منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التأويل مذهب الخلف ، وبراءة السلف والإمام أحمد منه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-09-26, 14:57   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أبوإبراهيــم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

نقل إجماع السلف على إثبات الصفات من غير تأويل غير واحد من أهل العلم وممَّنْ حكى هذا الإجماعَ:

ـ محمَّد بنُ الحسن الشيبانيُّ صاحبُ أبي حنيفة ـ رحمهما الله ـ حيث قال ما نصُّه: «اتَّفق الفقهاءُ كُلُّهم مِنَ المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديثِ التي جاء بها الثِّقَاتُ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في صفة الربِّ عزَّ وجلَّ مِنْ غيرِ تفسيرٍ ولا وصفٍ ولا تشبيهٍ؛ فمَنْ فسَّر ـ اليومَ ـ شيئًا مِنْ ذلك فقَدْ خَرَج ممَّا كان عليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وفارق الجماعة؛ [فإنهم لم يَصِفوا ولم يُفسِّروا، ولكِنْ آمنوا بما في الكتاب والسُّنَّة ثمَّ سكتوا؛ فمَنْ قال بقولِ جهمٍ فقَدْ فارق الجماعةَ]؛ لأنه قد وَصَفه بصفةِ لا شيء»(5).

ـ أبو سليمان الخطَّابيُّ ـ رحمه الله ـ حيث قال: «فأمَّا ما سألتَ عنه مِنَ الصفات وما جاء منها في الكتاب والسُّنَّة فإنَّ مذهبَ السلف: إثباتُها وإجراؤها على ظواهرها، ونفيُ الكيفيَّة والتشبيهِ عنها؛ وقد نَفَاها قومٌ فأَبطلوا ما أَثبتَه اللهُ، وحقَّقها قومٌ مِنَ المُثبِتين فخرجوا ـ في ذلك ـ إلى ضربٍ مِنَ التشبيه والتكييف»(6)، قال الذهبيُّ ـ رحمه الله ـ بعد نقلِه لكلام الخطَّابيِّ ـ رحمه الله ـ: «وكذا نَقَل الاتِّفاقَ عن السلف في هذا الحافظُ أبو بكرٍ الخطيبُ ثمَّ الحافظ أبو القاسم التيميُّ الأصبهانيُّ وغيرُهم»(7).

ـ ابنُ عبد البرِّ ـ رحمه الله ـ حيث قال ما نصُّه: «أهل السُّنَّة مُجمِعون على الإقرار بالصفات الواردةِ كُلها في القرآن والسُّنَّة، والإيمانِ بها وحملِها على الحقيقة لا على المجاز، إلَّا أنهم لا يُكيِّفون شيئًا مِنْ ذلك ولا يحدُّون فيه صفةً محصورةً؛ وأمَّا أهلُ البِدَع والجهميةُ والمعتزلةُ كُلُّها والخوارجُ فكُلُّهم يُنكِرها ولا يحمل شيئًا منها على الحقيقة، ويزعمون أنَّ مَنْ أَقرَّ بها مُشبِّهٌ، وهم عند مَنْ أَثبتَها نافون للمعبود؛ والحقُّ فيما قالَهُ القائلون بما نَطَق به كتابُ اللهِ وسُنَّةُ رسولِه، وهم أئمَّةُ الجماعة، والحمدُ لله»(8).

