منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرد علي منكري السنه .. 3
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-01-17, 17:41   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



الرد علي منكري السنة

الحمد لله المتكلم بالقرآن الحكيم، له الحمد أن بعث فينا الرؤوف الرحيم، فبين لنا بسنته صراط الله المستقيم، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أتم تسليم.

وها أذكر الرد مبيناً فيه بطلان ما ادعى، وثبوت خلافه، أعني وضوح دلالة القرآن الكريم على حجية السنة النبوية المطهرة.

فأبدأ مستلهماً الله الصواب، سائلاً إياه التوفيق والسداد.

ذكر المناظر في مقدمة كلامه قوله تعالى: ( قد جاءكم من ربكم نور وكتاب مبين ) مستدلاً بذلك على أن القرآن الكريم نور.

وهذا خطأ، لأن العطف يقتضي المغايرة قطعاً في لغة العرب.

وعليه فالنور مغاير للكتاب الذي هو القرآن. فما هو هذا النور؟

معلوم أننا لم يأتنا من الله تعالى سوى القرآن والسنة، وقد تبين أن القرآن غير مراد بالنور هنا، فهو إذاً سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو هو عام يشمل كليهما.
هذا أول دليل، قد تبين أنه لي، وليس له.

ثم وصف القرآن بأمور، منها أنه: ( إباء الأبي )، والإباء رفض بأنفة. فأقول أي رفض جاء به القرآن؟

إن أراد رفض المعصية ونوازع الشر، فنعم هو كذلك، وكذلك السنة النبوية المطهرة.

أما إن أراد رفض السنة، فلا وربي، ما جاء القرآن به، وإنما جاء بذمه كما قال تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ).

ثم ادعى صاحبنا أن: ( التفسير الواضح في القرآن وحده ).

وهذه إحدى العجائب! إذ التفسير الشرح والتوضيح. فهل القرآن شرح للقرآن؟!

نعم في بعض القرآن شرح لبعض القرآن، لكن هذا البعض الذي هو الشرح، أين شرحه؟ إن قيل شرحه بعض آخر من القرآن، يقال: وأين شرح هذا البعض الآخر؟ وهكذا، مما يلزم منه التسلسل أو الدَّوْر، وكلاهما ممتنع مرفوض.

وإن قال أن بعض القرآن غامض يحتاج توضيحاً، والبعض الآخر هو الذي يوضحه، ثم هذا البعض الآخر واضح لا يحتاج ما يوضحه، إن قال هذا، فمردود كذلك.

لأن القرآن عربي، ولا شك تحتاج كل آية منه توضيحاً لغير العربي، فلزم أن يكون للقرآن شرح بشري يفهمه به غير العربي. وهذا حاصل حساً ولا خلاف، وليس في ذلك انتقاص ولا محال.

بل والعربي، قد يكون فيه نقص فهم أو علم أو تدبر، يخفى عليه به بعض القرآن. فيأتي رجل عربي آخر فيوضحه له. وهذا حاصل حساً بلا خلاف. ولا يلزم منه محال ولا انتقاص.

فنقول: أولى من يشرح القرآن ويوضحه للعربي ولغيره هو الذي أنزل عليه القرآن، صلوات الله وسلامه عليه، وتوضيحه هو السنة. وبالتالي فهي حجة، ولله الحمد.

ثم ذكر المناظر قوله تعالى: ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً ). يريد أن يستدل بذلك على أن القرآن يوضح بعضه بعضاً، ولا يحتاج إلى غيره في بيانه.


وهذا غلط في الدليل والمدلول.


بمعنى أن الدليل لا يدل على المراد، والمراد غير صحيح أصلاً.

بيان بطلان المدلول مر فيما سبق قريباً.

أما بيان بطلان الدليل فكما يلي: الله تعالى تكفل في هذه الآية أن لا يأتي الكافرون النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشبهة لإبطال أمره، إلا جاءه الله بالحق الذي يدمغ ذلك الباطل

وجاءه الشرع البالغ في الوضوح غاية الحسن، بحيث لا يمكن لأحد أن يدعي فيه عيباً.

فالخلاف إذاً في البيان الذي يأتي به النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فالخصم يدعي أنه القرآن وحده.

وأنا أرد عليه بأن البيان إما كتاب وإما سنة. ومعلوم أن الذي أخذ الرسول من الله هو الكتاب والسنة، فمن خصص أحدهما من غير دليل فقد تحكم، وهذا مرفوض.


فالحمد لله رب العالمين.

ثم وصف المناظر القرآن بأنه ليس فيه ( موقوف ولا مكذوب ) يريد بذلك التعريض بكتب السنة النبوية المطهرة، التي فيها الموقوف والمكذوب.
وهذا غلط شنيعٌ، لو فهمه ما تكلم به.

بيانه أن كتب قراءات القرآن الكريم فيها آيات تروى بأسانيد غير صحيحة أو مخالفة لوجوه الإعراب أو مخالفة للرسم العثماني، وهذه الروايات يسميها أهل العلم ( شاذة ).

وبالتالي فالكتب التي تنقل القرآن فيها الشاذ والآحاد والمتواتر.

وهذا لا شك لا يطعن في القرآن الكريم، إذ القراءات الشاذة معروفة مشهورة، والقراءات الصحيحة معروفة مشهورة، وبالتالي فالقرآن محفوظ من الله تعالى.

وكذلك نقول في السنة النبوية المطهرة، فالأحاديث الموضوعة والموقوفة والمقطوعة وغيرها معلومة، والأحاديث الصحيحة معلومة، وبالتالي فهي محفوظة من الله كالقرآن، ولا فرق، والحمد لله رب العالمين.

ثم قال المناظر: ( فإن اختلف في الشرع مختلفان فالحكم لله، وفصل الخطاب في كتابه العزيز ).


وهذا غلط كذلك.

لأنه بنى مقدمة، واستنتج منها ما لا تدل عليه.

كيف؟

المقدمة أن الحكم لله تعالى وحده، وهذا حق

قال تعالى: ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) وقال تعالى: ( إن الحكم إلا لله ) وقال تعالى: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وقال تعالى: ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) وغيرها.

لكن حكم الله تعالى في المسألة يعلم بطرق مختلفة. فتارة من القرآن كما قال تعالى: ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ). وتارة من السنة

كما قال تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ). وتارة من الإجماع كما قال تعالى: ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً )

. وتارة من أقوال الصحابة المأخوذة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم

كما قال تعالى: ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ).

وتارة من القياس الصحيح كما قال تعالى: ( أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحي الموتى، بلى ).

ففي هذه الآيات يحث الله تعالى المؤمنين على اتباع الطرق التي بها يعلم حكمه تعالى. فالسنة من الرسول أخذها عن الله، والإجماع مستند إلى كتاب أو سنة، وكلاهما من الله، والقياس يفهم من الكتاب والسنة،

وكلاهما من الله. فالحمد لله الذي وسع علينا ولم يضيق.

ثم قال المناظر: ( وإذا تباين أثر وآية... ).

وهذا فرض مستحيل، لأن الكل من عند الله، وما كان من عند الله لم يكن فيه تناقض.

ثم قال مرجحاً الآية على الأثر: ( فالآية قطعية ومحكمة، والأثر ظني ورواية رواها راوون والعون بتعظيم وتقديس البشر ).


وهذا غلط من وجوه:

1. أن الآية قطعية الثبوت أما الدلالة فلا. وبالتالي فالحكم المستفاد من الآية ظني غير قطعي. وذلك في كثير من الأحيان.

2. أن الآية وإن كانت قطعية الثبوت، فكثير جداً من الأحاديث قطعي الثبوت كذلك. ومن الأحاديث قطعية الثبوت:

أولاً: الأحاديث المتواترة.

ثانياً: ما أخرجه الشيخان ولم ينتقده أحد الحفاظ.

ثالثاً: ما تسلسل بالأئمة الحفاظ حيث توبعوا. رابعاً: ما جاء من طرق واختلف مخرجه. خامساً: ما صح سنده من غير مطعن. سادساً: ما تلقته الأمة بالقبول عملاً وتصديقاً.

وهذه الأنواع تحتها من الأفراد ما لا ينحصر، وبالتالي تبطل دعوى أن السنة ظنية الثبوت.

3. أن الرواة الذين رووا الأحاديث هم الذين رووا القرآن، فمن طعن في نقلهم هذا فقد طعن في نقلهم ذاك.

واتهامهم بالغلو في تقديس البشر مردود لعرية عن الدليل، ولاشتهار عكسه.

كيف وهم الذين رووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ).

