منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أخطاء في مفهوم الزواج
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-10-15, 17:27   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ريـاض
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

41_ إساءة والدي الزوج لزوجة الابن :
لا ريب أن حق الوالدين عظيم، وأن برهما والإحسان إليهما واجب، وأن من عظم حقهما أن الله _ عز وجل _ قرن حقهما بحقه، كما قال _تعالى _ : [وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً](الإسراء:23).
ولا ريب أن تحملهما والصبر على ما يصدر منهما داخل في البر، وأن التقصير في حقهما عقوق يغضب الله _ تبارك وتعالى.
وكما أن للوالدين حَقَّاً على الأولاد فكذلك للأولاد حق على الوالدين.
ومما ينبغي للوالدين أن يقوما به _أن يعينا أولادهما على البر، وألا يقفا حجر عثر في طريق سعادتهم.
وأن مما يلاحظ على بعض الوالدين أنهما يسيئان إلى ابنهما بإهانة زوجته؛ فمن الأمهات _ هداها الله _ من تُقع ولدها في الحرج؛ فهي تحبه، وتحرص على إسعاده، وربما سعت جاهدة في الخطبة له.
ولكن سوء تصرفها قد يجلب لها ولابنها الضرر؛ لأن الابن إذا تزوج شعرت أمه بأنه قد خطف منها، وأن قلبه قد مال عنها؛ فتحرص أن يعود لها_ ومن الحب ما قتل _ فما تزال توغر صدر ابنها على زوجته، وتحرك فيه نوازع العزوف عنها، وربما زينت له طلاقها، ووعدته بأن تبحث له عن خير منها.
فإذا كان الابن لا يحسن التصرفَ وَوَضْعَ الأمور في نصابها _ وقع الطلاق، أو ثارت المنازعات بينه وبين زوجته.
والعجيب في الأمر أن النصيب الأوفى من الإهانة لزوجات الأبناء تلقاه تلك الزوجة التي آثرت المكث مع زوجها في منزل والديه؛ فبينما تلقى زوجات الأبناء الآخرين ممن يسكنَّ مع أزواجهن في مساكن خاصة _ بينما يلقين من والدي الزوج كل احترام، وتقدير، وحسن تعامل _ إذا بزوجة الابن التي تقطن معه في منزل والديه قد تلقى كل جحود، وكنود، وقلة تقدير، وكثرة انتقاد من قبل والدي الزوج مع إنها تقوم على رعايتهم وخدمتهم!
إن العدل والإنصاف يقضيان بأن ينزل الناس منازلهم، ويُعْتَرف لهم بفضائلهم؛ فحقِّ على الوالدين _ وخصوصا الأم _ أن يعرفا لتلك الزوجة التي تقوم على خدمتهم حقها، وأن يقدراها قدرها، وأن يذكرها بكل خير، وأن يتغاضيا عن بعض ما يصدر منها؛ فما هي إلا يشر، وما كان لبشر أن يُعْصَم من الخطأ وفرقُ بين من نعاشره على طول المدى، وبين من لا نعاشره إلا لماماً؛ فلما نفضل الأخير على الأول؟
فلو عاشرنا الأخير معاشرتنا للأول لربما رجحت كفة الأول.
ولا يعني ذلك أن يسئ الوالدان لزوجات الأبناء الذين انفردوا بمساكن خاصة وإنما المقصود ألا نبخس الناس أشياءهم، وألا ننسى لأهل الفضل فضلهم.
ومن الأمهات من إذا رأت ابنها مسروراً مع زوجته أو رأت منه إكراماً لها – ثارت نيران الغيرة في قلبها، وربما سعت إلى ما لا تحمد عقباه.
ومن الأمهات من هي قاسية في التعامل مع زوجه الابن، فترها تضخم المعايب، وتخفي المحاسن، وقد تَتَقَوَّل على الزوجة، وقد تذهب كل مذهب في تفسير التصرفات البريئة وتأويل الكلمات العابرة.
فيا أيها الأم الكريمة، يا من تحبين ابنك، وترومين السعادة لك وله – لا تكوني معول هدم وتخريب، ولا تجعلي غيرتك ناراً موقدة تحرق جو الأسرة، ولا تستسلمي للأوهام التي ينسجها خيالك؛ فتعكري الصفو، وتثيري القلاقل؛ فلا تجعلي علاقتك بزوجة ابنك علاقة الند بالند، والضرة بالضرة، بل كوني أماً لها تكون ابنة لك.
بل يحسن بك أن تحبيها، وان تتغاضي عن بعض ما يصدر منها؛ حينئذٍ تَسعدين وتُسعدين.
بل ويحسن بك أن تتوددي إليها بالهدية ونحوها، وأن تَسَعِيها بقلبك الكبير، وحنانك الفياض، ودعائك الخالص، وثنائك الصادق.
ويا أيها الزوج العاقل ما أحراك أن تكون حكيماً في معالجة الأمور، وما أجدرك أن تحرص كل الحرص على التوفيق بين زوجتك ووالديك.
وان علمت من والديك _وخصوصاً أمك _ حدة في الطبع، أو قلة مراعاة لشعور الزوجة _فلا تأخذ جميع كلامها عن زوجتك بالتقبل التام.
وليس معنى ذلك أن تواجه والدتك مباشرة، وإنما أحرص على مدراتها وإرضائها، ولا تظهر محبتك وعنايتك بزوجتك أمامها، وأكثر من دعاء الله أن يجمع القلوب، وأن يصلح الشأن.
وأنت أيتها الزوجة الكريمة إذا ابتليت بأم زوجٍ لا تحسن التعامل معك فاصبري واحتسبي الأجر عند الله، وقابلي الإساءة بالإحسان، وعليك بحسن المداراة؛ وربما انقلب البغضة محبة، والعداوة وفاقاً ووئاما، ومن يتق الله يجعل له مخرجا.
42_ تحريض أهل الزوجة ابنتَهم على زوجها :
فمن الناس من يفسدون وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؛ فتراهم يحرضون ابنتهم على زوجها، فيوصونها بأن تكون حازمة معه، وان لا تطيعه بكل ما يأمر به، وان لم يأمر بمحرم؛ حتى لا يمتهنها _ بزعمهم _.
وربما أوصوها أن تطالبه بالأموال الطائلة، وربما سألوا عن كل كبيرة وصغيرة من أمر الزواج، وهكذا وكأن الزوجين في حلبت صراع، لا في عش زوجية.
وما ذلك المسلك برشيد ولا سديد؛ فالواجب على أهل الزوجة أن ينصحوا لابنتهم، وأن يوصوها بحسن التبعل للزوج، وبالبعد عن كل ما يضايقة ويؤذية؛ لأن الزوج قد يمل تلك الحالة إذا كان أهلها يحرضونها عليه، وربما صرم حبالها، فتقعد بعد ذلك ملومة محسورة، ومن ثم يشقى بها أهلها، وعلى نفسها جنت براقش.
43 _ مبالغة الأهل بالمقارنة بين أزواج بناتهم :
وهذا يحصل كثيرا، وقد يكون عند شخص ما عدد من البنات المتزوجات، وقد يكون بين أزواجهن تفاوت في التعامل واللباقة سواء مع الزوجة أو مع أهلها، مع أن الأزواج كلهم على خير وخلق ودين إلا أن بعضهم قد يفوق بعضاً في حسن التعامل.
وهذا التفاوت أمر نسبي يقع بين الناس جميعهم؛ فليس في ذلك إشكال.
وإنما الأشكال أن يبالغ أهل الزوجات في المقارنة بين أزواج بناتهن؛ فَيًفْرطوا بالثناء لذلك الزوج الأكثر لباقة، ويشعروا زوجته بسعادة حظها، وطيب مقامها معه.
ويفرطوا في ذم البقية، والزراية بهم، وإشعار زوجاتهم بتعاسة الحظ، ونغص العيش، مع أن أولئك الأزواج لم يأتوا نُكْراً، ولم يعابوا في دينهم أو أخلاقهم.
