بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
إن شريعتنا الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، تنظم حياة الفرد لتكون حركاته وسكناته مضبوطة فلا إفراط ولا تفريط، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم بنا، لا خير إلا ودلنا عليه ولا شر إلا وحذرنا منه، ونهجه أكمل نهج وسيرته أجمل سيرة، ولقد ضرب لنا أروع الأمثلة في حسن الخلق والتعامل مع الغير وترويض النفس والتصدي للشيطان.
هذا ولم يغفل النبي صلى الله عليه وسلم جانب الترويح عن النفس، فكان يمازح أهله وأصحابه طيبا بعيدا عما يشوبه من كذب أو أذية أو إحراج، ولنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، وبعض الناس اليوم أفرطوا في جانب الترويح عن النفس وفهموا قوله صلى الله عليه وسلم: «ولكن يا حنظلة ساعة وساعة» فهما خاطئا، ففصلوا ساعة الجد عن ساعة الترويح عن النفس، وقالوا:ساعة لربك وساعة لقلبك، وعزلوا الساعة التي لربك عن الساعة التي لقلبك، فصارت الساعة التي لقلبك قناة للهو والعبث، وربما أدخلوا فيها المزاح المحرم، والله -عز وجل- يقول في كتابه: ]قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[[الأنعام: 162].
ومن هنا كان لابد من الإفصاح عن منهجية الإسلام في المزاح كي يكون الإنسان على بصيرة من أمره، وتكون عباداته ومعاملاته منضبطة لا إفراط فيها ولا تفريط ولا غلو ولا تقصير، وتظل كل ساعات المؤمن في طاعة ربه، وكل لحظات عمره في مرضات خالقه، بل وكل أنفاسه في حدود ما شرعه مولاه.
وبما أن المزاح يصدر عن النفس كان حريا أن نتحدث عنه ونتطرق إليه، وما هذه السطور إلا محاولة مني لتوضيح المسلك الصحيح في هذا الموضوع الذي عمت به البلوى حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها، والله أسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.