منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - 10 دروس كاملة في الاستقراء و خطواته...
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-11-07, 11:29   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ترشه عمار
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ترشه عمار
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي














منهج الاختلاف:
ويسميه بيكون بـ(قائمة الغياب)، ويريد منا ان نضع في مقابل كل حالة، من حالات الحضور، حالة من حالات الغياب مثلا: الحرارة (التي رتب بيكون قائمة لحالات الحضور فيها فأضفاها إلى 28 حالة) توجد مع وجود الشمس، وهذه حالة حضور ولكنها لا توجد مع غياب الشمس، وهذه حالة غياب مثل حالة الكسوف، أو في الليل. وفي المقارنة بين هاتين الحالتين نجد ان جميع الظروف المؤثرة واحدة، لا ظرفا واحدا، وهو طلوع الشمس، أو غيابها. فهناك اختلاف في شيء واحد، هو الذي سبب غياب الظاهرة، من هنا يسمي (مل) هذه الطريقة بـ(منهج الاختلاف) أي اختلاف حالتين في شيء واحد، بعد اتفاقهما في كل شيء آخر، وهذا المنهج يدعى (بالبرهان العكسي) وهو يتفق مع (معادلة التفنيد الرياضية)، وقد أشاد به كلود برنارد، وأعتقد بأنه التجربة الحقيقية، التي دعا إليها بيكون، إذ بيكون أراد بقائمتي (الغياب) و(الحضور) عملية واحدة، وجعل من قائمة الحضور تمهيدا لقائمة الغياب.
ويقدر ـ هذا المنهج ـ حسب تعبير مل، إذا اتفقت مجموعتان من الأحداث في كل الوجوه الا وجها واحدا فتغيرت النتيجة، ويقدر من مجرد اختلاف هذا الوجه، بأن ثمة صلة علية، بين هذا الوجه، وبين الظاهرة الناتجة. فإذا كانت لدينا مجموعة (ك ل م ن) تنتج ظاهرة ما، ومجموعة أخرى (ك ل م هـ) ثم نتج عن ذلك اختلاف في النتيجة، في حالة أخرى، فإنه يوجد بين (ن) و(هـ) صلة العلية1. وهذا المنهج دقيق لأنه نستطيع أن نحذف عاملا في مجموعة عوامل لنلاحظ فيما إذا كانت الظاهرة تبقى أم لا. فإذا ذهبت الظاهرة أيضا عرفنا أن هذا العامل هو المؤثر. ولكنه منهج يخص ـ في هذا الجانب ـ بعض العلوم، بالتي يستطيع ان يتحكم فيها الإنسان، كالطب والفيزياء، وما أشبه. وفعلا استفادت مثل هذه العلوم كثيرا من هذا المنهج، وقد استخدمها باستير في كشفه عن الميكروب، حيث إنه حينما افترض ان ظاهرة التعفن، ترجع إلى وجود حيوانات دقيقة ميكروسكوبية، تتطرق إلى الوسائل والأجسام، فتتغذى بها، وتتكاثر عليها. ثم أراد البرهنة على هذا الرأي، والرد على من سخروا منه، أخذ أنبوبتين ووضع في كل منهما كمية واحدة من محلول السكر، وعقمهما في ماء تزيد درجة حرارته على 100 سنتيجراد، ثم أغلق فوهة إحديهما وترك الأخرى مفتوحة، بعد أن اتخذ جميع ضروب الحيطة حتى تتفق جميع الظروف، في كلتا الحالتين، باستثناء ظرف وحيد، وهو ان إحدى الأنبوبتين تبقى معرضة للهواء، والأخرى غير معرضة له، وبعد ان ترك الأنبوبتين، مدة معينة من الزمن أعاد فحص السائل، في كل واحدة منهما، فوجد أن التعفن تطرق إلى سائل الأنبوبة المفتوحة، وإن السائل في الأنبوبة الأخرى ظل سليما، فكانت هذه التجربة حاسمة، لأنها برهنت بحالتين متناقضتين، على صحة فرضه القائل بأن الجراثيم هي سبب التعفن2. ان باستير استفاد من منهج الاختلاف، إذ ان وجود (ظاهرة) التعفن ارتبط بوجود عامل التعرض للهواء، وحيث لم يوجد (عامل) التعرض للهواء، ما وجدت ظاهرة التعفن.
ويشترط في هذه الطريقة تنويع التجارب إلى أكبر عدد ممكن، حتى لا يأتي احتمال وجود عامل خفي، يرتفع عند ارتفاع العامل الأساسي (صدفة) كما يشترط استخدام العقل لاستبعاد العوامل العرضية، غير ذات الوزن العلمي.
ويجب ان نحاول ربط هذا المنهج بالمنهج السابق، بمعنى جعل قائمة للحضور، وأخرى للغياب، واستخدام منهج الاتفاق ثم الاختلاف معا، لأن المنهج الأول يفيد تنويعا للملاحظة. بينما الثاني يفيد دقة فيها، والدقة والتنويع كلاهما ضروريان.

طريقة التلازم في التغيير:
وهي الطريقة التي سماها بيكون بقائمة التدرج، ويمكن تحديد هذه الطريقة بأنها:
(إذا لاحظنا ظاهرة تتغير كلما تغيرت ظاهرة أخرى، في حين تبقى سائر الظواهر المحيطة الممكنة التأثير فيها، غير متغيرة، نعرف أن هناك علاقة سببية، من نوع ما، بين هذه الظاهرة وتلك).
ومثل هذه الطريقة: لو رأينا أن ظاهرة نرمز إليها بـ(س)، مرت بحالات نقص وتمام وزيادة، نرمز إليها بـ(س) و(س) و(س) ثم فتشنا، عن الظواهر المحيطة، فلم نلاحظ أية ظواهر أخرى تغيرت هكذا، الا ظاهرة (ص)، حيث انها هي الأخرى مرت في نفس الحالات فكانت (ص) و(ص) و(ص) نعرف أن هناك علاقة بين (ص) و(س).
ومن هنا إذا رأينا، أنه كلما ارتفع القمر في السماء كلما ارتفع مد البحر، وكلما مال القمر إلى المغيب كلما هبط الماء في البحر، نعرف بوجود علاقة بين ماء البحر والقمر، علما بأننا لاحظنا سائر الظواهر المحيطة بماء البحر، وتغيراته فلم نجدها تتناسب مع تغيراتها. فلاحظنا الشمس، ولم نجد علاقة بين ارتفاع الشمس وارتفاع ماء البحر. ولاحظنا الهواء، فلم نجد علاقة بين هبوب الرياح وارتفاع المد، فعرفنا أن الظاهرة الوحيدة، التي تتناسب تغيراتها مع تغيرات البحر هو القمر. وهذه الطريقة تتناسب مع طريقة الاختلاف، حيث إن طريقة الاختلاف هي حذف الظواهر غير المرتبطة بالحدث، حتى نعرف الظاهرة المرتبطة به. وهذه الطريقة هي حذف الظواهر التي لا تتناسب تحولاتها مع تحولات الحدث لنعرف الظاهرة التي تتناسب تحولاتها مع تحولات الحدث. فطريقة التغيير النسبي نوع من طريقة الاختلاف، ولذلك تشتركان في كثير من الشروط. ويعتمد العلم الحديث على هذه الطريقة كثيرا وذلك لعدة أسباب:
أولا: لأنها دقيقة، حيث لا تكشف فقط عن وجود علاقة بين ظاهرة وأخرى، بل عن مقدار هذه العلاقة ونسبتها.
ثانيا: لأن العلم الحديث، لا يهتم كثيرا بمعرفة السبب والمسبب، بقدر ما يهتم بمعرفة العلاقة بين حدث وآخر، لكي يتم توظيفها عمليا في الحياة، وطريقة التغيير النسبي أفضل طريقة لمعرفة العلاقات.
ثالثا: لأن هذه الطريقة أيسر معرفة، وأسهل كشفا، إذ من السهل ان تقارن حدثا بحدث، وتلاحظ ارتباط تغيراتهما بالبعض، بينما من الصعب أن تحذف ظاهرة، أو عدة ظاهرات، للتعرف على السبب الحقيقي، كما في الطرق الماضية. من هنا استخدم باستير هذه الطريقة في الكشف عن الميكروب، فأخذ ثلاث مجموعات من أنابيب الاختبار، كل مجموعة منها عشرون أنبوبة، وملأها بسائل معين، ثم عقم هذه الأنابيب في ماء تزيد درجة حرارته على (100 درجة) وأغلق فوهاتها جميعا، ثم فتح هذه المجموعات، في أماكن تختلف درجة نقاء الهواء فيها، فوق قمة جليدية، فوق هضبة، في الريف، بالترتيب، فتبين له أن نسبة التعفن في المجموعة، التي فتحها في القمة كانت 1 من 20 أنبوبة، وكانت هذه النسبة في الهضاب 5 من 20، بينما بلغت نسبة التعفن في المجموعة، التي فتحها في الريف، حيث تقل درجة النقاء فيها 8 من 20، فعرف أن هناك علاقة مطردة، بين درجة تلوث الهواء، وسرعة تلوث المياه، واكتشف ان هذه العلاقة مرتبطة بالجراثيم، التي تكثر في الأجواء المتلوثة، وتؤثر في تعفن المياه. ولأنه من الصعب ضبط تغير الظواهر في الذاكرة، يجدر على الباحث أن يستخدم الرسم البياني، والجدول، حيث يساعدانه على ضبط التغييرات، ومدى نسبة ارتباطهما بالظواهر المحيطة


يتبع......../........









رد مع اقتباس