ومن هنا تفتر العلاقة مع الأزواج ، وتبدأ الزوجات بالتسخط من أزواجهن، والتقصير في حقوقهم، بحجه أنهم ليسوا أهل للاقتران بهن.
فَمَسْلَكُ المقارنات لا يجدي نفعاً، بل ربما جرا أضراراً؛ فلماذا تثار مثل هذه الأمور، وما الطائل من ورائها، طالما إن الزوج مَرْضِيُّ الدين والخلق، أو أن تقصير لم يصل إلى حد كبير؟!.
إن التمادي في مثل هذا الأمور يوهي حبال المودة بين الزوجين، وربما وصل الأمر إلى الطلاق فماذا ستجني الزوجة وأهلها من جراء ذلك المسلك؟
ربما بقيت الزوجة بدون زوج عالةً على أهلها، وربما ابتليت بزوج آخر لا يرقب فيها إلاَّ ولا ذمة.
والحاصل على أهل الفتاة ان يحرصوا كل الحرص على اختيار الزوج الكفئ؛ فاذا حصل الزواج فعليهم أن يتغاضوا عن هفواته، وألا يذكروه إلا بخير خصوصاً أمام زوجته؛ حتى تزيد حبَّاً له، وقناعة به.
وإذا أبدت ابنتهم الشكوى من زوجها فعليهم أن يصبِّروها وأن يذكروها بغيرها من النساء مما يعانين الأمرَّين من أزواجهن الشرسين، وأن يذكروها بعاقبة الأمر إن هي استمرت على الشكوى.
ثم إن رابهم شئ من أمر الزوج فليسعوا في العلاج، فإذا أعيتهم الحيلة اتسع لهم العذر لاتخاذ ما يرونه مناسباً.
44 _ مبالغة الأهل في المقارنة بين زوجات الأبناء :
وهذا الأمر عكس الأمر السابق، من جهة، وهو قريب منه من جهة أخرى.
ويكثر ذلك في البيوت التي يجتمع فيها الوالدان وأولادهما المتزوجون وغير المتزوجون.
فترى بعض أهل الأزواج لا همَّ لهم إلا عقد المقارنة بين زوجات أبنائهم وإخوانهم.
فتراهم يثنون على هذه الزوجة بأنها تجيد الطبخ، ويعيبون الأخرى بأنها بخلاف تلك، أو يثنون على هذه باللباقة، ويصفون الأخرى بالكزازة والغلظة، أو يدَّعون بأن هذه تدير زوجها على ما تريد، وأن الأخرى لا ترفع صوتها فوق صوت زوجها.
وربما طال هذا الأمر، وبولغ فيه، وربما علم الأزواج بما يقال في زوجاتهم، وربما علمت الزوجات بذلك.
ومن هنا تنشأ النفرة، ويسود سوء الظن، وتتأجج نار الغيرة.
وهذا خطأ كبير؛ فاللائق بأهل الزوج أن يحتفظوا بآرائهم لأنفسهم، وألا يذكروا زوجاتهم إلا بخير خصوصا عند أبنائهم؛ لأن ذلك مما يفرح الأبناء، ويزيد في الألفة.
وإن كان هناك من خطا فليعالج بالحكمة، وإن كان الخطأ يسيراً فالتغاضي حسن مطلوب، إلا إذا كان أمر لا يطاق ولا يحتمل.
45_ إهانة المطلقات :
فمن النساء من تبتلى بالطلاق إما لسوء في زوجها، أو لأن أهلها لم يتحروا في اختيار الزوج، أو لقلة التوفيق، أو أن يكون ذلك ابتلاءً وامتحاناً لها، أو لغير ذلك من أسباب الطلاق.
ولا ريب أن الطلاق ثقيل على قلب المرأة؛ إذ يؤذيها كلام الناس عنها، ويشق عليها تشرذمها وتفكك أسرتها خصوصاً إذا كان لديها أولاد، ويؤذيها مكثها عند أهلها.
