منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الفاتح نوفمبر 1954
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-11-10, 16:57   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشهيد الرائد علي بن المسعود..الرجل الذي ظلمه الرفاق

منقول عن كتاب "منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير" للدكتور عباسي عبد الحميد

الرائد الشهيد علي بن المسعود اسم محفور في ذاكرة الزمن ،وقامة جهادية كبيرة بحجم الوطن،،عرفته الجبال والسهول والوديان و ارتبط اسمه بجهاد الولاية السادسة التاريخية وبأسماء قادتها العظام وبأحداثها ومعاركها الكبرى منذ البداية ،وقد سعيت جاهدا لجمع أكبر قدر من المعلومات عنه، فما وجدت أفضل ولا أشمل مما كتب عنه في" نشرية الميمونة"الصادرة عن المركز الثقافي ببن سرور ، وأنا أعلم أن ألأخ بودور مدير المركز أكثر الناس إلماما بتاريخ هذا الرجل الفذ وبتاريخ المنطقة عموما ،لذا فسأعتمد في كتابة هذه الصفحة على بعض ما كتب، دون إهمال الاستفادة من مصادر أخرى ومن بينها شهادات بعض رفاق الشهيد المقربين بطبيعة الحال.
الحقيقة أننا لا نعرف الكثير من التفاصيل عن طفولة وشباب الشهيد الرائد بن النوي علي بن المسعود وكل ما توفر لدينا من معلومات عنه يشير إلى انه ولد سنة 1911 بالأروية ناحية أولاد سليمان وسط أسرة بسيطة مثل عامة الأسر في المنطقة، وعمل مثل غيره بالفلاحة والرعي ،كما تمكن من قراءة وحفظ شئ من القرآن الكريم.
في سنة 1931 وجد الشاب علي نفسه مشمولا بقانون التجنيد العسكري الإجباري، ولسنا ندري على وجه اليقين هل التحق طواعية أم أجبر على الالتحاق؟ لكن الثابت أنه أرسل للمشاركة في الحرب العالمية الثانية أين شهد أعظم معاركها ـ معركة كاسينو سنة 1944 ـ رفقة أحمد بن بلة و آخرين. سُرّح من الخدمة بعد سنة 1946 برتبة " مساعد ".
يتمتع الشهيد علي بن المسعود بخبرة عسكرية ميدانية كبيرة اكتسبها على مدى سنوات طويلة في الجيش الفرنسي ، وبوعي سياسي عال تشكل لديه من خلال معاينته لأوضاع شعبه ومعاناته القاسية تحت الاحتلال رغم العروض المغرية المقدمة له ليستمر في الخدمة ضمن جيش الاحتلال.
يقول عنه رفيقه الرائد عمر صخري :" علي بن المسعود قبل اندلاع الثورة قام بمثل ما قام به الشيخ عاشور زيان، بحكم ثقافته العسكرية إذ شارك في الحرب العالمية الثانية، حيث كان يعد للثورة و يجمع السلاح و يهيئ الجنود، و ما أن حلت الطلائع الأولى للثورة بالمنطقة حتى تم تعيينه مباشرة كمسؤول عن ناحيتي بن سرور و محارقة،"(01) ، ويعتبره سي الطاهر لعجال الذي كان رفيقه و كاتبه الخاص من أحسن الكفاءات القتالية في جيش التحرير نتيجة خبرته ومعرفته الدقيقة بالأرض والإنسان في المنطقة.
وعند قيام الثورة التحريرية كان الشهيد علي بن المسعود أكثر المتحفزين للانضمام إليها، ومن أبرز أوائل قادتها، وقد أبلى فيها عبر كل المراحل البلاء الحسن ،ونظرا للخبرة العسكرية التي اكتسبها من حروب فرنسا وتمكنه من استعمال السلاح فقد نصب من طرف قيادة الأوراس مسؤولا على منطقة الميمونة لبعض الوقت ، ثم تدرج في الرتب والمراتب ، وكان أول من تولى قيادة ناحية بوسعادة الكبرى (أي الناحية الأولى) في 07 أفريل1957، بعد مؤتمر الصومام ، كما أسندت إليه قيادة المنطقة الرابعة أواخر 1958 ،ثم عينه سي الحواس قائدا للمنطقة الأولى (المدية وقصر البخاري)التي أصبحت فيما بعد جزءا من الولاية الرابعة . (رقم 217،رقم 218)
بعد استشهاد العقيد سي الحواس تولى الشهيد علي بن المسعود مسؤولية التنسيق في هيئة نقباء المناطق الأربعة بالولاية السادسة،التي سدت فراغ القيادة الناجم عن استشهاد سي الحواس ،وهذه الهيئة هي من اختارت وساندت العقيد محمد شعباني قائدا للولاية،وقد تميز الشهيد في جهاده بالخبرة والتفاني ونكران الذات، وكان رحمه الله شديدا قاسيا على أعدائه رؤوفا رحيما بجنوده ومن هم تحت إمرته يحنو عليهم حُنو الأب على أبنائه، ويروي رفيقه الرائد عمر صخري أن أقسى ما يؤلم الشهيد أن يحكم على مجاهد بالإعدام ، و يروي المجاهد بن سعيد قاسمي الذي قتل ضابط "لاصاص" (الملازم أول أندريه مولي) أنه رأى الشهيد على بن المسعود يبكي دموعا عندما جاءته رسالة من داخل المركز العسكري الفرنسي "ببرج الآغا" تخبره بما تعرضت له زوجة الشهيد عطاوة الحاج بن عبد الله من تعذيب وتنكيل من قبل ضابط الاستخبارات مولي ، وكانت هذه الحادثة سببا في إصدار سي علي بن المسعود أوامره بتنفيذ عملية قتل الضابط مولي على الفور ، و قد تم قتله بالفعل بعد أسبوع واحد فقط من وصول تلك الرسالة.
