منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرد علي شبهات أثيرت حول بعض العلماء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-12-28, 14:39   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

يسأل : هل يصح تكفير الأشاعرة لأنهم ينفون صفات الله ؟

السؤال

سئل الإمام أحمد عن رجل يشتم معاوية أيصلى خلفه ؟

قال: لا، ولا كرامة. وأنتم قلتم : إنه يصلى خلف من بدعته ليست مكفرة ، وأما من كانت بدعته مكفرة فلا تصح الصلاة خلفه ، وذكرتم أن الصلاة تصح خلف الأشاعرة ، أليس الأشاعرة يكفرون ؛ لأنهم من الجهمية

فهم نفوا صفات الله ، ويخالفون صريح القرآن ، كصفة العلو مثلا ، وللشافعي كلام ونصه ، قال الشافعي رحمه الله : " إني قد اطلعت من أهل الكلام على التعطيل " وقال : " لله أسماء وصفات جاء بها كتابه

وأخبر بها نبيه أمته ، لا يسع لأحد ردها ، فمن خالف في ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر ، فأما قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل ، ومن يخالف القرآن أو السنة فهو كافر

لأنه عارض صريح الكتاب والسنة " ؟

هذا أولا . وثانيا : هم ـ والله أعلم ـ يطعنون بمعاوية ، والإمام أحمد قال : لا يصلى خلفه، كما ذكرت آنفا .

وثالثا : أنهم أيضا كما هو معروف يختلفون معنا في اعتقاد القدر ، فكيف بعد هذا يصلى خلفهم ؟

وأيضا واللجنة الدائمة قالت : " إن من نفى صفة العلو، ولكنك ذكرت له الأدلة ، وأقمت عليهم الحجة ، فإذا بقي بعدها على معتقده فهو كافر ، وكثير من الناس نقيم عليهم الحجة في مواقع التواصل

ونعطيهم الأدلة ويبقون على معتقدهم فهل صارو كفارا ؟

وشيخ الإسلام قال : " من كانت بدعتهم مكفرة لا يصلى خلفهم ، وهؤلاء بدعتهم مكفرة ، فما قولكم ؟


الجواب

الحمد لله

أولا:

ينبغي أن يعلم أن وصف "البدع المكفرة" : ينطبق على أنواع كثيرة من المقالات، تختلف من حيث الظهور والخفاء ، وغلبة الظن باشتباه أمرها ، أو عدم اشتباهه .

فمن البدع المكفرة: الاستغاثة بالأموات، والنذر والذبح لهم، وإنكار جنس الصفات، والقول بخلق القرآن، ونفي رؤية الله تعالى، والعلمانية والشيوعية والاشتراكية، نحو ذلك من البدع والضلالات .

والأصل العام في هذا الباب : أنه لا يكفر الشخص المعين حتى تقام عليه الحجة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الْقَوْلَ قَدْ يَكُونُ كُفْرًا ، فَيُطْلَقُ الْقَوْلُ بِتَكْفِيرِ صَاحِبِهِ ، وَيُقَالُ : مَنْ قَالَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ .

لَكِنَّ الشَّخْصَ الْمُعَيَّنَ الَّذِي قَالَهُ : لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ ، حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (23/ 345).

وقال رحمه الله :

"هَذَا؛ مَعَ أَنِّي دَائِمًا ، وَمَنْ جَالَسَنِي يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنِّي : أَنِّي مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ نَهْيًا عَنْ أَنْ يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلَى تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَمَعْصِيَةٍ ؛ إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية

الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا : كَانَ كَافِرًا تَارَةً ، وَفَاسِقًا أُخْرَى ، وَعَاصِيًا أُخْرَى .

وَإِنِّي أُقَرِّرُ : أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَطَأَهَا ؛ وَذَلِكَ يَعُمُّ الْخَطَأَ فِي الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ الْقَوْلِيَّةِ ، وَالْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ .

وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَتَنَازَعُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ ، لَا بِكُفْرِ ، وَلَا بِفِسْقِ ، وَلَا مَعْصِيَةٍ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (3/229).

وقال أيضا :

"وَإِذَا عُرِفَ هَذَا ، فَتَكْفِيرُ " الْمُعَيَّنِ " مِنْ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ وَأَمْثَالِهِمْ ، بِحَيْثُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْكُفَّارِ: لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ ، إلَّا بَعْدَ أَنْ تَقُومَ عَلَى أَحَدِهِمْ الْحُجَّةُ الرسالية

الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ ؛ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ لَا رَيْبَ أَنَّهَا كُفْرٌ.

وَهَكَذَا الْكَلَامُ فِي تَكْفِيرِ جَمِيعِ " الْمُعَيَّنِينَ " ؛ مَعَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْبِدْعَةِ أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ ، وَبَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ يَكُونُ فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَيْسَ فِي بَعْضٍ .

فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ أَخْطَأَ ، وَغَلِطَ ؛ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ ، وَتُبَيَّنَ لَهُ الْمَحَجَّةُ .

وَمَنْ ثَبَتَ إيمَانُهُ بِيَقِينِ ، لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالشَّكِّ ؛ بَلْ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ ، وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ ."

انتهى من " مجموع الفتاوى " (12/501).

وقال في شأن بعض ما يقع فيه الجهال من أمور شرك العبادة :

" وهذا الشركُ : إذا قامت على الإنسان الحجةُ فيه ، ولم يَنتهِ، وَجَبَ قتلُه ، كقتلِ أمثالِه من المشركين، ولم يُدفَنْ في مقابرِ المسلمين، ولم يُصَلَّ عليه .

وأمَّا إذا كان جاهلاً ، لم يَبلُغْه العلمُ، ولم يَعرِف حقيقةَ الشرك الذي قاتلَ عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المشركين، فإنه لا يُحكَم بكُفْرِه، ولاسِيَّما وقد كَثُر هذا الشركُ في المنتسبين إلى الإسلام .

ومن اعتقدَ مثلَ هذا قُربةً وطاعةً فإنه ضَالٌّ باتفاقِ المسلمين، وهو بعد قيامِ الحجة كافر."

انتهى من " جامع المسائل " (3/151) .

ثانيا:

الصلاة خلف صاحب البدعة المكفرة، فيها نزاع مشهور بين الفقهاء، وهو مبني على تكفير المبتدع بعينه ، أو عدم تكفيره.

وأعدل الأقوال، أن يقال: إن هذا المبتدع لا يُولَّى، ولا يُمكّن من الإمامة، إنكارا لمنكره، وزجرا عن بدعته .

فإن لم يمكن تنحيته عن الإمامة، وأمكنت الصلاة خلف غيره : فإنه لا يُصلَّى خلفه .

فإن لم تمكن الصلاة خلف غيره، كالجمعة والعيدين، فإنه يصلى خلفه ، إذا لم نعلم أن الحجة قد قامت عليه ، ولم نحكم بكفره عينا؛ لأن من صحت صلاته لنفسه ، صحت صلاته لغيره.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام نافع في هذه المسألة، وفيه تنبيه على سبب الخلاف فيها، ونحن نلخص مقاصده هنا . قال رحمه الله:

"وأما الصلاة خلف أهل الأهواء والبدع ، وخلف أهل الفجور : ففيه نزاع مشهور وتفصيل، ليس هذا موضع بسطه .

لكن أوسط الأقوال في هؤلاء : أن تقديم الواحد من هؤلاء في الإمامة : لا يجوز ، مع القدرة على غيره.

فإن من كان مظهرا للفجور أو البدع : يجب الإنكار عليه ، ونهيه عن ذلك .

وأقل مراتب الإنكار : هجره ، لينتهي عن فجوره وبدعته...

لكن إذا ولاه غيره ، ولم يمكنه صرفه عن الإمامة، أو كان هو لا يُتَمَكَّن من صرفه إلا بشرٍّ أعظم ضررا من ضرر ما أظهره من المنكر :

فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها

بحسب الإمكان. ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا .

فإذا لم يمكن منع المظهر للبدعة والفجور، إلا بضرر زائد على ضرر إمامته : لم يجز ذلك ؛ بل يصلي خلفه ما لا يمكنه فعلها إلا خلفه ، كالجمع والأعياد والجماعة ، إذا لم يكن هناك إمام غيره.

ولهذا كان الصحابة يصلون خلف الحجاج ، والمختار بن أبي عبيد الثقفي ، وغيرهما ، الجمعة والجماعة .

فإن تفويت الجمعة والجماعة : أعظم فسادا من الاقتداء فيهما بإمام فاجر ، لا سيما إذا كان التخلف عنهما لا يدفع فجوره ؛ فيبقى ترك المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة.

ولهذا كان التاركون للجمعة والجماعات خلف أئمة الجور ، مطلقا : معدودين عند السلف والأئمة من أهل البدع .

وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البَرِّ : فهو أولى من فعلها خلف الفاجر .

وحينئذ ؛ فإذا صلى خلف الفاجر من غير عذر : فهو موضع اجتهاد للعلماء ...

وأما الصلاة خلف من يكفر ببدعته من أهل الأهواء: فهناك قد تنازعوا في نفس صلاة الجمعة خلفه. ومن قال: إنه يكفر، أمر بالإعادة؛ لأنها صلاة خلف كافر .

لكن هذه المسألة متعلقة بتكفير أهل الأهواء، والناس مضطربون في هذه المسألة. وقد حكي عن مالك فيها روايتان وعن الشافعي فيها قولان . وعن الإمام أحمد أيضا فيها روايتان

وكذلك أهل الكلام ؛ فذكروا للأشعري فيها قولين، وغالب مذاهب الأئمة فيها تفصيل .

وحقيقة الأمر في ذلك : أن القول قد يكون كفرا ، فيطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال كذا فهو كافر . لكن الشخص المعين الذي قاله ، لا يحكم بكفره ، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها ...

وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها : قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ، ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها .

فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية ، أو العملية .

هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وجماهير أئمة الإسلام .

وما قسموا المسائل إلى : مسائل أصول يكفر بإنكارها، ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها ...

ولكن المقصود هنا أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين .

ولهذا حكى طائفة عنهم الخلاف في ذلك ، ولم يفهموا غور قولهم .

فطائفة تحكي عن أحمد في تكفير أهل البدع روايتين مطلقا، حتى تجعل الخلاف في تكفير المرجئة والشيعة المفضلة لعلي، وربما رجحت التكفير والتخليد في النار .

وليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام، بل لا يختلف قوله أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل، ولا يكفر من يفضل عليا على عثمان، بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم.

وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته; لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بينة، ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق

وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم وأنه يدور على التعطيل. وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة .

لكن ما كان يكفر أعيانهم، فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به

والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط، والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه؛ ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق

وإن الله لا يرى في الآخرة، وغير ذلك، ويدعون الناس إلى ذلك، ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم

ويكفرون من لم يجبهم، حتى إنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق، وغير ذلك، ولا يولون متوليا، ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك =

ومع هذا ، فالإمام أحمد رحمه الله تعالى : ترحم عليهم ، واستغفر لهم؛ لعلمه بأنهم لم يتبيَّن لهم أنهم مكذبون للرسول، ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطئوا، وقلدوا من قال لهم ذلك "

انتهى من مجموع الفتاوى (23/ 342- 349).

فتأمل هذا الكلام الدقيق المشتمل على صنوف من الفقه والعدل والإنصاف

واعتبر به فيما أشرت إليه من قيام الحجة بالمناقشات على الإنترنت! فإن أحمد رحمه الله لم يكفر كثيرا من الولاة القائلين بقول الجهمية، مع حضورهم مناظرات أهل السنة، وعجز المخالف عن رد أدلتهم وحججهم.









رد مع اقتباس