منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - سنن الفطرة
الموضوع: سنن الفطرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-04-04, 02:02   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

يطلق بعض إخوتي لحاهم ويحلقون شواربهم ، ويقولون إن عمر رضي الله عنه كان يفعل ذلك ، لقد قرأت بعض ردودكم الخاصة بتهذيب الشارب على الموقع ، ولكن هل يجوز حلقه ؟

الجواب :

الحمد لله

اختلف أهل العلم في السنة المستحبة في الشارب

على قولين :

القول الأول :

أن السنة هي الحلق بالكلية ، وهو مذهب الحنفية والحنابلة . واستدلوا بظاهر الألفاظ النبوية الواردة في هذا الباب

ومنها : ( أَحْفُوا الشَّوَارِبَ )

البخاري (5892) ومسلم (259)

( أَنْهِكُوا الشَّوَاربَ )

البخاري (5893)

وفي لفظ لمسلم (260)

(جُزُّوا الشَّوَارب) .

قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/230) :

" الإحفاء أفضل من القص ، وهذا مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله" انتهى .

ونقل ابن عابدين في "رد المحتار" (2/550)
عن المتأخرين اختيار القص ، فقال :

" المذهب (يعني المذهب الحنفي) عند بعض المتأخرين من مشايخنا أنه القص , قال في البدائع : وهو الصحيح " انتهى .

القول الثاني :

أن السنة قص الشارب

وأما حلقه فمكروه :

وهو مذهب المالكية والشافعية ، وشدَّد الإمام مالك
رحمه الله في ذلك .

واستدلوا على ذلك بما يلي :

1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الْفِطْرَةُ خَمْسٌ : الْخِتَانُ ، وَالِاسْتِحْدَادُ ، وَقَصُّ الشَّارِبِ ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ ، وَنَتْفُ الْآبَاطِ )

رواه البخاري (5891) ومسلم (257) .

2- وعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ :
( كَانَ شَارِبِي وَفَى – أي زاد - فَقَصَّهُ لِي – يعني
النبي صلى الله عليه وسلم - عَلَى سِوَاكٍ )

رواه أبو داود (188)
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

وروى البيهقي في "السنن الكبرى" (1/151) بسنده عن :
"عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال :

ذكر مالك بن أنس إحفاء بعض الناس شواربهم فقال : ينبغي أن يضرب من صنع ذلك ، فليس حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الإحفاء ، ولكن يبدي حرف الشفتين والفم .

وقال مالك بن أنس :

حلق الشارب بدعة ظهرت في الناس " انتهى باختصار .

وقال أبو الوليد الباجي
في "المنتقى شرح الموطأ" (7/266) :

" روى ابن عبد الحكم عن مالك :
ليس إحفاء الشارب حلقه

وأرى أن يؤدب من حلق شاربه .

وروى أشهب عن مالك : حلقُهُ مِن البدع .

قال مالك رحمه الله :

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان إذا أحزَنَهُ أمرٌ فَتَل شاربه . ولو كان محلوقا ما كان فيه ما يفتل " انتهى .

وانظر "التمهيد" (21/62-68) .

وقال النووي في "المجموع" (1/34-341) :

" ثم ضابط قص الشارب أن يقص حتى يبدو طرفُ الشفة ، ولا يحفّه من أصله , هذا مذهبنا " انتهى .

وفي "نهاية المحتاج" للرملي (8/148)
من أئمة الشافعية :

" ويكره الإحفاء " انتهى .

يعني : إحفاء الشارب .

وقد ورد هذا المذهب عن جماعة من السلف أيضا :

فروى البيهقي في "السنن الكبرى" (1/151) بسنده :

عن شرحبيل بن مسلم الخولاني قال : رأيت خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصون شواربهم ويعفون لحاهم ويصفرونها : أبو أمامة الباهلي ، وعبد الله بن بسر ، وعتبة بن عبد السلمي ، والحجاج بن عامر الثمالي ، والمقدام بن معد يكرب الكندي ، كانوا يقصون شواربهم مع طرف الشفة .

وأجابوا عن أدلة القول الأول بأحد جوابين :

1- أن المراد بالإحفاء والإنهاك هو قص طرف الشعر الذي على الشفة ، وليس حلق أصل الشعر ، بدليل الروايات التي فيها ذكر القص فقط ، فهي مُبَيِّنَةٌ لأحاديث الإحفاء .

قال أبو الوليد الباجي
في "المنتقى شرح الموطأ" (7/266) :

" روى ابن القاسم عن مالك : أن تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم في إحفاء الشوارب إنما هو أن يبدو الإطار : وهو ما احمَرَّ من طرف الشفة ، والإطار جوانب الفم المحدقة به " انتهى .

وقال النووي في "المجموع" (1/340) :

" وهذه الروايات – يعني روايات ( أحفوا..أنهكوا..الشوارب ) - محمولةٌ عندنا على الحف من طرف الشفة ، لا مِن أصل الشعر " انتهى .

2- أن الإحفاء والإنهاك في اللغة لا يعني الإزالة
الكلية ، بل يعني إزالة بعضه .

قال أبو الوليد الباجي
في "المنتقى شرح الموطأ" (7/266) :

" إنهاك الشيء لا يقتضي إزالة جميعه ، وإنما يقتضي إزالة بعضه .

قال صاحب "الأفعال" :

نهكته الحمى نهكا : أثرت فيه " انتهى .

والراجح – والله أعلم – هو القول الثاني
بأن السنة هي القص وليس الحلق .

قال الشيخ ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى"
(11/باب السواك وسنن الفطرة/سؤال رقم 54) :

" الأفضل قص الشارب كما جاءت به السنة...

وأما حلقه فليس من السنة ، وقياس بعضهم مشروعية حلقه على حلق الرأس في النسك قياس في مقابلة النص ، فلا عبرة به

ولهذا قال مالك عن الحلق :

إنه بدعه ظهرت في الناس ، فلا ينبغي العدول عما جاءت به السنة ، فإن في اتباعها الهدى والصلاح والسعادة والفلاح " انتهى باختصار .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :

ورد في عدة أحاديث : (قصوا الشارب) فهل الحلق يختلف عن القص ؟

وبعض الناس يقص من أول شاربه مما يلي شفته العليا ، ويترك شعر شاربه ، تقريباً يقص نصف الشارب ، ويترك الباقي ، فهل هذا هو المعنى ؟ أو ينهك الشارب أي : يحلق جميعه؟ أرجو الإفادة عن الطريقة التي يقص الشارب بها .

فأجابت

"دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشروعية قص الشارب ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى ؛ خالفوا المشركين)

متفق على صحته

وقوله صلى الله عليه وسلم :
(جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ؛ خالفوا المجوس)

وفي بعضها :
(أحفوا الشوارب)

والإحفاء هو المبالغة في القص ، فمن جز الشارب حتى تظهر الشفة العليا أو أحفاه فلا حرج عليه ؛ لأن الأحاديث جاءت بالأمرين ، ولا يجوز ترك طرفي الشارب ، بل يقص الشارب كله ، أو يحفيه كله ؛ عملاً بالسنة" انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/149) .

وقد اختار الطبري والقاضي عياض جواز الأمرين :

الحف والقص ، ومال إليه الحافظ ابن حجر

في "فتح الباري" (10/347) .

وانظر : "الموسوعة الفقهية" (25/320) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس