجة للقيمة، وذلك قصد استغلال الإمكانات المشتركة، أو تحويل معرفة كيفية العمل في تسيير نشاط منتج للقيمة إلى وحدات استراتيجية تمارس أنشطة مماثلة.

5_ مراقبة الرزنامة: عادةً ما تستفيد المؤسسات السباقة إلى بعض القطاعات، من ميزة التكلفة الأقل بشكل متواصل؛ ويرجع ذلك إلى كونها تتموقع في أحسن المواقع، وتوظّف أفضل المستخدَمين، وتتعامل مع موردين ذوي خبرة ودراية. أما في بعض القطاعات الأخرى، فإن التـريث والانتظار يكون أفضل، إما لكون التكنولوجيا المستخدمة سريعة التغير، فيدخل المنتظرون إلى القطاع بتكنولوجيا جديدة ينافسون بها السباقون، وإما بغرض دراسة سلوكات المنافسين واكتشاف نقــــاط القوة والضعف لديهم، وبعدها الدخول إلى القطاع بأكثر معرفة للأوضاع التنافسية السائدة.

6_ مراقبة الإجراءات: يحدث أن تعمد المؤسسة إلى تطبيق إجراءات بصفة طوعية؛ وقد يرجع ذلك إلى سوء فهم لهذه الإجراءات. وسرعان ما يكشف تحليل التكاليف عن ضرورة إلغاء أو تغيير بعض الإجراءات التي لا تساهم إيجابًا في ميزة التكلفة الأقل، بل أكثر من ذلك فهي تكلف أكثر مما يجب. وبالتالي فإن مراقبة الإجراءات يسمح بفهمها ومن ثمة تخفيض التكاليف.

7_ مراقبة التموضع: إن التموضـع لمختـلف الأنشطـة، سواء كان ذلـك بالنسبــة للأنشـطـة فيما بينهـــا، أو بالنسبة إلى الزبائن والموردين له – عادةً – تأثير على عناصر عدة من بينها: مستوى الأجور، فعالية الإمداد وسهولة الوصول إلى الموردين.
2_ تطبيق ميزة التكلفة الأقل(1) :
لا يمكن أن تنخفض التكاليف بصفة آلية، ولكن تبعًا لعمل جاد ودائم. فللمؤسسات قدرات متغيرة على تخفيض التكاليف، حتى وإن كانت تملك نفس حجم الإنتاج المتراكم، أو أنـها تتابع نفس السياسة. وقد يكون التحسين في الموقع النسبي للمؤسسة لا يتطلب تغييرا كبيرا للإستراتيجية، بقدر ما يتطلبه من انتباه وإدراك ووعي من قبل المسيرين. وتُعد عوامل كالتحفيز، التكوين، وثقافة المؤسسة من بين العوامل المؤدية إلى تخفيض التكاليف. حيث أن لكل مستخدم القدرة على تخفيض التكلفة في نطاق النشاط الذي يمارسه. فالمؤسسات الرائدة تعمد إلى وضع برامج تسمح بمراقبة تكاليف الأنشطة المنتجة للقيمة، حيث يدرسون تطورها عبر الزمن، ومقارنتها بتلك المعتمدة من قبل المنافسين، فيأخذون القرارات بشأنها.

3_ الأخطاء التي يجب تفاديه(2) :

1_ التركيز على تكلفة الأنشطة المتعلقة بالتصنيع: يركز معظم المسيرون على تكلفة التصنيع، باعتبـار أنّ هــذا الأخـير فـي نظـرهـم يستهـلك الموارد الكثـيـرة. غيـر أن هنـاك أنشطـة كالبيــع، الخدمات، التّطوير التكنولوجي والبنية الأساسية، والتي تشكل تكاليفها جزءًا هامًا من التكلفة الكلية.

