منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - [ سِـلسـلة مُـتجـدِدة ] من //أثِــ(الفِـــكـــر)ــيــرُ //
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-07-15, 22:14   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
إكتفآء
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
المؤرخ الفذ العبقري ابن خلدون
حين يتكلم فكأنما حيزت له أسرار الدنيا يقلبها كيفما شاء
حظوته من الرصيد المعرفي جعلت منه مؤرخا قلما يأتي الزمان بمثله
وهو الذي قرع قلوب الغرب قبل العرب منذ آلاف السنين
فأذعنت له إندهاشا ولفكره إجلالا وإكبارا
" المغلوب مولع دائماً بتقليد الغالب "
حكمة من بين كثير أفردها ابن خلدون في مقدمته الشهيرة
فحال المغلوب إنتكاسات وانهزامات وخسائر تلوى أخرى
يرى حاله تتحدر في فيافي الخنوع والخضوع
وكلما تجرع مرارة الأولى إلا تلتها مرارات لاحقة
ولا تزال نفسه تروم المعالي والكمال
حتى إن ولاّها مشرقا أو مغربا
لم يجد لها مستقرا إلا في أراضي الغالب
فهو من اكتملت فيه صفات النجاح والفلاح
فيسير على نهجه لعله يداري سوءاته
ويغطي ترانيم صدى صوت نفسه االبائسة المتخمة بالخذلان
فإذا التقليد يصير أعمى
فكما لبس الغالب يلبس مثله
وكما تكلم الغالب تراه يقلده
ظنا منه أن ذاك يقدُّ حلة محنته
ألست ترى الرعية تلهج بلسان الملوك والأمراء
يتذللون إليهم لعلهم ينالون فتات صدقات خانعة
مجتمعاتنا العربية لبست لباس الذل والهوان طواعية
حين تركت دينها ومنهجها وأهملت علماء زمانها
فالتقطهم الغرب بضاعة رابحة وسلعة مثمرة
سبقونا بآلاف السنين على إثرها
وحال شبابنا الذي غرف من نهر الحضارات الغالبة كانت نتيجته
سراويل متدلية وقصات شعر تشبة الدٍيّكة
ولو أن التقليد منهم كان في علمهم وفهمهم وإجلال علمائهم لكان خيرا لهم
فمن اراد أن يستبصر وتكون له حظوة من نجاح
فليأخذ من الأفكار زبدتها
وليترك القشور فلا يقربها
لأن التقليد متى أُخذت منه عصبة الفكر وحلاوة المورد الموصل للفلاح
كانت ثماره حلوة يانعة
ومتى اقتصر التقليد على لباس وأكل وشرب
جُعل المغلوب والغالب وجهان لعلمة واحدة
بَيْد أن الغالب صآعد في أدراج العلا
والمغلوب نازل في دركات الإنحطاط
انتهى.