كلام للإمام الإبراهيمي- عليه رحمة الله - أحببت نقلَه لكم:
"من سنن العرب أنهم يجعلون الاسم سمة للطفولة، و الكنية عنوانا على الرجولة. لذلك كانوا لا يكتنون إلا بنِتاج الأصلاب و ثمرات الأرحام من بنين و بنات، لأنها الامتداد الطبيعي لتاريخ الحياة بهم، ولا يرضون بهذه الكنى و الألقاب الرخوة إلا لعبيدهم؛ وما راجت هذه الألقاب والكنى المُهلهلة إلا بعد أن تراخت العرى الشاذة لمجتمعهم، فراج فيهم التخنّث في الشمائل و التأنث في الطباع، والارتخاء في العزائم، و النفاق في الدين؛ و يوم نسي المسلمون أنفسهم فأضاعوا الأعمال التي يتمجّد بها الرجال، و أخذوا بالسفاسف التي يتلهّى بها الأطفال؛ و فاتتهم العظمة الحقيقية فالتمسوها في الكنى والألقاب؛ و لقد كان العرب صخورا و جنادل يوم كان من أسمائهم صخرٌ و جندلةُ، و كانوا غُصصا و سموما يوم كان فيهم مُرّةُ و حنظلةُ؛ و كانوا أشواكا و أحساكا يوم كان فيهم قَتادة و عَوسجة.
فانظر ما هم اليوم ؟ و انظر أيًّ أثر تتركه الأسماء في المسميات ؟ و اعتبر ذلك في كلمة "سيِّدي" و أنها ما راجت بيننا و شاعت فينا إلا يوم أضعنا السيادة، و أفلتت من أيدينا القيادة.
و لماذا لم تشِع في المسلمين يوم كانوا سادة الدنيا على الحقيقة؛ و لو قالها قائل لِعُمر لهَاجت شِرَّته، و لَبَادرت بالجواب دِرَّته."
التعالم و أثره على الفكر و الكتاب / بكر أبو زيد - رحمه الله