2_ إهمال أنشطة التموين: تتجه الكثير من المؤسسات إلى تخفيض تكلفة اليد العاملة، ولا تبدي إلاّ اهتمامًا متواضعًا حيال وسائل الإنتاج المشتراة. فهي تميل إلى اعتبار المشتريات كنشاط ثانوي، فَتـُسنِدُ مَهمة الإشراف عليه إلى أشخاص تنقصهـم المعرفـة والخبـرة، أو أنهم غير محفزين لتخفيض التكاليف، فالمؤسسة التي تسلك هذا الاتجاه، تبرهن عن فهم ناقص للروابط الموجودة بين وسائل الإنتاج المشتراة، وتـكاليف الأنشطة الأخرى المنتجـة للقيمـة. وقد يسمـح إحداث تغيرات بسيطـة فــي تطبيقات الشراء بالاستفادة من وفورات معتبرة.

3_ إهمال الأنشطة الصغيرة أو غير المباشرة: تعتمد البرامج المخصصة لتخفيض التكاليف –عموما– التركيز على الأنشطة التي تكون تكاليفها معتبرة أو على تلك التي تُـمارس بصفة مباشرة، فيتم بذلك التغاضي عن الأنشطة التي لا تمثل سوى جزءًا يسيرًا من التكلفة الكلية، أو تلك التي تُمارَس بصفة غير مباشرة، كالصيانة مثلاً.

4_ الفهم الخاطئ لعوامل تطور التكاليف: يحدث أن تقدم المؤسسات على القيام بتشخيص مضلل لعوامل تطور التكاليف، فمثلا: قد تحوز المؤسسة على حصة سوق معتبرة ضمن السوق الوطنية، وتملك أقل التكاليف مقارنة بمنافسيها، فتستخلص أن حصة السوق الوطنية هي التي تحكم التكاليف. غير أنه قد يرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى حصة السوق الجهوية، فالنقص في فهم مصدر الميزة المعتمدة على السيطرة بوساطة التكاليف، قد يؤدي إلى تخفيض التكاليف من خلال الرفع من حصة السوق الوطنية. ومن ثمة يتدهور موقعها بتقليص تركيزها على المستوى الجهوي، وكذلك إلى التركيز على استراتيجية دفاعية لمواجهة المنافسين الذين ينشطون في السوق الوطنية، وإهمال التهديدات التي قد تكون خطيرة، والتي يكون مصدرها المنافسين الذين ينشطون على المستوى الجهوي.

5_ النقص في استغلال الروابط: يصعب على المؤسسات – في بعض الأحيان – أن تفهم كل الروابط التي تؤثر على التكاليف، وبخاصة تلك الموجودة مع الموردين، وكذا بين الأنشطة فيما بينها، كضمان الجودة، تفتيش المنتجات وخدمات ما بعد البيع.
فعدم معرفة هذه الروابط يؤدي إلى وقوع أخطاء، كأن تُطَالِبُ دوائر المؤسسة بتخفيض تكاليف أنشطتها بمبالغ متساوية. إلا أن الرفع من تكاليف بعض الدوائر، يمكن أن يؤدي إلى تخفيض التكلفة الكلية.

6_ تخفيضات متناقضة للتكاليف: تحاول المؤسسات – أحيانًا – تخفيض التكاليف بوسائل متناقضة. فهي تجتهد في اقتحام حصص السوق؛ بغية الاستفادة من مزايا اقتصاديات الحجم، وفي الوقت ذاته تهدر مواردها من خلال مضاعفة النماذج، وتقيم بمقربة من الزبائن؛ حتى تستفيد من وفورات في مصاريف النقل، ولكن في نفس الوقت تصـرّ على تقليص دور تطوير المنتجات الجديدة.

7_ التفكير في الهامش: عادةّ ما تهدف العمليات المعتمدة لتخفيض التكاليف، إلى إجراء تحسينات متواضعة وهامشية، عوض البحث عن وسائل جديدة تسمح بالحصول على مجال تكاليف جديد.

8_ تهديد التميّز: قد يؤدي تخفيض التكاليف إلى تهديد التميز، وذلك إذا تم إلغاء المصادر التي تجعل المؤسسة فريدة في نظر الزبون. ومن ثمة فإن الجهود المبذولة لتخفيض التكاليف، يجب أن تركز أساسا على الأنشطة التي لا تساهم في تـفـرّد المؤسسة بشكل رئيس.
ثانيًا _ ميزة التميز :
تتميز المؤسسة عن منافسيها، « عندما يكون بمقدورها الحيازة على خصائص فريدة تجعل الزبون يتعلق بها»(1) .
1_ الحيازة على ميزة التميّز :
حتى يتم الحيازة على ميزة التميز، يستند إلى عوامل تدعى بعوامل التـفرد، التي سنوردها فيما يلي(2) :


1_ الإجراءات التقديرية: تقدم المؤسسات على اختيارات تقديرية للأنشطة التي يجب أن تُعتمد، وللكيفية التي تمارس بها، حيث يمكن أن تعتبر هذه الإجراءات عاملاً مهيمنًا على تـفـرد المؤسسة، وتتمثل في خصائص وكفاءة المنتجات المعروضة، الخدمات المقدمة، كثافة النشاط، (كمستوى نفقات الإشهار)، محتوى النشاط (كدقة الآلات)، جودة وسائل الإنتاج المسخرة للنشاط، الإجراءات التي تحكم عمل المستخدَمِين في النشاط (كإجراءات خدمات ما بعد البيع، تواتر عملية التفتيش)، كفاءة وخبرة المستخدَمِين في النشاط، المعلومات المستخدمة من أجل مراقبة النشاط (كدرجة الحرارة، الضغط والمتغيرات المستعملة لمراقبة التفاعل الكيميائي).

2_ الروابط: يمكن أن تتأتى خاصية التفرد من خلال الروابط الموجودة بين الأنشطة، أو من خلال الروابط مع الموردين وقنوات التوزيع المستغلة من قبل المؤسسة. ويمكن شرح هذه الروابط كما يلـي:
أ) الروابط بين أنشطة المؤسسة: يشترط في التلبية الجيدة لحاجيات الزبائن تنسيقا بين الأنشطة المرتبطة فيما بينها. فمثلا، لا تحدد آجال تسليم المنتجات من خلال الإمداد الخارجي فحسب، بل كذلك من خلال السرعة في معالجة الطلبيات، وكذا تردد الباعة لأخذ طلبياتهم.
ب) الروابط مع الموردين: يمكن تلبية حاجيات الزبائن، إذا تم التنسيق مع الموردين، حيث أنه بالإمكان تقليص مدة تطوير نموذج جديد، إذا قبل الموردون اقتناء المعدات الضرورية لتصنيع القطع الجديدة، ريثما تنتهي المؤسسة من عملية تصميم تجهيزات تصنيع النموذج الجديد.
جـ) الروابط مع قنوات التوزيع: يمكن لهذه الروابط أن تساهم في تـفـرّد المؤسسة، إما من خلال التنسيـق مع هذه القنوات، أو من خـلال استغلال أفضل للأنشطـة المشتركة بين المؤسسة وهذه الأخيرة. مثلا، تكوين الموزعين، إلحاق جهود البيع بتلك الخاصة بالقنوات، تمويل الاستثمارات في قنوات التوزيع.
3_ الرزنامة: قد ترتبط خاصية التفرد بالتاريخ الذي بدأت فيه المؤسسة ممارسة نشاط معين. فمثلا، المؤسسة التي كانت السّباقة إلى استعمال صورة معينة للمنتج، يمكنها أن تحقق ميزة التميز. وخلافًا لذلك هناك بعض القطاعات، حيث يكون فيها التأخر عن الدخول مفيدًا؛ لأنه يسمح باستعمال تكنولوجيا أكثر حداثة.

4_ التموضع: قد تحوز المؤسسة على خاصية التفرد، إذا ما أحسنت اختيار الموضع الملائم لأنشطتها. فمثلا، يمكن لبنك تجاري أن يتمتع بأحسن المواضع لوكالاته وموزعاته الأوتوماتيكية الخاصة بالأوراق النقدية.

5_ الإلحاق: يمكن أن تنجم خاصية التفرد لنشاط منتج للقيمة، بمجرد أن يكون هذا النشاط مشتركا لعدة وحدات تابعة لنفس المؤسسة.

6_ التعلم وآثار بثه: قد تنجم خاصية التفرد لنشاط معين، عندما يُمَـارَسُ التعلم بصفة جيدة. فالجودة الثابتة في العملية الإنتاجية يمكن تعلمها. ومن ثمة فإن التعلم الذي يتم امتلاكه بشكل شامل كفيل بأن يؤدي إلى تميز متواصل.

7_ التّكامل : تسمح درجة التّكامل بالحصول على خاصية التفرد، حيث يتم ذلك بوساطة ضم أنشطة جديدة منتجة للقيمة كانت تمارس من قِبل الموردين أو قنوات التوزيع، فهي تتيح الفرصة لمراقبة نتائج الأنشطة التي بمقدورها أن تكون مصدرًا للتـميّـز.

8_ الحجم: يمكن أن يؤدي الحجم الكبير لنشاط، معين إلى ممارسة هذا الأخير بطريقة فريدة. الشيء الذي لا يمكن تحقيقه بالاعتماد على الحجم الصغير، وقد يؤدي الحجم الكبير إلى التأثير سلبا على التميز. فمثلا، يمكن أن يُضعِف من مرونة المؤسسة عندما يطلب منها الاستجابة إلى احتياجات الزبائن (المؤسسات الحساسة لعامل الذوق).

تختلف عوامل التفرد من نشاط لأخر، ومن قطاع لأخر، حيث يحدد تضافرها الكيفية التي يحوز بها نشاط معين على خاصية التفرد. ومن ثمة فإن المؤسسة مطالبة بمعاينة المجالات التي يمكن التفرد فيها؛ حتى تتمكن من التعرف على العوامل المهيمنة. وتعد هذه المعاينة مُهمة لاستمرارية التميز؛ لأن بعض عوامل التفرد تؤثر بصفة أكثر استمرارية من غيرها. فمثلا، من السهل تقليد عامل الإجراءات التقديرية مقارنة بعاملي الإلحاق واستغلال الروابط، فالفهم الجيد للعوامل التي تجعل من المؤسسة فريدة تسمح لها ألا تتصرف في اتجاه يقضي على مصادر تميزها.
2_ تكلفة التميز (1) :
المؤسسة مطالبة بتجنيد مبالغ هامة للحيازة على خاصية التفرد؛ حتى تتمكن من ممارسة أنشطتها المنتجة للقيمة بشكل أفضل مقارنة بمنافسيها. فمثلا، يستوجب تقديم مساعدة تقنية للزبون تـوظيف مستخدمين متخصصين، ولإنتـاج منتجـات أكثر صلابـة وقوة، يـستلزم ذلك مـواد أوليــة كثـيـرة أو أغلى سعرا، فعدادات المياه المصنوعة من قبل روكويل تعد الأحسن والأطول عمرًا مقارنة بتلك المنتجة من قبل المنافسين؛ لأنها تحتوي على أكبر نسبة من البرونز.

تختلف تكلفة التميّز من مؤسسة لأخرى؛ ومرد ذلك أن موقع المؤسسات تّجاه عوامل تطور التكاليف مختلف. ومن ثمة ضرورة الرفع من درجة التميز بوساطة تنسيق أحسن بين الأنشطة. فمثلاً، التنسيق الأحسن بين مراقبة الأسعار، التموين ورزنامة الإنتاج يؤدي إلى تخفيض تكلفة التخزين، وتقليص آجال التسليم. وتفسّر الفرص الضائعة بالقول الذي مفاده أن الجودة مجانية. هي كذلك ليس لأن التميز غير مكلف، بل لكون المؤسسات لا تستغل كل الروابط الموجودة بين الأنشطة، وهي مطالبة بمقارنة التفرد لنشاط معين بالتكلفة الضرورية لبقائها في نفس المستوى مع منافسيها.

3_ الأخطاء التي يجب تفاديها أثناء التميز :
«1_ التميز المفرط: يحدث ألا تستوعب المؤسسة الآليات التي تؤثر بوساطتها على القيمة المنتجة للزبون أو الملحوظـــة من قبلــه. وقد يؤدي ذلك إلى إفراط في التميـز. فمثلا، إذا كانت جودة المنتج أو مستوى الخدمة المقدمة تتعدى احتياجات الزبائن، فالمؤسسة تصبح هدفا سهلا للمنافسة التي تملك منتج ذو جودة مناسبة وسعر منخفض.

2_ سعر إضافي مرتفع جدا: يرتبط السعر الإضافي المصاحب للتميز، بالقيمة الممنوحة للزبون وباستمرارية التميز ذاته، فالسعر الإضافي المرتفع، قد يؤدي بالزبون إلى التخلي عن منتجات المؤسسة. ومن ثمة فهي مطالبة بأن توازن بين القيمة المنتجة والسعر الإضافي المرافق لها. حيث لا يرتبط هذا الأخير بدرجة التميز فحسب، بل كذلك بموقع المؤسسة إزاء التكلفة النسبية. وللحفاظ على هذا السعر الإضافي، يجب إبقاء التكاليف بمقربة من المستوى المتعارف عليه في قطاع النشاط.

3_ عدم معرفة تكلفة التميز: لا يؤدي التميز إلى نتائج أكبر من المتوسط، إذا لم تتجاوز القيمة الملحوظة من قِبل الزبون تكلفتها. وتنسى المؤسسات –عادة– تحديد تكلفة الأنشطة المسؤولة عن التميز، وتفترض منذ الوهلة الأولى أن هذا الأخير مربح، فتعمد إلى تسخير موارد مالية بشأنه أكبر مما يدره من أرباح، أو تهدر فرص تخفيض التكاليف.

4_ التركيز الشديد على المنتج: لا تنظر بعض المؤسسات إلى التميز، إلا من الناحية الفيزيائية للمنتج، وتهمل الإمكانيات الموجودة في مختلف أنشطتها، حيث يمكن أن تقدم هذه الأخيرة فرص عديدة ومستمرة للتميز»(1) .

تسمح المعرفة الجيدة لميزتي التكلفة الأقل والتميز، للمؤسسة بتصويب الجهود في اتجاه يحول دون هدر قدراتها وكفاءاتها، وكذا التحكم – نسبيا – في العوامل التي تؤثر في هذين النوعين. قد يكون من المفيد أن يتم تحقيق ميزة التكلفة الأقل وميزة التميز في آن واحد – إن أمكن ذلك – شريطة ألاّ تتعارض الواحدة منها مع الأخرى، حتى لا تكون النتائج معاكسة للتوقعات. ويتم الاستناد في اختيار نوع من الميزة دون الآخر إلى العوامل الآتية:
1) جاذبية النشاط؛
2) حدة المنافسة؛
3) التكنولوجيا المستعملة؛
4) تطور احتياجات الزبائن خلال الزمن؛
5) الفرص المستقبلية.

ويمكن إضافة عوامل أخرى، وذلك حسب نظرة المؤسسة لأهمية هذه الأخيرة.

I.3.3 _ معايير الحكم على جودتها :
تتحدد نوعية ومدى جودة الميزة بثلاثة ظروف هي:

أولا: مصدر الميزة(2) :
يمكن ترتيب الميزة التنافسية وفق درجتين هما :
1) مزايا تنافسية من مرتبة منخفضة، مثل التكلفة الأقل لكل من قوة العمل والمواد الخام، وحيث يسهل نسبيا تقليدها ومحاكاتها من قبل المؤسسات المنافسة؛
2) مزايا من مرتبة مرتفعة مثل، تميز المنتج (التميز والتفرد من تقديم منتج أو خدمة من نوعية معينة)، السمعة الطيبة بشأن العلامة استنادًا إلى مجهودات تسويقية متراكمة، أو علاقات وطيدة مع العملاء محكومة بتكاليف تبديل مرتفعة.

