فلسطين..قضية المملكة الأولى منذ عهد المؤسس وحتى الملك سلمان
تفاعلت المملكه العربيه السعوديه مع القضية الفلسطينية في جميع مراحلها واطوارها وشغلت هذه القضيه القائد المؤسس جلاله المغفور له باذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل ال سعود، واستحوذت علي اهتمامه منذ البدايات الاولي لتفاقم الاوضاع في فلسطين مع تبلور المشروع الصهيوني الاستعماري ألهادف الي تحويلها الي وطن قومي لليهود، وقد ظلت هذه القضيه بعد وفاه الملك عبدالعزيز -رحمه الله- تشكل هاجسا مشتركا لدي ابنائه من بعده الذين حملوا عبء الامانه وتبعاتها دونما اي تفريط او تقصير.
جهود الملك عبدالعزيز في دعم القضيه
وصلت جهود المملكه العربيه السعوديه في مؤازره ودعم الجهاد الفلسطيني قياده وحكومه وشعبا منذ عهد مؤسسها وباني وحدتها ودولتها الحديثه جلاله الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وقد ابدي المغفور له باذن الله الملك عبدالعزيز اهتماما بالغا بالقضيه الفلسطينيه وصلت الي ذروتها في حرب 1948م اشتملت علي الاصعده العسكريه والماليه والسياسه والاعلاميه وقدم هذا الدعم مؤازره حقيقيه للقضيه الفلسطينيه، واشتمل الدور السعودي العسكري علي الاشتراك الفعلي في الحرب شاملا ذلك قطاعات من الجيش النظامي والشعبي والمتطوعين، وقد قدمت المملكه العربيه السعوديه دعما ماليا لاشقائها الفلسطينيين، وقاد حمله للتبرعات انذاك الامير فيصل بن عبدالعزيز - في ذلك الوقت - بتدشينه لها عبر خطابه في قصره بالطائف سنه 1948م، وقدمت المملكه الدعم السياسي من خلال جامعة الدول العربية وهيئه الامم المتحده ومن خلإل آلاجتماعات والخطابات التي تبادلها الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- مع القاده الامريكيين والبريطانيين، وكان حرص الملك عبدالعزيز شديدًا علي ابراز الحق الفلسطيني في وسائل الاعلام الامريكيه ويعتبر حديثه لمجله -لايف- عام 1943م، اول مرافعه عربيه من نوعها في الدفاع عن القضيه الفلسطينيه في وسائل الاعلام الغربيه.
وارسل الملك عبدالعزيز استنكارًا للحكومه البريطانيه عندما القت جماعه من اليهود القنابل علي المسلمين اثناء صلاه الجمعه في اكتوبر عام 1929م وارسل كتبا اخري الي هيئات عربيه واسلاميه يندد فيها باعمال الصهاينه الاجراميه، واصل مساندته للثوره الفلسطينيه متحديا في ذلك الحكومه البريطانيه فمثلا عام 1936م عندما قامت الثوره ضد الانجليز في فلسطين وشملت البلاد من اقصاها جاء البريطانيون بقوات لهم من مصر ومالطا ونكلوا بالثوار الفلسطينيين وهنا اصدر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- امره في 5 يونيو 1936م الي وزاره الخارجيه ووزاره الماليه ارسال مساعده عاجله من الاموال والمؤن والارزاق الي اهل فلسطين . وكان الملك الراحل عبدالعزيز يغتنم مواسم الحج باستمرار لتبصير العرب والمسلمين بالقضيه الفلسطينيه والخطر اليهودي الداهم، كما رفض رفضا قاطعا خطه توطين اليهود في الاراضي الفلسطينيه عام 1945م، ومن الاوائل الذين ساندوا فكره تزويد الفلسطينيين بالمال والسلاح لتمكينهم من الدفاع عن اراضيهم ثم خطا خطوه شجاعه بارسال المتطوعين السعوديين لمسانده اخوانهم الفلسطينيين في جهادهم البطولي حيث روي الدم السعودي الطاهر ارض فلسطين المباركه وكان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في وداع رجاله المجاهدين الي فلسطين وقال فيهم كلمته المشهوره (ان ابناء فلسطين كابنائي فلا تدخروا جهدا في مساعدتهم وفي تحرير ارضهم).
مواقف الملك سعود بن عبدالعزيز
عام 1953م زار الامير سعود - انذاك - فلسطين كونه اول امير سعودي يزور القدس وقد صلي - يرحمه الله- في المسجد الاقصي والمسجد الابراهيمي في الخليل. وقد كانت المملكه في مقدمه الدول العربيه التي رفضت واستنكرت صدور قرار تقسيم فلسطين عام 1947م عندما قال الامير سعود - حينذاك - في خطابه امام مجلس الشوري: اننا مستعدون لانقاذ فلسطين باموالنا وانفسنا متكلين علي الله الذي نستمد منه العون وحده.
ودعم الملك سعود - يرحمه الله - عام 1948م عندما كان وليا للعهد - حينذاك -رغبته في تحقيق الاهداف التي تضمن للمتطوعين السعوديين ابناء الشهداء منهم الاحياء والاموات وتعهدت المملكه بكفاله اطفال الشهداء الذين استشهدوا في ميدان الجهاد في القدس،كما تتعهد بكفاله واعاله جميع السعوديين المجاهدين الذين اصيبوا في ميدان الحرب باصابه اقعدتهم عن العمل وكسب الرزق، واعتبرت حكومه المملكه كل مواطن سعودي تطوع في حرب فلسطين جنديا نظاميا ضمن الجيش السعودي النظامي وان يمنح كل من نال رتبه مكتسبه في الجهاد مرتبه زياده علي رتبته الاولي، وتعهدت باداء فريضه الحج علي نفقتها لجميع الضباط والقاده من جميع المجاهدين في جيش الانقاذ من السعوديين ومن جميع المجاهدين من اي بلد من البلدان العربيه.
وفي عام 1956م ابان العداون الثلاثي البريطاني - الفرنسي - الاسرائيلي علي مصر وقطاع غزه كانت المملكه العربيه السعوديه في مقدمه الدول التي سارعت بعرض مساعداتها لمصر. كما فرضت حظرا بتروليا ومقاطعه سياسيه تجاه الدول المعتديه بسبب تاييدها المطلق وتحالفها الواضح مع الكيان الاسرائيلي ضد القضيه الفلسطينيه وشعبها المكافح. وقام الملك سعود بن عبدالعزيز بقطع النفط عن الحكومتين البريطانيه والفرنسيه وغيرها من السفن المتجهه بحمولتها الي هذين البلدين من النفط السعودي وقطع العلاقات معهما وبذلك يكون الملك سعود بن عبدالعزيز اول من استخدم سلاح النفط.
مواقف الملك فيصل بن عبدالعزيز
حمل الملك فيصل الهم الفلسطيني منذ حمّله والده الملك عبدالعزيز - يرحمهما الله - مسؤوليه وزاره الخارجيه وكان عمره انذاك 25 سنه، وبدات علاقته بالقضيه الفلسطينيه عام 1938م عنما مثل والده في مؤتمر لندن لبحث قضية فلسطين وخطب خطابا مهمًا عارض فيه مشروع تقسيم فلسطين. ويعود الفضل اليه - يرحمه الله- في تشكيل اللجان الشعبيه لمساعده مجاهدي واسر شهداء فلسطين عقب نكسه يونيو 1967م والتي عهد برئاستها الي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز امير منطقه الرياض - انذاك- عبر 12 مكتبا غطت معظم مدن المملكه الرئيسه، وقد ركز الملك فيصل خلال حكمه الذي دام 11 عامًا علي الحل الاسلامي للقضيه الفلسطينيه باعتبار ان فلسطين تهم كل المسلمين وليس العرب وحدهم، وقد كانت المملكه وراء الاقتراح الذي طرح في قمه الخرطوم في اغسطس 1967م لدعم دول المواجهه الثلاث مصر وسوريا والاردن بالاضافه الي منظمه التحرير الفلسطينيه وتحملها بنصيبها مع الكويت وليبيا حتي ازاله اثار العدوان. وقد نادي الفيصل في القمه العربيه الثانيه التي عقدت في الاسكندريه عام 1964م والتي كان يتراسها، بحتميه واظهار الوجود الفلسطيني ومده بكل وسائل الاستمرار وقدم 5 ملايين جنيه استرليني هبه منه لتكوين خمس كتائب فدائيه تعمل لتحرير فلسطين وقد تركت محاوله الصهاينه الاثمه حرق المسجد الاقصي عام 1969م اثرًا بالغا في نفس الملك الفيصل وبادر بالدعوه لعقد مؤتمر قمه اسلامي وهو المؤتمر الذي اسفر عن تاسيس منظمه المؤتمر الاسلامي وقد لعبت المنظمه دورًا اساسيًا في دعم القضيه الفلسطينيه بحيث انها تعتبر اول منظمه دوليه اقليميه اعترفت بمنظمه التحرير الفلسطينيه كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وسبقت بذلك جامعه الدول العربيه. وكان لتبني الفيصل - يرحمه الله- انشاء مؤسسات اسلاميه فعاله وعمله علي تشجيع رابطه العالم الاسلامي التي تمثل الشعوب الاسلاميه وتشجيع منظمه المؤتمر الاسلامي وانشاؤه الندوه العالميه للشباب الاسلامي والسعي لانشاء البنك الاسلامي للتنميه وقد لعبت المملكه العربيه السعوديه في عهد الملك فيصل دورًا بارزًا في تحقيق النصر في حرب اكتوبر عام 1973م التي تعتبر من انجح المواجهات العربيه ضد اسرائيل.
مواقف الملك خالد بن عبدالعزيز
جاءت بدايات عهد الملك خالد بن عبدالعزيز بالقضيه الفلسطينيه بالزياره التي قام بها عام 1945م الي لندن مرافقا لاخيه الملك فيصل بن عبدالعزيز لحضور مؤتمر فلسطين. وقد ظلت القدس الحلم الاكبر يتحدث عنها الملك خالد - يرحمه الله- في جلساته وكان يكرر القول: ان تحرير فلسطين وفي مقدمتها القدس الشريف هي قضيه الاسلام والمسلمين الاولي ويعتقد ان مواجهه المخططات الصهيونيه في فلسطين هي مسؤوليه جميع الدول والشعوب الاخري المحبه للسلام. عام 1982م وقع الاجتياح الاسرائيلي بلبنان وامر الملك خالد ثم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمهما الله- بتزويد المقاتلين الفلسطينيين بالسلاح والذخيره من مستودعات الحرس الوطني والجيش. وعندما جاء ياسرعرفات - رحمه الله- الي الملك خالد طالبا المزيد من الدعم امر الملك خالد بدفع 5 ملايين دولار من حسابه الخاص. وفي غمره طغيان اسرائيل بضم القدس اليها دعا الملك خالد بن عبدالعزيز الي عقد مؤتمر قمه اسلاميه يعقد في مكه المكرمه في رحاب الحرم وحرص الملك علي ان تكون القضيه الفلسطينيه والقدس المحتله في مقدمه القضايا التي تناقشها القمه.
مواقف الملك فهد بن عبدالعزيز
منذ ان بويع الملك فهد جعل القضيه الفلسطينيه علي راس اهتماماته وطرح مشروعًا للسلام عام 1981م عندما كان وليًا للعهد وتبنته قمه فاس العربيه عام 1982م والذي اعتبر اول مشروع حل متكامل ومتوازن للقضيه الفلسطينيه والذي شكل منذ ذلك الحين الحجر الاساس لكافه المبادرات والمقترحات التي قدمت بخصوص الشرق الاوسط.
وكانت المملكه في مقدمه دول العالم العربي والاسلامي التي استنكرت قرار حكومه اسرائيل لضم القدس عام 1980م . عام 1997م اعرب الملك فهد -رحمه الله- في اجتماع مجلس الوزراء بقصر السلام بجده عن معارضته لقرار الكونجرس الامريكي الذي اتخذه باعتبار مدينه القدس عاصمه موحده لاسرائيل وتخصيص 100 مليون دولار لنقل السفاره الامريكيه من تل ابيب الي القدس.
وفي عام 1989م قررت المملكه تقديم دعم شهري للإنتفاضة الفلسطينية داخل الاراضي المحتله بواقع 6 ملايين وعشرين الف دولار وذلك بناءً علي ما اتخذ من قرارات في قمه الجزائر لدعم الانتفاضه. وتبرعت المملكه في عهد الملك فهد -يرحمه الله- بربع اجمالي المبالغ الماليه التي خصصت لصندوق الاقصي في مؤتمر القمه العربيه بالقاهره عام 2000م، وبلغ راس مال هذين الصندوقين مليار دولار خصص منه 200 الف دولار لدعم صندوق الاقصي للمحافظه علي معالم القدس وتراثها العربي والاسلامي .كما دفعت حكومه خادم الحرمين الشريفين 50 مليون دولار لصندوق انتفاضه القدس لمساعده اسر شهداء الانتفاضه ورعايه ابنائهم وتعليمهم.