منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - 10 دروس كاملة في الاستقراء و خطواته...
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-11-07, 11:33   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ترشه عمار
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ترشه عمار
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


طريقة البواقي:
وهذه الطريقة اكشتفها مل دون بيكون، وهي طريقة تستخدم في أحد مجالين:
1- فيما إذا امتلكنا علما متقدما جدا، وعرفنا ظواهر عديدة، كل ظاهرة منها تسبب حدثا، وبقيت ظاهرة واحدة لا نعرف أثرها، ومن جانب آخر بقي أثر واحد لا نعرف سببه، فلا بد ان نعرف أثرها، عن طريق البواقي، إن هذه الظاهرة هي المسببة لهذا الأثر.
ولكن هذا ليس إلا نوعا من طريقة الاختلاف، إذا لم نجد ظاهرة تفسر هذا السبب، إلا هذه الظاهرة، وذلك حيث نعرف أن الظواهر الأخرى ليست سببا لها بالتأكيد.
2- فيما إذا لاحظنا تفسيرا لكل الظواهر، إلا ظاهرة واحدة، هنالك قد تهدينا طريقة البواقي إلى تفسير لها بالقياس إلى تفسير سائر الظواهر، ومثال ذلك: لما طبق الفلكيون القوانين الفلكية التي تحدد موقع أي كوكب، في أي وقت لاحظوا انحرافا في مدار الكوكب (يورانوس) بحيث لا يتفق هذا الانحراف، مع نظرية الجاذبية. وظاهرة الانحراف هذه لم تفسر بالطبع، بنظرية الجاذبية، وبقي علينا تفسيرها لسبب آخر، لهذا وضع لوفرييه هذا الفرض حيث قال: لا بد من وجود كوكب آخر، في هذا البعد، هو الذي يسبب انحراف مدار (يورانوس) وحدد موقع هذا الكوكب، وكتلته ومداره بطريقة رياضية اعتمادا على طريقة البواقي.
وفعلا وفق أحد علماء الفلك بعدئذ للكشف عن كوكب (نبتون)، وبذات الخصائص التي قالها لوفرييه سابقا. إن طريقة البواقي، هنا، كشفت لنا عن هذا الكوكب، بسبب وجود ظاهرة مباشرة واحدة، لم تفسر، حينما فسرت كل الظواهر الأخرى، وهي كانت ظاهرة الانحراف، في مدار كوكب (يورانوس).
وتبدو هذه الطريقة أنها تخلق لنا فروضا، أكثر مما تحدد لنا نظريات علمية، ولكن من حيث العموم نتمكن من القول: ان هذه الطريقة قد تكشف عن حقائق، فيما كانت الظواهر المحيطة واضحة التفسير، كما في حال كوكب نبتون.



بين السبب والقانون:

إلا أن ما سبق لا يعني أننا نستعيض كليا عن السبب بفكرة القانون، والتي يميزها عن فكرة السبب.
إن القانون هو الجواب في الجوانب الخارجية للظاهرة، بينما السبب هو البحث عن الجوانب الداخلية منها. فالقانون يقول: إن ظاهرة المد ترتبط بعلاقة مطردة مع صعود القمر، وهذه العلاقة هي علاقة خارجية، إذ لا تعني سوى وجود ارتباط بين ظاهرة وأخرى، بينما فكرة السبب تسعى لتحليل هذه العلاقة والإجابة عن هذا السؤال: لماذا المد يرتبط بالقمر؟ والجواب لأن القمر له جاذبية، وللبحر إمكانية الانجذاب، وهذا هو السبب في جذب القمر لمياه البحر، وهذا الكشف بين لنا قوة داخلية في القمر، وقوة داخلية في البحر، والفائدة التي قد نستفيدها من هكذا كشف هي أن نبدأ نعمم السبب على أماكن ثانية فنستفيد من معرفتنا بجاذبية القمر في جذب القمر للأرض أو للنجم المذيل وهكذا، وقد قسم لالاند القوانين بأنواع ستة وهي:
1- الطبائع وتركيبات الأشياء، مثل: تركيب الجزئي أو تركيب الذرة، أو تركيب أي عنصر كيمياوي، وهذا أشبه شيء بالسبب.
2- الاضافات الثابتة الموجودة بين صفين أو سلسلتين من الظواهر المعينة بالنسبة إلى بعضها، تبعا للدالة (ص) و(س) وذلك مثل الجاذبية وانكسار الضوء وما أشبه.
3- مقادير عددية ثابتة، مثل سرعة الضوء، وطول الموجة.
4- اطرادات، بحيث توجد ظاهرة مع وجود ظاهرة أخرى، دون ان نعرف بالدقة، صلة علية بينهما، كما نجد مثلا أن الاجترار يتبعه كون الظلف مشقوقا.
5- أحداث دورية ينظر فيها إلى أوجه ثابتة في تطورها، بالنسبة إلى مجاميع مشابهة، كما يظهر، مثلا، في ظاهرة التيار، أو ردود الفعل الكيمياوية، أو ظواهر الهدم والبناء بالنسبة إلى الخلايا.
6- علاقات الإتجاه، كما في القانون الثاني من قوانين علم القوى الحرارية المعروف بقانون (كارنو)، وقانون نقصان الطاقة، حيث يوجد هناك إتجاه نحو النقصان أبدا في تطور الظواهر، ومثل قانون التطور الدارويني. والسؤال الآن: هل بإمكاننا أن نتخلص من فكرة السبب كليا؟
(أوجيست كنت) يقول: نعم، ويضيف: فما دام القانون يفسر الظواهر فمن العبث أن نتطلب من العلم أكثر من ذلك، فمن البديهي اننا لا نستطيع الوقوف بدقة على ذلك التأثير المتبادل بين النجوم، وعلى ثقل الأجسام الأرضية، وإن أية محاولة في هذا الصدد ستكون بالضرورة محاولة عابثة وغير مجدية تماما، وان العقول التي لا تربطها صلة بالدراسات العلمية، هي وحدها التي تستطيع ان تشغل نفسها اليوم بمثل هذا الأمر.
ولكن الواقع أن القانون هو خطوة في معرفة السبب، وان العلم يمكن ان يخطو إلى الامام ليصل إلى معرفة السبب، والعلم الحديث لا يبحث فقط عن الظواهر كيف ترتبط ببعضها، دون أن يبحث أيضا عن أنها لماذا ترتبط ببعضها؟ وما نجده في علم الكيمياء، وعلم التاريخ وعلم الاقتصاد والإجتماع من البحث عن خلفيات الظواهر، أفضل دليل على الصبغة العامة للعلم الحديث وأنها هي فهم الأسباب لا الظواهر فقط.
صحيح ان علم الفلك، حديث الظهور نسبيا، والذي يفتقر إلى تجارب كثيرة أخرى، حتى يتمكن من الوصول إلى معرفة ظواهر الفلك والعلاقات الضرورية فيها. هذا العلم لا يتمكن من معرفة الأسباب الكامنة وراء هذه القوانين بسرعة. إلا أن علم التاريخ أو علم الاجتماع أو علم النفس، يتمكن لا أقل من معرفة بعض الأسباب الداخلية التي تسبب هذه الظواهر.
أما بحث العلم عن القوانين فليس بحثا نهائيا، بل هو بحث مؤقت حتى يمهد له الطريق إلى معرفة الأسباب بل ـ بعكس ما يقول كنت ـ إن الذي تربطه صلة وثيقة بالعلوم الحديثة يعلم أن هناك صلة قربى بين القانون والسبب، بحيث يكاد يخفي الفارق بينهما، وان الطريق يسير من السبب إلى القانون، ومن القانون إلى السبب، بصورة أمواج علمية متداخلة فلا يكاد العلم يكتشف قانونا حتى يبحث عن سببه، وإذا عرف السبب كشف له السبب عن قانون آخر وهكذا.










رد مع اقتباس