و تتصف هذه المزايا بعدد من الخصائص أهمها :
أ) يتطلب تحقيقها ضرورة توافر مهارات وقدرات من مستوى مرتفع مثل الأفراد المدربين تدريبا خاصًا، القدرات الفنية الداخلية، والعلاقات الوطيدة مع كبار العملاء؛
بـ) تعتمـد على تاريخ طويــل من الاستثمــارات المستمرة والمتراكمة في التسهيلات الماديــة،
والتعلم المتخصص، والبحوث والتطوير، والتسويق. ويترتب على أداء هذه الأنشطة خلق مجموعة من الأصول الملموسة وغير الملموسة وفي شكل سمعة طيبة، علاقات وثيقة مع العملاء، وحصيلة من المعرفة المتخصصة(...).

ثانيا _ عدد مصادر الميزة التي تمتلكها المؤسسة(1) :
في حال اعتماد المؤسسة على ميزة واحدة فقط مثل تصميم المنتج بأقل تكلفة أو القدرة على شراء مواد خام رخيصة الثمن، فإنه يمكن للمنافسين تحييد أو التغلب على آثار تلك الميزة. أما في حال تعدد مصادر الميزة، فإنه يصعب على المنافس تقليدها جميعا.

ثالثا _ درجة التحسين والتطوير والتجديد المستمر في الميزة :
(...) تتحرك المؤسسات نحو خلق مزايا جديدة وبشكل أسرع قبل قيام المؤسسات المنافسة بتقليد أو محاكاة الميزة القائمة حاليا. لذا قد يتطلب الأمر قيام المؤسسات بتغيير المزايا القديمة وخلق مزايا تنافسية جديدة ومن مرتبة مرتفعة(2) .

لا يكفي أن تحوز المؤسسة على ميزة تنافسية فحسب، بل يجب أن يكون بمقدورها معرفة أداء هذه الميزة والحكم على سدادها. ويتم ذلك بالاستناد إلى معايير معبرة تختار وفقا للقواعد المعمول بها في قطاع النشاط.

ويمكن للمؤسسة أن تثري هذه المعايير كلما دعت الضرورة إلى ذلك شريطة أن يؤدي ذلك إلى توضيح أدق وأسرع لأداء الميزة؛ حتى يتم اتخاذ القرار المناسب بشأنها، وتجنب هدر الجهد والموارد في ميزة لا تحقق هدفي التفوق على المنافس والوفورات الاقتصادية.
I.3.4 _ محدداتها :
تتحدد الميزة التنافسية للمؤسسة انطلاقًا من بعدين هامين هما:

أولا_ حجم الميزة التنافسية :
تمر الميزة التنافسية بنفس دورة حياة المنتجات، ويتم تمثيل ذلك من خلال الشكل الآتي:
الشكل (3_I) : دورة حياة الميزة التنافسية








(*) الميزة في شكل تكلفة نسبية أقل و/أو سعر مرتفع.
المصدر: بتصرف من د. نبيل مرسي خليل، ص 86.

1_ مرحلة التقديم: تعد أطول المراحل بالنسبة للمؤسسة المنشئة للميزة التنافسية؛ لكونها تحتاج الكثير من التفكير والاستعداد البشري، المادي والمالي. و تعرف الميزة التنافسية مع مرور الزّمن انتشارًا أكثر فأكثر، حيث يعزى ذلك إلى القبول الذي تحض به من قِبل عدد متزايد من الزبائن.
2_ مرحلة التبني: تعرف الميزة هنا استقرارا نسبيًا من حيث الانتشار، باعتبار أن المنافسين بدأوا يركزون عليها، وتكون الوفورات هنا أقصى ما يمكن.
3_ مرحلة التقليد: يتراجع حجم الميزة وتتجه شيئا فشيئا إلى الركود؛ لكون المنافسين قاموا بتقليد ميزة المؤسسة، و بالتالي تَراجع أسبقيتها عليهم. و من ثمة انخفاض في الوفرات.
4_ مرحلة الضرورة: تأتي هنا ضرورة تحسين الميزة الحالية وتطويرها بشكل سريع، أو إنشاء ميزة جديدة على أسس تختلف تمامــًا، عن أسس الميزة الحاليــة. وإذا لم تتمــكن المؤسســة من التحسيـن أو الحصول على ميزة جديدة، فإنها تفقد أسبقيتها تماما وعندها يكون من الصعوبة العودة إلى التنافس من جديد.

