منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التوبة .. اصول العقيدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-11-18, 17:38   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعها : العزم على عدم العود إلى الذنب :

فإن عاد إليه ، كان ذلك قادحا في كمال التوبة ونفعها ، لا في صحتها وأصلها .

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ( 14/123 ) :

" لا يشترط في التوبة عدم العود إلى الذنب الذي تاب منه ، عند أكثر الفقهاء .

وإنما تتوقف التوبة على الإقلاع عن الذنب ، والندم عليه ، والعزم الجازم على ترك معاودته .

فإن عاوده مع عزمه ، حال التوبة على أن لا يعاوده : صار كمن ابتدأ المعصية، ولم تبطل توبته المتقدمة، ولا يعود إليه إثم الذنب الذي ارتفع بالتوبة وصار كأن لم يكن ؛ وذلك بنص الحديث: ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) .

وقال بعضهم يعود إليه إثم الذنب الأول؛ لأن التوبة من الذنب بمنزلة الإسلام من الكفر، والكافر إذا أسلم ، هدم إسلامه ما قبله من إثم الكفر وتوابعه، فإذا ارتد ، عاد إليه الإثم الأول مع الردة.

والحق : أن عدم معاودة الذنب ، واستمرار التوبة : شرط في كمال التوبة ونفعها الكامل ، لا في صحة ما مضى منها" انتهى .

خامسا :

وثمرات هذا العزم على عدم العود إلى الذنب أربعة :

أولها : سد باب الذنب :

وذلك باجتناب كل صحبة ، أو آلة تؤدي بك إلى معصية الله تعالى . فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

لَا تَصْحَبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ .

رواه أبو داود 4832 والترمذي 2395 وحسنه الألباني

ثانيها : سد الذرائع الموصلة للذنب :

وذلك باجتناب الشبهات ، وكل ما يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في المحرمات .

فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: - وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ -

"إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي

يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ".

رواه البخاري 52 ومسلم 1599

ثالثها : الإتيان بنقيض الذنب :

فتوبة الكاتم تكون ببيان ما أنزل الله ، وتوبة المنافق لا تصح إلا بإخلاص الدين لله .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله :

" التوبة من ذنب هي بفعل ضده .

ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين ما أنزل الله من البينات والهدى = البيان ؛ لأن ذنبهم لما كان بالكتمان، كانت توبتهم منه بالبيان، قال الله تعالى :

إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم [البقرة: 159 - 160] .

وشرط في توبة المنافق الإخلاص; لأن ذنبه بالرياء، فقال تعالى إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار [النساء: 145]

، ثم قال إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما [النساء: 146] ) اهـ بتصرف من "مدارج السالكين" (1/370 ) .

رابعها : فتح الذرائع الموصلة للعمل الصالح ، والاستقامة على طاعة الرب :

قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه /82 .

قال ابن عاشور ، رحمه الله : " وَمَعْنَى اهْتَدى: اسْتَمَرَّ عَلَى الْهُدَى وَثَبَتَ عَلَيْهِ ؛ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الْأَحْقَاف: 13]" .

انتهى ، من "التحرير والتنوير" (16/276) .

​وبهذا يتبين منزلة الندم من توبة العبد ، وأنها أصل الرجوع إلى رب العالمين ، وترك إغواء الشياطين .

نسأل الله أن يرزقنا التوبة النصوح ، وأن يمن علينا بالقبول .









رد مع اقتباس