علاج المعاكسات الهاتفية
علاج المعاكسات الهاتفية هو نفسه علاج كل المعاصي المتعلقة بالشهوة كالزنا واللواط، والعشق والعادة السرية، والنظر إلى النساء، والخلوة والاختلاط، إضافة إلى بعض الأمور المتعلقة بالهاتف، ويمكن حصر العلاج فيما يلي:
1- تقوى الله ومراقبته:فالتقوى هي السلاح الأقوى في التخلص من أي معصية، والمراقبة تدعو إلى تعظيم جناب الرب سبحانه أن يراك حيث نهاك، قال تعالى: }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا{[الطلاق: 4]، وقال سبحانه: }إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ{[النحل: 128].
2- التوبة إلى الله والتطهر من الذنوب: فالتوبة باب مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، قال تعالى: }إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ{[البقرة: 222].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه»([1]).
3- شغل الأوقات بما يفيد: فإذا لم تشغل الأوقات في المفيد النافع حرص شياطين الجن والإنس على إشغالها في المعاصي والمنكرات. قال أحد السلف: من حفظ على نفسه أوقاته فلا يضيعها فيما لا رضا لله فيه، حفظ الله عليه دينه ودنياه.
إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق
والليالي متجر الإنسان والأيام سوق
4- اجتناب مجالسة الأشرار؛ فإن الطبع يسرق من خصال المخالطين؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»([2])، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المرء مع من أحب»([3]).
5- المحافظة على الصلاة: وذلك بإقامتها في أوقاتها، ومحافظة الرجال على أدائها مع الجماعة في المساجد، وكذلك تحري الخشوع والسنة فيها، قال تعالى: }إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ{[العنكبوت: 45]، فالصلاة طريق المسلم إلى الطهارة، ونقاء السريرة، والبعد عن الشهوات المحرمة.
6- الإكثار من الصيام:فإنه يضعف الشهوة ويكبح جماحها، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الشباب بالصيام في قوله: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»([4]).
7- الزواج المبكر: للحديث السابق، ولأن الزواج هو الطريق الشرعي لتنظيم أمور الشهوة وقضاء الوطر، والزواج المبكر عصمة للشباب من الجنسين من الانحراف، والوقوع في حمى المعاكسات الهاتفية التي هي بريد الزنى والعياذ بالله.
8- التربية الإيمانية: فعلى الوالدين أن يقوما بدورهما في تربية الأبناء وتوجيههم وربطهم بالقضايا الإيمانية الكبرى، وتحمل أمانة هذا الجيل الذي هو عمار الحاضر وعدة المستقبل، قال صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع»([5]).
9- الحذر من خضوع المرأة بالقول: قال الشيخ بكر أبو زيد: «وإذا كان أحد المتهاتفين امرأة،ـ فلتحذر الخضوع بالقول، فإن الله سبحانه نهى نساء نبيه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين رضي الله عنهن اللاتى لا يطمع فيهن طامع أن يخضعن بالقول، فقال تعالى: }فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا{[الأحزاب: 32]، فكيف بمن سواهن؟
ولتحذر المرأة الاسترسال في الكلام مع الرجال الأجانب عنها، بل ومع محارمها بما تنكره الشريعة وتأباه النفوس ويحدث في نفس السامع علاقة.
ولتحذر رفع الصوت عن المعتاد، وتمطيط الكلام وتليينه، وترخيمه، وتنغيمه بالنبرة واللينة، واللهجة الخاضعة.
وإذا كان يحرم عليها ذلك، فيحرم على الرجال سماع صوتها بتلذذ، ولو كان صوتها بقراءة القرآن، وإذا شعرت المرأة بذلك حرم عليها الاستمرار في الكلام معه لما يدعو إليه من الفتنة»([6]).
10- قيام الرجل (راعي البيت) بمسئوليته تجاه الهاتف وأهل الدار: قال الشيخ بكر: «سعيدٌ ذلك البيت الذي تحت قوامه راعٍ عاقل بصير، غير فظ ولا غليظ.. وكان من تدبيره في الهاتف أن المرأة لا ترفع يد الهاتف وفي الدار رجل من أهلها، وأن الأهل محجوبون عن فضل الاتصال، ولقد لقنهم آداب الهاتف، ونشأ أولاده على ذلك.
ومسكين صاحب البيت المشبوه، هاتفه في الدار مبثوث، واقع في كف لاقط من بنين وبنات، وكبار وصغار، إذا دق جرس الهاتف لقطه أكثر من واحد، وإذا كلمت المرأة المهاتف استرسلت معه كأنما تهاتف والدها بعد غيبة طويلة، فيا الله كم يقع في الدار من شر، فاللهم لطفك وسترك يا كريم، يا رحمان يا رحيم»([7]).
11- غض البصر والتزام النساء بالحجاب الشرعي الكامل وتطهير البيت من آلات اللهو والفساد وبخاصة ما يسمى بالطبق الفضائي.
12- التحلي بعلو الهمة: فيكون ذا عزيمة صادقة، وصبر جميل، ونفس قوية، مع التفكير في أنه لم يخلق لمثل هذا العبث والضياع، إنما خُلق لأشرف الغايات وأجلها وهي عبادة الله الواحد الأحد.
13- التفكير في عواقب معصية المعاكسات الهاتفية والتأمل فيها: فكم أماتت من فضيلة، وكم أوقعت من رذيلة، وكم من لذة فوتت لذات، وكمن من شهوة كسرت جاهًا، ونكست رأسًا، وقبحت ذكرًا، وأورثت ذمًا، وأعقبت ذلاً، وألزمت عارًا.. غير أن عين الهوى عمياء!!
فضل حفظ اللسان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اثنتان تدخلان الجنة؛ من حفظ ما بين لحييه ورجليه دخل الجنة»؛ أي: لسانه وفرجه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله عبدًا قال خيرًا فغنم، أو سكت عن سوء فسلم».
وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: «طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته».
وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: «من صمت نجا».
* * *
([1])رواه مسلم.
([2])رواه أبو داود، والترمذي: وقال: حسن غريب.
([3])متفق عليه.
([4])متفق عليه.
([5])رواه أحمد، وأبو داود، وحسنه الألباني.
([6])«أدب الهاتف».
([7])«أدب الهاتف».