منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأخلاق
الموضوع: الأخلاق
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-07-02, 20:29   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يأثم من لم يقبل طلب الصفح من أخيه المخطئ ؟ وكيف يُحسن المسلم الاعتذار ؟

السؤال

سمعت من أحد الدعاة أنه إذا قال لك أحد المسلمين بعد خطأ ما " سامحني يا أخي " أو " اعذرني لم أكن أعلم " أو " نسيت الموعد " أو " أهملت حاجتك "

ولم تسامح من اعتذر وتعفو تكون قد اقترفتَ ذنباً تعاقب عليه الشريعة الإسلامية ! .

فإذا كان هذا الكلام صحيحاً فما فحواه ؟

و ما هو هذا الذنب ؟

وكيف يكفر عنه العبد ؟ .

وبالمناسبة كيف يكون سلوك المخطئ في حق الناس حين ينسى ويسيئ هذا إلى الناس ، أو لا يفي بالعهود ، أو لا يحضر إلى موعد ، أو يضيع أشياء الناس تهاونا وقد تكون ذات قيمة ؟

وما هو مصير هذا المذنب بعد كل هذه الأخطاء إذا لم يقدم عذراً ويسأل العفو أو يعوض الضرر ولا يخطر له ذلك ببال ؟

أفيدونا بارك الله فيكم فالمسالة تكاد تفتن الناس إلى حد التفرق والفرقة ؟! .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

من عظيم أخلاق المؤمن أنه يقبل العذر من المعتذر ويصفح عن المتعمد للخطأ في حقه ، وليس ذلك بواجب حتمي عليه لكنه من كمال أخلاق المؤمنين ، قال تعالى ( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) البقرة/ 237

وقال تعالى ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ) النور/ 22

وقال تعالى ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) الشورى/ 40 .

ويجب على من أخطأ في حق أخيه أن يبادر إلى الاعتذار له ويطلب منه العفو والصفح

فإنه بذلك يحقق مقاصد للشرع جليلة ، من الألفة والمحبة وإزالة البغضاء والحقد من القلوب ، وفي الاعتذار وطلب الصفح علاج للنفس من داء الكِبر والعُجب .

قال ابن حبان – رحمه الله - :

" الاعتذار يُذهب الهموم ويجلي الأحزان ويدفع الحقد ويُذهب الصد ، والإقلال منه تستغرق فيه الجنايات العظيمة والذنوب الكثيرة ، والإكثار منه يؤدي إلى الاتهام وسوء الرأي

فلو لم يكن في اعتذار المرء إلى أخيه خصلة تُحمد إلا نفي العجب عن النفس في الحال ، لكان الواجب على العاقل أن لا يفارقه الاعتذار عند كل زلة " .

انتهى من " روضة العقلاء " ( ص 186 ) .

والمسلم يقبل توبةَ المسيء المتعمد ، وطلبه للصفح والعفو ، ولو غلب على ظنه عدم صدقه في اعتذاره ، فعلى المخطئ المبادرة إلى التوبة وطلب الصفح بصدق وإخلاص ، وعلى المُساء إليه أن يصفح ويعفو .

قال ابن حبان – رحمه الله -

: " لا يجب للمرء أن يعلن عقوبة من لم يعلن ذنبه ، ولا يخلو المعتذر في اعتذاره من أحد رجلين : إما أن يكون صادقاً في اعتذاره أو كاذباً ، فإن كان صادقاً فقد استحق العفو

لأن شر الناس من لم يقل العثرات ولا يستر الزلات ، وإن كان كاذباً فالواجب على المرء إذا علم من المعتذر إثم الكذب وريبته ، وخضوع الاعتذار وذلته

أن لا يعاقبه على الذنب السالف ؛ بل يشكر له الإحسان المحدث الذي جاء به في اعتذاره ، وليس يعيب المعتذر أن ذل وخضع في اعتذاره إلى أخيه "

انتهى من " روضة العقلاء " ( ص 184 ، 185 ) .

ثانياً:

وأما ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ضمن حديث طويل

وفيه :
( أَلَا أُنْبِئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قالَ: مَنْ نَزَلَ وَحْدَهُ وَمَنَعَ رِفْدَهُ وَجَلَدَ عَبْدَهُ. قَالَ: أَفَلَا أَنْبِئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ: من يبغض الناس ويبغضونه

قال: أفلا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: مَنْ لَمْ يُقِلْ عَثْرَةً وَلَمْ يَقْبَلْ مَعْذِرَةً وَلَمْ يَغْفِرْ ذَنْبًا ، قَالَ: أَفَلَا أُنْبِئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: من لم يرج خيره ولم يؤمن شره) الحديث

فقد رواه العقيلي في " الضعفاء " (4/324) وقال : "وليس لهذا الحديث طريق يثبت".

وينظر : "نصب الراية" للزيلعي (3/63)

و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (7/407) .

وهكذا عامة ما وقفنا عليه في هذا المعنى من الأحاديث ، وقد ذكرنا هذه الأحاديث المروية في ذلك وخرَّجناها وبينَّا ضعفها في جواب السؤال رقم ( 116388 ) فانظرها هناك .

ثالثاً:

وما ذكرناه من العفو والصفح هو في حق المسيء المتعمد ، وأما من أخطأ من غير قصد فلا ينبغي التردد في قبول اعتذاره

إذ ليس له إرادة في الخطأ والإساءة ، ولم يترتب في ذمته حق للمُساء إليه ، فإذا لم يُقبل اعتذاره فلن يلحقه حرج ولا عتب ، وإنما اعتذاره يقوم في مقام البيان عن حاله لصاحبه

هذا مع أن خطأه هذا وعدم قصده لا يعفيه من تحمل المسؤولية المالية لصاحبه ، إن كان ترتب على خطئه ضياع شيء من حقوقه المالية ، أو تلف شيء من مال أخيه ؛ فالعذر وعدم الذنب ، لا يعفيه من تحمل الضمان المالي لأخيه .

وعلى المخطئ المسيء في حق أخيه – العامد منهم وغير عامد – أن يسلك السبيل الأقوم في الاعتذار لأخيه ، ويكون ذلك بتحقيق أمور :

1. الإخلاص لله تعالى في اعتذاره .

2. الصدق في الاعتذار .

3. اختيار الوقت المناسب عند أخيه لتقديم اعتذاره .

4. اختيار الكلمات المناسبة للاعتذار .

5. ويفضل أن يكون بين يدي اعتذاره هدية مناسبة ، فإن لم يتيسر له فيكثر من الثناء عليه والدعاء له بين يديه ومن خلفه .

والله أعلم









رد مع اقتباس