منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أحكام الصلاة
الموضوع: أحكام الصلاة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-04-17, 18:30   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وبالجملة : فهذه المسائل لها صورتان :

إحداهما :

أن لا يعرف المأموم أن إمامه فعل ما يبطل الصلاة : فهنا يصلِّي المأموم خلفه باتفاق السلف والأئمة الأربعة وغيرهم ، وليس في هذا خلاف متقدم

وإنما خالف بعض المتعصبين من المتأخرين : فزعم أن الصلاة خلف الحنفي لا تصح وإن أتى بالواجبات ؛ لأنه أداها وهو لا يعتقد وجوبها ، وقائل هذا القول إلى أن يستتاب كما يستتاب أهل البدع أحوج منه إلى أن يعتد بخلافه

فإنه ما زال المسلمون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه يصلي بعضهم ببعض ، وأكثر الأئمة لا يميزون بين المفروض والمسنون بل يصلون الصلاة الشرعية ، ولو كان العلم بهذا واجباً لبطلت صلوات أكثر المسلمين ولم يمكن الاحتياط فإن كثيراً من ذلك فيه نزاع وأدلة ذلك خفية وأكثر ما يمكن المتدين أن يحتاط من الخلاف وهو لا يجزم بأحد القولين

فإن كان الجزم بأحدهما واجباً فأكثر الخلق لا يمكنهم الجزم بذلك ، وهذا القائل نفسه ليس معه إلا تقليد بعض الفقهاء ، ولو طولب بأدلة شرعية تدل على صحة قول إمامه دون غيره لعجز عن ذلك ، ولهذا لا يعتد بخلاف مثل هذا فإنه ليس من أهل الاجتهاد .

الصورة الثانية :

أن يتيقن المأموم أن الإمام فعل ما لا يسوغ عنده :

مثل أن يمس ذكَرَه أو النساء لشهوة أو يحتجم أو يفتصد أو يتقيأ

ثم يصلي بلا وضوء :

فهذه الصورة فيها نزاع مشهور

فأحد القولين : لا تصح صلاة المأموم ؛ لأنه يعتقد بطلان صلاة إمامه ، كما قال ذلك من قاله من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد .

والقول الثاني :

تصح صلاة المأموم ؛ وهو قول جمهور السلف ، وهو مذهب مالك ، وهو القول الآخر في مذهب الشافعي وأحمد ، بل وأبي حنيفة وأكثر نصوص أحمد على هذا ، وهذا هو الصواب ؛ لما ثبت في الصحيح وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يُصلُّون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم )

فقد بيَّن صلَّى الله عليه وسلم أن خطأ الإمام لا يتعدى إلى المأموم ، ولأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له وأنه لا إثم عليه فيما فعل فإنه مجتهد أو مقلد مجتهد

وهو يعلم أن هذا قد غفر الله له خطأه فهو يعتقد صحة صلاته وأنه لا يأثم إذا لم يعدها بل لو حكم بمثل هذا لم يجز له نقض حكمه بل كان ينفذه

وإذا كان الإمام قد فعل باجتهاده : فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها والمأموم قد فعل ما وجب عليه : كانت صلاة كل منهما صحيحة ، وكان كلٌّ منهما قد أدى ما يجب عليه وقد حصلت موافقة الإمام في الأفعال الظاهرة .

وقول القائل :

إن المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام : خطأ منه ؛ فإن المأموم يعتقد أن الإمام فعل ما وجب عليه ، وأن الله قد غفر له ما أخطأ فيه وأن لا تبطل صلاته لأجل ذلك

ولو أخطأ الإمام والمأموم فسلَّم الإمام خطأ واعتقد المأموم جواز متابعته فسلم كما سلم المسلمون خلف النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا سلَّم من اثنتين سهواً مع علمهم بأنه إنما صلَّى ركعتين

وكما لو صلَّى خمساً سهواً فصلوا خلفه خمساً كما صلَّى الصحابة خلف النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا صلَّى بهم خمساً فتابعوه مع علمهم بأنه صلى خمساً

لاعتقادهم جواز ذلك فإنه تصح صلاة المأموم في هذه الحال فكيف إذا كان المخطئ هو الإمام وحده ، وقد اتفقوا كلهم على أن الإمام لو سلَّم خطأً : لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه ، ولو صلَّى خمساً لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه فدلَّ ذلك على أن ما فعله الإمام خطأ لا يلزم فيه بطلان صلاة المأموم ، والله أعلم" انتهى .

" مجموع الفتاوى " ( 23 / 373 – 379 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس