منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - آداب النكاح
الموضوع: آداب النكاح
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-20, 02:19   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

أرجو مساعدتي في معرفة الصواب ، في البخاري الحديث رقم (4170) و (4171)

إن الإتيان في الدبر حلال

وموقعكم يقول إنه حرام ، فما هو الصواب ؟


الجواب :

الحمد للَّه

أولاً :

الأحاديث الصحيحة التي جاءت في تحريم إتيان الزوجة في الدبر كثيرة ، فمن ذلك :

1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم )

رواه أبو داود (3904)
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

2- وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ )

رواه الترمذي (1165)
وصححه ابن دقيق العيد في "الإلمام" (2/660) والألباني في صحيح الترمذي .

3- وعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ )

رواه ابن ماجه (1924)
وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

والأحاديث في ذلك كثيرة ، حتى قال الطحاوي رحمه الله في "شرح معاني الآثار" (3/43) : "جاءت الآثار متواترة بذلك " انتهى .

ولذلك كانت كلمة العلماء على الأخذ بهذه الأحاديث .

قال الماوردي رحمه الله تعالى في
"الحاوي" (9/319) :

" لأنه إجماع الصحابة : روي ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وابن مسعود وأبي الدرداء " انتهى .

وجاء في "المغني" (7/32) :

" ولا يحل وطء الزوجة في الدبر في قول أكثر أهل العلم : منهم علي وعبد الله وأبو الدرداء وابن عباس وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة ، وبه قال سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن ومجاهد وعكرمة والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر " .

ثانياً :

يتوهم بعض الناس جواز إتيان المرأة في دبرها ، ويفهمون من قول الله تعالى : ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) البقرة/223 ، أن الله سبحانه أباح في هذه الآية كل شيء ، حتى الوطء في الدبر ، وقد يتأكد هذا الوهم عندهم إذا قرؤوا الحديث الذي يرويه البخاري في صحيحه – ولعله الحديث الذي قصده السائل - والذي فيه : عن جابر رضي الله عنه قال : كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ : إِذَا جَامَعَهَا مِن وَرَائِهَا جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَل فنزلت ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

وهذا فهم خاطئ للآية ، فإن قوله تعالى : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) يعني إباحة أحوال وأوضاع الجماع المختلفة ، إذا كانت في موضع الحرث : وهو الفرج ، وليس الدبر ، فيجوز أن يأتي الرجل زوجته من الخلف أو الأمام أو على جنب إذا كان ذلك في موضع الحرث ، وليس الدبر .

ودليل ذلك أن رواية مسلم برقم (1435) لحديث جابر السابق في سبب نزول الآية فيها : (إِنْ شَاءَ مُجَبِّيَةً ، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ ) .

(مُجَبِّيَةً) : أي : منكبة على وجهها ، كهيئة السجود .

(في صمام واحد) : هو القبل .

وفي رواية أبي داود للحديث نفسه برقم (2163) :

عن محمد بن المنكدر قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ : إِنَّ الْيَهُودَ يَقُولُونَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ فِي فَرْجِهَا مِنْ وَرَائِهَا كَانَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

وفي سنن الترمذي (2980) وحسنه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : جَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَلَكْتُ . قَالَ : وَمَا أَهْلَكَكَ ؟! قَالَ : حَوَّلْتُ رَحْلِي اللَّيْلَةَ . قَالَ : فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ، قَالَ : فَأُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ ، وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالْحَيْضَةَ .

حسنه الألباني في صحيح الترمذي .

فهذه الأحاديث والروايات توضح المقصود من الآية ، فلا يجوز لمسلم أن يتجاوز ذلك إلى فهمه الذي لا يدل عليه الأثر ولا اللغة .

قال ابن القيم رحمه الله في
"زاد المعاد" (4/261) :

" وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دبرها من وجهين : أحدهما أنه أباح إتيانها في الحرث ، وهو موضع الولد، لا في الحُش الذي هو موضع الأذى ، وموضع الحرث هو المراد من قوله : ( من حيث أمركم الله )

الوجه الثاني :

أنه قال : ( أنى شئتم ) أي : من أين شئتم : من أمام أو من خلف . قال ابن عباس : ( فأتوا حرثكم ) يعني : الفرج " انتهى بتصرف .

ثالثاً :

ولعل السائل يعني أيضا ما رواه البخاري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما : ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال : يأتيها في . . .

قال ابن حجر في "فتح الباري" (8/189) :

" هكذا وقع في جميع النسخ ، لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور " انتهى .

ثم ذكر ما جاء من بعض الروايات خارج صحيح البخاري أن ابن عمر قال : يأتيها في دبرها.

وقد أجاب عن ذلك أهل العلم بجوابين :

الأول :

أنه حصل خطأ من بعض الرواة عن ابن عمر ، وأنهم فهموا منه جواز إتيان الدبر ، وهو إنما كان يحكي جواز إتيان المرأة في قبلها من خلفها ، بدليل ما جاء من طرق صحيحة عنه أنه كان يرى حرمة إتيان الزوجة في دبرها ، فقد روى النسائي في "السنن الكبرى" (5/315) بسند صحيح أن ابن عمر سئل عنه فقال : أو يفعل ذلك مسلم ؟!

قال ابن القيم رحمه الله في
"تهذيب السنن" (6/142) :

" فقد صح عن ابن عمر أنه فسر الآية بالإتيان في الفرج من ناحية الدبر ،وهو الذي رواه عنه نافع ، وأخطأ من أخطأ على نافع فتوهم أن الدبر محل للوطء لا طريق إلى وطء الفرج ، فوقع الاشتباه في كون الدبر طريقا إلى موضع الوطء أو هو مأتى ، واشتبه على من اشتبه عليه معنى (من) بمعنى (في) فوقع الوهم " انتهى .

الجواب الثاني :

أنه اجتهاد من ابن عمر رضي الله عنهما في فهم الآية ، وقد دلت السنة ، وأقوال سائر الصحابة ، أنه اجتهاد مجانب للصواب ،

وقد روى أبو داود برقم (2164) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :

إِنَّ ابْنَ عُمَرَ - وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ - أَوْهَمَ ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ - وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ - مَعَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ - وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ - ، وَكَانُوا يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ ، فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَأْتُوا النِّسَاءَ إِلَّا عَلَى حَرْفٍ ، وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ ، فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ ، وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يَشْرَحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا مُنْكَرًا ، وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ ،فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَتْ : إِنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ ، فَاصْنَعْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَاجْتَنِبْنِي . حَتَّى شَرِيَ أَمْرُهُمَا ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أَيْ : مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ ، يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ .

وهذا قد يؤيد أن ابن عمر كان يقول بجواز الإتيان في الدبر ، فلعله رجع إلى الصواب ، بعد أن بَيَّن له ابن عباس أو غيره سبب نزول الآية ومعناها الصحيح ، ولذلك ثبت عنه – كما تقدم – أنه كان يقول بتحريمه ، ويقول : أو يفعل ذلك مسلم !!

والحاصل أن شريعتنا جاءت بتحريم هذا الفعل ، وليس فيها شيء يدل على جوازه ، ومن ظن في شيء من الكتاب أو السنة ما يدل عليه فقد أخطأ وأوهم .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


مع جزء جديد من سلسلة
الآداب الإسلامية


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس