إن المقصود بعصر صدر الإسلام هو تلك الفترة الممتدة من بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى آخر أيام الخلفاء الراشدين ، والتي انتهت بمقتل الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه عام 40 من الهجرة النبوية .
كان العرب قبل الإسلام أمة ممزقة غير مجتمعة على كلمة، تكاد تفنيها الحروب والمنازعات وكانو أمة جاهلة، تسودها الخرافة، وتتقاسما العقائد الفاسدة، إلآ أن جاء الإسلام ليجعل منهم خير أمة و لعل أعظم الآثار التي تركها الإسلام في العرب هي إخراجهم من الظلمات إلى النور إخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ,
كان العرب قبل الإسلام في مؤخرة الركب بين الأمم وذلك بسبب الحروب والمنازعات والعصبيات القبلية التي كانت سائدة بينهم، ثم جاء الإسلام وجاء الرسول بالنور من عند رب العالمين، فجعلهم خير أمة أخرجت للناس، وحملهم رسالة الله إلى عباده، ووحدهم تحت لواء واحد،
اجتث الإسلام من العرب كل العادات الخبيثة،وأقر مكارم الأخلاق .ففي حين أقر الكرم والوفاء والشجاعة والنجدة وإباء الضيم ... حارب الخمر والميسر و المنافرة والمفاخرة وحرم الربا وأكل أموال الناس بالباطل .وقد بنى الإسلام المجتمع على الإخاء والتضحية فقال تعالى : (إنما المؤمنون اخوة) بنى المجتمع على المساواة والحريــة والإيثار ، كما محا الإسلام حوالك الجهل والخرافة واستبدل بها نور العلم، وحكم العقل؛ودعا المسلمين إلى النظر في ملكوت السماء والأرض، ونادى بالتأمل في مشهد الليل والنهار، واختلاف الطبائع والأجناس . وعندما فتح المسلمون الأمصار وانتشروا في الآفاق درســوا أحوال الأمم المغلوبة وعلومها واقتبسوا من حضارتها ، فامتزجـت العقلي العربية بتلك العقليات امتزاجا عميقا تولدت منه العلم الشرعية ، الفنـــون الأدبية، والحضارة الإسلامية التي طبقت الأرض مهدت لرقي الإنسان الحديث . و من جانب آخر فإن
اللغة والأدب مظهران من مظاهر الحياة المختلفة، ومن ثم فلا بد أن يكون للإسلام تأثير فيهما . أما اللغة فقد خلد الإسلام اللغة العربية حين نزل القرآن بلسان عربي مبين وضمن الله تعالى لها ذلك الخلود بقوله {انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وحفظ القرآن يستلزم حفظ لغته التي نزل بها . ومن أثر الإسلام في لغة العرب أنه جعلها لغة عالمية غير مقصورة على إقليم معين,ومن أثره فيها أيضاً أنه رقق ألفاظها ، وأبعدها عن الجفاء والغلظة،. أما الأدب فكان أثر الإسلام فيه أثراً بالغاً أيضاً. حيث رسم الإسلام الطريق للأدب ووضحه ووسعه، فأصبح واسع المعاني متعدد الأفكار،كما أن الإسلام أثر في الأدب من خلال القرآن والحديث حيث اقتفى الأدباء أثرهما، واقتبسوا من اسلوبهما ,ومن أثر الإسلام في الأدب أنه أمده بكثير من الألفاظ التي لم يكن له عهد بها كالجنة والنار، وأسماء الله الحسنى وصفاته العلى. وأخيراً فإن الإسلام خلص الأدب ونقاه من الشوائب التي كانت عالقة به كالشعر الذي يدعو إلى العصبية وكالهجاء المقذع، والغزل الفاحش، ووصف الخمر، وغيرها مما يتنافى مع مبادئ الإسلام وتعاليمه.