منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الفاتح نوفمبر 1954
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-11-07, 14:42   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشهيد بن الوناس السعيد ..رجل لكل المهمات:

نقلا عن كتاب :"منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير"[IMG][/IMG]

ولد الشهيد السعيد بن محجوبة بلوناس سنة 1905 بمدينة بن سرور وكانت يومها قرية صغيرة ناشئة حيث كان والده من سكانها الأوائل ، عاش طفولته الأولى عيشة عادية مثل سائر أترابه، وحين بلغ سن الخامسة والعشرين أي في سنة1930 دُعي لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية في جيش الاحتلال فاستجاب مرغما وقضى أكثر من ثلاث سنوات في ثكنات الجزائر العاصمة وعين ولمان بناحية سطيف ،وفي سنة 1934 سُرح من الخدمة ، غير أنه آثر البقاء في الجزائر العاصمة لما يمكن أن توفره له الإقامة هناك من فرص وإمكانيات العيش التي لا تتوفر له ولأمثاله من الشباب في قريته البسيطة النائية ،فكان يتنقل من عمل إلى عمل ومن حي إلى حي مدة ست سنوات باحثا عن العيش الكريم بكد يمينة وعرق جبينه،وخلال هذه الفترة تمكن من معايشة الواقع الاستعماري عن كثب، وتفتح وعيه السياسي ، وتحركت في نفسه كوامن الرغبة في الحرية و الانعتاق خصوصا وأن الرجل معروف منذ صباه بحدة الذكاء و شدة الطموح ورفض التبعية والخضوع.
في سنة 1940 قفل الشهيد عائدا إلى مسقط رأسه ، وافتتح مقهى * بوسط المدينة كان بمثابة دار ندوة للنخبة من أبناء المدينة وملتقى لذوي الميول السياسية والإصلاحية ،بحيث كانت تناقش فيه القضايا السياسية الوطنية ويتم الاطلاع على كل جديد في هذا الشأن ، و هذه النخبة تتكون أساسا من الشهيدين سي محمد بن معاش وسي محمد بن لخضر عباسي ،وسي عبد الرحمن بن صوشة ، وسي محمد بن رمضان ،وتضم عددا من أبناء المدينة ووجهائها مثل: دحماني أحمد بن عامر ،خضار علي بوراس، بن عزوز علي بن الآغا ، بودور محمد الصغير ، بلوناس إبراهيم ، بن الموفق الطاهر ، بن السلامي بولرباح ، بن الموفق عبد الحفيظ، صديقي البشير، بودور لعماري ، بليح امحمد..وغيرهم، وكان هؤلاء قد شكلوا النواة الأولى التي قامت بالنشاط والتوعية والتحسيس وبث الروح الوطنية في أوساط الشباب وعموم المواطنين ، وما هي إلا أيام قليلة حتى
بادرت هذه المجموعة بافتتاح مكتب لحركة أحباب البيان والحرية الذي أسسه الرئيس فرحات عباس سنة 1946 ،وكان هذا الحزب بالإضافة إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من أكثر الأحزاب حضورا ونشاطا في منطقة بن سرور.
كان الشهيد بلوناس السعيد رحمه الله رجلا فاضلا اجتمعت فيه كل الخصال النبيلة والقيم السامية، ويروي بعض من عاش تلك المرحلة مستوى العلاقة والمحبة غير العادية التي كانت تجمع بين الشهيد بن الوناس السعيد وجاره ورفيق دربه الشهيد سي محمد بن لخضر عباسي ودرجة التقدير و الإجلال و الاحترام التي كان يحملها له والحلم الكبير الذي عاشا من أجله واستشهدا من أجله، فقد كان يقول له دائما :هاهي ثورة التحرير قد انطلقت، وما أتمناه هو أن تكتب لنا الشهادة معا من أجل تحرير الجزائر ، وعندما بلغه نبأ استشهاد صديقه ورفيق عمره سي محمد عباسي في نهاية 1958 ،حزن بلوناس السعيد حزنا شديدا وبكى بكاء مرا وخشي أن يخيب أمله ويتبخر حلمه و لا تكتب له الشهادة التي تمنياها معا وتعاهدا عليها وعملا سويا من أجل الفوز بها، لكن الله حقق رجاءه وأكرمه بنيل الشهادة أشهر قلية قبل إعلان الاستقلال الوطني .
ظل الشهيد بلوناس السعيد مناضلا نشطا في صفوف الحركة الوطنية مؤمنا بأفكارها عاملا على نشرها في أوساط الشباب وعامة المواطنين ، وعندما زار وفد الحركة الوطنية مدينة بن سرور سنة 1946 برئاسة فرحات عباس كان الشهيد في جملة مستقبلي الوفد الضيف ، ويروي بن الضيف قسمية وبلوناس العمري وغيرهما أنه كان مكلفا بضيافة الوفد والقيام بإعداد الطعام والشراب له لأنه عرف بمهارته في فن الطبخ وإعداد الموائد وترتيبها .
بعد اندلاع الثورة انضم الشهيد إلى صفوفها منذ اليوم الأول وعمل في اللجان المكلفة بجمع الأموال والأسلحة لفائدة الثورة ، وبعد تشكيل المجالس الخماسية البلدية ترأس الشهيد المجلس رقم "1111" وهو أحد المجالس الخمسة المنضوية تحت لواء القسمة 52 ،وبقي على رأس هذا المجلس حتى تاريخ استشهاده.

وفي مساء يوم الثلاثاء 31 أكتوبر 1961 (أي عشية ذكرى اندلاع الثورة) داهمت قوات العدو الفرنسي المجتمعين من أعضاء المجلس رقم "1111" وتمت مطاردة أعضائه في منطقة "السارق" وأطلقت عليهم وابلا من الرصاص فارتقى الشهيد بلوناس السعيد شهيدا وأصيب سي زيان ربيع بجروح على مستوى يده وساقه، وتمكن بقية الأعضاء من الفرار.
إن العبرة التي يمكن استخلاصها من نضال وجهاد واستشهاد هؤلاء الرجال هو أن تستلهم منهم الأجيال الحاضرة واللاحقة كل معاني النبل والشجاعة والتضحية ،وتأخذ منهم مقومات النهضة والبناء وكيفية صناعة المفاخر والأمجاد والحرص على بناء الأوطان والاستماتة في حمايتها والدفاع عنها.










رد مع اقتباس