في حكم دخول عَرْض الحفظ قبل الجمعة في النهي عن الحِلَق
" ... فإنَّ عَرْضَ الحفظِ بين الطلبةِ قُبَيْل الجمعة يدخل في عمومِ النهي عن الحِلَقِ يوم الجمعة في المسجد لنهيِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حديثِ عمرو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه، ولفظُه: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشِّرَاءِ وَالبَيْعِ فِي المَسْجِدِ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الأَشْعَارُ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الضَّالَّةُ، وَعَنِ الحِلَقِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ»(١)، والظاهرُ مِن النهيِ خصوصُه بالمسجد لورودِ التنصيص عليه مِن جهةٍ، ولدلالةِ الاقتران بالبيع والشراء وإنشادِ الضالَّة فيه مِن جهةٍ ثانيةٍ؛ لذلك يمتنع التحليقُ مِن الساعةِ الأولى يومَ الجمعة في المسجد مطلقًا لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ [فِي السَّاعَةِ الْأُولَى] فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً...»(٢)، ويجوز التحليقُ في غيرِ المسجد عملًا بدليل الخطاب، والأَوْلى التبكيرُ إلى المسجد والاشتغالُ بالصلاة دون تحليقٍ لذِكْرٍ أو حفظٍ أو غيرِهما، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا»(٣)، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ؛ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى»(٤)؛ فهذا المأثورُ عن الصحابة رضي الله عنهم؛ فقَدْ كانوا إذا أتَوُا المسجدَ يوم الجمعةِ اشتغلوا بالصلاة مِن حينِ يدخلون ما تيسَّر، فمنهم مَن يُصَلِّي عَشْرَ ركعاتٍ، ومنهم أكثر، ومنهم دون ذلك."
الشيخ فركوس حفظه الله
موقع الشيخ