منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - القواعد الذهبية للعلاقات الزوجية في ضوء القرآن الكريم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-08-29, 11:18   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"




جعل الإسلام للمرأة شخصية اعتبارية، مستقلة عن زوجها، فلها ذمة منفردة، بها تملك وتبيع، وتهب وتتصدق، وإن لم يرض زوجها، وهذا من أعظم صور تكريم الإسلام للمرأة، ومخالفته للأنظمة الجاهلية التي تزدري المرأة، وتحرمها من التملك، أو تمنعها من التصرف في مالها إلا بإذن وليها، ويكفي شاهدًا على ذلك أن جاهلية العرب كانوا يحرمون المرأة من الميراث، ويقولون لا نعطي إلا من قاتل وحاز الغنيمة([1]).


وكذلك جاهلية النصارى، يقول برنارد شو الأديب الإنجليزي المشهور: (في اللحظة التي تتزوج فيها المرأة، تصبح جميع ممتلكاتها ملكًا لزوجها، بمقتضى القانون الإنجليزي) ثم يذكر طرقًا من التحايل على القانون([2])، أما في فرنسا فنص المادة السابعة عشرة بعد المائتين من القانون: (إن المرأة المتزوجة - حتى لو كان زواجها قائمًا على أساس الفصل بين ملكيتها وملكية زوجها - لا يجوز لها أن تهب، ولا أن تنقل ملكيتها، ولا أن ترهن، ولا أن تملك بعوض، أو من غير عوض، بدون اشتراك زوجها في العقد، أو موافقته عليه موافقة كتابية) ومع ما أدخل على هذه المادة من قيود وتعديلات فيما بعد، فإن كثيرًا من آثارها لا يزال ملازمًا لوضع المرأة الفرنسية المتزوجة من الناحية القانونية في الوقت الحاضر([3]).


وقد حمى الإسلام حقوق المرأة المالية، وحرّم على الأقوياء، من الزوج والأولياء الاعتداء عليها في ذلك، وجعل الاعتداء على الأقرباء، من ذكور وإناث، أعظم جرماً، وأشد إثماً، كما قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم}([4]) وإذا أراد الزوج أن يسعد في زواجه، فليستعفف عما حرم الله عليه، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، ولعل الفقرات التالية توضح جوانب هذه القاعدة الزوجية المهمة:


أولًا: - أثر اغتصاب مال الزوجة على العلاقة بينهما:


إن الرجل قد يحاصر امرأته من جوانب شتى، فعاطفتها معلّقة به، ورضاه مهم بالنسبة لها، ودرء سخطه مطلب أساسي، ثم إنه قد يُخيِّل إليها أن ثروته إنما هي لها، ولأولادها، فإذا أضيف إلى ذلك الضعف البشري العام، وضعف المرأة على وجه الخصوص، فإن الرجل قد يستطيع الاستيلاء على مال امرأته، أو على بعضه، بغير وجه حق، وتبقى المرأة بين خيارين عسيرين: إما أن تغامر بما قد يهدم بيتها، ويحطم أسرتها، ويشتت ذريتها، وإما أن تبقى أسيرة ظلم الزوج، وطمعه، وجشعه، ولاشك أن هذا التصرف المشين يزلزل كيان الأسرة، ويوشك أن يقتلعها من جذورها، فهو يجعل الأسرة غير مستقرة نفسيًا، وقد تتراكم أحزان المرأة، ثم تنفجر محطمة كل شيء، وحينئذ لا تنفع الزوج تصرفاته الهوجاء، التي قاده إليها شحه وطمعه، وتطلعه إلى ما في يد غيره، ولو اتقى الله، وقنع برزق الله، واعتبر مال امرأته ذخرًا للأسرة، وملاذًا عند الحاجة، برضى المرأة، وطيب نفسها، لعاش حياته الزوجية بهناءة وراحة بال: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}([5]).

([1]) انظر تفسير الطبري (7/ 598) طبعة شاكر، ومعالم التنزيل (2/ 169).

([2]) الإسلام وبناء المجتمع، د/ أحمد العسال: ص: 160، نقلًا عن كتاب: دراسة في فكر منحل: ص: 34.

([3]) المصدر السابق، الموضع نفسه، نقلًا عن: الأسرة والمجتمع: ص: 144.

([4]) سورة محمد الآيتان: 22، 23.

([5]) سورة الطلاق، الآيتان: 2، 3.










رد مع اقتباس