وإن مما يزيد لوعتها شدةَ وليها أباً كان أو أخاً أو غيرهما؛ فبعض الأولياء لا يرقب في موليته المطلقة إلا ولا ذمة، فلا تراه يراعي حالها، ولا ما هي فيه من الضنك والشدة، فتراه يزيد الطين بلة، فيؤذي هذه المسكينة بالمن والأذى، ويصمها بأنها خرقاء هوجاء، وأنها ليست أهلاً لحفظ البيت والمحافظة على الزوج مع أنها قد لا تكون السبب في الطلاق.
فهذه التصرفات لا تصدر من ذي خلق كريم أو طبع سليم، فالكرام يرعون الذمام، ويحفظون ماء الوجه ولا يرتضون أن يتسببوا بإهانة أحد، خصوصاً إذا كان مهيض الجناح لا حول ولا قوة، فيا لسعادة من أسعد المطلقة، وجبر كسرها.
46_ التحرج من خروج الابن من منزل أسرته إذا تزوج :
فالحياة تختلف أنماطها من عصر إلى عصر، ومن مصر إلى مصر، ولقد كانت البيوت في السابق صغيرة ضيقة وكذلك هي الآن في بعض الأمصار.
ولهذا كان الوالدان، وأولادهما، وأزوج الأولاد يقطنون في منزل وأحد ولو كان صغيراً ضيقاً، وذلك بسبب قلة ذات أيديهم، واعتيادهم لذلك الأمر.
وفي وقتنا الحاضر تغير نمط الحياة في كثير من البلدان، فأصبحت البيوت لا تكفي الأسرة الكبيرة، نظراً لكثرة الناس، ولرغبتهم في التوسع والاستقلال.
ولهذا تجد الرجل إذا تزوج في السابق يمكث بين أهله.
أما في وقتنا الحاضر فكثير من الرجال إذا تزوج فكر وسعى سعيه للسكنى في منزل مستقل، لأن منزل أسرته قد يكون صغيراً، وقد يكون مليئاً بأفراد الأسرة، فلا يريد الزوج مضايقة والديه وأفراد أسرته بعد زواجه.
ثم إن الزوجة امرأة أجنبية، ويضايقها كثيراً أن تكون متحفزة باستمرار، خشية أن يفجأها أحد إخوان الزوج وهي غير متحجبة عنه، فالتحرز عن أقارب الزوج الذين يسكنون معه من الصعوبة بمكان.
ثم إن المشكلات قد تنشأ بعد أن يرزق الزوج بالأولاد، حيث يكثر عبث الأولاد وإزعاجهم لوالدي الزوج.
وبعد أن تكبر بنات الزوج يصعب تحفظهم من أبناء أخيه وهكذا.
كذلك زوجات الأخوان إن كن في منزل وأحد قد ينشأ بينهن التنافس، وقد يكون المنزل ميداناً تعقد فيه المقارنات بين الزوجات من قبل أهل البيت، فتراهم يثنون على زوجة فلان، لقيامها بخدمة المنزل، ويزرون بزوجة فلان، لتقصيرها _كما مر قبل قليل _.
وقد يكون لبعض الزوجات حظوة عندي والدي الزوج، ولا يكون لغيرها حظوة، ومن هنا تنشأ الغيرة، ويَدِبُّ الحسد.
إلى غير ذلك من المشكلات التي قد تحدث من جراء الازدحام في المنزل الواحد.
وكذلك بعض الأبناء قد يمكث في منزل أسرته بعد الزواج على مضض، خشية الوقوع في الحرج.
بل من الوالدين من يتضايق أشد المضايقة من تزاحم أبنائه في المنزل بعد زواجهم وهم _ أو بعضهم_ قادرون على أن يستقلوا في منازل خاصة.
ومع ذلك تجد من يتحرج في مسألة الخرج من المنزل، وبعد خروج الابن من منزل أسرته بعد الزاج ضرباً من العقوق.
والحقيقة أن هذا الأمر يسير، فلا ينبغي التشدد فيه بالنكير؛ فربما كان الخير والبر في خروج الابن من المنزل بعد الزواج، حيث يوسع لوالديه وأهل بيته عموماً، ويستطيع بسبب ذلك إكرام الزوجة وإعطاءها حقها، ويسلم بذلك من كثير من المنغصات والمكدرات.
فلا ينبغي _ إذاً_ منع الولد وإيقاعه في الحرج إذا أراد الخروج من المنزل بعد الزواج، خصوصاً إذا لم يكن الوالدان في حاجة له.
ولهذا فإن كثيرا من الآباء العقلاء يشير على أبنه بالسكنى في منزل مستقل، بل ويعينه على ذلك.
كما لا ينبغي النكير على الزوجة وأوليائها إذا اشترطوا أن تكون الزوجة في منزل خاص بها، لا يشاركها غيرها من ضرائرها وأقارب زوجها، ولأن ذلك من حقها.
يقول الكاساني×: =لو أرد الزوج أن يسكنها مع ضرتها أو مع حماتها كأم الزوج أو أخته وبنته من غيرها وأقاربها، فأبت ذلك – عليه أن يسكنها في مسكن منفرد، لأنهن ربما يؤذينها ويضررنها في المساكنة، وإباؤها دليل الأذى والضرر، ولأنه يحتاج أن يجامعها ويعاشرها في أي وقت يتفق، ولا يمكن ذلك إذا كان معهما ثالث+( ).
وإن كانت المصلحة في خروج الابن من المنزل والسكن في بيت جديد إذا تزوج _ فلا يعني أن تنتهي علاقته بأسرته ووالديه على وجه الخصوص؛ يجب عليه أن يستمر في البر والصلة، فذلك لا يقتصر على المكث في المنزل.
وإذا تقرر أنه لا ينبغي التشديد في مسألة خروج الابن – فإنه لا يجوز للابن أن يخرج من المنزل إذا كان والداه عاجزين لا يستطيعان القيام بأمرهما.
47_ التساهل بشأن الحمو :
وهذا حد من حدود الله التي جاوزها وفرط فيها كثير من الناس، ففي كثير من مجتمعات المسلمين يدخل الأحماء على النساء من غير مراعاة لحكم، ولامبالاة بما يترتب على ذلك من مفاسد.
بل لقد أصبح ذلك عرفاً سائداً، وعادة متبعة، يُنْكَر على من ينكرها، فأخ الزوج، وابن العم، وابن الخال وغيرهم من الأقارب يدخلون على زوجة قريبهم تحت ستار القرابة والمعرفة والثقة.
بل هناك ما هو أعظم من ذلك؛ فهناك سائق الأسرة يدخل في البيت كيف يشاء، وهناك صديق الأسرة، فمن حقه أن يدخل ويخالط الأسرة في حضرة الزوج ومغيبة!.
وهناك واجب الضيافة، حيث يأتي الضيف فيسأل عن الزوج، فإذا لم يكن موجوداً دخل الضيف _حسب ما يقتضيه العرف _ثم تقدم له الزوجة التحية وتقوم على إكرامه وقِراه.
ولا ريب أن هذا خلل فادح، وتفريط كبير، لما يترتب عليه من عواقب وخيمة، كالخلوة المحرمة، وإظهار المرأة مفاتنها، وتلذذ الزوج بالنظر إليها إلى غير ذلك مما هو من موارد الفتنة.
ولهذا حسم الشرع المطهر هذا الأمر؛ لسد ذرائع الفتنة ومنافذ الشر.
قال النبي _ عليه الصلاة والسلام _ فيما رواه الشيخان وغيرهما : =إياكم والدخول على النساء+.
فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله، أرأيت الحمو؟
قال : =الحمو الموت+( ).
قال الليث _ فيما رواه عنه مسلم بعد روايته للحديث السابق _ : =الحمو أخو الزوج، وما أشبهه من أقارب الزوج : ابن العم ونحوه+.
قال ابن حجر : =قال النووي : اتفق أهل العلم باللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه، وعمه، وأخيه، وابن أخيه، وابن عمه، ونحوهم، وأن الأختان أقارب زوجة الرجل, وأن الأصهار تقع على النوعين أ. هـ.
وقد اقتصر أبو عبيدة، وتبعه ابن فارس، والداودي على أن الحمو أبو الزوجة.
زاد ابن فارس : وأبو الزوج يعني أن والد الزوج حمو المرأة، ووالد الزوجة حمو الرجل، وهذا الذي عليه عرف الناس اليوم.
وقال الأصمعي، وتبعه الطبري والخطابي ما نقله النووي، وكذا نقل عن الخليل.
ويؤيده قول عائشة : =ما كان بيني وبين علي إلا ما كان بين المرأة وأحمائها+.
وقد قال النووي : المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه؛ لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت.
قال : وإنما المراد الأخ، وابن الأخ، والعم، وابن العم، وابن الأخت ونحوهم مما يحل لهم تزويجه لو لم تكن متزوجة+( ).
وقال ابن حجر ×: =قوله : =الحمو الموت+ قيل : المراد أن الخلوة بالحمو تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية، أو إلى الموت إن وقعت المعصية ووجب الرجم، أو إلى هلك المرأة بفراق زوجها إذا حملته الغيرة على تطليقها، وأشار إلى ذلك كله القرطبي.
وقال الطبري : المعنى أن خلوة الرجل بامرأة أخيه أو ابن أخيه تنزل منزلة الموت.
والعرب تصف الشيء المكروه بالموت.
قال ابن الأعرابي : هي كلمة تقولها العرب مثلاً كما تقول : الأسد الموت، أي لقاؤه فيه الموت، والمعنى : احذروه كما تحذرون الموت.
قال صاحب مجمع الغرائب : يحتمل أن يكون المراد أن المرأة إذا خلت فهي محل الآفة، ولا يؤمن عليها أحد؛ فليكن حموها الموت، أي لا يجوز لأحد أن يخلو بها إلا الموت كما قيل : نعم الصهر القبر.
وهذا لائق بكمال الغيرة والحمية+( ).
وقال ابن حجر : =قال النووي : إنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيرة، والشر يتوقع منه أكثر من غيرة، والفتنه به أمكن؛ لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير نكير بخلاف الأجنبي.
وقال عياض : معناه أن الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين، فجعله كهلاك الموت، وأورد الكلام مورد التغليظ.
وقال القرطبي في المفهم : المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة، أي فهو محرم معلوم التحريم.
وإنما بالغ في الزجر عنه وشبَّهه بالموت؛ لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة؛ لإلْفهم بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة، فخرج هذا مخرج قول العرب : الأسد الموت، والحرب الموت، أي لقاؤه يفضي إلى الموت.
وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج، أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة+( ).
إذا تقرر هذا فعلى الناصح لنفسه ألا يتساهل في شأن الحمو، وألا يتجاوز هذا الحد من حدود الله بحكم العرف والعادة، فالشرع مقدم على كل شيء.
كيف والفتنة قائمة على أشدها في هذا العصر، فها ي وسائل الإعلام تغري بالرذيلة، وتزري بالفضيلة، وتؤجج الغرائز بكل وسيلة ممكنة.
ولا يعني ألا يتساهل الإنسان بشأن الحمو أن يبالغ في الغيرة فيسيء الظن بأحمائه.
وإنما المقصود من ذلك أخذ الحيطة والتدابير اللازمة.




الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبعد
فهذا ما يسر الله تقييده، وأعان على إتمامه من ذكرٍ لبعض الأخطاء التي تقع في مفهوم الزواج.
ومن خلال ما سبق يتضح للقارئ الكريم أثرُ التقصير في مفهوم الزواج، والتفريط في الأخذ بالأسباب الموصلة إليه، حيث يفقد الزوج كثيراً من ثمراته، ولا يؤتي أكله في ظل وجود تلك الأخطاء.
فعسى أن يكون فيما مضى من صفحات إسهام في معالجة تلك الأخطاء، وإعانة على حل مشكلات الزواج.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

منقول









رد مع اقتباس