ـ أبو القاسم الأصفهانيُّ قوامُ السُّنَّة ـ رحمه الله ـ حيث قال: «قال علماء السلف: جاءَتِ الأخبارُ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُتواتِرةً في صفات الله تعالى مُوافِقةً لكتاب الله تعالى، نَقَلها السلفُ على سبيل الإثبات والمعرفة والإيمان به والتسليم، وتركِ التمثيل والتكييف، وأنه عزَّ وجلَّ أزليٌّ بصِفاته وأسمائه التي وَصَف بها نَفْسَه، أو وَصَفه الرسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم بها؛ فمَنْ جَحَد صفةً مِنْ صِفَاته بعد الثبوت كان بذلك جاحدًا، ومَنْ زَعَم أنها مُحْدَثةٌ لم تكن ثُمَّ كانت دَخَل في حُكم التشيبه في الصفات التي هي مُحدَثةٌ في المخلوق، زائلةٌ بفَنائه غيرُ باقيةٍ؛ وذلك أنَّ الله تعالى امتدح نَفْسَه بصِفاته، ودَعَا عِبادَه إلى مدحِه بذلك؛ وصدَّق به المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم، وبيَّن مُرادَ الله فيما أَظهرَ لعباده مِنْ ذِكرِ نفسِه وأسمائه وصِفاته؛ وكان ذلك مفهومًا عند العرب غيرَ مُحتاجٍ إلى تأويله»(9 ـ أيضًا ـ: «الكلام في صفات الله عزَّ وجلَّ ـ ما جاء منها في كتاب الله، أو رُوِي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ـ: فمذهب السلف ـ رحمةُ اللهِ عليهم أجمعين ـ: إثباتُها وإجراؤها على ظاهرها، ونفيُ الكيفيَّة عنها»(10).

ـ وما قاله أبو العبَّاس أحمد بنُ عليٍّ المقريزيُّ ـ رحمه الله ـ: «ومَنْ أَمعنَ النظرَ في دواوين الحديث النبويِّ، ووَقَف على الآثار السلفيَّة؛ عَلِم أنه لم يَرِدْ قطُّ ـ مِنْ طريقٍ صحيحٍ ولا سقيمٍ ـ عن أحَدٍ مِنَ الصحابةِ رضي الله عنهم، وعلى اختلافِ طبقاتهم وكثرةِ عددهم، أنه سأل رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن معنَى شيءٍ ممَّا وَصَف الرَّبُّ سبحانه به نَفْسَه الكريمةَ في القرآن الكريم، وعلى لسانِ نبيِّه محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، بل كُلُّهم فَهِموا معنَى ذلك وسكتوا عن الكلام في الصِّفات، نعم ولا فرَّق أحَدٌ منهم بين كونها صفةَ ذاتٍ أو صفةَ فعلٍ، وإنما أَثبتوا له تعالى صفاتٍ أزليَّةً مِنَ العلم والقدرة والحياة والإرادة، والسمع والبصر والكلام، والجلال والإكرام، والجود والإنعام، والعزِّ والعظمة، وساقوا الكلامَ سَوْقًا واحدًا؛ وهكذا أثبتوا رضي الله عنهم ما أطلقه اللهُ سبحانه على نفسه الكريمة مِنَ الوجه واليد ونحوِ ذلك، مع نفي مماثلة المخلوقين؛ فأثبتوا رضي الله عنهم بلا تشبيهٍ، ونزَّهوا مِنْ غير تعطيلٍ؛ ولم يتعرَّض ـ مع ذلك ـ أحَدٌ منهم إلى تأويلِ شيءٍ مِنْ هذا، ورأَوْا بأجمعهم إجراءَ الصفاتِ كما وَرَدَتْ، ولم يكن عند أحَدٍ منهم ما يَستدِلُّ به على وحدانيَّة الله تعالى وعلى إثباتِ نبوَّةِ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم سوى كتابِ الله، ولا عَرَف أحَدٌ منهم شيئًا مِنَ الطُّرُق الكلاميَّة ولا مسائلِ الفلسفة، فمضى عصرُ الصحابة رضي الله عنهم على هذا»(11)


(5) أخرجه اللَّالَكائيُّ في «شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة» (3/ 433)، وابنُ قدامة في «ذمِّ التأويل» (13 ـ 14)، وأورده الذهبيُّ في «العلو للعليِّ الغفَّار» (153).

(6) مِنْ رسالته: «الغُنْية عن الكلام وأهله» للخطَّابي، نقلًا عن «مجموع الفتاوى» (5/ 58) و«الفتوى الحموية» (362) كلاهما لابن تيمية، وأوردها الذهبيُّ في «العلو للعليِّ الغفَّار» (236).

(7) «العلو للعليِّ الغفَّار» للذهبي (236).

(8) «التمهيد» لابن عبد البرِّ (7/ 145).

(9) «الحُجَّة في بيان المَحَجَّة» للأصفهاني (1/ 183).

(10) المصدر السابق (1/188).

(11) «المواعظ والاعتبار» للمقريزي (4/ 188)










رد مع اقتباس