منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الإيمان بين الزيادة والنقصان (الفتور)
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-09-12, 16:36   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي الإيمان بين الزيادة والنقصان (الفتور)

الحمد لله الذي جعل لنا دينًا قيمًا ملة أبينا إبراهيم فقال جل وعز: ]ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[.


الحمد لله الذي ارتضى لنا الحنيفية السمحة فسمانا مسلمين وما جعل علينا في الدين من حرج.



الحمد لله الذي جعلنا أمة وسطًا، لنكون شهداء على الناس ويكون الرسول علينا شهيدًا.



الحمد الله الذي فطرنا على التوحيد فقال سبحانه: ]فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا[.


اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، نشهد أن الحق ما شرعته، والهدى ما حكمت به، ونشهد أن محمدًا عبدك ورسولك وصفيك من خلقك، رسم لنا بهديه منهجًا بينًا لا عوج فيه، وأضاء لنا الدروب قولًا وعملًا.



فصل يا رب على خير الورى



ما صدحت قمرية على الذرى


والآل والأزواج والأصحاب



والتابعين من أولي الألباب





وبعد: أخواتي..


من سبل الخير التي يسرها الله لنا حلق الذكر ومجالس العلم، وما يحصل فيها من زيادة إيمان وترقيق قلوب، ولما فيها من ذكر الله، وغشيان الرحمة، ونزول السكينة، وحف الملائكة للذاكرين، وذكر الله لهم في الملأ الأعلى، ومباهاته بهم الملائكة.



ولكن:
ولكن ينقطع البعض عن هذه الحلق بسبب سفر أو إجازة أو ظرف من الظروف العائلية حتى نسمع الشكوى من قسوة القلوب وتردد عبارات (أحس بقسوة في قلبي) (لا أجد لذة للعبادة) (أشعر أن إيماني في الحضيض) (لا أتأثر بقراءة القرآن) (أقع في المعصية بسهولة) إلى غير ذلك.



ومما لا شك فيه أخواتي أن الابتعاد عن الأجواء الإيمانية مدعاة لضعف الإيمان في النفس يقول الله تعالى:]أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ[.



فدلت الآية الكريمة على أن طول الوقت في البعد عن الأجواء الإيمانية مدعاة لفتور النفس وتكاسلها عن الطاعات لافتقارها إلى الجو الإيماني الذي كانت تنعم في ظلاله وتستمد منه قوتها وعزيمتها، وهذا الابتعاد إذا استمر يخلف وحشة تنقلب بعد حين إلى نفرة من تلك الأجواء الإيمانية، فيقسو على أثرها القلب، ويظلم ويخبو فيه نور الإيمان وقد يؤدي إلى حدوث انتكاسة لدى البعض.



قال ابن مسعود عندما نزلت الآية: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين.


ولهذا حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المظهر فقال: «إن لكل عمل شرة، والشرة إلى فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل» وفي رواية «فقد هلك».


وروي أبو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لكل شيء شرة ولكل شرة، فترة، فإن صاحبها سدد وقارب فارجوه، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدوه.. » وقد استعاذ عليه الصلاة والسلام صباحًا ومساءً من العجز والكسل فقال: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل والبخل والجبن، وضلع الدين، وقهر الرجال»

قوله صلى الله عليه وسلم «شرة» قال المناوي: (الشرة) الحرص على الشيء والنشاط فيه (ولكل شرة فترة) أي وهنًا وضعفًا وسكونًا.


يعني أن العابد يبالغ في العبادة أولًا، وكل مبالغ تسكن حدته وتفتر مبالغته بعد حين. قال المناوي: قال القاضي: المعني أن من اقتصد في الأمور سلك الطريق المستقيم واجتنب جانبي الإفراط (الشرة) والتفريط (الفترة).



(فارجوه) يعني أرجو الصلاح والخير معه.



(وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدوه) لا تعتدوا به ولا تحسبوه من الصالحين لكونه مرائيًا.



وقيل: هو داء يصيب العاملين يؤدي في أسوأ أحواله إلى الانقطاع بعد الاستمرار، وفي أحسن أحواله يظهر السكون والكسل والتراخي والتباطؤ بعد الحركة.



من الحديثين السابقين يتبين لنا أهمية الحديث عن هذه الظاهرة التي تسمى بالفتور – أو بضعف الإيمان – وتنبثق هذه الأهمية من خلال ما يأتي:



(1) أن الله ذم المنافقين: لتثاقلهم عن الصلاة وكسلهم فيها، وعن الإنفاق كراهية فقال سبحانه: ]وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ[. وذمهم كذلك حين كرهوا الجهاد في سبيله: ]فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ[


وعاتب المؤمنين فقال:]مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ[والتثاقل هو الفتور بعينه.








 


رد مع اقتباس