ومما يجدر ذكره هنا أن المنطقة الثالثة عاشت أوضاعا مضطربة منذ وطئتها أقدام الخائن بلونيس ،وأفسدتها الدسائس والمؤامرات الاستعمارية التي لم تتوقف وأدت إلى سريان حالة من الشك وانعدام الثقة بين القادة و المسؤولين خصوصا ماسمي بقضية سلم الشجعان التي أراد من خلالها دو غول فتح خطوط اتصال مع ثوار الداخل من أجل إقرار صيغة للحكم الذاتي وكانت تداعياتها وبالا على الجميع من قادة الولايتين الرابعة والسادسة، ومثلها مؤامرة زرع الفتن والشكوك بين المجاهدين، أو ما سمي "لا بلويت" la bleuite ، وقد انعكس هذا الوضع المضطرب بطبيعة الحال على تحرك الشهيد علي بن المسعود باعتباره واحدا من الذين كشفوا العديد من هذه الخطط و المؤامرات وانعكست آثارها عليه وعلى بعض رفاقه الآخرين كذلك، وقد شكلت عمليات التصفية والاغتيال لبعض القادة صفحة قاتمة السواد في تاريخ الولاية السادسة .
وكان استشهاد الرائد علي بن المسعود قد جرى في ظروف مأساوية غامضة على اثر كمين استهدفه ورفيقه النقيب محمد بوصبيعات(بلقاضي) بنواحي جبل ديرة يوم الخميس 17 ديسمبر 1959 ،وكتبت السلامة والنجاة لرفيقه المقرب طويري برابح .(01)
لقد تعرض المسار الجهادي للرجل إلى حملة طعن وتشكيك غذتها مواقف متسرعة وكتابات ومقالات صحفية غير مسؤولة وصلت حدودا غير مقبولة نتيجة مواقف ورؤى متباينة لبعض القادة الأحياء ووجهات النظر المختلفة لبعض الأقلام وكيفية استقائها وتفسيرها للمعلومات المتعلقة بهذه الأحداث .
لكن الندوات والملتقيات التي أقيمت هنا وهناك نجحت إلى حد بعيد في تصحيح هذه الصورة ووضع نقاط الحقيقة على حروف الزيف والتحريف، وبددت الاتهامات وصححت الكثير المواقف، وأجْلَت العديد من الحقائق ، ومن بين تلك الندوات والملتقيات الناجحة الندوة التي أقيمت بمدينة بن سرور بتاريخ 18 فيفري 2004 بمناسبة الاحتفال بيوم الشهيد وحضرتها العديد من الشخصيات الثورية والوجوه التاريخية المعروفة ورفاق السلاح ،وكان الوزير السابق والأمين العام لمنظمة المجاهدين السعيد عبادو أبرز الحضور، وقد اعتبرت مداخلات هؤلاء القادة وشهاداتهم مرافعات حقيقية عن تاريخ الرجل وشجاعته وطهارة سلاحه وسلامة مساره الجهادي من أية شائبة.
وقد عرضت القناة الوطنية للتلفزيون الجزائري في الآونة الأخيرة في إطار احتفالاتها المخلدة للذكرى الستين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة،وفي سابقة هي الأولى، شريطا وثائقيا مصورا يستعرض مسيرة الشهيد علي بن المسعود ومساره الجهادي قام بتصويره وإخراجه السيناريست والإعلامي القدير الأستاذ سيحمدي بركاتي الباحث المهتم بتاريخ الثورة ،وقد حاز هذا العمل التوثيقي المتميز على رضا وتقدير أبناء المنطقة كافة ورأوا فيه تكريما ورد اعتبار لذاكرة هذا الرجل -ولو متأخرا - ورفعا للحصار الإعلامي المضروب حوله منذ فجر الاستقلال،ورغم أن الشريط لم يجب على الكثير من الأسئلة، ولم يضئ العديد من مناطق الظل في تاريخ الشهيد الجهادي ، غير أن جميع من شاهده من رفاق الشهيد وأهله ومحبيه وأبناء منطقته رأوا فيه خطوة أولى غير مسبوقة في الاتجاه الصحيح ،وبداية لتصحيح ما لحق بتاريخ هذا البطل من تجاهل وتشويه وإجحاف وجحود ،و تصويبا للعديد من الأحداث والوقائع التي عرفتها المنطقة الثالثة عامة وناحية بوسعادة على نحو خاص.(رقم 219)
ويُعتقد على نطاق واسع أن الشهيد علي بن المسعود دفع في النهاية ثمن نجاحاته العسكرية الميدانية من خلال تصديه للمخططات الفرنسية وكشفها وإسقاطها الواحدة تلو الأخرى كما سبقت الاشارة .
وتبقى حقيقة اغتيال الشهيد وبعض رفاقه لغزا محيرا نأمل أن ينجلي غباره و تتكشف أسراره يوما ما حتى تطوى هذه الصفحة المؤلمة الدامية من تاريخنا إلى الأبد.










رد مع اقتباس