وهم الذين تواتر عن أئمتهم قولهم: ( كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر ) وقولهم: ( إذا عارض قولي الكتاب والسنة فاضربوا به عرض الحائط ) وغيره مما في معناه.

وهنا ألمح إلى لطيفة مليحة، وهي أن الصوفية يتهمون أهل السنة أنهم يحقرون الأشخاص

فدل أنهم لا يغلون فيهم. والقرآنيون يرمونهم بأنهم غلاة في الأشخاص، فدل على أنهم لا يحقرونهم. وبالتالي فهم الوسط، فالحمد لله والمنة.

ثم ألحق المناظر كلاماً كثيراً إنشائياً لا يسمن ولا يغني من جوع، إنما ذكره تهويلاً لا طائل من ورائه، بل ليس فيما ذكر من الآيات دليل على شيء مما ذكر.

ثم قال في ختام مقدمته الطويلة واصفاً القرآن الكريم: ( وتلقته الأمة عن رسول الله عن جبريل عن العليم الحكيم الأمر الذي لم يتوفر لأي كتاب من كتب البشر ).


وهذه مغالطة ظاهرة.

فكل كتب السنة النبوية، تلقتها الأمة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن جبريل عن العليم الحكيم. فالحمد لله.

وهنا أنبه إلى أمر لا بد منه، ليقف القارئ الكريم على ملابسات الحوار من أوله. وهو أننا قد اتفقنا أن يكون موضوع المناظر حول أدلة عشرة من القرآن يثبت بها عدم حجية السنة، وأن تكون هي أظهر أدلته

. لكن رأيت المناظر قد أتى بمقدمة طويلة هي قرابة نصف الموضوع، مما أطال موضوعي في الرد عليها.

ولا يمكن أن يقال أن المقدمة خارجة عن المناظرة، لأني لا يمكن أن أدع هذا الكلام يمر على عامة الناس يقرؤونه ولا يعرفون وجه فساده.

فالله المستعان.

وأبدأ الآن بمناقشة الأدلة، التي ذكرها عاريةً عن وجه الاستدلال، وهذا ثاني إخلال منه بشروط المناظرة، فالله المستعان.

الآية الأولى التي استدل بها قوله تعالى: ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوبَ والأسباطِ وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبوراً ).

وهو يريد بهذه الآية أن يثبت أن الوحي الوحيد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الله هو القرآن. والعجيب

أنه لا ذكر للقرآن في الآية، وإنما فيها ذكر أن الله أوحى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من غير ذكر للموحى به. ثم العجب الآخر أن الآية لا حصر فيها

فلو كان الذكر المعني فيها القرآن، لم يكن فيها نفي لوحي غيره!

فهذه الآية الأولى لا حجة فيها ألبتة، فكيف وهي أحد أظهر الآيات على مراده!

بل العجيب أن في الآية دليل ظاهر على أن السنة وحي من الله تعالى. كيف؟

هنا يثبت الله تعالى أن الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالوحي إلى السابقين من النبيين.

والوحي إلى النبيين السابقين كان أعمّ من الكتاب، بل كان يوحى إليهم بشرع غير الذي في كتبهم.

والدليل على ذلك في نوح قوله تعالى: ( قال يا نوح إنه ليس من أهلك ) فهذه كلمة أوحاها الله تعالى إلى نوح عليه السلام، وليست من كتابه على فرض أن يكون له كتاب.

وفي إبراهيم وإسماعيل قوله تعالى: ( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر ) وليس المنام ذاك بكتاب، ومع ذلك هو وحي من الله تعالى.

وفي عيسى يقول تعالى: ( إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه ) وليست هذه من الإنجيل.

وهارون قد أوحي إليه بنص هذه الآية، ولم يكن له كتاب كما هو معلوم، وإنما أوتي التوراة موسى، فدل على أن وحيه لم يكن كتاباً، وهذا الذي نريد.

فهذا وغيره كثير جداً لا يمكن حصره في القرآن الكريم، كله يثبت أن الله تعالى قد أوحى إلى الأنبياء من الشرائع والعلوم ما ليس في كتبهم، بل شيئاً زائداً عنها.

فكذلك نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أوحي إليه كما أوحي إليهم.


فالحمد لله رب العالمين.

يتبع إن شاء الله تعالى...









رد مع اقتباس