أم تغضب على أبنائها لأنهم لم يساعدوا أخاهم ، وهو لا يعمل !!
السؤال
لي أخ كبير ولديه مشاكل منذ 5 سنوات مادية ، ولا يعمل وهو بكامل صحته وشبابه ( 32 عاماً ) ، آخر مشكلة له أنه مديون بمبلغ كبير ، وكلنا رفضنا أن نساعده لأجل أن يعمل
ولكن والدتي مصممة أن تأخذ منَّا حتى لو نستلف له ونسدد ديونه وإلا فنحن عندها لسنا جيدين ، وتقول : أنا ليس لي أولاد وغضبانة عليكم
مع العلم أن ربنا وفقنا وحلِّينا له مشاكل كثيرة قبل هذا مادية وبمبالغ كبيرة ، لكن نحن موظفون قطاع خاص ، وكلنا متزوجون ، فما الحل ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً:
مواقفكم السابقة مع أخيكم الأكبر في حل مشكلاته والسداد عنه أمرٌ تحمدون عليه وتشكرون على فعله
وهو يدل على خير عظيم فيكم – إن شاء الله - ، كما أن موقفكم الأخير منه في عدم مساعدته أيضاً هو موقف صحيح تُشكرون عليه
إذ هو سبيل جيد ليصحِّح أخطاءه ويترك بطالته وكسله وينتبه لنفسه ويترك إذلالها ، ولا تلتفتوا لحكم والدتكم على موقفكم هذا ؛ فهو حكم عاطفي ليس له مستند لا من عقل ولا من شرع
وهي بحكمها ذاك تزيد في اتكاله على غيره وتساهم في إذلاله وتتسبب في مهانته ، وهي لن تصنع له معروفاً بأخذها المال منكم ليقضي به ديْنه ويحل به مشكلاته
والواجب عليها أن تقف في صفكم ، وأن تدفع ابنها الأكبر للعمل ، والاعتماد على نفسه ؛ فهي بذلك تصنع له معروفاً وتبني له شخصيته وتجعل منه رجلاً يتحمل مسئولياته بنفسه .
ثانياً:
إنما يلزمكم شرعاً أن تعطوا من أموالكم لوالدتكم لو أن هذا الإعطاء كان لها لتنفقه على نفسها ، أما أن تطلبه منكم لتعطيه لابنها فلا يلزمكم الاستجابة لها .
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
"للوالد أن يأخذ من مال ولده ما لا يضره ولا يحتاجه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ( إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم ) – رواه أصحاب السنن الأربعة
وهو صحيح - ، وقوله ( أنت ومالك لأبيك ) - رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو ، وابن ماجه من حديث جابر ، وهو صحيح - ، وهذا في حق الأب لا شك فيه ، وكذلك في حقّ الأم
لأنها كالأب على الصحيح ، تأخذ من مال ولدها ما تنتفع به ، وتسد به حاجتها ، ما لم يكن بذلك إضرار على الولد ، أو أن تتعلق به حاجة الولد"
.انتهى من" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 3 / 333 ) .
وقد ذكرنا في تلك الأجوبة شرطاً مهمّاً يتعلق بجواز أخذ الأب – ومثله الأم – من مال أولاده ، وهو ::
" أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر ؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء ، ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً ، فإن كان محتاجاً
: فإن إعطاء أحد الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون : ليس فيه تفضيل ، بل هو واجب عليه " .
ثالثاً:
غضب أمكم عليكم في حال أنكم لم تستجيبوا لها بإعطاء أخيكم مالاً : لن يضركم ، إن شاء الله ؛ لأنه بغير حق ، وأنتم لم تخالفوا شرع الله في فعلكم ، ولا تلزمكم طاعة والدتكم في هذا الذي طلبته منكم .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين
– ناصحاً في قضية مشابهة لبعض أجزاء قضيتكم - :
"أما بالنسبة للأولاد : فإني أنصحهم بأن يصبروا ويحتسبوا الأجر من الله عز وجل ، ويسألوا الله تعالى ألا يسلط عليهم آباءهم وأمهاتهم
وليعلموا أن لكل أزمة فرجاً وأن الله تعالى يجزي الصابرين أجرهم بغير حساب ، ثم إذا أمرهم آباؤهم أو أمهاتهم بأمر فيه مشقة عليهم وليس فيه مصلحة للأبوين ، أو أمروهم بأمر فيه ضرر في دينهم أو دنياهم :
فإنه لا يجب عليهم طاعة الوالدين في ذلك
لأن طاعة الوالدين إنما تجب فيما إذا كان الأمر ينفع الوالدين ولا يضر الأولاد ، ولْيفضِّلوا دائماً جانب الصبر والاحتساب وانتظار الفرج ، وليدعوا الله تعالى بذلك فإن الله تعالى يقول
( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )" .
انتهى من" فتاوى نور على الدرب " ( شريط رقم 297 ) .
رابعاً:
والخلاصة أن الذي يجب عليكم :
1. البقاء على موقفكم من أخيكم لدفعه للعمل والاعتماد على نفسه ، إلا أن يكون ثمة أمر ملح في قضية قد تستوجب عليه سجناً – مثلاً – فلا بأس بإعانته فيها ، مع عدم تسليم المال لوالدتكم أو له ، بل تؤدون عنه بأنفسكم .
2. التلطف في الإنكار على والدتكم ؛ فإن لها حقّاً عليكم في البر والإحسان لها بالقول والفعل ، فلا ترفعوا أصواتكم عليها ، ولا تؤذوها بالكلام الغليظ الجارح .
3. الصبر والاحتساب في دعائها وغضبها عليكم ، ومقابلة ذلك بالحسنى ، وقد علمتم أن ذلك لن يضركم ، إن شاء الله ، في شيء فلا تقلقوا منه ، وما تريده منكم لا يصب في مصلحة ابنها بل يضره
ولكن عاطفتها التي تمنعها من التفكير بعقلها ، وعسى أن يكون موقفكم يجعلها تعيد النظر في حكمها عليكم وموقفها منكم .
4. نصح أخيكم بالحسنى أن يعمل ويعتمد على نفسه ، ولا بأس بتشجيعه على ذلك بأن تجعلوا له مكافأة ببذل مثل ما يكسب ، فإذا كسب مائة جنيه –
مثلاً – تجعلون له مثلها أو أقل أو أكثر بحسب ما ترون ؛ لتشجعوه على الكسب والعمل ، ولتخففوا من مشكلاته المالية .
ونسأل الله أن يوفقكم لما يحب ويرضى ، وأن يهدي أخاكم لما فيه خير دينه ودنياه ، وأن يهدي والدتكم للبر والتقوى .
والله أعلم
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين