منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فهرس الحديث والأحاديث الضعيفة و الموضوعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-09-09, 04:35   رقم المشاركة : 162
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل المرأة التي تبرعت بشعرها للجهاد في سبيل الله من الصحابيات ، وما قصتها ؟

السؤال:

سؤالي بخصوص الصحابية التي أرادت أن تتبرع بشعرها في إحدى معارك الجهاد ؛ لأنها كانت فقيرة . فهل هذه الحادثة صحيحة ؟

وإذا كانت كذلك فأرجو ذكر الواقعة كاملة مع ذكر اسم الصحابية ?


الجواب :


الحمد لله


لم نقف في السير والتراجم على قصة صحابية تبرعت بخصال شعرها للجهاد في سبيل الله ، فهذا الأمر منكر في الشريعة الإسلامية ولا يحل

فشعر المرأة جزء من آدمي مكرم ، لا يستعمل قيد فرس باسم الجهاد ، وهو لا يغني شيئا في القتال

كما أنه في حال قصِّه يأخذ الحكم نفسه في حال اتصاله عند فقهاء الحنفية والشافعية ، فلا يحل للرجل الأجنبي النظر إليه ، ولا لمسه

كما جاء في " مغني المحتاج " (4/217) من كتب الشافعية : " كل ما حرم نظره متصلا حرم نظره منفصلا ". وجاء في " الدر المختار مع رد المحتار " (6/371): " كل عضو لا يجوز النظر إليه قبل الانفصال

لا يجوز بعده " ، وانظر " الموسوعة الفقهية " (7/40) .

وبعض الفقهاء الذين قالوا إن الشعر المنفصل ، ليس له حكم المتصل ، من حيث النظر واللمس ، ونحو ذلك ؛ صرح بعدم جواز استعماله ، لكرامة الآدمي .

قال البهوتي رحمه الله :

" (وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شَعْرِ الْآدَمِيِّ) مَعَ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ (لِحُرْمَتِهِ) أَيْ احْتِرَامِهِ "

انتهى من " كشاف القناع " (1/57)

وينظر: " الشرح الكبير" (1/78) .

فلذلك نقول : إنه ليس هذا الشأن من عمل الصحابيات الفقيهات ، ولا نعلم لمثل هذا الكلام أصلا في الرواية عنهن
.
وغاية ما هنالك ، فيما وقفنا عليه : قصتان ذُكرتا في بعض كتب السير والتاريخ ، لم تنسب لإحدى الصحابيات ، وإنما الأولى امرأة من أهل الرقة في الشام ، في عهد هارون الرشيد .

والثانية من الشام أيضا ، وقصتها مع أبي قدامة الشامي قائد الجهاد ضد الروم إذ ذاك .

وغالب الظن أن القصة الأولى أقرب إلى القبول من الثانية ؛ لأنها رويت بالإسناد الإخباري المقبول ، أما الثانية فمرسلة لا إسناد لها .

ونحن هنا لا نجزم الحكم بقبول أو رد الحكاية الأولى ، فأمرها وارد قد يقع مثله في التاريخ ، ونرجو لتلك المرأة الرقية أن تنال الأجر والثواب على حسن نيتها وخالص ما في قلبها من رغبة الجهاد

لكن ذلك لا يعني جواز فعلها وصحته من الجهة الشرعية ، فالغالب أن هذه المتبرعة بذؤابتيها لا تعلم الحكم الشرعي ، ولو كانت تعلمه لالتزمت به .

أما الحكاية الأولى :

فيقول أبو الفرج المعافى بن زكريا (ت390هـ) رحمه الله:

" حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، قال : حدثنا أبو عكرمة الضبي ، قال : حدثنا العتبي ، عن أبيه قال :
سبا الروم نساء مسلمات

فبلغ الخبر الرقة وبها الرشيد ، ومنصور بن عمار هناك ، فقص منصور يحض على الغزو ، فإذا خرقة مصرورة مختومة قد طرحت إلى منصور ، وإذا كتاب مضموم إلى الصرة فقرأه فإذا فيه :

إني امرأة من بيوتات العرب ، بلغني ما فعل الروم بالمسلمات ، وبلغني تحضيضك على الغزو ، فعمدت إلى أكرم شيء في بدني علي ، وهما ذؤابتاي ، فجززتهما وصررتهما في هذه الصرة المختومة

فأنشدك بالله العظيم لما جعلتهما قيد فرس غاز في سبيل الله ، فعَلَّ الله ينظر إلي نظرة على تلك الحال فيرحمني .
فبلغ ذلك الرشيد فبكى ، ونادى النفير " .

انتهى من " الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي " (ص: 634) .

وهذا إسناد يقبل مثله في التاريخ والأخبار ، وإن لم نقف على ترجمة والد العتبي .

فالحسين بن القاسم (ت327هـ) شيخ المعافى ترجمته في " تاريخ بغداد " (8/647) قال فيها الخطيب : ما علمت من حاله إلا خيرا .

وأبو عكرمة الضبي ترجمته في " معجم الأدباء " (4/ 1479) لياقوت الحموي ، جاء فيها : " عامر بن عمران بن زياد أبو عكرمة ، الراوية الضبي السُّرَّمَرِّي

كان نحويا لغويا أخباريا ، حدث عن العُتْبِيّ ، وأخذ عن ابن الأعرابي ، وإسحاق بن إبراهيم الموصلي . وعنه القاسم بن محمد بن بشار الأنباري . وكان أعلم الناس بأشعار العرب وأرواهم لها

وكان في أخلاقه شراسة . وصنف كتاب الخيل . وكتاب الإبل والغنم . مات سنة خمسين ومائتين " انتهى.

والعتبي ، قال عنه الذهبي : " العلامة ، الأخباري ، الشاعر ، المُجَوِّد ، أبو عبد الرحمن ، محمد ، بن عبيد الله ، بن عمرو ، بن معاوية ، بن عمرو ، بن عتبة ، بن أبي سفيان ، بن حرب الأموي ، ثم العتبي ، البصري .

روى عن : ابن عيينة، وأبي مخنف ، ووالده . وعنه : أبو حاتم السجستاني ، وإسحاق بن محمد النخعي . وكان يشرب . وله تصانيف أدبيات ، وشهرة . مات: سنة ثمان وعشرين ومائتين "

انتهى من " سير أعلام النبلاء " (11/96)

وقد علق المؤلف القاضي أبو الفرج – وقد كان من أعلم الناس في زمانه بأنواع العلوم -:

" قد أتت هذه المرأة بما دل على خلوص دينها ، وصحة يقينها ، وغضبها لربها ، وغيرتها على أهل ملتها ، وامتعاضها عندما بلغها من انتهاك أعداء الله محارمه التي حرمها ، واستخفافهم بحدود الإسلام التي عظمها .

وقصدت بما أتته من جزها ذؤابتيها التقرب إلى خالقها ، ورجاء مغفرته لها . والله يحقق برأفته وسعة رحمته رجاءها ، ويغفر لنا ولها .

ولم تقصد بما فعلته الأمر الذي حرم عليها فنؤثمها ، فقد جاء عن النبي صلى الله علي وسلم أنه لعن الغارفة وهي التي تجز ناصيتها عند المصيبة .

وإلى الله نرغب في أن يجعلنا ممن يغضب له ، ويحامي عن دينه ، ويوالي ويعادي فيه بتوفيقه " انتهى .

وأورد العلامة ابن الجوزي رحمه الله أيضا مثل هذه الحكاية عن بعض المصطفيات من عابدات الرقة ، وفي آخرها قوله :
" وأمر هارون أن ينادى بالنفير ، فغزا بنفسه ، فأنكى فيهم ، وفتح الله عليهم .

قلت [ يعني ابن الجوزي ]: هذه امرأة حسن قصدها ، وغلطت في فعلها ؛ لأنها جهلت أن ما فعلت منهي عنه ، فلينظر إلى قصدها "

انتهى من " صفة الصفوة " (2/363) .

أما القصة الثانية : فهي قريبة المعنى من تلك القصة ، ذكرها الإمام ابن الجوزي رحمه الله ، عن : عابدة أخرى من أهل الشام .

ينظر : " صفة الصفوة " (2/363-364) .

والخلاصة أن الحكاية الأولى يمكن قبولها ، ولكن لا يعني ذلك تصحيح فعل تلك المرأة ، حيث لا يجوز لها التبرع بشعرها باسم الجهاد في سبيل الله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس