وعليكم السّلام ورحمة الله
بارك الله فيك أختي راية العدالة على طرح مثل هذا الموضوع المهمّ والقيّم ، زادكِ الله حرصًا وأعانكِ على ذكره وشكره وحسن عبادته .
فرغم أنّني لاأحسن النّقاش في سند الحديث ومتنه ، وهو من اختصاص طلاّب العلم وعلماء الحديث ، إلاّ أنّني ربّما أستطيع إن شاء الله أن أفيد بما أنقله ممّا قرأته حول هذه المقولة المشهورة والتي فعلاً تسيء لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أنّه تجاوز حدّ العدالة الواجب القيام بها تجاه الخصمين ، وتسيء أيضًا للصحابي عمروبن العاص الذي لم يكن داخلاً في الخصومة التي حدثت بين ابنه وبين النصراني ، وعلى هذا فهي كما قال الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله ضعيفة متنًا وسندًا.(1)
وإليكِ أختي كلام الشيخ منقولاً ، وأسأل الله أن يفقّهنا في الدّين وأن يعيننا على طاعته وحسن عبادته.
والناقل الأصلي : الأخ الفاضل نوح شملال وفّقه الله ، ويقول:
بسم الله الرحمان الرحيم
فهذه فائدة من الشيخ ربيع لبيان حقيقة مقولة عمر ابن الخطاب ، وهي مقتبسة من مقالته المثبتة في سحاب باسم : حكم المظاهرات في الإسلام حوار مع الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان.
وقد أحببت أن أخصّها في موضوع مستقل حتى تتيسر على من أراد البحث عن صحتها أوضعفها في الانترنت من مسلمي العالم.
قال الشيخ ربيع:
- احتججت على حرية التعبير بقصة نُسِبت إلى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، وقد رُويت هذه القصة عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال : عذت بمعاذ ، قال : سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته ، فجعل يضربني بالسوط ويقول : أنا ابن الأكرمين ، فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ، ويَقْدم بابنه معه ، فقدم ، فقال عمر : أين المصري؟ خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ، ويقول عمر : اضرب ابن الألْيَمَيْن ، قال أنس : فضرب ، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه ، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه ، ثم قال عمر للمصري : ضع على ضِلعة عمرو ، فقال : يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني ، وقد اشتفيت منه فقال عمر لعمرو : مُذْ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟
فهذه القصة ضعيفة سنداً ومتناً.
قال ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص167-168) مصور:
" حُدِّثنا عن أبي عبدة عن ثابت البناني وحميد عن أنس –رضي الله عنه- قال: أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، وذكر باقي القصة.
فقول ابن عبد الحكم حدثنا، فيه انقطاع بين ابن عبد الحكم وأبي عبدة؛ لأنه لم يقل حدثنا أو سمعت أو أخبرني أو قال لي أبو عبدة، وأبو عبدة في الإسناد ضعيف.
قال الحافظ الذهبي في "الميزان" في ترجمته (4/468):
" يوسف بن عبدة ( ت ) عن ثابت البناني و غيره وكان ختن حماد بن سلمة.
ثم قال: وقال العقيلي له مناكير عن حميد وثابت.
وساق رواية عنه أنكرها حماد بن سلمة.
وقال: إذا أتى هؤلاء الشيوخ عن ثابت بشيء فاتّهمهم.
وترجم له الحافظ في "التقريب"، فقال:
" يوسف بن عبدة الأزدي مولاهم أبو عبدة البصري القصاب لين الحديث من السابعة".
وأما الضعف والنكارة في المتن.
فقوله عن أنس عن القبطي فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر: اضرب ابن الألْيَمَيْن، قال أنس: فضرب، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه".
فكيف يسبّ عمر أمير المؤمنين عَمْراً هذا السبّ الشنيع، فيطعن في نسبه، حاشا عمر من ذلك.
وكيف يعطى النصراني أكثر من حقّه من هذا المسلم.
والنكارة الثالثة في القول المنسوب إلى عمر -وحاشاه- للقبطي: " ضع على ضِلعة عمرو".
فـما ذنب عمرو إذ ليس هو الضارب، والله يقول: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[سورة الأنعام : 164].
حاشا عمر -رضي الله عنه- العادل الوقّاف عند كتاب الله أن يحكم بهذه الأحكام ومنها الأمر بضرب غير الضارب.
انتهى
--------------------------------------------------
(1) لقد تمّ تعديل كلامي ، ووضّحتُ أنّ الإساءة لاتشمل الصحابي عمروبن العاص فقط ، وإنّما تشمل أيضًا عدالة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو حاشاه (رضي الله عنه ) أن يكون بمثل هذا الغلوّ في الحكم بين الخصمين ...