إن قلب العبد
لا يزال يهيم على وجهه في أودية القلق وتعصف به رياح الاضطراب حتى يخالط الإيمان بأسماء الرب تعالى وصفاته بشاشة قلبه
فحينئذ يبتهج قلبه ويأنس بقربه من معبوده جل جلاله ويحيى حياة طيبة ويصبح فارغا إلا من ذكر الله تعالى وذكر أسمائه وصفاته
ويأتيه من روح اللذة والنعيم السرور وريحان الأمان والطمأنينة والحبور ما يعجز عن ذكره التعبير ويقصر عن بيانه التقرير
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
(( وحقيقة الطمأنينة التي تصير بها النفس مطمئنة أن تطمئن في باب معرفة أسمائه وصفاته ونعوته
كما له إلى خبره الذي أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله
فتتلقاه بالقبول والتسليم والإذعان وانشراح الصدر له وفرح القلب به
فإنه معرفة من معرفات الرب سبحانه إلى عبده على لسان رسوله
فلا يزال القلب في أعظم القلق والاضطراب في هذا الباب حتى يخالط الإيمان بأسماء الرب تعالى وصفاته وتوحيده وعلوه على عرشه وتكلمه بالوحي بشاشة قلبه
فينزل ذلك عليه نزول الماء الزلال على القلب الملتهب بالعطش
فيطمئن إليه ويسكن إليه ويفرح به ويلين له قلبه ومفاصله
حتى كأنه شاهد الأمر كما أخبرت به الرسل
بل يصير ذلك لقلبه بمنزلة رؤية الشمس في الظهيرة لعينه
فلو خالفه في ذلك من بين شرق الأرض وغربها لم يلتفت إلى خلافهم وقال إذا استوحش من الغربة:
قد كان الصديق الأكبر ( عليه الصلاة والسلام ) مطمئنا بالإيمان وحده وجميع أهل الأرض يخالفه وما نقص ذلك من طمأنينة شيئا
فهذا أول درجات الطمأنينة ثم لا يزال يقوى كلما سمع بآية متضمنة لصفة من صفات ربه
وهذا أمر لا نهاية له فهذه الطمأنينة أصل أصول الإيمان التي قام عليه بناؤه))
وقال أيضا :
((فاليقين هو الوقوف على ما قام بالحق من أسمائه وصفاته ونعوت كماله وتوحيده
وهذه الثلاثة أشرف علوم الخلائق
علم الأمر والنهي
وعلم الأسماء والصفات والتوحيد وعلم
المعاد واليوم الآخر والله أعلم)) .