منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شروح الأحاديث
الموضوع: شروح الأحاديث
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-11-16, 16:01   رقم المشاركة : 356
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان

السؤال

قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مُغِـيبة إلا ومعه رجل أو رجلان ) رواه مسلم . استدل الكثير من الناس به على جواز الاختلاط ما لم يكن فيه تبرج وسفور

ولما اطلعت على شرح النووي لم أجد ما يجيب تساؤلات المحلين للاختلاط ؛ جزاكم الله خيراً ، ونفعنا الله بعلمكم .


الجواب

الحمد لله

الكلام على هذا الحديث في مسائل :

أولا : نص الحديث

الحديث المقصود في السؤال هو ما يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : ( أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ دَخَلُوا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ

فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - وَهِيَ تَحْتَهُ يَوْمَئِذٍ - فَرَآهُمْ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : لَمْ أَرَ إِلَّا خَيْرًا .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَّأَهَا مِنْ ذَلِكَ . ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ : لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغِيبَةٍ إِلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ اثْنَانِ)

ثانيا : تخريج الحديث

رواه مسلم (رقم/2173) وبوب عليه الإمام النووي رحمه الله بقوله : باب تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية والدخول عليها . وبوب عليه البيهقي في " السنن الكبرى " (7/90): باب لا يخلو رجل بامرأة أجنبية .

وفي روايةٍ للنسائي في " السنن الكبرى " (5/104)، والطبرني في " المعجم الأوسط " (8/339)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (4/370): ( أنَّ أبا بكر الصديق تزوج أسماء بنت عميس بعدَ جعفر بنِ أبي طالب .. )

ثالثا : معاني الكلمات

المُغِيبَة : من غاب عنها زوجها ، يقال : أغابت المرأة إذا غاب زوجها . "فتح الباري" (9/331)

قال النووي رحمه الله :

" المراد : غاب زوجها عن منزلها ، سواء غاب عن البلد - بأن سافر -، أو غاب عن المنزل وإن كان في البلد ، هكذا ذكره القاضي وغيره ، وهذا ظاهر متعين .

قال القاضي : ودليله هذا الحديث ، وأن القصة التي قيل الحديث بسببها وأبو بكر رضي الله عنه غائب عن منزله ، لا عن البلد ، والله أعلم " انتهى.

" شرح مسلم " (14/155)

رابعا : مناسبة الحديث

يقول العلامة المُحدّث عبد الله السعد حفظه الله :

" لعل السبب في دخولهم عليها – يعني دخول نفر من بني هاشم على أسماء بنت عميس - والعلم عند الله عز وجل : أنها كانت زوجاً لجعفر بن أبي طالب حتى استشهد ، فلعل هؤلاء النفر من بني هاشم أقارب لجعفر

أرادوا صلة أولاد جعفر ، من أجل قرابتهم لجعفر ، وعلاقة أسماء بنت عميس ببني هاشم وثيقة ، فقد كانت أخت ميمونة بنت الحارث - زوج النبي صلى الله عليه وسلم –

لأمها ، وأخت لبابة أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب لأمها أيضاً ، وقد جاء في خبر مرسل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم زوّج أبا بكر رضي الله عنه أسماء بنت عميس يوم حنين ، وقد تزوجها علي رضي الله عنه بعد أبي بكر

وهذا كله يدل على علاقة أسماء بنت عميس ببني هاشم ، ومع هذه العلاقة الوثيقة أنكر أبو بكر رضي الله عنه دخولهم ، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فخطب الناس " انتهى.

نقلا عن كتاب " إشكال في حديث أم حرام " للدكتور علي الصياح (ص/36)

خامسا : رد الشبهة عن الحديث

ونحن نقول الآن : أين في الحديث ما يدل على جواز جلوس المرأة مع الرجال مطلقا ؟!

غاية ما فيه تقييد الحكم الشرعي بقيود :

دخول جماعة من الرجال ، وليس رجلا واحدا .

وهؤلاء الرجال من أهل الخير والصلاح والفضيلة الظاهرة ، وليسوا من أهل الريبة ، البعيدين عن أحكام الدين ، ولا من عامة الناس الذين يستهويهم الشيطان في كل صغير وكبير .

والمرأة المدخول عليها من أهل الخير والفضل ، فهي أسماء بنت عميس رضي الله عنها ، من السابقين الأولين إلى الإسلام ، ومن المهاجرين إلى الحبشة الهجرة الأولى.

وكان هذا الدخول لسبب وحاجة ، كما سبق ، وهي الاطمئنان على أبناء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، والسؤال عنهم ، وتفقد أحوالهم ، فرعاية الأيتام واجب على أهلهم وعشيرتهم .

ويلاحظ أيضا أنه جلوس قصير لا يتجاوز الدقائق المعدودة كافية لتحقيق الغرض الذي وقعت الزيارة لأجله .

كما يلاحظ أن الكلام الذي يدور في هذه الجلسة كلام شرعي موزون معلوم الغاية والمقصد.

وليس في الحديث ما يدل على جلوس أسماء بنت عميس رضي الله عنها مع هؤلاء الرجال ، فهم قدموا لغاية الجلوس مع أبناء جعفر وليس للجلوس مع أسماء رضي الله عنها

ثم لو فرضنا جلوس أسماء معهم فلا شك أنها كانت بالحجاب الكامل ، وبالقيود المذكورة سابقا .

فمن يستدل بهذا الحديث على جواز جلوس الرجال مع النساء مطلقا من غير قيد ولا شرط ، ويسول لكثير من الناس استمراء ما هم عليه من اقتحام حرمات الله بالاختلاط المحرم

فهذا إنما يبوء بآثامهم ويتحمل أوزارهم وهو جالس في بيت أهله .

يقول أبو العباس القرطبي رحمه الله :

" كان هذا الدخول في غيبة أبي بكر رضي الله عنه ، لكنه كان في الحضر لا في السفر ، وكان على وجه ما يعرف من أهل الخير والصلاح ، مع ما كانوا عليه قبل الإسلام مما تقتضيه مكارم الأخلاق من نفي التهمة والرّيب

غير أنَّ أبا بكر رضي الله عنه أنكر ذلك بمقتضى الغَيْرة الجِبِلّيّة والدّينية.. ولمّا ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال - ما يعلمه من حال الداخلين والمدخول لها – قال : ( لم أر إلاّ خيراً ) يعني

: على الفريقين ، فإنه علم أعيان الجميع ؛ لأنهم كانوا من مسلمي بني هاشم ، ثمّ خصّ أسماء بالشهادة لها فقال : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَّأَهَا مِنْ ذَلِكَ ) أي : مما وقع في نفس أبي بكر ، فكان ذلك فضيلةً عظيمةً من أعظم فضائلها

ومنقبة من أشرف مناقبها ، ومع ذلك فلم يكتف بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جمع الناسَ ، وصعد المنبر ، فنهاهم عن ذلك

وعلمهم ما يجوز منه فقال : ( لا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ عَلَى مُغِيبَةٍ إِلا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ اثْنَانِ )، سداً لذريعة الخلوة ، ودفعاً لما يؤدي إلى التهمة .

وإنما اقتصر على ذكر الرجل والرجلين لصلاحية أولئك القوم ؛ لأنَّ التهمة كانت ترتفع بذلك القدر ؛ فأمّا اليوم فلا يكتفى بذلك القدر ، بل بالجماعة الكثيرة ، لعموم المفاسد ، وخبث المقاصد " انتهى.

" المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم " (5/502)









رد مع اقتباس