منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - معنى اسم الله تعالى الرَّؤوف
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-01-15, 17:46   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة


من آثار الإيمان بهذا الاسم:

عباد الله:

صفة يحبها الله

ويأمر بها عباده

ويحث عليها في كثير من الآيات في كتابه

إنها صفة الرأفة.

إن الرأفة مأخوذة من كلمة “رأف” التي تدل على الرقة والرحمة

بل إن الرأفة أرق وأدق من الرحمة.

وقيل: “الرَّحْمَة أكثر من الرَّأفة

والرَّأفة أقوى منها في الكيفية

لأنَّها عبارة عن إيصال النِّعم صافية عن الألم”.

لقد وصف ربنا -جل جلاله وعز كماله- نفسه بالرأفة

وجعل الرأفة من صفاته -جل وعلا-

وسمى نفسه بـ “الرؤوف” في أحد عشر موضعا من القرآن الكريم.

ومعنى الرؤوف أي الرّحيم بعباده العطوف عليهم بألطافه المتناهي في الرحمة بعباده

الذي لا أرحم لهم منه -سبحانه وتعالى-.

والرأفة صفة من صفات نبينا -صلى الله عليه وسلم- التي شرفه الله بها

فوصفه بأنه رؤوف بنا

عطوف علينا

شديد الرحمة بنا، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128]

-صلى الله عليه وسلم- فقد كان حقاً رؤوفاً بالطّائعين

رحيماً بالمذنبين

مشفقاً على الخلائق أجمعين.

عباد الله:

إن التحلي بهذه الصفة العظيمة يتطلب من الإنسان أن يسعى بكل جهده

ويعمل بأقصى طاقته على رفع المكروه عن إخوانه

وحب الخير لهم

ونفعهم بكل ما يستطيع نفعهم به

وإزالة الضر عنهم قدر الإمكان

والتفاني في الحيلولة بينهم وبين الوقوع في الضر

؛ لأن الرّأفة هي أن تدفع عن غيرك المضار.

لقد ذكر الله الرأفة في كتابه العظيم في آيات كثيرة

وبأساليب مختلفة

فمرة يذكر الرأفة بكونها اسماً من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته العلى

فيقول: (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [البقرة:143]

وقال: (وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [البقرة:207]

وقال: (إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:117]

وقال: (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [النحل:7]

ويقول: (وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحديد:9].

وفي آيات أخرى يذكر الله الرأفة باعتبارها صفة من صفات أوليائه المتقين وعباده الصالحين

فيقول -سبحانه وتعالى- عن أتباع المسيح ابن مريم -عليه السلام-

: (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ) [الحديد:27].

وذكر الله رأفة موسى -عليه السلام- بتلك المرأتين الضعيفتين حين سقى لهما

(فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) [القصص:24].

وفي سورة النور يذكر الله الرأفة بطريقة أخرى

حيث نهى عن الرأفة في إقامة حدود الله

أو الشفقة بمن وجب عليه حكماً من أحكام الله

فقال: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النور:2].

وإنما ذكر الله الرأفة في الآية (وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ)

ولم يقل لا تأخذكم بهما رحمة لماذا؟

لأن الرحمة حاصلة فعلاً

فإن الجلد تطهير للزاني وقد ينتهي بها في نهاية الأمر إلى جنات النعيم

فرغم أن الحد في ظاهره عذاب وعقوبة لكنه في باطنه وحقيقته رحمة بالمعاقب ورحمة بالمجتمع

ولذا نهى الله تعالى عن الرأفة

لأنها لو حصلت هنا فلا يمكن تنفيذ حد الجلد.

عباد الله:

إن للرأفة صورا كثيرة وأنواعا مختلفة

ومن أعظم صور الرأفة: أن يرأف الإنسان بنفسه ويرحمها

وذلك بوقايتها من عذاب الله

وتجنيبها الوقوع في سخط الله

والحيلولة بينها وبين النار

يقول الله -تبارك وتعالى-:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر:18-19].

ومن صور الرأفة: الرأفة بالمسلمين والشفقة عليهم

وإظهار الرحمة بهم؛ فإن المسلم رحيم بإخوانه

عطوف عليهم

رؤوف بهم

يحب لهم ما يحبه لنفسه من الخير ومجانبة الشر والضير

. يقول الله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10].

ولا شك أن الأخوة تتطلب التآخي والتعاون والتناصر

وأن يؤازر بعضهم بعضاً

ويعطف بعضهم على بعض

ويرأف كل واحد منهم بالآخر

كما قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10].

ومن مظاهر الرأفة وصورها: الرأفة بالناس والشفقة بهم إذا ولاك الله عليهم أو جعلك فوقهم

فكثير من الناس ينسى نفسه في مثل هذه المواطن

فيتجبر ويتكبر

ويقسو على عباد الله ويعاملهم بالظلم والعدوان والقوة

وينسى اللين والرأفة والرحمة.

وهذا ما نعانيه اليوم في كثير من حكامنا ومسؤولينا ومدرائنا

فتجده إما أن يكون ليناً فيعصر

أو شديداً فيكسر

وقليل ممن ولاهم الله على عباده من يوازن بين هذا وذاك

ويكون وسطاً بين الرأفة والشدة واللين والقوة.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ “


[مسلم:1828].

وهذا يدخل فيه حتى من أعطاه الله شيئاً من المهام اليسيرة التي يحتاج إليها الناس

كالطبيب مثلاً فإنه يجب عليه أن يتحلى بهذا الخلق العظيم -خلق الرأفة- حتى يكسب قلوب المرضى

لأنه إن كان قاسياً عديم الرأفة كرهه الناس وتبرم منه المرضى والمصابون.

لقد أوصانا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- بالرأفة وحثنا على الرفق والرحمة

فقال -عليه الصلاة والسلام- لزوجته الطاهرة المطهرة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- والخطاب لنا جميعاً: “يَا عَائِشَةُ، ارْفُقِي، فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، دَلَّهُمْ عَلَى بَابِ الرِّفْقِ”


[أحمد:24734].

عباد الله:

إن بيوتنا اليوم بحاجة ماسة إلى هذا الخلق العظيم

لأن كثيراً من المشاكل الأسرية والتسلط والعنف الذي يحدث في البيوت من أعظم أسبابه عدم الرأفة

وضعف العطف والحنان.

فيتربى الصغير على الشدة والقسوة، وتشعر البنت بغياب العاطفة وضعف الرأفة، فتلجأ إلى من تشعر أنه رؤوف بها عطوف عليها كالأخدان والأصحاب

ويرى الولد أن رفقاءه وجلساءه أرفق به وأحن عليه من أهله.

ولهذا فإن الله -جل وعلا- قد جعل لكل فرد من أفراد العائلة مكانة وفضلاً حتى يقضي على هذه المعضلة

فجعل للأفراد الكبار داخل الأسرة التعظيم والاحترام

وأمر الكبار بالرأفة والحنان والعطف على الصغار

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا! ويعرف لعالمنا حقه”


[صحيح الجامع:5443].

قلت ما قرأتم

وأستغفر الله العظيم لي ولكم

فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.


الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس