منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الإيمان برسل الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-03-21, 15:08   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعاً:

هل كان التقاء النبي صلى الله عليه وسلم بإخوانه الأنبياء بأجسادهم مع أرواحهم ، أم بأرواحهم دون أجسادهم ؟ قولان لأهل العلم .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وقد استشكل رؤية الأنبياء في السماوات ، مع أن أجسادهم مستقرة في قبورهم بالأرض ، وأجيب : بأن أرواحهم تشكلت بصور أجسادهم ، أو أحضرت أجسادهم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة تشريفاً له وتكريماً .

" فتح الباري " ( 7 / 210 ) .

والراجح : أنه التقى أرواحهم متشكلة بصور أجسادهم ، باستثناء عيسى عليه السلام ، حيث رُفع بروحه وبدنه ، وثمة خلاف في " إدريس " عليه السلام والراجح أنه ملتحق بباقي إخوانه الأنبياء لا بعيسى عليه السلام .

فالأنبياء عليهم السلام أبدانهم في قبورهم ، وأرواحهم في السماء ، فما قدَّره الله تعالى لهم من اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم إنما هو بأرواحهم المتشكلة بصورة أجسادهم الحقيقية ، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن رجب وآخرون .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وأما رؤيته – أي : رؤية موسى عليه السلام - ورؤية غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء ، لما رأى آدم في السماء الدنيا ، ورأى يحيى وعيسى في السماء الثانية ، ويوسف في الثالثة ، وإدريس في الرابعة ، وهارون في الخامسة ، وموسى في السادسة ، وإبراهيم في السابعة ، أو بالعكس : فهذا رأى أرواحَهم مصوَّرة في صور أبدانهم .

وقد قال بعض الناس : لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور ؛ وهذا ليس بشيء .

" مجموع الفتاوى " ( 4 / 328 ) .

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :

والذي رآه في السماء من الأنبياء عليهم السلام : إنما هو أرواحهم ، إلا عيسى ، فإنه رفع بجسده إلى السماء .

" فتح الباري " ( 2 / 113 ) .

وهو ترجيح أبي الوفاء بن عقيل ، كما نقله عنه الحافظ ابن حجر ، والظاهر أنه قول الحافظ نفسه ، وقد ردَّ على بعض شيوخه في تبنيهم للقول الآخر ، حيث قال – رحمه الله - .

اختلف في حال الأنبياء عند لقي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم ليلة الإسراء : هل أسري بأجسادهم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ؟ أو أن أرواحهم مستقرة في الأماكن التي لقيهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأرواحهم مشكَّلة بشكل أجسادهم كما جزم به أبو الوفاء بن عقيل ؟ واختار الأول بعض شيوخنا ، واحتج بما ثبت في مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رأيت موسى ليلة أسري بي قائماً يصلِّي في قبره ) فدل على أنه أسري به لما مر به .

قلت : وليس ذلك بلازم ، بل يجوز أن يكون لروحه اتصال بجسده في الأرض ، فلذلك يتمكن من الصلاة ، وروحه مستقرة في السماء .

" فتح الباري " ( 7 / 212 ) .

وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ليس باستطاعة بدن موسى عليه السلام ولا غيره أن ينتقل من مكان لآخر ، بل هذه حال الروح ، فلذا عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام يصلِّي في قبره ، ثم رآه في بيت المقدس ، ثم في السماء السادسة : فليس ذلك الانتقال إلا لروحه عليه السلام دون بدنه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

ومعلوم أن أبدان الأنبياء في القبور ، إلا عيسى وإدريس ، وإذا كان موسى قائماً يصلِّي في قبره ثم رآه في السماء السادسة مع قرب الزمان : فهذا أمر لا يحصل للجسد .

" مجموع الفتاوى " ( 5 / 526 ، 527 ) .

قال الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله - :

والأظهر من القولين عندي : أنَّ ذلك كان بالأرواح دون الأجساد ، خلا عيسى عليه السلام ؛ وذلك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حين التقى بالأنبياء وصلُّوا معه صلى الله عليه وسلم :

- إما أن يُقال : صَلَّوا معه بأجسادهم ، وقد جُمِعَت أجسادهم له من القبور ، ثم رَجعت إلى القبور وبقيت أرواحُهم في السماء .

- وإما أن يُقال : هي بالأرواح فقط ؛ لأنَّهُ لقيهم في السماء .

ومعلوم أنَّ الرّفع إنما خُصَّ به عيسى عليه السلام إلى السماء رَفْعاً حيّاً ، وكونهم يُرْفَعُون بأجسادهم وأرواحهم إلى السماء دائماً ولا وجود لهم في القبور : هذا لا دليل عليه ، بل يخالف أدلة كثيرة : أنَّ الأنبياء في قبورهم إلى قيام الساعة .

فمعنى كونهم ماتوا ودُفنوا : أنَّ أجسادهم في الأرض ، وهذا هو الأصل .

ومن قال بخلافه قال : هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه بُعِثَتْ له الأنبياء فَصَلَّى بهم ولقيهم في السماء .

وهذه الخصوصية لابدَّ لها من دليل واضح ، وكما ذكرتُ فالدليل التأمُّلي يعارضه .

وعلى كلٍّ : هما قولان لأهل العلم من المتقدمين والمتأخرين .

" شرح العقيدة الطحاوية " ( شريط رقم 14 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس