منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نسبة الخوارج التكفيريين إلى أهل السنة السلفيين ظلم وافتراء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-01-25, 22:40   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
عَبِيرُ الإسلام
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية عَبِيرُ الإسلام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فهذه الأحاديث فيها بيان أنّ السلطان إذا استأثر بالشيء ، ومنع الحقوق ، وصدر منه مايكرهه المسلم ، وجب على المسلم الصبر ، والطاعة في غير معصية ، وأداء حقه ، وحرم الخروج عليه ، وخلعه ، مالم يأت كفرا بواحا ليس فيه تأويل ولا شبهة ولا احتمال .
-الوجه الثاني: أن الخروج كان مذهبا لبعض السلف ، أوتأويلا في قضايا معينة ـ وهو الأليق بهم ـ ؛ لأنّه لايظن بهم مخالفة السُنَّة الصحيحة ـ وعلى كل فقد استقر الإجماع على خلافه ، كما حكاه النووي ، وابن مجاهد . وهو الذي استقر عليه مذهب أهل السنة للأحاديث الصحيحة . انظر : شرح النووي على مسلم (12 / 229) ، و( التمهيد لابن عبدالبر 23 / 279) و (منهاج السنة لابن تيمية 4 / 315) .
-الوجه الثالث :هذا الخروج لايصح الإستدلال به ؛ لأن الذين خرجوا مع ابن الأشعث أهل البصرة وغالب أهل الكوفة ، وكانت طائفة الشام مع عبد الملك بن مروان ، وبقية البلدان لم تكن مع ابن الأشعث ؛ لكونها معتزلة للفتنة ، أوفي صف عبدالملك جريا على الأصل ، وهو قتال البغاة مع الإمام .
وقد أخرج ابن سعد في الطبقات ( 7 / 142 ) وأبونعيم في الحلية ( 2/ 204 ) عن قتادة قال : كان مطرف بن عبدالله إذا كانت الفتنة نهى عنها وهرب ، وكان الحسن البصري ينهى عنها ولايبرح .
فلم يتفق الناس على الخروج ، بل منهم المعارضون والممتنعون ؛ وعليه فهذا تصرف من طائفة انفردت به ، فلايصح الاستدلال به ؛ لافتقاره لشروط الإجماع ؛ فلا وجه حينئذ للاستدلال به .
ثم إنّ ممّن خرج منهم قد ندم على خروجه لظهور غلطه ، ولو كانوا على سُنّة لما ندموا ، روى ابن سعد في الطبقات ( 7 / 187 ) عن حماد بن زيد قال : ذكر لأيوب السختياني القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث ، فقال : لا أعلم أحدا منهم قتل إلا وقد رغب عن مصرعه ، ولانجا أحد منهم إلا حمد الله الذي سلمه ، وندم على ماكان منه .
وقال ابن عون:لمّا وقعت الفتنة زمن ابن الأشعث، خف مسلم فيها، وأبطأ الحسن، فارتفع الحسن، واتضع مسلم. (المصنف لابن أبي شيبة 6/ 187 ) (سير أعلام النبلاء 4 / 513)
وقال أيوب عن أبي قلابة: قال لي مسلم بن يسار:إنّي أحمد الله إليك أنّي لم أرم بسهم ، و لم أضرب فيها بسيف، قلت له:فكيف بمن رآك بين الصفين فقال: هذا مسلم بن يسار لن يقاتل إلا على حق، فقاتل حتى قتل ؟ فبكى ، والله حتى وددت أن الأرض انشقت، فدخلت فيها .
(التاريخ الكبير للبخاري 2 / 302 ) (سير أعلام النبلاء 4 / 513)
وفي (تاريخ الطبري 3 / 644) قال الشعبي ـ وهو ممّن خرج مع ابن الأشعث ـ للحجاج لما دخل عليه بعدالفتنة : (أيها الأمير، إن الناس قد أمروني أن أعتذر إليك بغير ما يعلم الله أنه الحق، وايم الله لا أقول في هذا المقام إلا الحق، قد والله تمردنا عليك، وحرضنا وجهدنا كل الجهد، فما آلونا، فما كنا بالأقوياء الفجرة، ولا بالأتقياء البررة، ولقد نصرك الله علينا، وأظفرك بنا، فإن سطوت فبذنوبنا، وما جرت إليك أيدينا، وإن عفوت عنا فبحلمك، وبعد فالحجة لك علينا. فقال الحجاج: أنت والله يا شعبي أحب إلي ممن يدخل علينا يقطر سيفه من دمائنا، ثم يقول: ما فعلت ولا شهدت. قد أمنت البداية عندنا يا شعبي. قال: فانصرفت، فلمّا مشيت قليلا قال:هلم يا شعبي. قال: فوجل لذلك قلبي، ثم ذكرت قوله: قد أمنت يا شعبي، فاطمأنت نفسي. فقال: كيف وجدت الناس بعدنا يا شعبي؟ قال: – وكان لي مكرما – فقلت:أصلح الله الأمير، قد اكتحلت بعدك السهر، واستوعرت السهولة، واستوخمت الجناب، واستحلست الخوف، واستحليت الهم، وفقدت صالح الإخوان، ولم أجد من الأمير خلفا. قال:انصرف يا شعبي. فانصرفت ) .
ثم إنّ هذه زلّة لايُتَابَعون عليها ، قال ابن كثير ( البداية والنهاية 12 / 355 ) في وصف فعل مَن خرج في فتنة ابن الأشعث : ( ولهذا لمّا كانت زلّة وفلتة نشأ بسببها شرّ كثير ، هلك فيه خلق كثير) .
مع التذكير بأنّ طائفة ممّن خرج على الحجّاج نسب إليهم أنّهم يرون كفره ، قال الحافظ ابن حجر ( تهذيب التهذيب 2 / 185) : (وكفّره جماعة منهم سعيد بن جبير والنخعي ومجاهد وعاصم بن أبي النجود والشعبي وغيرهم ) ، وانظر المصنف لابن أبي شيبة ( 6 / 163 ) .
-الوجه الرابع : ولقد كان بعض الصحابة لم يزل حيا وقتئذ ، في البصرة والكوفة والشام وغيرها ، كأنس بن مالك ، وسهل بن سعد ، وعبدالله بن أبي أوفى والمقداد بن معد يكرب وعمر بن أبي سلمة وعبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، ومنهم مَن آذاه الحجاج ، ولم ينقل عن أحد منهم المشاركة في الفتنة ، فهل تواطؤوا على مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم وترك نصرة المظلوم وردع الظالم ؟!
فتأمل ـ يا أخي الموفّق ـ هذا ببصيرة ؛ فستنتفع به بإذن الله ؛ لأنّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبرأ الأمّة قلوبا ، وأهداها سبيلا ، وأقومها عملا ، وأحرصها على خير ، وأعلمها بالسُنَّة .
فتبيّن من هذا كلّه أنّ هذا الخروج خطأ مخالف للنصوص ، وقد عارضه طائفة من السلف ، وامتنع كثير من الخروج ،وهم يستندون في الترك إلى سُنّة النبي صلى الله عليه وسلم ، التي تقدم الإشارة على طرف منها .
وفي هذا السياق كلام نفيس لأبي العباس ابن تيمية رحمه الله في ( منهاج السنة 4 / 315) يحسن إيراده ، قال: ( وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة ، كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد ، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث ، ولهذا استقر أمر أهل السُنَّة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة ، وترك قتالهم ، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين ، وباب قتال أهل البغي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشتبه بالقتال في الفتنة ـ وليس هذا موضع بسطه ـ ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ، واعتبر ـ أيضا ـ اعتبار أولى الأبصار علم أنّ الذي جاءت به النّصوص النّبوية خير الأمور ).
والعلم عند الله وحده .
*الأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
-- د.عبدالعزيز بن محمد السعيد*
-------------------------------------------------------

اللّهمّ ارزقنا الفقه في دينك على الوجه الذي يرضيك عنّا

وسبحانك اللّهمّ وبحمدك أشهد أن لاإله إلاّ أنتَ أستغفرك وأتوب إليك