منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شروح الأحاديث
الموضوع: شروح الأحاديث
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-11-16, 16:18   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

من ترك صلاة العصر ، فهل يحبط عمله كله ؟

السؤال

سمعت أنني إذا تركت صلاة العصر ، فقد حبط عملي كله ، ثم سمعت أنه يحبط عمل هذا اليوم فقط ، فأيهما الصواب ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً :

جاء الوعيد الشديد فيمن ترك صلاة العصر متعمداً حتى خرج وقتها ، فقد روى البخاري (553) عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُه ) ، وروى الإمام أحمد في مسنده (26946) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ مُتَعَمِّدًا ، حَتَّى تَفُوتَهُ ، فَقَدْ أُحْبِطَ عَمَلُهُ ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في "صحيح الترغيب والترهيب" .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" تفويت العصر أعظم من تفويت غيرها ، فإنها الصلاة الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها ، وهى التي فرضت على من كان قبلنا ، فضيعوها "

انتهى من "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (22/54) .

ثانياً :

اختلف العلماء رحمهم الله في الوعيد الوارد فيمن ترك صلاة العصر ، هل هو على ظاهره ، أو لا ؟ على قولين :

القول الأول : أنه على ظاهره ، فيكفر من ترك صلاة واحدة متعمداً حتى خرج وقتها ، وهو اختيار إسحاق بن راهويه ، واختاره من المتأخرين الشيخ ابن باز رحمهما الله .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " صلاة العصر أمرها عظيم ، وهي الصلاة الوسطى ، وهي أفضل الصلوات الخمس ، قال الله جل وعلا : (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى )

فخصها بالذكر زيادة ، فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة أن يعتني بها أكثر ، وأن يحافظ عليها ، ويجب عليه أن يحافظ على جميع الصلوات الخمس بطهارتها والطمأنينة فيها وغير ذلك

وأن يعتني بها في الجماعة الرجل ، وخصها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم : (من ترك صلاة العصر حبط عمله) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (من فاتته صلاة العصر

فكأنما وُتر أهله وماله ) ، يعني : سلب أهله وماله ، وهذا يدل على عظمة شأنها ، والصواب أن من ترك بقية الصلوات يحبط عمله أيضاً

لأنه قد كفر ، على الصحيح ، لكن تخصيص النبي بذكر صلاة العصر يدل على مزية عظيمة ، وإلا فالحكم واحد ، من ترك الظهر أو المغرب أو العشاء أو الفجر تعمُّداً بطل عمله

لأنه يكفر بذلك ، لا بد أن يحافظ على الصلوات الخمس كلها ، فمن ترك واحدة ، فكأنما ترك الجميع ، فلا بد من المحافظة على الصلوات الخمس جميعاً في أوقاتها من الرجل والمرأة

ولكن صلاة العصر لها مزية عظمى في شدة العقوبة وشدة الإثم ، وفي عظم الأجر لمن حافظ عليها واستقام عليها مع بقية الصلوات "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : -

عند شرحه لحديث (من ترك صلاة العصر فقد حَبِط عملُه ) -

: " من فضائل صلاة العصر خاصة أن من تركها فقد حبط عمله لأنها عظيمة ، وقد استدل بهذا بعض العلماء على أن من ترك صلاة العصر كفر ؛ لأنه لا يحبط الأعمال إلا الردة ، كما قال تعالى :

(ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) ، وقال تعالى : (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )

فيقول بعض العلماء : صلاة العصر خاصة ، من تركها فقد كفر ، وكذلك من ترك بقية الصلوات عموما فقد كفر ، وهذا القول ليس ببعيد من الصواب "

انتهى من "شرح رياض الصالحين" .

القول الثاني : أن الوعيد الوارد في صلاة العصر ليس على ظاهره ، واختلف أصحاب هذا القول في توجيه الحديث على أقوال ؛ منها : أن الحديث محمول على من تركها استحلالاً .

ومنهم من رأى أن الحبوط خاص بالصلاة نفسها ، فمن ترك صلاة العصر حتى خرج وقتها ، فإنه لا يحصل على أجر من صلاها في وقتها ، فيكون المراد بالعمل الذي حبط في الحديث الصلاة .