لا يمكن أن تحوز المؤسسة على ميزة تنافسية إلى الأبد، وبالتالي فهي مطالبة بتتبع دورة حياة الميزة، وتعرف في ذات الوقت الزمن المناسب لإجراء التحسين والتطوير أو إنشاء ميزة جديدة. فللميزة التنافسية طبيعة ديناميكية، يجعل أمر مراجعتها شيئا عاديا يدخل ضمن البحث عن التحسين المستمر لنشاط المؤسسة.
ثانيا _ نطاق التنافس :
يتشكل نطاق التنافس من أربعة أبعاد وهي :

1_ القطاع السوقي: يعكس مدى تنوع مخرجات المؤسسة، وكذا تنوع الزبائن الذين َيتم خدمتهم. وهنا يتم الاختيار ما بين التركيز على قطاع معين من السوق أو خدمة كل السوق.
2_ درجة التكامل الأمامي: يشيـــــر إلى درجـة أداء المؤسسـة لأنشطتهـا، سواء أكــانت داخليــــة أو خارجية. فالتكامل الأمامي المرتفع مقارنة بالمنافس قد يحقق مزايا التكلفة الأقل أو التمييز.
3_ البعد الجغرافي: يمثل عدد المناطق الجغرافية أو الدول التي تنافس فيها المؤسسة. ويسمح هذا البعد من تحقيق مزايا تنافسية من خلال تقديم نوعية واحدة من الأنشطة والوظائف عبر عدة مناطق جغرافية مختلفة. وتبرز أهمية هذه الميزة بالنسبة للمؤسسات التي تعمل على نطاق عالمي، حيث تقدم منتجاتها أو خدماتها في كل أنحاء العالم.
4_ قطاع النشاط: يعبر عن مدى الترابط بين الصناعات التي تعمل في ظلها المؤسسة. فوجود روابط بين الأنشطة المختلفة عبر عدة صناعات، من شأنه خلق فرص لتحقيق مزايا تنافسية عديدة. فقد يمكن استخدام نفس التسهيلات أو التكنولوجيا أو الأفراد والخبرات عبر الصناعات المختلفة التي تنتمي إليها المؤسسة »(1) .

تعمل المؤسسة على البحث عن الميزة التنافسية التي تلائم قدراتها وميدان نشاطها، ثم تحاول بعد ذلك وضع معايير وضوابط تتسم بالديناميكية لقياس درجة صواب الميزة المعتمدة. والتعرف على الإطار والحدود التي تضبطها، حتى يتم تحقيق النتائج المرجوة.
خلاصــــــــــــــة:
تمارس البيئة التنافسية ضغوطا مستمرة على المؤسسة، فتدفعـهـا للبحث عن اكتسـاب ميــزة أو مزايا تنافسية، تؤهلها إلى ضمان استمرارية نشاطها أولاً والأسبقية على منافسيها ثانيا. وينجم كل ذلك عن عمـلـيتي الجذب والدّفع بـين الثنـائية بيئــة–ميــزة، باعتبار أن البيئة تدفـع إلى إنشــاء الميـزة، و تضيف هذه الأخيرة بدورها عناصر جديدة للبيئة تزيد من تعقيدها وترفع من شدة قواها التـنافسية.
ارجو الرد اذا افادك ام لا