منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الشوق إلى الله معناه وأهميته
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-10-29, 14:02   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة




ثانيًا:


لا تلازم بين الشوق إلى الله

ومحبة لقائه سبحانه ؛ وحب الموت

أو عدم الخوف منه

أو حتى عدم كراهته

بل قد يمتلئ القلب بالشوق إلى رب العالمين

ومحبة لقائه

وهو في سيره في هذه الدنيا

يأمُل العيش، ويكره الموت

كما تكرهه النفوس

ولا تعارض بين الأمرين

حتى إذا دنا أجله

وسيق إلى حِمامه

نزلت عليه الملائكة تبشره بالقدوم على رب العالمين

وتفسح له في رحمة أرحم الراحمين

فسره ذلك، واستبشر

وانشرح له صدره، وزاد اشتياقه إلى لقاء رب العالمين.

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ) قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ

قَالَ: (لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ

وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ رواه البخاري (6507) ، ومسلم (2683).

قال الإمام أبو عبيد رحمه الله، في معنى هذا الحديث:

" ليس وجهه عندي أن يكون الإنسان يكره الموت وشدته، فإن هذا لا يكاد يخلو منه أحد نبي ولا غيره، ولكن المكروه من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها وكراهية أن يصير إلى الله تعالى والدار الآخرة ويريد المقام في الدنيا."

انتهى من "الاستذكار" لابن عبد البر (8/362).

وقال ابن عبد البر رحمه الله:

" الذي أقول في معنى هذا الحديث ما شهدت به الآثار المرفوعة وهي الملجأ والحجة لمن لجأ إليها وذلك والله أعلم عند معاينة الإنسان ما يعانيه عند حضور أجله

فإذا رأى ما يكره لم يحب الخروج من الدنيا ولا لقاء ما عاين مما يصير إليه وأحب لو بقي في الدنيا ليتوب ويعمل صالحا وإن رأى ما يحب أحب لقاء الله والإسراع إلى رحمته لحسن ما يعاين من ذلك."

انتهى من "الاستذكار" (8/362).

وهذه البشرى، قد جاء ذكرها في قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ *

نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ فصلت/30-32 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله:

" يخبر تعالى عن أوليائه، وفي ضمن ذلك، تنشيطهم، والحث على الاقتداء بهم،

فقال: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا أي: اعترفوا ونطقوا ورضوا بربوبية الله تعالى، واستسلموا لأمره، ثم استقاموا على الصراط المستقيم، علمًا وعملا فلهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ الكرام، أي: يتكرر نزولهم عليهم، مبشرين لهم عند الاحتضار. أَلا تَخَافُوا على ما يستقبل من أمركم، وَلا تَحْزَنُوا على ما مضى، فنفوا عنهم المكروه الماضي والمستقبل

وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فإنها قد وجبت لكم وثبتت، وكان وعد الله مفعولا ويقولون لهم أيضا - مثبتين لهم

ومبشرين: نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ يحثونهم في الدنيا على الخير، ويزينونه لهم، ويرهبونهم عن الشر، ويقبحونه في قلوبهم، ويدعون الله لهم، ويثبتونهم عند المصائب والمخاوف

وخصوصًا عند الموت وشدته، والقبر وظلمته، وفي القيامة وأهوالها، وعلى الصراط، وفي الجنة يهنئونهم بكرامة ربهم، ويدخلون [ص:749]

عليهم من كل باب سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ويقولون لهم أيضا: وَلَكُمْ فِيهَا أي: في الجنة مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ قد أعد وهيئ.

وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ أي: تطلبون من كل ما تتعلق به إرادتكم وتطلبونه من أنواع اللذات والمشتهيات، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

نزلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ أي: هذا الثواب الجزيل، والنعيم المقيم، نزلٌ وضيافة مِنْ غَفُورٍ غفر لكم السيئات، رَحِيمٍ حيث وفقكم لفعل الحسنات، ثم قبلها منكم. فبمغفرته أزال عنكم المحذور، وبرحمته، أنالكم المطلوب."

انتهى من "تفسير السعدي" (748).


ثالثا:

أهل السنة والجماعة يثبتون رؤية الله تعالى في الآخرة

ولا يمكن لأحد أن يرى الله تعالى في الدنيا

بل يرى سبحانه وبحمده في الآخرة

جعلنا الله من المنعمين بالنظر إلى وجهه الكريم .

قال ابن القيم :

" أعظمُ نعيم الآخرة ولذّاتها: النظرُ إلى وجه الربّ جلّ جلاله، وسماعُ كلامه منه، والقربُ منه؛ كما ثبت في الصحيح في حديث الرؤية: "فوالله ما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه".

وفي حديث آخر: "إنّه إذا تجلّى لهم ورأوه نسُوا ما هم فيه من النعيم".

وفي النسائي ومسند الإِمام أحمد من حديث عمّار بن ياسر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعائه: "وأسألك لذّةَ النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك" .

وفي كتاب السنّة لعبد الله ابن الإِمام أحمد مرفوعًا: "كأنّ الناس يوم القيامة لم يسمعوا القرآن. إذا سمعوه من الرحمن، فكأنّهم لم يسمعوه قبل ذلك".

وإذا عُرِف هذا، فأعظمُ الأسباب التي تُحصِّل هذه اللذّةَ هو أعظمُ لذّات الدنيا على الإطلاق، وهو لذّةُ معرفته سبحانه ولذّةُ محبته

فإن ذلك هو جنّة الدنيا ونعيمها العالي؛ ونسبةُ لذّاتها الفانية إليه كتَفْلةٍ في بحرِ، فإنّ الروح والقلب والبدن إنّما خلق لذلك. فأطيبُ ما في الدنيا معرفتُه ومحبّتُه

وأنشد ما في الجنّة رؤيتُه ومشاهدتُه. فمحبّتُه ومعرفتُه قرّة العيون، ولذة الأرواح، وبهجة القلوب

ونعيم الدنيا وسرورها. بل لذّاتُ الدنيا القاطعةُ عن ذلك تنقلب آلامًا وعذابًا، ويبقى صاحبها في المعيشة الضَّنْك، فليست الحياة الطيبة إلا بالله "

انتهى من " الداء والدواء " (542).


و الله اعلم









رد مع اقتباس