السلام عليكم ورحمه الله و بركاتة
اخي الفاضل
في البدايه حين نريد توضيح مفهوم عام و مفهوم خاص لا نقف عند ايه من القران الكريم لتكون دليل كافي لهذا المفهوم
بل يجب ان نعلم ان القران الكريم يكمل بعضه البعض و السنه الصحيحه تشرح ما لم يوضحه القران و اكتفي بذكره فقط
و العلماء هم من يستطيعون فهم النصوص بما افاض الله عليهم من فضلة
و انا لست بعالم فما انا غير طالب علم انقل لك قول العلماء فان اصبت فمن الله و فضلة و ان اخطاءت فمن نفسي و الشيطان
................
بدايه التوضيح من بعد نهايه شرح الايه التي احضرتها من المصدر الموثوق
المكلف له قدرة وإرادة واختيار
سواء كان من الإنسان أو الجن
وبهذه القدرة والإرادة يؤمن أو يكفر
ويطيع أو يعصي
كما قال تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) الكهف/29
وقال: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) الإنسان/2، 3
ولما كان المكلف قادرا مختارا، فإنه يجازى على أعماله
إن خيرا فخير
وإن شرا فشر، وما ربك بظلام للعبيد (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة/7، 8
ولو كان الإنسان مجبورا على أعماله
لكان تعذيبه على هذه الأعمال ظلما له
والله تعالى منزه عن ذلك.
وكل إنسان يشعر بهذا الاختيار ويحس به
فلا يجبره أحد على الصلاة أو إتيان المسجد
كما لا يجبره أحد على الحرام أو إتيان محله.
لما كان الله تعالى هو الخالق
فلا عجب أن يعلم ما سيفعله عبده
وما سيكون عليه مصيره
من سعادة أو شقاوة
فقد علم ذلك سبحانه
وكتبه عنده في اللوح المحفوظ
ويأمر الملك أن يكتب ذلك والجنين في بطن أمه .
لكن هذا العلم السابق مغيّب عن الإنسان
ولا يشعر به، ولا يجبره على فعل شيء أو تركه، فما على العبد إلا أن يعمل
وسيجازى على عمله، كطالب أعطي كتابا ليدرسه، ويختبر فيه، فإن اجتهد نجح، وإن أهمل رسب، وإن كان أستاذه يعلم النتيجة المتوقعة، لعلمه بالطالب وخبرته بحاله .
وهذا ـ فقط ـ مثل ، لتقريب الأمر إلى الأفهام
ولله المثل الأعلى، فالله خالق الإنسان ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وحاله من عبده الذي خلقه ، فوق ذلك وأجل : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/14 .
و بعد هذه المقدمة
اقول
الله عز وجل يضل من يشاء ويهدي من يشاء
كما قال سبحانه: (فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) إبراهيم/4
وقال: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) النحل/93
وقال: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) الأعراف/178.
وهداية الله نوعان:
عامة وخاصة
فأما العامة
فهي هداية الدلالة والإرشاد والبيان للحق
كما قال سبحانه: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فصلت/17.
أي بينا لهم طريق الحق. وقال عز وجل: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) الإنسان/3.
وأما الخاصة:
فإنها لعباده المؤمنين، وهي هداية التوفيق والإعانة والتسديد
ومن ذلك قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) الأنعام/90
وقوله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الشورى/52
وقوله: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت/69
وقال: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الحجرات/7، 8.
وأما الإضلال: فهو ترك العبد وشأنه، وعدم إمداده بأسباب العون والتوفيق.
قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة:
(يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا، وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله).
فالتوفيق عند أهل السنة والجماعة : هو إمداد الله العبد بعونه وتسديده وتيسير الأمر له.
والخذلان: ترك العبد وشأنه دون إمداد وإعانة.
ولا يقال: لم أمدّ هذا ولم يمدّ هذا؟
فالتوفيق فضل، والخذلان عدل، وهو سبحانه (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء/23
" لَا لِمُجَرَّدِ قُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ بَلْ لِكَمَالِ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ. فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَهُوَ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا وَقَدْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ"
انتهى من من فتاوى شيخ الإسلام (/79) .
وهو سبحانه أعلم بمن يستحق الفضل ، ومن لا يستحقه
كما قال: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) القصص/56،
وقال: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) الأنعام/53.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بيان هذه المسألة المهمة:
" إذا كان الأمر راجعا إلى مشيئة الله تبارك وتعالى ، وأن الأمر كله بيده ، فما طريق الإنسان إذن ، وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قَدَّر عليه أن يضل ولا يهتدي ؟
فنقول : الجواب عن ذلك أن الله تبارك وتعالى إنما يهدي من كان أهلاً للهداية ، ويضل من كان أهلاً للضلالة
ويقول الله تبارك وتعالى : ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) الصف/5
ويقول تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) المائدة/13 .
فبين الله تبارك وتعالى أن أسباب إضلاله لمن ضل إنما هو بسبب من العبد نفسه ، والعبد لا يدرى ما قَدَّر الله تعالى له
لأنه لا يعلم بالقدر إلا بعد وقوع المقدور . فهو لا يدري هل قدر الله له أن يكون ضالا أم أن يكون مهتديا ؟
فما باله يسلك طريق الضلال ، ثم يحتج بأن الله تعالى قد أراد له ذلك !
أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهداية ثم يقول : إن الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم"
انتهى من رسالة في القضاء والقدر، ص14
اذن اخي الفاضل
الهداية من الله والأسباب من العباد
التوفيق والهداية بيد الله عز وجل
من شاء الله أن يهديه هداه
ومن شاء أن يضله أضله
قال الله تعالى : ( ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر/73
وقال جل وعلا : ( مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) الْأَنْعَامِ/59
وقال سبحانه : ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) الْأَعْرَافِ/178 .
والمسلم يدعو في صلاته : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) الفاتحة/6 .
لعلمه أن الهداية بيد الله تعالى
ومع ذلك ؛ فالعبد مطالب بالأخذ بأسباب الهداية
مُطالَب بالصبر والثبات والبدء بطريق الاستقامة
فقد وهبه الله عز وجل عقلا منيرا ، وإرادة حرة ، يختار بها الخير من الشر ، والهدى من الضلال ، فإذا بذل الأسباب الحقيقية ، وحرص على أن يرزقه الله الهداية التامة جاءه التوفيق من الله تعالى .
قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) الْأَنْعَام/153 .
وقد أطال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
في بيان هذه المسألة التي تشكل على بعض الناس ، فقال :
" إذا كان الأمر راجعا إلى مشيئة الله تبارك وتعالى ، وأن الأمر كله بيده ، فما طريق الإنسان إذن ، وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قَدَّر عليه أن يضل ولا يهتدي ؟
فنقول : الجواب عن ذلك أن الله تبارك وتعالى إنما يهدي من كان أهلاً للهداية ، ويضل من كان أهلاً للضلالة
ويقول الله تبارك وتعالى : ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) الصف/5
ويقول تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) المائدة/13 .
فبين الله تبارك وتعالى أن أسباب إضلاله لمن ضل إنما هو بسبب من العبد نفسه ، والعبد لا يدرى ما قَدَّر الله تعالى له ، لأنه لا يعلم بالقدر إلا بعد وقوع المقدور . فهو لا يدري هل قدر الله له أن يكون ضالا أم أن يكون مهتديا ؟
فما باله يسلك طريق الضلال ، ثم يحتج بأن الله تعالى قد أراد له ذلك !
أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهداية ثم يقول : إن الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم .
أيجدر به أن يكون جبريا عند الضلالة ، وقدريا عند الطاعة ! كلا ، لا يليق بالإنسان أن يكون جبريا عند الضلالة والمعصية
فإذا ضل أو عصى الله قال : هذا أمر قد كُتب علي وقُدِّر علي ولا يمكنني أن أخرج عما قضى الله تعالى .
فالإنسان في الحقيقة له قدرة وله اختيار
وليس باب الهداية بأخفى من باب الرزق ، والإنسان كما هو معلوم لدى الجميع قد قُدِّر له ما قُدِّر من الرزق ، ومع ذلك هو يسعى في أسباب الرزق في بلده وخارج بلده يميناً وشمالاً
لا يجلس في بيته ويقول : إن قُدِر لي رزق فإنه يأتيني ، بل يسعى في أسباب الزرق مع أن الرزق نفسه مقرون بالعمل ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فهذا الرزق أيضا مكتوب ، كما أن العمل من صالح أو سيئ مكتوب ، فما بالك تذهب يمينا وشمالاً وتجوب الأرض والفيافي طلباً لرزق الدنيا ، ولا تعمل عملا صالحا لطلب رزق الآخرة والفوز بدار النعيم !!
إن البابين واحد ، ليس بينهما فرق ، فكما أنك تسعى لرزقك وتسعى لحياتك وامتداد أجلك ، فإذا مرضت بمرض ذهبت إلى أقطار الدنيا تريد الطبيب الماهر الذي يداوي مرضك
ومع ذلك فإن لك ما قُدِّر من الأجل لا يزيد ولا ينقص ، ولست تعتمد على هذا
وتقول : أبقى في بيتي مريضاً طريحاً وإن قُدِّر الله لي أن يمتد الأجل امتد . بل نجدك تسعى بكل ما تستطيع من قوة وبحث لتبحث عن الطبيب الذي ترى أنه أقرب الناس أن يُقَدِّر الله الشفاء على يديه .
