مرة في أحد النقاشات مع صديق يعشق المناظرات و الربح في المغاننة، قلت له أن "المتهم مدان حتى تثبت برائته" و "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" هما نفس الشيء (طبعا هو دودة استفزاز لبداية النقاش)، فانفجر ماذا؟
كيف شخص بريء لم يقترف أي جرم يسجن إذا لم يتمكن من تبرئة نفسه يسجن؟
قلت له كيف شخص يقترف جريمة و لا يتمكن الخصم أو الشرطة من إثبات أو إيجاد دليل سينعم بالبراءة و الحرية؟
و قبل أن يقول حجته التالية، قلت له مهما كان ما ستقوله دير مرايا و قل عكسه أو ما يقابله، لا تناقشني فإذا كنت مناظر جيد ومستوى عالي دعنا نقول أنك ستقضي على جميع خصومك لتبقى وحيدا فهل بإمكانك مخاصمة/مناظرة نفسك و الانتصار؟ (تماما كالملاكم الذي يريد أن يسبق ظله أو متسابق السيارات أو العداء الذي يسبق الأخرين دوما و يريد تحطيم رقمه القياسي فيتسابق مع نفسه) قلت له، ناقش نفسك و خذ اليمين تارة و اليسار تارة و عندما تنتهي اعطني النتيجة، لكنه لم يفهم الأمر...
ذكرت مرة في أحد مواضيعي أني أقوم بهذا الأمر مع نفسي في الكثير من الأفكار و الأمور، بل أن كلنا نقوم به في الخيارات اليومية و حتى خيارات الحياة و نقوم بمرآة pour et contre , - + , ونجمع و نقارن و نزن أي جهة ترجح الكفة, و قد نسأل اخرين و نطلب رأيهم طمعا في سماع نقطة حاسمة لا تظهر في المرآة لنتمكن من إنهاء الأمر.
و هو حال النقاشات و المناظرات، فكل طرف بإمكانه اعطاء حجة و دليل ، و الطرف الأخر بيقوم بمرآة لتقديم الصورة المعكوسة إلى أن يقدم أحدهما نقطة لا تظهر في المرآة ليعتبر نفسه مباشرة محق و منتصر و طبعا سيمحي و يتجاهل كل ما ذكر سابقا، و مع مرور الوقت سيكتسب الطرف الذي خسر تلك النقطة خبرة و يتمكن من إيجاد نقطة لا تنعكس عند الأخر و ينتصر عليه الأول، و يعاد الامر إلى مالانهاية.
إذا كان الفرد صادقا أو دائم التفوق على نفسه سيذهب للمالانهاية في مناظرة نفسه أيضا إذا أخذ اليمين و اليسار في أن واحد.(حكمني ديجا فو وانا نكتب)
فما رأيك في القيام بالمرآة مع نفسك، هل هي تحرر يمكن المرء من الإختيار في أي معسكر سيُخيِّم عن قناعة و خيار دون أن يكون مجبر متعصب و بدون إنحياز أم أنه نفاق يعطيك الفرصة أنك دير القوسطو تاع ناس كامل و تبصم للجميع لأنك لا تأبه لهراء اليمين و اليسار؟