ثانياً :
التقويم القمري هو التقويم الواجب اتباعه ؛ لقوله سبحانه وتعالى :
( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً ، وَالْقَمَرَ نُورًا ، وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ).
قال ابن كثير :
" بالشمس تُعرف الأيام ، وبسير القمر تُعرف الشهور والأعوام ".
انتهى ، "تفسير ابن كثير" (4/248).
فالشمس إنما هي لتحديد الأيام والليالي
وأما القمر فجعله سبحانه وتعالى ميقاتاً للشهور والسنين كما قال :
(وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) .
وقال سبحانه وتعالى :
( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ، فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) .
فقوله تعالى : ( ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ )
يدل على أن هذا التقويم هو الشرع المستقيم الذي ارتضاه الله لنا ، وأن ما سواه من عادات الأمم ليس قيِّماً
لما يدخله من الانحراف والاضطراب .
قال القرطبي :
" هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تَعرفُها العرب ، دون الشهور التي تعتبرها العجم ، والروم ، والقبط ". انتهى
"الجامع لأحكام القرآن " (8/133).
وقال الشوكاني :
" وفي هذه الآية بيان أنه لا اعتبار بما عند العجم والروم والقبط من الشهور التي يصطلحون عليها ، ويجعلون بعضها ثلاثين يوماً ، وبعضها أكثر ، وبعضها أقل ". انتهى
"فتح القدير" بتصرف (2/521) .
وقال تعالى: ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ، قُلْ : هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) ، أي هي مواقيت للناس في حلهم وإحرامهم ، وفي صومهم وفطرهم ، وفي نكاحهم ، وطلاقهم ، وعدتهم ، وفي معاملاتهم وتجاراتهم وديونهم . .
وفي أمور دينهم وأمور دنياهم على سواء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فأخبر أنها مواقيت للناس ، وهذا عام في جميع أمورهم ، فجعل الله الأهلة مواقيت للناس في الأحكام الثابتة بالشرع ... وهذا يدخل فيه : الصيام ، والحج ، ومدة الإيلاء ، والعدة ، وصوم الكفارة ".
انتهى ، "مجموع الفتاوى" (25/133) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" التوقيت بالأشهر الإفرنجية :
لا أصل له من محسوس ، ولا معقول ، ولا مشروع ؛ ولهذا تجد بعض الشهور ثمانية وعشرين يوماً ، وبعضها ثلاثين يوماً ، وبعضها واحداً وثلاثين يوماً ، من غير أن يكون سبب معلوم أوجب هذا الفرق ؛ ثم إنه ليس لهذه الأشهر علامة حسيَّة يرجع الناس إليها في تحديد أوقاتهم ، بخلاف الأشهر الهلاليَّة فإن لها علامة حسيَّة يعرفها كل أحدٍ " انتهى
" تفسير البقرة " ( 2 / 371 ) .
والله أعلم .