منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأحاديث الصحيحة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-06-26, 04:43   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل كل أحاديث صحيح البخاري صحيحة ؟

السؤال:


هل كل أحاديث صحيح البخاري صحيحة ؟

الجواب:

الحمد لله

صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري هو أصح كتاب مأثور بعد كتاب الله تعالى ، وما زال العلماء والمحدثون والحفاظ يشهدون له بالجلالة والمرتبة العالية في التوثيق والإتقان ، حتى نقل الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في " صيانة صحيح مسلم " (ص/86) بسنده إلى إمام الحرمين الجويني أنه قال :

" لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق ، ولا حنثته ، لإجماع علماء المسلمين على صحتهما " انتهى.

وليس ذلك بمستبعد والبخاري هو الإمام الحافظ الكبير الذي شهد له جميع المحدثين بالحفظ والإتقان ، وقد كان يستخير الله تعالى ويصلي ركعتين في كل حديث يثبته في كتابه حتى أتمه على هذا الوجه .

ونحن وإن كنا نعلم أنه قد وجهت بعض الانتقادات اليسيرة لأحاديث معدودة مثبتة في صحيح البخاري ، إلا أننا نؤكد أنه لا حرج في إطلاق الصحة على جميع أحاديث الكتاب

وذلك لما يلي :

1- أكثر العلماء والمحدثين يرون الصواب مع الإمام البخاري فيما انتقد عليه ، ومعلوم أنه ليس من المنهج السليم التسليم بالانتقاد لمجرد وجوده ، بل الأمر يرجع إلى الحجة والبرهان ، وقد فصل الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه العظيم " فتح الباري "، وخاصة في مقدمته المسماة " هدي الساري " الجواب عن هذه الانتقادات اليسيرة ، وأوضح وجه الصواب فيها .

2- مجموع أحاديث صحيح البخاري بالمكرر –

بترقيم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله – بلغ (7563) حديثا

فإذا عرفنا أن الانتقادات الموجهة لا تتجاوز بضع عشرات ، وأن أكثر هذه الانتقادات إنما هي موجهة لأمور تتعلق بالأسانيد ورسومها ، أو لأمور تتعلق ببلوغ درجة أصح الصحيح ، أو تتعلق بكلمة أو كلمتين من الحديث ، وأما الانتقادات المتعلقة بأمور تؤثر في صحة المتن فهي نادرة نحو الحديث والحديثين والثلاثة - إذا عرفنا ذلك كله أدركنا أن إطلاق الصحة على جميع ما في البخاري من متون مسندة في صلب الكتاب إطلاق صحيح لا يجوز إنكاره .

يقول الإمام النووي رحمه الله :

" أجمعت الأمة على صحة هذين الكتابين ووجوب العمل بأحاديثهما " انتهى.

"تهذيب الأسماء واللغات" (1/73)

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية :

" ليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري ومسلم بعد القرآن " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (18/74)

ويقول الحافظ ابن حجر في الجواب على وجود انتقادات لصحيح البخاري :

" والجواب عنه على سبيل الإجمال أن نقول :

لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل ، فإنهم لا يختلفون في أن علي بن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث وعنه أخذ البخاري ذلك ، حتى كان يقول : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني .

ومع ذلك فكان علي بن المديني إذا بلغه ذلك عن البخاري يقول : دعوا قوله فإنه ما رأى مثل نفسه . وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري وقد استفاد منه ذلك الشيخان جميعا ، وروى الفربري عن البخاري قال : ما أدخلت في الصحيح حديثا إلا بعد أن استخرت الله تعالى وتيقنت صحته .

وقال مكي بن عبد الله سمعت مسلم بن الحجاج يقول : عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أن له علة تركته . فإذا عرف وتقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له ، أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما ، فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضا لتصحيحهما ، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما ، فيندفع الاعتراض من حيث الجملة .

وأما من حيث التفصيل فالأحاديث التي انتقدت عليهما تنقسم أقساما :

القسم الأول منها

ما تختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد ، فإن أخرج صاحب الصحيح الطريق المزيدة ، وعلله الناقد بالطريق الناقصة ، فهو تعليل مردود ...وإن أخرج صاحب الصحيح الطريق الناقصة وعلله الناقد بالطريق المزيدة تضمن اعتراضه دعوى انقطاع فيما صححه المصنف .

..فمحصل الجواب عن صاحب الصحيح أنه إنما أخرج مثل ذلك في باب ماله متابع وعاضد ، أو ما حفته قرينة في الجملة تقويه ، ويكون التصحيح وقع من حيث المجموع .

القسم الثاني منها :

ما تختلف الرواة فيه بتغيير رجال بعض الإسناد ... فالتعليل بجميع ذلك من أجل مجرد الاختلاف غير قادح ، إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف فينبغي الإعراض أيضا عما هذا سبيله .

القسم الثالث منها

: ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها : فهذا لا يؤثر التعليل به إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع ، أما إن كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المستقل فلا ، اللهم إلا إن وضح بالدلائل القوية أن تلك الزيادة مدرجة في المتن من كلام بعض رواته ، فما كان من هذا القسم فهو مؤثر كما في الحديث الرابع والثلاثين .

القسم الرابع منها :

ما تفرد به بعض الرواة ممن ضعف من الرواة ، وليس في هذا الصحيح من هذا القبيل غير حديثين ، وتبين أن كلا منهما قد توبع .

القسم الخامس منها

: ما حكم فيه بالوهم على بعض رجاله ، فمنه ما يؤثر ذلك الوهم قدحا ، ومنه ما لا يؤثر .

القسم السادس منها :

ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن ، فهذا أكثره لا يترتب عليه قدح لإمكان الجمع في المختلف من ذلك ، أو الترجيح ، على أن الدارقطني وغيره من أئمة النقد لم يتعرضوا لاستيفاء ذلك من الكتابين كما تعرضوا لذلك في الإسناد ، فما لم يتعرضوا له من ذلك : حديث جابر في قصة الجمل

وحديثه في وفاء دين أبيه ، وحديث رافع بن خديج في المخابرة ، وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين ، وحديث سهل بن سعد في قصة الواهبة نفسها ، وحديث أنس في افتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين ، وحديث ابن عباس في قصة السائلة عن نذر أمها وأختها ، وغير ذلك .

فهذه جملة أقسام ما انتقده الأئمة على الصحيح ، وقد حررتها ، وحققتها ، وقسمتها ، وفصلناها ، لا يظهر منها ما يؤثر في أصل موضوع الكتاب بحمد الله إلا النادر " انتهى.

" هدي الساري " (345-346)

والله أعلم .









رد مع اقتباس