حكم التسمي باسم عبد المعز ؟
السؤال
هل اسم " المعز "
يصح أن يكون من أسماء الله الحسنى
وهل يجوز التسمي باسم : " عبد المعز " ؟
الجواب
الحمد لله
اختلف أهل العلم في اسم " المعز " إن كان من أسماء الله الحسنى
على قولين :
القول الأول : أن اسم " المعز " من أسماء الله عز وجل
وقد ورد هذا الاسم في جمع أسماء الله الحسنى الذي قام به كل من : الخطابي ، والحليمي ، والبيهقي ، وابن العربي ، والقرطبي ، وابن القيم ، والشرباصي ، وغيرهم .
هكذا قال الدكتور محمد خليفة التميمي في كتابه القيِّم "
معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى " (ص/215)
واستدلوا عليه بدليلين :
الدليل الأول
: أنه اسم مشتق من قوله تعالى : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) آل عمران/26.
الدليل الثاني :
بعض روايات حديث أبي هريرة رضي الله عنه المشهور : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ )
رواه البخاري (2736) ومسلم (2677)
فهذا القدر من الحديث متفق على صحته ، أخرجه الشيخان
غير أن الحديث جاء من طرق أخرى عند أصحاب السنن والمسانيد ، وهذه الطرق تشتمل على سرد لأسماء الله الحسنى التسعة والتسعين ، وبينها اختلاف كثير في السرد تبعا لاختلاف الرواة
وقد ورد اسم " المعز ، المذل " في طريق الوليد بن مسلم ، حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن الأعرج
عن أبي هريرة . كما عند الترمذي في " الجامع " (رقم/3507) وغيره .
كما ورد هذا الاسم أيضا في طريق عبد الملك بن محمد الصنعاني
حدثنا أبو المنذر زهير بن محمد التميمي ، قال : حدثنا موسى بن عقبة ، قال : حدثني عبد الرحمن الأعرج
عن أبي هريرة .
أخرج هذه الطريق الإمام ابن ماجه في سننه (رقم/3957)
ولكنها أسانيد ضعيفة
فيها علل عدة يطول الكلام عليها
ولكن خلاصتها ما قاله الإمام الترمذي رحمه الله :
" ليس له إسناد صحيح ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ كَلَامِ بَعْضِ السَّلَفِ .. "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (6/380) .
القول الثاني :
أن " المعز " ليس من أسماء الله تعالى ، وإنما هو من صفاته وأفعاله عز وجل ، أنه يعز من يشاء ويذل من يشاء ، أما أن يكون ذلك اسما : فلا .
ولذلك لم يذكر هذا الاسم في جمع كثير من العلماء لأسماء الله الحسنى
مثل جمع : جعفر الصادق (148هـ)
المذكور في " فتح الباري " (11/217)
وجمع أبي زيد اللغوي الذي أقره عليه سفيان بن عيينة كما في " فتح الباري " أيضا (11/217)
وجمع ابن منده في كتاب " التوحيد "
وابن حزم في " المحلى " (8/31)
وقوام السنة الأصبهاني في " الحجة " (1/114)
وابن الوزير في " إيثار الحق " (ص/171)
وابن حجر في " فتح الباري " (11/219)
والسعدي في " تيسير الكريم الرحمن " (6/298)
والشيخ ابن عثيمين في " القواعد المثلى "
ومحمد الحمود في " النهج الأسمى "، وغيرهم .
والذي يظهر ، والله أعلم ، أنه لا بأس بالتسمي بـ"عبد المعز"
خاصة فيما كان واقعا من الأسماء قبل ذلك ، وإن كان الأفضل أن يكون التعبيد للأسماء التي لا خلاف في أنها من أسماء الله الحسنى .
ولعل اشتهار التسمي باسم " عبد المعز " في رواة الحديث والآثار ، وحملة العلم ونقلة الأخبار
وكثرة التسمي به بين العلماء والصالحين والأمراء والولاة عبر التاريخ الإسلامي
مع وروده في إحصاء "الوليد بن مسلم" المشهور ، واعتماد غير واحد من أهل العلم له
لعل كل ذلك مما يقوي ما رجحناه من جواز التسمي به ، وعدم تخطئته
فإن المراد بذلك هو التعبيد لله عز وجل .
وإن كنا قد نتردد في الجزم بكون " المعز المذل " من أسماء الله الحسنى
لضعف الجزم بدلالة هذا الاسم على الكمال المطلق .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد