منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - @ تأملات في القرآن & من هُم "الغافلون" ؟ أو المُغفّلون" ؟ @
عرض مشاركة واحدة
قديم 2022-08-23, 20:48   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أمير جزائري حر
الأَديبُ الحُرّ
 
الصورة الرمزية أمير جزائري حر
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تحية طيبة /



سبق في مداخلتي السابقة أن بينت وسلطت الضوء لغويا ومن علم النفس ومن تراثنا الشعريّ وبعض المنطق على فئة "المُغفّلين" وعلى "سلبيتهم" المثيرة "للسخط والغثيان"


وأردت هنا أن أسلط المزيد من الضوء عليهم..

وبداية أسوق كلمة قالها الشيخ محمد الغزالي –بتصرف - عن هذا النوع من " البشر الأنعام"
قال: "حين يسقط شهيد في أمة غلبت فيها تلك "النفسية" على الناس.. فلن يعتبروه "شهيدا أغرّ الجبين" يستحقّ التبجيل.. بل "سيدوسونه بأقدامهم" ويقولون: "ما دخلك يا صعلوك في سياسة الملوك.."

وفحوى المشهد الذي رسمه الشيخ رحمه الله.. أن تلك "القطعان البشرية" المغفّلة والغافلة باختيارها تعتبر أن مثل ذلك "البطل" ليس سوى مُنغّص زعزع أمنهم وحياتهم وعيشهم الوديع.. وشغلهم عن قِبْلتهم وهمِّهِم وشرفهم .. مصداق الحديث: "همهم بطونهم وشرفهم متاعهم وقبلتهم نساؤهم"

ذلك الصنف تحصرهم المعادلة:

فهم ليسوا سوى = أنبوب هضمي + جهاز تناسلي + مظاهر مادية " من لباس وسيارة وفيلا و .. "

ولا يهمهم وراء ذلك شيء..

لا يهم أحدهم أن يكون عنصرا فاعلا في الحياة الاجتماعية.. أو السياسية أو ..

لذلك فلا يطلع على قانون ولا دين..

ولن يحميهم القانون ولا الدين حين يتورطون في مشاكل..

وسأبدأ من هذه المداخلة كما وعدت بإيراد الشواهد التي ترسم مختلف المشاهد لهذه الفئة السلبية..


أول مشهد.. الإعذار القرآني..


ولعل ما يبسط المغزى هو المقولة الشهيرة: " قد أعذر من أنذر.. "
ومن سورة الأنعام / آية 131
قال تعالى: "ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ"
فالله عزّ وجلّ منزّه عن الظلم سبحانه.. وقد حرّم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً..

وهناك كثير من الآيات تشدّد على هذا المبدأ.. مبدأ "الإعذار"


منها على سبيل الاستشهاد لا الحصر قوله تعالى:

الإسراء / آية 15: "مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا"

الأعراف / آية 164 و 165: "وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ - فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ"


وفي آيتي الأعراف مشهد عجيب.. وتوظيف عجيب للألفاظ في كتاب الله المُعجز..

وتأمّلوا معي إخواني المؤمنين..


لدينا في المشهد هنا 03 فئات:


الفئة "الإيجابية" التي تنهى عن السوء وتُحقّقُ مبدأ "الإعذار" ولم يصفهم القرآن بلفظة تبين عددهم؟ !.. لأن تلك الفئة قليلة في كل المجتمعات عبر التاريخ وفي الواقع..

...

ثُمّ تجدون فئة "الظالمين" بفسقهم وخروجهم عن المنهج.. وقد وصفهم القرآن بأنهم "قوم" مما يوحي بأنّ عددهم معتبر نسبيا لكنهم ليسوا الأغلبية ! ..

ومن المعاني اللغوية للفظة "قوم" ستجدون = ثُلّة / شرذمة / عصابة / فريق ... الخ لكن لن تجدوا أنها تُرادف لفظة" أُمّة"

...

وتبقى فئة ثالثة وهي فئة وصفها القرآن بأنهم: "اُمّة" واللفظة توحي بأنهم "الأغلبية" وهي فئة "المُغفّلين" السلبيين.. الذين لهم شعارات سبق وسُقتها لكم .. والآية بينت أنهم قالوا للمُصلحين: ما دخلكم ؟ لِمَ تعِظونهم ؟ اتركوهم وشأنهم.. سيكون مصيرهم الإهلاك والعذاب ... الخ..

ومن المعلوم أن التدرج لتلك الألفاظ التي تصف "البشر" تتدرج كما يلي: أُمّة / قوم / فصيلة / عشيرة

..
ولطالما سمعنا تلك النغمة المتخاذلة في واقعنا.. وتاريخنا في الجزائر خاصة - إبان الاستدمار الفرنسي خصوصا- وأمتنا عامة يقولون لك اتركهم.. خلينا منهم .. ربهم سيتكفل بهم.. ذلك قدر من الله وسيرفعه الله إن شاء الخ من عبارات التخذيل وتوهين العزائم .. وطلب السلامة والنّأي عن "المشاكل"


لكن إخواني المتابعين..

كيف كان ختام المشهد ؟


نجت الفئة الإيجابية التي أنذرت وأعذرت.. وأصاب العذاب الظالمين..

ولا أظن بأن تلك الفئة "الأُمّة" التي كانت تُخذّل وتفُتُّ في عضد الإيجابيين نجت ..
بل أصابها العذاب مع "الفاسقين الظالمين" ومن اقتنع بما أوردناه فبها ونعمت..

ومن لم يقتنع فنقول له بأنّ الشواهد في "الوَحْيَيْنِ" كثيرة جدا.. فابحث واقتنع .. وأتحفنا بها ولك أجر بكل حرف ترقنهُ
...

وذلك المبدأ "مبدأ الإعذار" معمول به أيضا في القوانين الوضعية.. حيث تُسنّ القوانين في "هيآت تشريعية" بعد مدٍّ وجذب ونقاش ثُمّ يُصادقون عليها.. وتُنشر في جريدة رسمية.. وقد تتناولها بعض وسائل الإعلام.. // كل ذلك لا يهتم "المغفلون" به..
فهم أصلا.. لا يشاركون في انتخابات ولا ينتمُون لأي نشاط سياسي.. ولا ثقافي ولا خيريّ..


// وصدقوني أنا أتكلم عن دراية وليس عن رواية فقط //

وبعد ذلك تدخل القوانين حيز التطبيق .. فمن كان متابعا – من "الإيجابيين" وشعاره: "كل ما حولي يعنيني لأنه يحويني" فربما لن يقع تحت طائلة القانون طيلة حياته..

أما الفئة التي سميتُها "البشر الأنعام" فلها الكثير من الشعارات.. مثل: "ابعد عن الشرّ وغنّيلو " "تَخْطِي راسي.. " " احفظ الميم تحفظك" ... الخ فسيقعون مرارا وتكرار تحت طائلة القانون.. وحينها قد يحتجُّون وينحِبُون .. لكنهم في قرارة أنفسهم يعلمون..
...


والحمد لله وحده فإن أصبنا فبتوفيقه وكرم منه وإن أخطأنا فمن أنفسنا ومن الشيطان..



وسأتناول في مداخلات لاحقة بقية المشاهد وهي:

مشهد كشف الحقيقة النفسية والاجتماعية لـ "المُغفّلين"

مشهد الكشف عن المآل المُستحقّ..

المشهد الأخير "الاعتراف" و"الندم"









آخر تعديل أمير جزائري حر 2022-08-23 في 20:55.
رد مع اقتباس