[أمير جزائري حر]

[[ حوصلة درس : علم القافية وما يلحق بها ]]

تنبيه هام :

رغم أن الشعر الحر لا يُلتزَمُ فيه بالقافية كما هو الحال في الشعر العمودي، فنجد الشاعر ينوع فيها ويغيرها عدة مرات في نفس القصيدة، إلا أنها تبقى مفيدة ومهمة لأي دارس للشعر، شاعرا كان أو ناقدا ..

فائدة دراسة القافية:

علم القافية يسمح للشاعر بتأليف الشعر والانتباه لجودته وحسنه وتجنب العيوب المُخلة بالشعر ..

أهمية القافية:

لا يسمى الكلام شعرًا [ في الشعر العمودي خاصة.. ] حتى يكون له وزن وقافية؛ فهما أساسان في الشعر. فالقافية تعطي الشعر نغمة موسيقية رائعة [ بقدر ما يكون فيها من حروف ملتزمة ].

تعريفها:

هي لُغَةً القَفْوُ و الاتباع ..

واصطلاحا هي عِلمٌ يُعرف به أحوال أواخر الأبيات الشعرية [ حركة، سكون .. وغيرها ] أي أنها باختصار اسم يطلق على عدد من الحروف التي ينتهي بها البيت الشعري .. [ عكس ما هو شائع لدى غير المختصين [ عامة الناس ] بأن القافية هي الحرف الأخير من البيت الشعري ]

سؤال :

ما دامت القافية عدد من الحروف .. هل هناك ضابط يضبطها ؟ وكم هو عدد حروفها تحديدا ؟

الجواب :

نعم هناك ضابط يُحَدِّدُ القافية كما نص علماء العروض، وهو باختصار أن :

[ القافية تبدأ من أول متحرك قبل آخر ساكنين ]

تنبيه :

قد يكون بين الساكنين الأخيرين [ في القافية ..] حرف متحرك واحد أو أكثر!

وقد لا يكون بين الساكنين متحرك .. وهي القافية التي يطلق عليها تسمية المترادف .. كقول الشاعر :

وكذاك الدهر يرمي بالفتى ** في طلاب العيش حالا بعد حَاْلْ

فالقافية في هذا البيت هي (حَاْلْ) = (/00).

نتائج هامة:

بناءًا على تعريف القافية وضابطها سنجد أن للقافية حالات متعددة هي :

الحالة 01 - القافية هي جزء من كلمة ..

مثل قول الشاعر:

نَعيب زمانَنا والعيبُ فينا ** وما لزماننا عيب سوانا

فالقافية هنا هي: (وَاْنَاْ) = /0/0

ومثل قول الآخر :

بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ ** متيم إثرها لم يفد مَكْبُوْل

فالقافية هنا هي: (بُوْلُوْ = /0/0)

لاحظ الرموز : حرف أول متحرك [/ ] يتبعه ساكنان (بالأحمر)
0/0 .. وبينهما حرف واحد متحرك ..

أي أن القافية في المثالين السابقين مكونة من 04 حروف ..

الحالة 02 - القافية هي كلمة كاملة ..

مثل قول الشاعر :

وإذا أتتك مذمتي من ناقص ** فهي الشهادة ليْ بأنيَ كَاْمِلُ

فالقافية هنا هي: (كَاْمِلُوْ = /0//0)

لاحظ الرموز : حرف أول متحرك [/ ] ثم حرفين ساكنين (بالأحمر) 0//0 .. وبينهما حرفين متحركين ..

أي أن القافية في هذا المثال السابق مكونة من 05 حروف ..

الحالة 03 - القافية هي كلمة وبعض من كلمة ..

مثل قول الشاعر :

إن كان سرَّكمُ ما قال حاسدنا ** فما لجرح إذا أرضاكمُ أَلَمُ

بعد الكتابة العروضية :

...................... ** فَمَا لِجُرْحِنْ إذَا أرضَاكُمُو ألمُو

فالقافية هنا هي: ( مُوْ أَلَمُوْ = /0///0)

لاحظ الرموز : حرف أول متحرك [/ ] ثم الحرفين الساكنين (بالأحمر) 0///0 .. وبينهما 03 حروف متحركة ..

أي أن القافية في هذا المثال السابق مكونة من 06 حروف ..

الحالة 04 - القافية هي كلمتين كاملتين ..

مثل قول الشاعر :

لا تقل أصلي وفصلي أبدًا ** إنما أصل الفتى ما قَدْ حَصَلْ

فالقافية هنا هي: (قَدْ حَصَلْ = /0//0) وهما كلمتان.

لاحظ الرموز : حرف أول متحرك [/ ] قبل آخر ساكنين (بالأحمر) 0//0 .. وبينهما حرفان متحركان ..



أي أن القافية في هذا المثال السابق مكونة من 05 حروف ..

الحالة 05 - القافية هي كلمتين وجزء من كلمة ..

قال الشاعر ..

لما رأوا أنَّ يومَهُمْ أشبٌ ** شدُّوا حيازيمهم عَلَىْ أَلَمِهْ

فالقافية هنا هي: (لا أَلَمِهْ = /0///0) ... حيث

لا: جزء من كلمة على ..

أَلَمِ : كلمة ..

(ـهْ) : ضمير وهو كلمة ..



لاحظ الرموز : حرف أول متحرك [/ ] ثم حرفين ساكنين (بالأحمر) 0///0 .. وبينهما 03 حروف متحركة ..

أي أن القافية في المثال هذا مكونة من 06 حروف ..

الحالة 06 - القافية هي ثلاث كلمات ..

مثل قول الشاعر :



حُلْمُ الفتى مما يُزَيِّنهُ ** وتمام حلية فَضْلِهِ أَدَبُهْ



وبعد كتابته عروضيا :



الشطر الأول ** وتما محلية فضلهِيْ أدبُهْ

القافية هنا هي: (هِيْ أَدَبُهْ = /0///0) ..

وهي ثلاث كلمات:

الضمير (ـهِ) من قوله: (فضله)، وكلمة (أدبُ)، والضمير (ـهْ) من قوله: (أدبُهْ).

لاحظ الرموز : حرف أول متحرك [/ ] ثم الحرفين ساكنين (بالأحمر) 0///0 .. وبينهما 03 حروف متحركة ..

أي أن القافية في هذا المثال مكونة من 06 حروف ..

*****

حروف القافية ..؟؟

عرفنا في الدرس السابق أن الحروف التي ترد في القافية هي من حيث الكم 03 حروف كحد أدنى [ /00 ]

أما من حيث النوع فقد اتفق علماء العروض على أن ما يرد في القافية من حروف هو ستة أنواع..

سؤال :

ماهي تلك الحروف الستة ؟ وهل يجب أن تجتمع كلها في قافية واحدة ؟؟

الجواب :



لا بد من وجود بعضها فقط ضمن القافية .. ويتغير ذلك " البعض" من قافية لأخرى ..

وبكلام أدق : من قصيدة لأخرى [ في الشعر العمودي ] .. أما في الشعر الحر فبوسع الشاعر تغيير القافية عدة مرات في نفس القصيدة .. [ ارجعوا إلى قصيدة المطر ..]

سؤال :

ما هي حروف القافية الستة ؟؟ وما أهم حرف فيها ؟؟؟

الجواب:

حروف القافية ستة .. وأهمها هو: الرَّوِيّ.. وهو حرف لا تخلو منه أية قافية ..

أما الخمسة الأخرى فهي : الْوَصْل – الْخُرُوْج – الرِّدْف – الدَّخِيْل – التَّأْسِيْس ..



وسنتناولها واحدا واحدا .. ونمشي الهوينا حتى نأتي عليها كلها ..

*****

أولا - الروي في الشعر العربي ؟؟

سؤال :

ما هو الروي ؟

الجواب :



الروي هو أهم حرف في القافية .. ويُعَرَّفُ بأنه هو حرف من الحروف الصالحة [ لأن تكون رويا .. ] ، الذي يلزم تكرره في آخر كل بيت من أبيات القصيدة [ في الشعر العمودي ] وتنسب إليه القصيدة .. فنقول نونية ابن القيم .. بائية ابي تمام .. وغيرها

سؤال :

مما سبق اتضح أن الروي لا يكون من كل حروف الهجاء بشكل مطلق .. ! وعليه نسأل : كيف تقسم حروف الهجاء بالنسبة للروي ؛ ما يصلح ..؟ ما لا يصلح ؟

الجواب :

حروف الهجاء بالنسبة للروي ثلاثة أقسام :

منها ما يجب أن يكون رويا ..

ومنها ما يصلح أن يكون رويا أو وصلا ..

ومنها ما لا يصلح أن يكون رويا ..

*****


أولا: الحروف التي لا يصلح أن تكون رويا ..



هي ستة أحرف نتناول منها :



1- الألف ..



لا يمكن أن تكون الألف رويا في ستَّة أحوال :



01/ أن تكون ضميرًا للتثنية، مثل : قاما ، وضربا ، وأكرما ؛ فهذه الألف لا تكون رويا ، والحرف الذي قبلها هو الروي ..

كقول الشاعر :


لا أقول اسكنا في هذه الدا ** ر غرورًا ولا أقول استعدا



02/ أن تكون الألف لبيان حركة بناء الكلمة ، كقول الشاعر :


فقالتْ صَدَقْتَ ولكنَّني * أريد أعرِّفُها من أنا



03ـ / أن تكون الألف للإطلاق ، وتسمى أيضا ألف الترنم أو الإشباع [ كما مر معنا في قواعد الكتابة العروضية ]


يقول الشاعر : أقلي اللوم عاذلا والعتابا ** وقولي إن أصبتُ لقد أصابا



ويقول آخر : ونكرم ضيفنا مادام فينا ** ونتبعه الكرامة حيث مالا



04 / أن تكون الألف بدلاً من تنوين النصب في حالة الوقف ..


كقول الشاعر: نحن الذين بايعوا محمدا ** على الجهاد مابقينا أبدا



وقول آخر : قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا ** كاد المعلم أن يكون رسولا



05 / أن تكون الألف مبدلة [ منقلبة ] عن نون التوكيد الخفيفة في حالة الوقف ..


كقول الشاعر: وإياك والميتاتِ لا تقربَنَّها * ولا تعبد الشيطان واللهَ فاعبدا [ أصلها: والله فاعْبُدَنْ ]



وقول آخر : وقولا له: والله ما الماء للصدي ** بأشهى إلينا من لقائِكَ فاعْلَمَا



06 / أن تكون الألف لاحقةً لضمير الغائبة


كقول الشاعر: قف بتلك الرمال وانظرْ سناها ** يتجلَّى الجمالُ فوق رُباها



وقول آخر : يوشك من فرَّ من منيتِهِ *** في بعض غِرَّاتِه يوافقها.

*****

2- الياء..



لا يمكن أن تكون الياء رويا في 05 حالات

:

01 / أن تكون الياءُ للإطلاق وتسمى أيضا ياء الترنم أو الإشباع ، ويكون الرويّ هو ما قبل هذه الياء وتكون الياء وصلا

..

مثل قول الشاعر : حكِّمْ سيوفك في رقاب العذَّلِ ** وإذا نزلتَ بدار ذُلٍّ فارحلِ

فإننا نكتب [ فارحلِ ] عروضيا هكذا : [ فَرْحَلِيْ ] .. والروي هنا هو اللام . أما الياء فهي للترنم.


02 / أن تكون ياء ضمير المتكلم [ ياء الإضافة ] ؛ كما في كلمة : غلامي وكتابي ..

ومن ذلك قول الشاعر : أقول وقد ناحت بقربي حمامة ** أيا جارتا لو تشعرين بحالِيْ

03ـ / أن تكون الياء لاحقة للضمير المبني على الكسر [إشباع هاء ضمير الغائب] نحو : بِهِي ، في دارِهِي فهذه الياء خروج ، والهاء من قبلها وصل، والروي هو ما قبل الهاء

..

مثل قول الشاعر: أيها الدائب الحريصُ المعنَّى ** لك رزقٌ وسوف تستوفِيْهِ



فالقافية هي [ِ فِيْهِيْ ] حيث : الياء الساكنة الأولى هي الروي والهاء وصل والياء الأخيرة [ياء الإشباع] هي خروج ..

04 / ياء المخاطبة .. أي ضمير المؤنث ..المكسور ما قبلها مثل : اضربي .. فهذه الياء وصل، وما قبلها هو الرويّ

.

ومن ذلك قول الشاعر : أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا ** تعاليْ أقاسمكِ الهمومَ تعالِيْ ..



فإن الروي في هذا البيت هو اللام [تعالي] أما الياء فوصل ..

05 / أن تكون الياء من بنية الكلمة .. مثل قول الشاعر :

كُفِّيْ دعاباتِ الجنونِ فما بقي ** لهواكِ معنًى يرتجيه ويتَّقِيْ



فالقافية هي [ يَتْتَقِيْ ] حيث الروي هو القاف ..

3- الواو..



لا يمكن أن تكون الواو رويا في ثلاث حالات :

01 / أن تكون للإطلاق [ وتسمى أيضا واو الترنم والإشباع ] .. ولا يكون ما قبلها إلا مضموما ..

كقول الشاعر : سلام الله يا مطر عليها ** وليس عليك يا مطر السلامُ

والقافية هي جزء من كلمة السلامُ [ لَاْمُوْ ] .. والروي هو الميم وليس واو الإشباع ..


02 / أن تكون الواو ضمير جمع ، وما قبلها مضموم .. فلا تكون رويا ..

مثل قول الشاعر : وليت للناس حظا من وجوههمُ ** تَبِيْنُ أخلاقُهمْ فيه إذا اجتمعُوْا

والقافية هنا هي [ ذَجْتَمَعُوْ ] .. والروي هو العين ..


وقد وردت رويا [ وهي من الحالات النادرة ] في قول مروان بن الحكم :

وهل نحنُ إلا مثل من كان قبلَنا * نموتُ كما ماتوا ونحيا كما حَيُوا

وينقص منا كل يومٍ وليلةٍ * ولا بدَّ أن نلقى من الأمر ما لقُوا

لنا ولهم يوم القيامة موعدٌ * سنُدعى له يوم الحسابِ إذا دُعُوا

نلاحظ هنا أنه لم يلتزم بحرف ثابت قبل الواو .. فكانت الواو هي الروي


03 / أن تكون الواو لاحقة للضمير [ هُمْ ] مثل : أكرمتُهمُو ، وأحسنتُ إليْهِمُو ..

كقول الشاعر : إذا ترحَّلْتَ عن قوم وقد قدروا ** ألا تفارقَهمْ فالراحلون همُ

فالقافية هنا هي [ لُوْنَ هُمُوْ ] والروي هو الميم ..

4- التنوين ..



لا يكون رويًّا ، سواء كان التنوين للصرف أو لغيره نحو : زيدٍ ، وصهٍ ، ومسلماتٍ ، ويومئذٍ ..


5- نون التوكيد الخفيفة ..



لا تكون رويا .. ومنها قول الشاعر : وإياك والميتاتِ لا تقربَنَّها *** ولا تعبد الشيطان واللهَ فاعْبدَنْ


6- الهاء ..



لا تكون رويا في 04 حالات :



01 / أن تكون الهاء هي " هاء السكت "، وهي التي تبين بها الحركة مثل : اِرمِهْ وادْعُهْ ..


ومنها قول الشاعر :

بالفاضلينَ أولِي النُّهَى *** في كل أمركَ فاقتدِهْ



وقول آخر :

لأبكينَّ لفقدانِ الشبابِ وقدْ ** نادى المشيبُ عن الدنيا بِرِحْلَتِيَهْ



02 / أن تكون هاء الضمير الغائب الساكنة المحرَّكً ما قبلها ..


كقول زهير :

صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله *** وعُرِّيَ أفراسُ الصبا ورواحِلُهْ


وقول آخر :

اِرضَ من الله يوما ما أتاك ** مَنْ يرضَ يوما بعيشهِ نفَعَهْ



03 / أن تكون هاء الضمير متحركة [ للمؤنث ] وما قبلها متحرك ..

مثل قول الشاعر :



ضعفتْ فحجتُها البكاءُ لخصمِها ** وسلاحُها عندَ الدفاعِ دموعُهَا



04 / أن تكون الهاء منقلبة عن تاء التأنيث المتحركة


مثل قول الشاعر :

ثلاثةٌ ليسَ لها رابعُ *** الماءُ والحسناءُ والخضرهْ ..



وقول آخر:

إنما الدنيا هباتٌ ** وعوارٍ مُسْتَرَدَّهْ

*****

ثانيا : الحروف التي يصح أن تكون رويا أو وصلا ؟؟

هناك حروف يصح أن تكون روِيًّا وتبنى عليها القصيدة .. كما يصح أن يلتزم الشاعر حرفا قبلها ليكون هو الروي وتبنى عليه القصيدة ، وتكون هي وصلا .. ومن هذه الحروف ..

1 / الألف .. ومنها :

أ/ الألف الأصلية: كألف [ إذا ومتى وإلى وبلى وهنا والفتى والعصا ورمى وسعى والجوى والهوى ] ..

ب / الألف الزائدة للتأنيث : مثل [ ليلى وحبلى وفُضْلى .. وغيرها ] ..

ج / ألف الإلحاق : مثل [ أرطى وعلقى] ..

مثلا في قول الشاعر :

ذاك الكريمُ وإن سمعتَ بغيره * خذْ ما تراه وعَدِّ عَمَّنْ لا تَرَى

وإذا سألتَ مَن الكريمُ فإنهُ * عبدُ الرحيمِ وإنهُ مولى الوَرى

ونلاحظ هنا بأن الشاعر التزم بحرف الراء رويا و الألف وصلا ..

أما في مقصورة ابن دُريْد :

شَـجَيتُ لا بلْ أجْرَضْتني غُصَّـةٌ *عَنـودُها أقْتَـلُ لي مِنَ الشَّـجَى

إنْ يَحْمِ عَنْ عَينـي البُكـا تَجَلُّدي*فالقَلبُ مَوقوفٌ على سُـبلِ البُكـا

لوْ كانَتِ الأحْـلامُ ناجَتْنـي بِمـا *ألْقـاهُ يَقظـانَ لأصْمـاني الرَّدَى

فنلاحظ أن الشاعر قد اعتبر الألف رويا ؛ لأنه لم يلتزم حرفا قبلها ..

2ـ الياء: في حالتين ..

أ / الياء الساكنة الأصلية المكسور ما قبلها : يصح جعلها رويا ويصح جعلها وصلا ، مثل: ينقضي ، يرتضي ، العشي ..

مثال جعلها رويا قول الشاعر :

أشاب الصغيرَ وأفنى الكبيـ * ـرَ كرُّ الغداةِ ومرُّ العشِيْ

نروحُ ونغدو لحاجاتنا * وحاجات من عاشَ لا تنقضِيْ

وتموتُ مع المرءِ حاجاتهُ * وتبقى له حاجةٌ ما بقِيْ

وقد تحرك هذه الياء فتكون رويا أيضا كقوله :

يقولون ليلى بالعراقِ مريضةٌ * فيا ليتني كنتُ الطبيبَ المداويَا

فشابَ بنو ليلى وشاب بنو ابنِها * وحُرقةُ ليلى في الفؤادِ كما هِيَا

ب / ياء النسب إذا خففَتْ : جاز أن تكون رويا وجاز أن تكون وصلا ..

3 / الواو ..

الواو الأصلية الساكنة المضموم ما قبلها مثل: يعلو ، يحلو .. يصح أن تكون رويا أو وصلا ..

4 / الهاء الأصلية المحرك ما قبلها ..

كما في كلمات [ الشَّبَه والولَه، شَرِهَ، كَرِهَ .. وغيرها ] يصح أن تكون رويا ، ويصح أن تكون وصلا ( على أن يلتزم ما قبلها )،

ووقوعها وصلا كثير، كقول الشاعر :

أُعْطِيتُ فيها طائعا أو كارها

حديقة غلباءَ في جدارها

وفرَسا أنثى وعبدا فارها

5 / كاف الخطاب:

إذا تحرك ما قبلها أو سكن ولم يكن حرف مد

مثال ما سكن قبلها : عَنْكِ، مِنْكِ ..

مثال ما تحرك قبلها قول الشاعر :

إن أخاك الحق من كان معَكْ * ومن يضر نفسه لينفعَكْ

ومن إذا ريب الزَّمان صدعَكْ * شتَّت فيك شمله ليجمعَكْ

6 / الميم ..

يمكن اعتبارها رويا إذا سبقتها الهاء أو الكاف، لكن الأحسن التزام ما قبلها ..

وقد جعلها بعض الشعراء وصلا ..

مثال 1 :

هما أخوا في الحربِ مَن لا أخا له *** إذا خاف يوما نبوةً فدعاهما

مثال 2 :

لبيكما لبيكما *** هأنذا لديكما

7 / تاء التأنيث ..

سواء أكانت ساكنة أم متحركة ..

مثال الساكنة: انتهَتْ، اشتَهَتْ ..

مثال المتحركة: رؤْيَتِيْ، صبْيَتِيْ ..

******


ثالثا : الحروف التي يجب أن تكون رويا ؟؟


1 / الياء ..

في موضعين ..

أ / إذا كانت مشددة:

لم تكن إلا رويا ..

مثل ياء النسب في قول الشاعر:

فضع السيفَ وارفعِ السوطَ حتى *** لا ترى فوق ظهرها أُمويًّا


ومثال آخر لياء مشددة:


لا تَتْبَعَنْ كلَّ دخان ترى ** فالنار قد توقد لِلْكَيِّ


ب / إذا كانت أصلية متحركة:

مثل:

عداتي لهم فضل عليَّ ومنَّةٌ ** فلا أبعد الرحمنُ عني الأعاديا


2 / الواو ..

وذلك في 03 أحوال ..

أ / الواو الساكنة المفتوح ما قبلها ..

لا تكون إلا رويا كقول الشاعر :

وأَرْوي مِن الشعرِ شِعرًا عويصًا * ينسِّي الرواةَ الذي قد رَوَوْا


وقول آخر:


ذهب الكرام بأسرهم ** وبقي لنا لَيْتٌ ولَوْ


ب / الواو المتحركة ..

سواء أسكن ما قبلها أو تحرك ..

ومن ضمن ذلك الواو الأصلية الساكن ما قبلها ، مثل قول الشاعر:

عَرُضَ البحرُ وهو ماءٌ أجاجٌ ** وقليلُ المياهِ تلقاهُ حُلْوَا


ج / الواو المشددة ..

لا تكون إلا رويا ..

3 / الهاء ..

إن سُكِّنَ ما قبل الهاء – أصلية كانت أو زائدة – لم تكن إلا رويا

كقوله الشاعر:

قِسْ بالتجارب أعقاب الأمور كما *** تقيس بالنعل نعلا حين تحذُوها

أموالنا لذوي الميراثِ نجمعها *** ودورُنا لخرابِ الموتِ نبنِيها


وقول الآخر:


وتجتنب الأسودُ ورودَ ماءٍ ** إذا كُنَّ الكلابُ وَلَغْنَ فيه

ويرتجع الكريم خميصَ بطنٍ ** ولا يرضى مساهمة السَّفِيْهِ


4/ الكاف ..

إذا كانت أصلية واقعة بعد ساكن، مثل:

هي الدنيا تقول بملءِ فيها ** حذارِ حذارِ من بطشيْ وَفَتْكِيْ



وبهذا نكون قد انتهينا من حرف الروي في الشعر ..

وسننتقل إلى حرف الوصل ..

*****

عرفنا في الدروس السابقة المتممة لموضوعنا عن الشعر الحر وبحر الرجز أن القافية تتكون من ستة حروف .. وتناولنا أهمها وهو " الروي " وانتهينا منه ..

وبقيت خمسة حروف هي : الْوَصْل – الْخُرُوْج – الرِّدْف – الدَّخِيْل – التَّأْسِيْس ..

سنتناول منها اليوم في، مداخلتين مستقلتين، حرفي الوصل والخروج .. ونكتفي بذلك حتى لا تتشعب بنا الأمور ونعود إلى موضوعنا المحوري ..
ومن شاء أن يبحث عن الرِّدْف – الدَّخِيْل – التَّأْسِيْس .. فله ذلك ..

***

حروف القافية ( تابع .. )

ثانيا : حرف الوصل في القافية ..

تعريفه :

هو حرف قد يجيء [ وجوده ليس لازما ] بعد الروي مباشرة ..

قد يكون الوصل أحد حروف المد [ الألف والواو والياء ]، سواء أكانت هذه الأحرف للإشباع أو لغيره ..

وقد يكون الوصل بهاء ساكنة أو متحركة . ويلتزم الوصل في كل أبيات القصيدة - إذا ورد في البيت الأول - [ في الشعر العمودي .. ]

أمثلة :

مثال الألف: يقول الشاعر ..

وما نيل المطالب بالتمني ** ولكن تؤخذ الدنيا غلابَا

الألف في " غلابَا " هي وصل والروي هو الباء

ومثال الياء قول الشاعر:

يذكرني طلوعُ الشمسِ صخرًا ** وأذكرُه لكلِّ طلوعِ شمسِ

فالياء في كلمة " شمسيْ" هي وصل وليست رويا ..

ومثال الواو من قول الشاعر:

على قدر أهل العزم تأتيْ العزائمُ ** وتأتيْ على قدر الكرامِ المكَاْرِمُ

فالواو في كلمة " الْمَكَاْرِمُوْ" هي ايضا وصل وليست رويا ..

ومثال الهاء الساكنة قول الشاعر:

ولو لم يكنْ في كفه غيرُ روحِه ** لجادَ بها فليتقِ اللهَ سائِلُهْ

الهاء الساكنة هنا " سائِلُهْ " تُعد وصلا و حرف الروي هو اللام ..

ومثال الهاء المتحركة قول الشاعر:

إذا كنتَ في حاجةٍ مرسلا ** فأرسلْ حكيمًا ولا توصِهِ ..

في كلمة " توصِهِي " الروي هو الصاد أما الهاء فهي وصل و الياء [ إشباع الضمير ] هو ما سنتناوله في المداخلة التالية و هو الخروج ..

*****

ثالثا – الخروج في القافية ..

تعريفه :

هو موضع الْخُرُوْج من بيت القصيدة حيث لا يأتي بعده حرف ..

وسمي بهذا الاسم لخروجه وتجاوزه الْوَصْل التابع للروي ..

فنجد على الترتيب [في آخر البيت ] : حرف روي – حرف وصل – حرف الخروج ..

" الخروج " هو حرف المد [ألفا أو واو أو ياء ] الذي ينشأ من إشباع هاء الوصل المتحركة بالفتح أو الضم أو الكسر ، ويلتزم في كل أبيات القصيدة ..

مثال الألف قول الشاعر:

يمشي الفقير وكل شيء ضده ** والناس تغلق خلفه أبوابَهَا

في كلمة " أبوابها " : الباء روي / الهاء وصل / الألف خروج

ومثال الياء قول الشاعر:

وإذا امرؤٌ أهدى إليك صنيعةً ** من جاهِهِ فكأنها مِنْ مالِهِ

في كلمة " مالِهِيْ " الياء خروج / الهاء وصل / اللام روي

ومثال الواو قول الشاعر:

جاوزتِ في لومه حدًّا أَضَرَّ بهِ ** من حيثُ قدرتِ أنَّ اللومَ يَنْفَعُهُ

في كلمة " يَنْفَعُهُوْ " : العين روي / الهاء وصل / الواو خروج

******

بهذا نكون قد انتهينا من أهم ما يتعلق بالقافية ..


تحياتي الخالصة ..

ولا تنسونا من دعائكم ..