منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - خيركم من تعلم القرآن وعلمه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-01-14, 15:14   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا :

ليس يكفي لمن يريد أن يثبت دعواه ضد القرآن الكريم أن يأتي بحقيقة في القرآن ليقول إن هذه الحقيقة كانت معروفة قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أن هذا الحدث التاريخي موجود عند أهل الكتاب

أو عند غيرهم من أهل الأخبار ؛ فلا يقول عاقل إن على القرآن أن يخالف حقائق العلم والعقل المعروفة في زمانه حتى يثبت للناس أنه قد أتى بكل جديد ، وليس مطلوبا منه أن يخترع تاريخا جديدا للخلق والناس

حتى يصدقوا أنه لم يتأثر بمعارف أهل التواريخ ؛ فهذا لا يقوله عاقل يعرف ما يقول .

يقول الأستاذ الدكتور عبد العظيم المطعني رحمه الله في مناقشة مثل هذه الشبهة :

" الاقتباس عملية فكرية لها ثلاثة أركان:

الأول: الشخص المُقتَبَس منه.

الثانى: الشخص المُقتَبِس (اسم فاعل).

الثالث: المادة المُقتَبَسَة نفسها (اسم مفعول).

والشخص المقُتَبَس منه سابق إلى الفكرة ، التى هى موضوع الاقتباس

أما المادة المقُتَبَسَة فلها طريقتان عند الشخص المُقِتَبس ، إحداهما: أن يأخذ المقتبس الفكرة بلفظها ومعناها كلها أو بعضها. والثانية: أن يأخذها بمعناها كلها أو بعضها كذلك ويعبر عنها بكلام من عنده.

والمقتبس فى عملية الاقتباس أسير المقتبس منه قطعاً ودائر فى فلكه ؛ إذ لا طريق له إلى معرفة ما اقتبس إلا ما ذكره المقتبس منه. فهو أصل ، والمقتبس فرع لا محالة.

وعلى هذا فإن المقتبس لابد له وهو يزاول عملية الاقتباس من موقفين لا ثالث لهما:

أحدهما: أن يأخذ الفكرة كلها بلفظها ومعناها ، أو بمعناها فقط.

وثانيهما: أن يأخذ جزءً من الفكرة باللفظ والمعنى ، أو بالمعنى فقط.

ويمتنع على المقتبس أن يزيد فى الفكرة المقتبسة أية زيادة غير موجودة فى الأصل

لأننا قلنا: إن المقتبس لا طريق له لمعرفة ما اقتبس إلا ما ورد عند المقتبس منه ، فكيف يزيد على الفكرة والحال أنه لا صلة له بمصادرها الأولى إلا عن طريق المقتبس منه.

إذا جرى الاقتباس على هذا النهج صدقت دعوى من يقول إن فلاناً اقتبس منى كذا.

أما إذا تشابه ما كتبه اثنان ، أحدهما سابق والثانى لاحق ، واختلف ما كتبه الثانى عما كتبه الأول مثل:

1- أن تكون الفكرة عند الثانى أبسط وأحكم ، ووجدنا فيها مالم نجده عند الأول.

2- أو أن يصحح الثانى أخطاء وردت عند الأول ، أو يعرض الوقائع عرضاً يختلف عن سابقه.

فى هذه الحال لا تصدق دعوى من يقول إن فلانا قد اقتبس منى كذا.

ورَدُّ هذه الدعوى مقبول من المدعى عليه ، لأن المقتبِس (اتهامًا) لما لم يدُر فى فلك المقتبَس منه (فرضاً) ؛ بل زاد عليه وخالفه فيما ذكر من وقائع ، فإن معنى ذلك أن الثانى تخطى ما كتبه الأول

حتى وصل إلى مصدر الوقائع نفسها ، واستقى منها ما استقى . فهو إذن ليس مقتبِساً ، وإنما مؤسس حقائق تلقاها من مصدرها الأصيل ، ولم ينقلها عن ناقل أو وسيط.

وسوف نطبق هذه الأسس التى تحكم عملية الاقتباس على ما ادعاه القوم هنا وننظر:

هل القرآن عندما اقتبس ، كما يدعون من التوراة ، كان خاضعاً لشرطى عملية الاقتباس وهما: نقل الفكرة كلها ، أو الاقتصار على نقل جزء منها

فيكون بذلك دائراً فى فلك التوراة ، وتصدق حينئذ دعوى القوم بأن القرآن (معظمه) مقتبس من التوراة ؟

أم إن القرآن لم يقف عند حدود ما ذكرته التوراة فى مواضع التشابه بينهما ؟ بل:

1 عرض الوقائع عرضاً يختلف عن عرض التوراة لها.

2 أضاف جديداً لم تعرفه التوراة فى المواضع المشتركة بينهما.

3 صحح أخطاء " خطيرة " وردت فى التوراة فى مواضع متعددة.

4 انفرد بذكر " مادة " خاصة به ليس لها مصدر سواه.

5 فى حالة اختلافه مع التوراة حول واقعة يكون الصحيح هو ما ذكره القرآن . والباطل ما جاء فى التوراة بشهادة العقل والعلم .

إذا كان الاحتمال الأول هو الواقع فالقرآن مقتبس من التوراة..

أما إذا كان الواقع هو الاحتمال الثانى فدعوى الاقتباس باطلة ويكون للقرآن فى هذه الحالة سلطانه الخاص به فى استقاء الحقائق وعرضها ، فلا اقتباس ، لا من توراة ولا من إنجيل ولا من غيرهما.

لا أظن أن القارئ يختلف معنا فى هذه الأسس التى قدمناها لصحة الاتهام بالاقتباس عموماً.

وما علينا بعد ذلك إلا أن نستعرض بعض صور التشابه بين التوراة والقرآن ، ونطبق عليها تلك الأسس المتقدمة

تاركين الحرية التامة للقارئ سواء كان مسلماً أو غير مسلم فى الحكم على ما سوف تسفر عنه المقارنة ؛ أنحن على صواب فى نفى الاقتباس عن القرآن ؟.

والمسألة بعد ذلك ليست مسألة اختلاف فى الرأى يصبح فيها كل فريق موصوفاً بالسلامة ، وأنه على الحق أو شعبة من حق.

وإنما المسألة مسألة مصير أبدى من ورائه عقيدة صحيحة توجب النجاة لصاحبها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

أو عقيدة فاسدة تحل قومها دار البوار ، يوم يقدم الله إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباءً منثوراً" انتهى.
ثم طبق رحمه الله هذه القاعدة على بعض النماذج التي يتبين بها بطلان الدعوى .

فليراجع بحثه مطولا ، والذي نشر في كتاب "حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين" ص (139)

وما بعدها ، والذي نشرته وزارة الأوقاف المصرية . [ والكتاب يوجد على الموسوعة الشاملة بعنوان "شبهات المشككين" .









رد مع اقتباس