منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مواقف أم سليم الأنصارية مفخرة لكل مسلم ومسلمة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-09-11, 14:31   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

الموقف الرابع: أم سليم الأنصاري والتفقه في دين الله


إن حرص المرء المسلم على التفقه في الدين والاجتهاد في طلب العلم ثم العمل بما تعلم لفيه دلالة على أن الله أراد به خيرًا كيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين»([1]).


وأم سليم رضي الله عنها من نساء الأنصار وهن من أحرص الناس على طلب العلم والتفقه في دين الله قالت عائشة رضي الله عنها: «نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين»([2]).


وأم سليم الأنصارية مع كونها من نساء الأنصار المعروفات بالحرص على طلب العلم كانت مميزة من بينهن مشهورة بذلك وساعدها على ذلك قربها من النبي صلى الله عليه وسلم دائمًا فكان صلى الله عليه وسلم كثير الزيارة لها، قال أنس: «إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل بيتًا بالمدينة غير بيت أم سليم إلا على أزواجه، فقيل له؟ فقال:«إني أرحمها؛ قتل أخوها معي»([3]).


بل كانت أم سليم معدودة في أهله صلى الله عليه وسلم لكثرة تواجدها مع نسائه في سفره وإقامته قال أنس رضي الله عنه: أتى النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه ومعهن أم سليم فقال: «ويحك يا أنجشة([4]) رويدك سوقًا بالقوارير ([5])»([6]).


إضافة إلى ما سبق فابنها أنس بن مالك رضي الله عنه كان خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل إليها كل ما سمع من أقواله صلى الله عليه وسلم أو شاهد من أفعاله، فصار بيتها بذلك بيت علم وقد ساعد كل ذلك أم سليم رضي الله عنها أن تتصدر في هذا المجال.


ومن النماذج الدالة على حرصها في طلب العلم أن أم سليم رضي الله عنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: «إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأت الماء. فغطت أم سلمة - تعني وجهها - وقالت يا رسول الله: أو تحتلم المرأة ؟ قال: نعم تربت يمينك فبم يشبهها ولدها ؟» ([7]).


وفي رواية عند مسلم قالت عائشة رضي الله عنها: «يا أم سليم فضحت النساء ترتب يمينك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: بل أنت فتربت يمينك نعم فلتغتسل يا أم سليم إذا رأت ذلك»([8]).


وفي رواية عند أبي داود في سننه في الطهارة: «إنما النساء شقائق الرجال».


ولما أرادت أم سليم رضي الله عنها أن تسأل عن هذا الأمر الذي يصعب على المرأة أن تبوح بمثله عند الرجال لا سيما عند النبي صلى الله عليه وسلم الذي أعطي من المهابة ما لم يعط أحدًا من الملوك مع تواضعه مهدت له بقولها: «إن الله لا يستحيي من الحق... إلخ».


وبهذا الجد والمثابرة وبذلك القرب من النبي صلى الله عليه وسلم ورثت علمًا كثيرًا عنه لا سيما فيما يتعلق بأمور النساء مما جعلها محل أنظار أهل العلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.


ففي صحيح البخاري عن عكرمة أن أهل المدينة سألوا ابن عباس رضي الله عنهما عن امرأة طافت ثم حاضت قال لهم: تنفر، قالوا: لا نأخذ بقولك وندع قول زيد رضي الله عنه قال: إذا قدمتم المدينة فسلوا، فقدموا المدينة فكان فيمن سألوا أم سليم فذكرت حديث صفية «أي قول النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة عقري حلقي إنك حابستنا أما كنت طفت يوم النحر ؟ قالت: بلى، قال: فلا بأس انفري»([9]).


فسؤال ذلك الوفد أم سليم رضي الله عنها عن هذه المسألة التي وقع فيها الخلاف بين الصحابة حين رجوعهم إلى المدينة ، وفيها كثير من الصحابة، فيه دلالة على أنها كانت ممن عرفن من النساء بالعلم في المدينة فرحم الله أم سليم رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته.

([1]) رواه البخاري في صحيحة كتاب العلم باب من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين (1/ 161 برقم 71).

([2]) رواه البخاري في العلم باب الحياء في العلم (228 ح130).

([3]) رواه البخاري في صحيحه الفتح (6/ 50 برقم 2844) ومسلم في فضائل الصحابة باب من فضائل أم سليم أم أنس (4/ 1908 برقم 2455).

([4]) أنجشة اسم للحادي الحبشي كان حسن الصوت الإصابة (1/ 67).

([5]) قال ابن حجر نقلاً عن الرامهرمزي: كني عن النساء بالقوارير لرقتهن وضعفهن عن الحركة، والنساء يشبهن القوارير في الرقة واللطافة وضعف البنية الفتح (10/ 545).

([6]) رواه البخاري في الأدب باب ما يجوز من الشعر والرجز (10/ 538 ح 6149) ومسلم في الفضائل باب رحمة النساء (4/ 1812 ح 82).

([7]) رواه البخاري في العلم باب الحياء في العلم (1/ 228 ح 130).

([8]) رواه مسلم في كتاب الحيض باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني (1/ 250/ 310).

([9]) في صحيح البخاري في الحج باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت (3/ 586/ 1758).










رد مع اقتباس