قال ابن بطال رحمه الله : " باب من ترك العصر ، وفيه : بُرَيْدَةَ : أنه قَالَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ : ( بَكِّرُوا بِصَلاةِ الْعَصْرِ ، فَإِنَّ نَّبِيَّ الله قَالَ : مَنْ تَرَكَ صَلاةَ الْعَصْرِ ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) .

قال المهلب : معناه من تركها مضيعًا لها ، متهاونًا بفضل وقتها مع قدرته على أدائها ، فحبط عمله فى الصلاة خاصة ، أى لا يحصل على أجر المصلى فى وقتها ، ولا يكون له عمل ترفعه الملائكة "

انتهى من "شرح صحيح البخاري لابن بطال" (2/176) .

وقد ذكر ابن حجر رحمه الله أقوالاً كثيرة في تأويل معنى الحديث - عند شرحه للحديث - ، فقال رحمه الله : " وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَيْضًا الْحَنَابِلَةُ

وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مِنْ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ يَكْفُرُ ، وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَتَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ , فَافْتَرَقُوا فِي تَأْوِيلِهِ فِرَقًا .

فَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ سَبَبَ التَّرْكِ , وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ الْحَبَطَ , وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ الْعَمَلَ فَقِيلَ : الْمُرَادُ مَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا , وَقِيلَ الْمُرَادُ مَنْ تَرَكَهَا مُتَكَاسِلًا ، لَكِنْ خَرَجَ الْوَعِيدُ مَخْرَجَ الزَّجْرِ الشَّدِيدِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ

كَقَوْلِهِ "لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ " ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَبَطِ نُقْصَانُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى اللَّهِ , فَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ الصَّلَاةُ خَاصَّةً

, أَيْ لَا يَحْصُلُ عَلَى أَجْرِ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَلَا يَرْتَفِعُ لَهُ عَمَلُهَا حِينَئِذٍ , وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْعَمَلِ فِي الْحَدِيثِ عَمَلُ الدُّنْيَا الَّذِي يُسَبِّبُ الِاشْتِغَالَ بِهِ تَرْكُ الصَّلَاةِ , بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَتَمَتَّعُ

, وَأَقْرَبُ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ الشَّدِيدِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ "

انتهى من "شرح البخاري" (2/31) .

والذي يترجح والله أعلم أن تارك صلاة العصر ، لا يخلو :

1. إما أن يترك الصلاة بالكلية ، بحيث لا يصلي مطلقاً ، فهذا كافر ، وعمله حابط ؛ لكفره .

2. إما أن يترك الصلاة أحياناً ، بحيث يصلي أحياناً ، ويترك أحياناً أخرى ، فهذا لا يكفر ، وإن كان يحبط عمل اليوم الذي ترك فيه صلاة العصر .

قال ابن القيم رحمه الله : " وقد تكلم قوم في معنى هذا الحديث ( أي : من ترك صلاة العصر ... الحديث ) ، فأتوا بما لا حاصل له .

قال المهلب معناه : من تركها مضيعا لها متهاونا بفضل وقتها ، مع قدرته على أدائها حبط عمله في الصلاة خاصة ، أي : لا يحصل له أجر المصلي في وقتها

, ولا يكون له عمل ترفعه الملائكة ، وحاصل هذا القول : إن من تركها فاته أجرها ، ولفظ الحديث ومعناه يأبى ذلك ، ولا يفيد [ يعني: على هذا التأويل ] حبوط عمل قد ثبت وفعل , وهذا حقيقة الحبوط في اللغة والشرع

فلا يقال لمن فاته ثواب عمل من الأعمال إنه قد حبط عمله ، وإنما يقال فاته أجر ذلك العمل .

وقالت طائفة : يحبط عمل ذلك اليوم لا جميع عمله ، فكأنهم استصعبوا حبوط الأعمال الماضية كلها بترك صلاة واحدة ، وتركها عندهم ليس بردة تحبط الأعمال

فهذا الذي استشكله هؤلاء هو وارد عليهم بعينه في حبوط عمل ذلك اليوم .

والذي يظهر في الحديث والله أعلم بمراد رسوله : أن الترك نوعان : ترك كلي لا يصليها أبداً ، فهذا يحبط العمل جميعه ، وترك معين في يوم معين

فهذا يحبط عمل ذلك اليوم ؛ فالحبوط العام في مقابلة الترك العام , والحبوط المعين في مقابلة الترك المعين "

انتهى من " الصلاة وأحكام تاركها" (ص/65) .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس