منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التوحيد .. سؤال وجواب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-21, 03:23   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وأما القرب الذي تبحث عنه وتنشده في عبادتك لربك عز وجل ، فنعم مقام العابدين هو :

( أن تعبد الله كأنك تراه ؛ فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك !! ) .

غير أن هذا المقام العظيم الجليل لا يحتاج منك أن تجهد نفسك ، وتشتت قلبك في البحث عن شيء لن تدركه ، وهو تخيل صورة الله عز وجل ؛ وإنما يحتاج منك أن تستحضر من صفات الجلال والكمال والجمال لله عز وجل ما يعينك على حضور القلب في عبادته سبحانه ، والإقبال عليه بكليتك . قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : ( وقوله صلى الله عليه وسلم في تفسير الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه .. ، يشير إلى أن العبد يعبد الله على هذه الصفة ؛ وهي استحضار قربه ، وأنه بين يديه ؛ وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم ، كما جاء في رواية أبي هريرة :

" أن تخشى الله كأنك تراه " [ رواه بهذا اللفظ : مسلم (10) ] .

ويوجب أيضا النصح في العبادة وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها ) جامع العلوم والحكم 1/104

وقال ابن القيم – رحمه الله - : ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كلها فإنه يوجب الحياء و الإجلال والتعظيم والخشية والمحبة والإنابة والتوكل والخضوع لله سبحانه والذل له ويقطع الوسواس وحديث النفس ويجمع القلب والهم على الله .

فحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الإحسان وبحسبه تتفاوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد .

" رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه " ( ص 38 ، 39 )

وانظر أيضا : جامع العلوم والحكم ، لابن رجب ( 1/103) وما بعدها ، ط دار ابن الجوزي ، معارج القبول ، للشيخ حافظ الحكمي ( 3 / 999 ، 1000 ) .

وقد أشار أهل العلم إلى جملة من الأعمال والأحوال ، متى اجتهد العبد في تحقيقها كانت له عونا على القرب من ربه عز وجل ، وبحسب سعي العبد في القرب من ربه عز وجل ، يكون قرب الله تعالى منه ؛ فأقلَّ إن شئت أو استكثر !!

ومن هذه الأمور :

1. تحقيق التوحيد وترك الشرك الأكبر والأصغر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وهذا تحقيق الإخلاص والتوحيد الذي من حققه كان أقرب الخلق إلى الله ، وهو تحقيق كلمة الإخلاص " لا إله إلا الله " .

الاستقامة " ( ص 195 ) .

2. معرفة صفات الله تعالى وأسمائه وأفعاله .

قال ابن القيم – رحمه الله - : ( مشهد الإحسان ، وهو مشهد المراقبة ، وهو أن يعبد الله كأنه يراه ، وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته ، حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سمواته مستوياً على عرشه ، يتكلم بأمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة ؛ فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه ، وتعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه ؛ فيشهد ذلك كله بقلبه ويشهد أسماءه وصفاته ويشهد قيوماً حيّاً سميعاً بصيراً عزيزاً حكيماً آمراً ناهياً ، يحب ويبغض ، ويرضى ويغضب ، ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وهو فوق عرشه لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ولا أقوالهم ولا بواطنهم ، بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )

رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ( ص 38 ) .

3. تحقيق الولاية ، ويكون تحقيقها بالإيمان والتقوى ، كما قال تعالى : ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) يونس/62،63 .

قال ابن القيم رحمه الله : ( الولاية هي القرب من الله عز وجل ، فولي الله هو القريب منه ، المختص به ، والولاء هو في اللغة : القرب . )

بدائع الفوائد ( 3 / 621 ) .

4. المداومة على الصلاة ، وبخاصة استشعار القرب من الله تعالى في السجود ؛ فإنه أقرب ما يكون العبد فيه قرباً لربه تعالى ، وكذا الصلاة في آخر الليل . قال تعالى : ( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) العلق/19 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) رواه مسلم ( 482 ) .

وعن عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ ) .

رواه الترمذي ( 3579 ) والنسائي ( 572 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " ( 1173 ) .

5. تحقيق التوبة من الذنوب صغيرها وكبيرها :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وينبغي أن يعرف أن التوبة لا بد منها لكل مؤمن ولا يكمل أحد ويحصل له كمال القرب من الله ويزول عنه كل ما يكره إلا بها ) .

مجموع الفتاوى " ( 15 / 55 ) .

6. ذكر الله تعالى على كل حال ، من أذكار وأدعية وتسبيح وتحميد وتهليل :

قال ابن القيم رحمه الله : ( والذِّكر يوجب له القرب من الله عز وجل والزلفى لديه ، وهذه هي المنزلة ) .

" الوابل الصيب " ( 1 / 96 ) .

7. تحقيق الخوف منه عز وجل :

قال ابن القيم رحمه الله : ( هذا الخوف على حسب القرب من الله والمنزلة عنده ، وكلما كان العبد أقرب إلى الله كان خوفه منه أشد ؛ لأنه يطالَب بما لا يطالَب به غيره ، ويجب عليه من رعاية تلك المنزلة وحقوقها ما لا يجب على غيره ، ونظير هذا في الشاهد أن الماثل بين يدي أحد الملوك المشاهد له ، أشد خوفاً منه من البعيد عنه ؛ بحسب قربه منه ومنزلته عنده ، ومعرفته به وبحقوقه ، وأنه يطالب من حقوق الخدمة وأدائها بما لا يطالب به غيره ، فهو أحق بالخوف من البعيد ، ومَن تصور هذا حق تصوره فهم قوله ( إني أعلمكم بالله وأشدكم له خشية )

طريق الهجرتين ( 1 / 427 ، 428 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس