معني اسم الله تعالي الرحمن و الرحيم
النهج الأسمى (1/ 75 - 87)
النور الأسنى (1/ 46 - 68).
المعنى اللُّغويُّ:
الرَّحمةُ هي الرِّقَّةُ والتَّعطُّفُ
والاسمانِ مُشتقَّانِ من الرَّحمةِ على وَجْهِ المُبالغةِ.
و (رحمن) أشدُّ مبالغةً مِن (رحيم)؛
لأَنَّ بناءَ (فعلان) أشدُّ مبالغةً مِنْ (فعيل)
ونظيرُهما نديمٌ وندمَانُ.
وفي كلام ابنِ جريرٍ ما يُفهمُ منه حكايةُ الاتِّفاقِ على هذا
جامع البيان (1/ 43).
واتَّفق أكثرُ العلماءِ على أَنَّ اسمَ (الرحمن) عربيٌّ لفظُه.
وقال ابنُ الحصارِ بَعْدَ سرْدِهِ للحديث القدسيِّ:
"أَنَا الرَّحْمَنُ؛ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَها اسْمًا مِنِ اسْمِي...": "فقد دَلَّ هذا الحديثُ الصحيحُ على الاشتقاقِ، فلا معنى للمُخالفةِ والشِّقاقِ"
الكتاب الأسنى (ورقة 254 ب).
وقال ثعلبٌ:
"إِنَّه عِبْرانيُّ الأَصْلِ، وكان رخمانا بالخاءِ المُعجمة"
النهاية لابن الأثير (2/ 207)
ولسان العرب (3/ 1611).
أما إنكارُ كُفَّارِ قريشٍ يومَ الحُديبيةِ
لما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه: "اكْتُبْ: بِسْمِ الِله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"
فقال سُهيل: أَمّا (الرحمن) فواللهِ ما أدري ما هي، ولكن اكتُبْ: باسمِكَ اللهُمَّ، كما كنتَ تكتبُ
رواه البخاري (2731، 2732)
والتصريح بأن الكاتبَ هو عليٌّ كرم الله وجهه جاء في روايةٍ أخرى للبخاري أيضًا برقم (2698).
وفي قولِه تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ﴾ [الفرقان: 60].
فالظاهرُ: أَنَّه إنكارُ جحودٍ وعنادٍ وتعنُّتٍ، ومما يدُلُّ على أنهم كانوا يعرفون هذا الاسم
قوله تعالى حكاية عنهم: ﴿ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ﴾ [الزخرف: 20].
وقَدْ جاءَ في بعضِ أشعارِ الجاهليةِ، كقول سلامة بن جندب الطهوي:
عَجِلْتُمْ عَلَيْنَا إِذْ عَجِلْنَا عَلَيْكُمُ ♦♦♦ وَمَا يَشَأِ الرَّحْمَنُ يَعْقِدْ ويُطْلِقِ
وقد ردَّ ابنُ جريرٍ بشدَّةٍ على مَنْ قال: إِنَّ العربَ كانت لا تعرِفُ (الرَّحمنَ)
فقال: "وقد زعمَ أهلُ الغباءِ أَنَّ العَربَ كانت لا تَعرِفُ الرحمنَ" اهـ، وبَيَّنَ أَنَّ ذلك كان جحُودًا
جامع البيان (1/ 44).
ورودُ الاسمَينِ في القرآنِ الكريمِ:
ذُكر (الرَّحمنُ) في القرآنِ سبعًا وخمسين مَرَّةً
منها قولُه تعالى: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163].
وقوله سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 93].
وقوله: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5].
وقوله: ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 26].
وأما اسمُه (الرَّحيمُ) فقد ذُكِرَ مائةً وأربعَ عَشْرةَ مرّةً منها:
قولُه تعالى: ﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 54].
وقولُه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 143].
وقولُه سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، وهو كثيرٌ في الكتاب
انظرْ مثلًا [البقرة: 173] [البقرة: 182] [البقرة: 199].
وقولُهُ تعالى: ﴿ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 129]
وقولُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 39].
وقولُه تعالى: ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90].
وقولُه: ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ تردَّدَتْ مِرارًا في (الشعراء).
وقولُه: ﴿ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 28].
وقولُه: ﴿ رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [الإسراء: 66].