فلماذا لا يكون عملك في طريق الآخرة وفى العمل الصالح كطريقك فيما تعمل للدنيا ؟
وقد سبق أن قلنا : إن القضاء سر مكتوم لا يمكن أن تعلم عنه .
فأنت الآن بين طريقين :
طريق يؤدى بك إلى السلامة وإلى الفوز والسعادة والكرامة .
وطريق يؤدى بك إلى الهلاك والندامة والمهانة .
وأنت الآن واقف بينهما ومخير ، ليس أمامك من يمنعك من سلوك طريق اليمين ، ولا من سلوك طريق الشمال ، إذا شئت ذهبت إلى هذا ، وإذا شئت ذهبت إلى هذا .
بهذا تبين لنا أن الإنسان يسير في عمله الاختياري سيراً اختيارياً ، وأنه كما يسير لعمل دنياه سيراً اختيارياً ، فكذلك أيضا هو في سيره إلى الآخرة يسير سيراً اختيارياً
بل إن طرق الآخرة أبين بكثير من طرق الدنيا ؛ لأن مبين طرق الآخرة هو الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . فلا بد أن تكون طرق الآخرة أكثر بيانا وأجلى وضوحا من طرق الدنيا .
ومع ذلك فإن الإنسان يسير في طرق الدنيا التي ليس ضامنا لنتائجها ، ولكنه يدع طرق الآخرة التي نتائجها مضمونة معلومة ؛ لأنها ثابتة بوعد الله ، والله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد .
بعد هذا نقول : إن أهل السنة والجماعة قرروا هذا ، وجعلوا عقيدتهم ومذهبهم أن الإنسان يفعل باختياره ، وأنه يقول كما يريد ، ولكن إرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته .
ثم يؤمن أهل السنة والجماعة بأن مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته ، وأنه سبحانه وتعالى ليس مشيئته مطلقة مجردة ، ولكنها مشيئة تابعة لحكمته
لأن من أسماء الله تعالى الحكيم ، والحكيم هو الحاكم المحكم الذي يحكم الأشياء كوناً وشرعاً ، ويحكمها عملاً وصنعاً ، والله تعالى بحكمته يقَدِّر الهداية لمن أرادها
لمن يعلم سبحانه وتعالى أنه يريد الحق ، وأن قلبه على الاستقامة . ويقَدِّر الضلالة لمن لم يكن كذلك ، لمن إذا عرض عليه الإسلام يضيق صدره كأنما يصعد في السماء
فإن حكمة الله تبارك وتعالى تأبى أن يكون هذا من المهتدين ، إلا أن يجدد الله له عزماً ويقلب إرادته إلى إرادة أخرى ، والله تعالى على كل شيء قدير ، ولكن حكمة الله تأبى إلا أن تكون الأسباب مربوطة بها مسبباتها "
انتهى باختصار من " رسالة في القضاء والقدر " (ص14-21) .
هكذا يفهم المسلم قضية الإيمان بالقضاء والقدر مع قضية العمل الذي كلف به الإنسان
وترتب عليه سعادته أو شقاؤه ، فالهداية ودخول الجنة سببها العمل الصالح .
قال الله تعالى عن أهل الجنة : ( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الأعراف/43
وقال تعالى : ( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) النحل/32 .
والضلال ودخول النار سببه العمل بمعصية الله والإعراض عن طاعته
قال الله تعالى عن أهل النار : ( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ) يونس/52
وقال تعالى : ( وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) السجدة/14 .
وحينئذ يضع المسلم خطوته الأولى في الطريق الصحيح ، فلا يضيع لحظة واحدة بغير عمل أو سعي في طريق الله عز وجل ، وفي الوقت نفسه ، يتواضع لربه
ويدرك أنه عز وجل بيده مقاليد السماوات والأرض ، فيستشعر الفقر إليه دائما وأبدا ، والحاجة إلى توفيقه وتسديده
اذن اخي الفاضل
اداة الشرط وضحت بكل ما سبق شرحه
و اخيرا
يقول الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله
إذا كان الإنسان على بصيرة فيما يدعو إليه فلا فرق بين أن يكون عالماً كبيراً يشار إليه أو طالب علم مجد في طلبه أو عامياً لكنه علم المسألة عليماً يقيناً ..
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( بلغوا عني ولو آية )
ولا يشترط في الداعية أن يبلغ مبلغاً كبيراً في العلم
لكنه يشترط أن يكون عالماً بما يدعو إليه
و الله اعلي و اعلم
.