منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مَــــا تَرَكَ لِـــي الحَّقَ صَاحِبًـــا ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-03-05, 10:40   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي مَــــا تَرَكَ لِـــي الحَّقَ صَاحِبًـــا ...

السَّلام عليكم ورَحمةُ الله وبرَكاتُه
يُقَال فِي أَمثَالِنا "الصَاحِبُ سَاحِبٌ" وَهُو أَمرٌ نِسبِيٌ غَير مُطلَق, فَفِي هَذَا المثَل جَانِب مِن الصَوَاب وجَانِبٌ آخَر مِن الخَطَأ, وَالنِسْبِيَةُ بَيْنَهُمَا وَارِدَة, والتَعلِيل هُنا أَنَّهُ لَيسَ كُلُّ صَاحِبٍ سَاحِبٍ فِي الـمُطَلَق العام, وَفِي هَذَا الجَانِب تَحدِيدًا, لأَنَهُ إِنَكَارٌ كُلِيٌّ لمعَانِي الصُحْبَة وما تقوم عليه, ثُمَّ إِنكَارٌ كُلِيٌّ لِشَخْصِ الضَمِير الـمُخَاطَب الغَائِب فِي هَذَا الـمَثَل, والذِي هُو صَاحِبُ الصَاحِب, وبِالـمُقَابِل لاَ يُقَالُ "السَاحِبُ صَاحِبٌ" مَهمَا تَصَوَّرنَا ذَلِك السَحب, الـمُهِم لَيسَ هَذَا مَا أرَدتُ قَولَهُ, وَلِكنَهَا تَوطِئَةٌ لِفَحوَى الموضُوع, وَإِنْ كَان فِيهَا وُجهَةُ نَظَرٍ وَقَولٌ آخَرَ بَلِيغ ...
إِخوَتِي الأَفَاضِل ... قِيلَ :
"مَا تَرَكَ لِي الحَّقُ صَاحِبًا"
تُنْسَبُ هَذِه المقُولَة لسَيِدِنَا عُمر رَضِي الله عَنهُ, وَقِيلَ هِي لِسَيِدِنَا عَلي بن أَبِي طَالِب رِضوَاُن الله تَعَالي عَلَيه, ثُمَّ لَسنَا فِي وَارِدِ بَحثِ نِسْبَتِهَا أَو عَدَم نِسْبَتِهَا, ولَكِن سَيكُون تَركِيزُنَا وَفَهمُنا مُتَعَلِقًا بِفَحوَى هَذِه المقُولَة البَاهِرةُ فِي مَعانِيهَا وأُسُسِهَا ...
فَلَيسَ فِي عَادَةِ قَول الحَّق أَنْ يَتِمَ التَجَّمُلُ والتَمَلُقُ فِيه أَو لـِمَن كَانَ مُخَاطَبًا بِه, فَهُو حَقٌّ مُلزِمٌ لِقَولِه, وَقَد أَلزَمَ قَائِلَهُ بِأنْ يُجَلِيه ثُمَّ يُبدِيه, وَلاَ يَقْتَرنُ التَمَلُقُ والتَجَّمُلُ مَع الحَقَّ فِي قَلبِ شَخْصٍ وَاحِدٍ, فَمَنْ أَخْطَأَ قَدْ أَخْطَأَ, وَلاَ مَجَالَ لِتَزْويِق وَتَوْرِيِق وتَوثِيق ذَلِك الخَطَأْ بِأي شَكْلٍ, وَمِن وَاجِب الحَّق أَنْ يُجَّلَى دُونَ مِرَاء أو تَشْكِيك أو تَعَذُر, وَقَد أَلْزَمَ صَاحِبَهُ بِه, بِعِلمِه لَهُ, وإِنْفَلَجَت بَيْنَهُمَا حُجَّتُهُ, وهَذَا أَمرٌ بَدِيهي عِندَ تَجَّلِيها, فَفَوقَ كُلِّ ذِي عِلمٍ عَلِيم, وَالإنْسَان بَينَ أَمَرَّين وسَبِيلَين وَفَرْقَين حَّقٌ وَبَاطِلٌ - مَعَ أَنَّهُ فِي كَثِير حَالاَتِه لَيسَ بَاطِلاً بِمعنَى البَاطِل, الذِي عِلْمُهُ مَحْقٌهُ, فِي آنِهِ وَأَوَانِه, مَهمَا كَانَ, ومِمن كَان, وأيًّا كَان - وإِنَّمَا الأَمرُ بَينَ الخَطَأ والصَواب, وَهُو خَطَأٌ دُونَ إِدرَاك أَو بِإدْرَاك, فَإنْ كَانَت الأُولى فَالوَاجِبُ إلتِزَامُ القَصدِ والتَصْوِيب ثُمَّ الإبَانَة, وأَمَا إِنْ كَانَت الثَانِية فَهِي غَايَةُ الخَطَأ والعَمدُ فِيه, وَهِي رَزِيَّةُ صَاحِبِه وَغَايَةُ نَفسِه الأَمَّارَة .
وَالمعنَى فِي قَول الحَّق الذِي نَعْلَمُهُ نَحنُ أَو صَاحِبَنَا, وَهُو الفِعلُ الصَائِب الذِي نَفْعَلُهُ نَحنُ أَو صَاحِبُنَا, وَبِالتَالي هُوَ حَّقُ الحَّقِ عَلينَا وعَلَى صَاحِبِنَا, فَلاَ جَحْد وَلاَ مُوَارَاة وَلاَ اسْتِخفَاء, إِنْ تَمَّ تَأكِيده لَنَا أو لِصَاحِبنَا, وَقَد يَكُون الحَّقُ وَالخَطَأُ مُقْتَرنٌ بِالصَدِيق وَالخِّلْ, وَتَكُونُ رَدَّةُ الفِعْل مَوْزُونَةٌ عَلى فِعْل وَفَهْم وإِدْرَاك هَذَا الصَدِيق, فَقَولُ الحَّق مُرٌّ, وَلَو كَانَ لِلنَفْس أَو عَلَيهَا, وَرَدَّةُ الفِعْل هَذِه قَد تُدْخِلُ الصَدَاقَة نَفَقَ الفُرْقَةِ والجَفَاء والنُكْرَان, وَهَذَا أَمْرٌ كَذَلِك يَتَوَقَفُ عَلى إِنْصَاف هَذَا الصَدِيق عِندَما تَتَجَلَى بَينَ يَدَيه بَدِيهِيَةُ الحَّق, فَإِنْ كَانَ الإنْصَاف والـمُحَاسَبَة حَكَمَا عَدْلٍ, فَهُو مَسَارٌ جَلِيلٌ لـِمَعَانِي الصَدَاقَة, وإِلزَامُ النَّفْسِ والفِكر والعَقل بَعدَ جَلاءَ نُورَ الحَّق, وَإنْ كانَ غَيرُ ذَلِك, فَهُو ذَهَابُ وَتَلاَشِي وَمَوتُ الصَدَاقَة, وَبِالتَالِي تَفَشِي الخُصُومَة وَالجَفَاء وَالخِلاَف الـمُفَّرِق الذِي لاَ رَحْمَةَ فِيه, وعِنْدَهَا يَحِقُ القَول : "مَا تَرَكَ لِي الحَّقُ صَاحِبًا" .
عُذرًا عَلَى الإطَالَة وَلكُم نَـمُدُ خَطُ الاسْتِطَالَة والإِثْرَاء فِي الموضُوع ...
والسَّلامُ مِسْكُ الخِتَام








 


رد مع اقتباس